«قنبلة» مشار: عودة الوحدة!

الأربعاء 21 يناير 2015 01:01 ص

«رياك مشار» نائب رئيس جهورية السودان، والأستاذ سابقاً في جامعة السودان، ورئيس حركة استقلال الجنوب السابق أيضاً مشهود له بالكفاءة والمقدرة العالية في مجال تخصصه الأكاديمي، وهي قدرات لم تنعكس في مجال عمله ونشاطه السياسي. كان قد التحق بالحركة «الشعبية لتحرير السودان» بعد انتفاضة أبريل 1985، وأصبح عضواً بارزاً في المجلس القيادي للحركة و«الجيش الشعبي» لتحرير السودان.

ثم وقعت (واقعة) الناصر المأساوية، إذ إنه وزميله «لام أكول» قد قادا هجوماً غادراً على معسكر للحركة في مدينة «الناصر» كان غالبية المقيمين فيه من المدنيين، من بينهم أطفال ونساء وشيوخ ينتمون إلى قبيلة «الدينكا» قبيلة جون قرنق، الرئيس المؤسس لـ«الحركة الشعبية لتحرير السودان» و«الجيش الشعبي»، والجنرال سلفا كير الرئيس الحالي لدولة جنوب السودان والقائد الأعلى لقواتها المسلحة والذي خلف «قرنق» في قيادة الحركة عقب حادث وفاته.

كان «رياك مشار» من أنشط القيادات الجنوبية التي عملت على انفصال الجنوب عن الشمال، وهو له في هذا الشأن مواقف ومواقف لا يتسع المجال لسردها هنا الآن.

ولا يتسع أيضاً المجال لسرد تاريخه السياسي بعد غزوة الناصر المؤلمة التي راح ضحيتها آلاف من أطفال ونساء وشيوخ وشباب «الدينكا» في مذبحة مثلت أبشع صور الكراهية القبلية ولاتزال آثارها باقية في هذا الصراع العبثي الذي يدور اليوم في دولة جنوب السودان بينه وبين (الرئيس المنتخب) لدولة الجنوب.

مناسبة هذا الحديث عن «مشار» أنه ومن دون مقدمات منطقية أطلق تصريحاً دعا فيه لعودة الوحدة بين الجنوب والشمال، والتي وصفها بأنها رغبة شعبية يطالب فيها شعب الجنوب، الذي سبق له وقرر الانفصال بدولته عن جمهورية السودان في استفتاء شعبي قال عنه «مشار» ورفاقه حاز على ما يقارب على نسبة 100% من أصوات المستفتين.

قنبلة «مشار» تلك استُقبلت في الخرطوم بكثير من التعليقات والتصريحات من السياسيين الحكام والمعارضين ومقالات عدة حفلت بها صحافة الخرطوم طوال الأسبوع الماضي، فالحكومة مثلاً قالت على لسان إحدى قيادات «المؤتمر الوطني» عن قنبلة «مشار»: إن هذا حديث لاُ يقبل وغير موثوق فيه وعدد النصائح والحجج التي قدمها (الشماليون) للجنوبيين عن ضرورة وحدة الشعبين، ومخاطر الانفصال على شعب الجنوب.

وأولها أنه سيقود إلى النزاعات والحروب بين قبائل الجنوب، وهو ما حدث كما تنبأ له، وقال إن موضوع «عودة الوحدة» لا يؤخذ بهذه البساطة، وإذا حدث، وطلب الجنوب ذلك، وهو أمر لم يحدث سيخضعه لاستفتاء الشعب في جمهورية السودان.

على جانب آخر، ركزت معظم التعلقيات الصحفية على الشك في أن «مشار» قد أراد مناورة سياسية فرضها عليه الوضع العسكري والسياسي الذي يحاصره من جميع الجهات؛ ولذلك فهو إزاء هذا الوضع بدا يفكر بالاستعانة بالسودان في مواجهة الخطر الأوغندي المتمثل في تأييد ودعم بل وبمشاركة القوات الأوغندية في القتال ضده إلى جانب غريمه الجنرال سلفاكير، وهذه مناورة سياسية قصيرة الأجل، ولو تحققت، فإن الانفصالي العتيد سيعود إلى سيرته الأولى مجدداً.

ثمة عبارة قد جاءت إبان مرحلة نيفاشا تقول إن الخيار الأول للجنوب هو (الوحدة الطوعية)، وقد كان المنتظر من (حكومة الوحدة الوطنية) بقيادة «المؤتمر» و«الحركة الشعبية» العمل على تحقيق هذا الشعار على أرض الواقع، ولكن ما حدث هو عكس الوحدة الطوعية، أي الانفصال. فإذا كان «مشار» ورفاقه من القادة الجنوبيين والشماليين حريصين على مصالح الشعبين، فالطريق لذلك ليس الوحدة وحدها، خاصة في هذه الظروف الراهنة.

هنالك طرق شتى ضمنتها الاتفاقيات المقصودة بين الحكومتين، وأهمها تفعيل البند الخاص بالحريات الخمس، التي يؤدي تحقيقها إلى مصلحة الشعبين وحسن الجوار والتعاون المسؤول، وقد يقود مع مرور الزمن لعلاقة وحدوية بين البلدين.

المصدر | عبد الله عبيد حسن | الاتحاد

  كلمات مفتاحية

السودان جنوب السودان قرنق الحركة الشعبية رياك مشار لام أكوب الوحدة مذبحة الناصر الدينكا

وساطة صينية في جنوب السودان

السودان سينتج ويستورد الغاز لتوليد الكهرباء مستفيدا من العلاقات مع قطر

هل فشل «السيسي» في ضم «البشير» لداعمي «حفتر»؟

السودان يغلق المراكز الثقافية الإيرانية ويطرد موظفيها