«سيف الإسلام» يخطط لحكم ليبيا.. بالميليشيات والانتخابات

الأربعاء 6 ديسمبر 2017 08:12 ص

يخطط «سيف الإسلام القذافي»، ابن العقيد الليبي الراحل «معمّر القذافي»، للعودة إلى السلطة، تحت مزاعم محاربة الجماعات المسلحة في طرابلس.

وكشفت صحيفة «الغارديان» البريطانية، خطة نجل «القذافي»، واتصالاته بشخص أمريكي، كانت تجمعه بـ«القذافي»، علاقاتٌ واسعة قبل سقوط نظام عائلته.

فخلال الأسابيع الأخيرة، أجرى «سيف الإسلام» اتصالات بشخصٍ أمريكي يتواصل معه منذ فترة طويلة، حيث أبلغه أنه يجمع قوة تسيطر على مدينة صبراتة الساحلية، مدعيا أنه سيقاتل حتى الوصول إلى طرابلس.

وأطلق سراح «سيف الإسلام القذافي»، في يونيو/حزيران 2017، بعد احتجازه 6 سنوات في سجنٍ تابع لإحدى الجماعات المُسلَّحة ببلدة الزنتان في أعقاب الثورة الليبية، التي حظيت بدعم حلف شمال الأطلسي عام 2011، وأسفرت عن مقتل والده.

كان «سيف الإسلام»، الذي تخرج في كلية لندن للاقتصاد، ويوصف بأنه مؤمن بالحداثة؛ بسبب امتزاجه مع المجتمع البريطاني الراقي، هو الوريث البارز للنظام الليبي سابقا.

أما الآن، فهو يواجه اتهاماتٍ بإصدار أوامر بقتل المتظاهرين حين خاض أنصار «القذافي» معركة يائسة للبقاء في السلطة، بحسب «هاف بوست».

تفاصيل الخطة

وقال متحدث باسم «القذافي»، في بيانٍ مكتوب وَصَل من خلال ذلك الشخص الأمريكي: «سيف الإسلام موجودٌ داخل ليبيا، وملتزمٌ بوعده الذي قطعه للشعب الليبي عام 2011 حين قال إنه سيبقى بليبيا للدفاع عن أراضيها أو الاستشهاد في سبيل ذلك».

وأضاف: «أفراد القوات التي قاتلت تنظيم الدولة الإسلامية، وعصابات المهاجرين غير الشرعيين، ومافيا تهريب النفط في صبراتة، كانوا منتمين بالأساس إلى قبائل مؤيدة لسيف الإسلام، بالإضافة إلى أنَّه يحظى بولاء أولئك الذين كانوا جزءاً من الجيش الليبي السابق».

ومع ذلك، لم يتضح إلى أي مدى يدعي «القذافي» الفضل في عمليات عسكرية ينفذها غيره؛ إذ كان معظم القتال الأخير دائرا بين ميليشيات قبلية تتنافس للسيطرة على طرق التهريب.

وقال بعض المراقبين، إن الشكوك تساورهم حيال قدرة ابن «القذافي» على حشد أنصار كافين لتشكيل تهديد حقيقي على العاصمة طرابلس.

من هزيمة لنصر

وسبق أن تعرضت ميليشيا «ورشفانة» القبلية، التي تؤيد «القذافي»، وتسيطر على بعض المناطق المحيطة بطرابلس، لهزيمة ساحقة الشهر الماضي، على يد بعض القوات المتنافسة معها من الزنتان، والذين كانوا حلفاء سابقين لها.

ولكن يبدو أن محاولات الابتزاز التي سعت لها «ورشفانة» عند نقاط التفتيش على الطرق قد أثارت غضبهم.

وقال الزميل البارز في الشؤون السياسية لدى مركز المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية البحثي «ماتيا توالدو»: «لم تكن التطورات التي حدثت على الأرض في مصلحته. يمكنه أن يحلم، لكنَّه لا يستطيع تحقيق أي شيء».

ورغم ذلك، يقول مراقبون إن «سيف الإسلام» لا يزال قادرا على الظهور كقوة سياسية إذا عقدت الانتخابات العام المقبل (2018)، وسمح له بالترشح رغم قرار اتهامه الصادر عن المحكمة الجنائية الدولية في عام 2011 بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

هذا فضلا عن حكم إحدى المحاكم في طرابلس عليه بالإعدام عام 2015، مع أن المحاكمة جرت غيابياً، ولاقت انتقادات واسعة من جانب بعض جماعات حقوق الإنسان الدولية.

مرشح محتمل

وقال دبلوماسي مشارك في التحضيرات الانتخابية، إن الاتهامات الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية ضد «سيف الإسلام» لن تمنعه ​​بالضرورة من الترشُّح أو الفوز.

