«ذي أتلانتيك»: بين الصوفية والسلفية.. محاولة لفهم هجوم مسجد سيناء

الثلاثاء 28 نوفمبر 2017 10:11 ص

ما هي الصوفية؟ كان هذا سؤالا يطرحه الكثيرون حول مصرع ما لا يقل عن 305 من المصريين يوم الجمعة في سيناء. وقد قتلوا في هجوم من قبل مسلحين (على الأرجح من قبل فرع تابع لتنظيم الدولة الإسلامية، على الرغم من أن الجماعة لم تعلن بعد مسؤوليتها) على مسجد الروضة، الذي يوصف عادة بأنه «مسجد صوفي».

وكثيرا ما توصف الصوفية بأنها نسخة «باطنية» من الإسلام، تكرم الأولياء (القديسين) على سبيل المثال. وفي حين أن هذا الوصف ليس دقيقا بالضرورة، فمن الشائع أن نشير إلى المساجد من خلال توجهها الأيديولوجي أو الروحي الظاهر، مثل معظم الأشياء المتعلقة بالإسلام، لكن الوضع أكثر تعقيدا بقليل. فالعديد من المتصوفة لا يعرفون أنفسهم كأتباع للصوفية، لأن بالنسبة لهم، هذا هو الإسلام الذي يعرفونه، ويعتقدون أن الإسلام كان يمارس دائما بهذه الطريقة.

وبالنسبة لمعظم التاريخ الإسلامي، لم يكن التصوف شيئا خارج عن المألوف. لكن اليوم، ترتبط الصوفية بعلاقة كبيرة مع ظهور الإسلاموية، التي ينظر إليها عموما على أنها مناهضة للصوفية. (لا سيما السلفيين المحافظين جدا على وجه التحديد). ومع ذلك، كان «حسن البنا»، الذي كان أبرز الإسلاميين في القرن العشرين، تابعا للطريقة الصوفية الحصافية عام 1923، قبل أعوام من تأسيسه جماعة الإخوان المسلمين. وكان يزور بانتظام قبر الشيخ حسنين الحصافي، في المسجد الذي يحمل الاسم نفسه. وبالمثل، كان «عبد السلام ياسين»، المؤسس الراحل وزعيم جماعة العدل والإحسان، أكبر حركة إسلامية في المغرب، عضوا في البودشيشية القادرية.

وقد يكون وصف الصوفية بأنها «متسامحة» و«تعددية» صحيح أيضا، لكن ذلك يفترض مسبقا أن المسلمين غير الصوفيين غير متسامحين ولا تعدديين. ومن ناحية أخرى، فإن وصف الصوفية على أنهم أقل اهتماما بالشعائر أو الشريعة الإسلامية أمر مضلل. وفي عام 2005، عشت في شارع من منطقة عمان يسمى خرابشة، حيث يعيش العديد من أتباع الشيخ الأمريكي المتحول للإسلام «نوح كلر»، الذي يتبع الصوفية الشاذلية. وهنا، التقيت بعض من أكثر المسلمين صرامة وتشددا الذين قابلتهم في حياتي. وعلى سبيل المثال، إذا أرادت النساء من أتباع الشيخ «نوح» العيش في خرابشة ومشاركة المجتمع، كان عليهن ارتداء النقاب. ولعل الإمام التقليدي الأكثر تأثرا بالصوفية في الولايات المتحدة، الشيخ المتحول للإسلام أيضا «حمزة يوسف»، يعد من المتشددين أيضا.

والفكرة القائلة بأن الصوفيين بطبيعتهم غير عنيفين أو سلميين مخالفة للتاريخ أيضا. فقد قاد بعض الصوفية واحدة من أكثر الثورات الإسلامية شهرة، مثل الصوفي «محمد أحمد السوداني»، الذي أعلن نفسه المهدي المنتظر، وكذلك الإمام «عبد القادر» في الجزائر. كما أشار «عبد الباسط قاسم» و«يعقوب زين» إلى أنه «خلال الحملات الجهادية التي جرت في القرن التاسع عشر في منطقة الساحل والصحراء، عرف العلماء المسلمون الذين قادوا الحركات المسلحة أنفسهم بالأخوة الصوفيين».

وقد يكون بعض هذا الأمر مرتبطا بحقيقة أن هؤلاء الأشخاص كانوا يقودون تمردا ضد الغزوات الأجنبية؛ وكانت الطرق الصوفية شعبية وتتمتع بشرعية كبيرة. فإذا لم يتحملوا المسؤولية، فمن سيفعل؟ ومع ذلك، فإن هذا يعني فقط أن «سلمية» الصوفية الأساسية هي في الغالب ظرفية، ولا علاقة لها بمعارضة الجهاد، أو رفض العنف بشكل عام. واليوم، في بعض البلدان مثل سوريا، كان بعض الشيوخ الصوفيين البارزين مدافعين بشدة عن عنف الدولة، مثل «أحمد كفتارو»، المفتي الأكبر بالبلاد حتى وفاته عام 2004، الذي كان داعما كبيرا لنظام البعث. (ودون القيام بذلك، لم يكن ليصبح المفتي الأكبر).

والأمر بعيد كل البعد عن مجرد المناقشات الدلالية. فهي تشكل حتما النص الفرعي لكثير من الأحاديث حول الإسلام والسياسة. فالحكومات الغربية تنظر للصوفيين كنوعية أفضل وسلمية من المسلمين. ولكن أن نرى مجموعة واحدة من المسلمين أفضل مقابل رؤية المسلمين الآخرين كمشاكل هي مسألة يجب حلها. ومعظم الغربيين، الذين سمعوا شعر الرومي، ولكن لديهم فكرة صغيرة عمن هو المهدي، فبطبيعة الحال، يفضلون هذه الفكرة عن المسلمين المسالمين، الذين على ما يبدو لا علاقة لهم بالسياسة، ويكونون مجرد مسلمين.

وفي هذا الصدد، فإن المسجد الذي هاجمه الإسلاميون بوحشية في مصر كان أقل من كونه مسجد صوفي، فقد كان مجرد مسجد.

المصدر | شادي حميد - ذي أتلانتيك

  كلمات مفتاحية

سيناء الصوفية السلفية هجوم مسجد الروضة