وأضاف: «لا يمكننا التحكُّم فى هوية المُرشَّحين في الانتخابات، فالقرار في يد الليبيين»، مشيرا إلى سابقة فوز «أوهورو كينياتا» في الانتخابات الرئاسية لعام 2013 بكينيا رغم اتهامات المحكمة الجنائية الدولية في حقه.

وأردف: «يمكنك رؤية أنه يحظى بشعبية على الأرض، لا سيما في الجنوب».

ويسعى «سيف الإسلام»، للاستفادة من الشعور المزمن بفقدان اليقين وانعدام الأمن منذ سقوط والده؛ إذ تضم ليبيا برلمانَين متنافسين، وطيفاً من الإقطاعات المتنافسة الخاضعة لإدارة قادة عسكريين وميليشيات، حتى إنَّ اتفاق الأمم المتحدة الضعيف، الذي يهدف إلى توحيد البلاد، يتلاشى تدريجياً، ويدَّعي منتقدوه أنَّ صلاحيته ستنتهي في 17 ديسمبر/كانون الأول 2017، أي في الذكرى السنوية لتوقيعه.

المنافس «حفتر»

وإذا لم يتم التوصُّل إلى اتفاقٍ بين الفصائل على تعديل هذا الاتفاق ومد صلاحيته، فإن هناك مخاوف من أن يسعى المشير «خليفة حفتر»، قائد ما يسمى الجيش الوطني الليبي الذي يسيطر على شرق البلاد، للاستيلاء على طرابلس، وإطاحة رئيس الوزراء الذي يحظى بدعم الأمم المتحدة «فائز السراج» وحكومة «الوفاق الوطني» التي يرأسها.

أمَّا «حفتر»، فيحظى بدعم مصر وروسيا والإمارات، ويقال إن روسيا حظيت بموطئ قدمٍ عسكري لها في غرب مصر، بالإضافة إلى توصل القاهرة وموسكو لاتفاق تمهيدي في هذا الأسبوع يسمح لطائراتٍ حربية روسية باستخدام المجال الجوي المصري.

وأفادت أنباء بأن «حفتر أجرى محادثات في العاصمة الفرنسية باريس الشهر الماضي، مع قادة بعض الميليشيات المتمركزة في طرابلس والتي يعتمد عليها «السراج» في تأمينه؛ سعيا لإقناعهم بالتراجع أو التخلي عنه. ولم تتضح نتائج هذه الاتصالات إلى الآن، ولكن من المُرجَّح أن تَزيد قلق السراج بشأن مستقبله.

تدخل أمريكي

جدير بالذكر، أن «السراج» التقى الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب»، يوم الجمعة الماضي، بيد أن طلباته لتأدية الولايات المتحدة دوراً أنشط، بما في ذلك ضمان أمنه الشخصي وأمن حكومته، قوبلت بالرفض.

وقال مصدر أمريكي مطلع على المحادثات: «يريدون ضماناً عسكرياً من الولايات المتحدة يقتضي دفاعنا بالأساس عن مجموعاتهم في طرابلس»، مضيفاً أن «هناك مخاوف عميقة بشأن الفساد في حكومة الوفاق الوطني، وسِجل حقوق الإنسان الخاص بالميليشيات التي تحميها».

وقال: «هل ستستخدم الولايات المتحدة قوةً عسكرية ضد الجهات الفاعلة المناهضة لخطة الأمم المتحدة في ليبيا؟. بالطبع لا».

ومع ذلك، يُنظَر في العموم إلى حقيقة لقاء «ترامب» مع «السراج»، وعقده اجتماعين على الأقل بشأن الوضع الليبي الشهر الماضي، في حد ذاتها على أنها خطوة إلى الأمام؛ لأنها تمثل المرة الأولى التي يهتم فيها «ترامب» بليبيا اهتماماً مباشراً منذ توليه الرئاسة.

فرصة في الانتخابات

ويسعى المبعوث الأممي الخاص، «غسان سلامة»، لإبقاء عملية السلام على قيد الحياة بخطة عمل جديدة لإعادة تشكيل الحكومة الانتقالية من أجل زيادة فاعليتها في توفير الخدمات، وعقد مؤتمر وطني مطلع العام المُقبل، على أن يُتبَع نظرياً بإجراء انتخابات.

وثمة شكوك عميقة حيال إمكانية إجراء انتخاباتٍ في ظل المناخ الحالي من انعدام الأمن العام.

واعترف «سلامة» في عطلة نهاية الأسبوع باحتمالية عدم إجراء هذه الانتخابات في عام 2018 كما هو مقرر إذا لم تُستوفَ الشروط.

وفي حال بدء التصويت، إذا عُقِدَت الانتخابات بالفعل، يقول بعض مراقبي الشأن الليبي إنَّ سيف القذافي قد يستفيد من حالة الانزعاج العام من الانقسامات السياسية، والحنين إلى الاستقرار النسبي الذي اتسم به عهد «القذافي».

المصدر | الخليج الجديد + هاف بوست

  كلمات مفتاحية

سيف الإسلام القذافي ليبيا حفتر السراج