استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

حول تصنيفات الإسلام بين وسطي ومتشدد ومائع

الخميس 14 ديسمبر 2017 04:12 ص

عاد مصطلح «الإسلام الوسطي» إلى التداول من جديد، فيما كان آخرون قد سبقوا ذلك بالحديث عن مراجعة للنصوص، أو تجديد للخطاب، بينما شرع آخرون في تنفيذ المراجعة، حتى وصل الحال ببعضهم حد إلغاء «البسملة» من الكتب المدرسية.

الجانب الأهم الذي تنبغي الإشارة إليه في هذا السياق، هو ذلك الذي تحدّثنا عنه مراراً هنا، ممثلاً في ربط موجة العنف الراهنة بالإسلام ومناهجه وكتبه وبعض علمائه، الأمر الذي لا يمتّ إلى الحقيقة إلا بخيط رفيع.

لأن الموجة المشار إليها هي نتاج ظروف موضوعية حقيقية، وما تصدُّر اللون السلفي الجهادي لها إلا بسبب شيوع المد السلفي في الألفية الجديدة، تماماً كما أن قوى ما يُعرف بـ«الإسلام السياسي» «المعتدلة» هي من تصدّر الربيع العربي.

ولو حدث أن كان المشهد مختلفاً من حيث اللون الفكري السائد، لتصدّر الموجتين قوى من ألوان أيديولوجية أخرى. ونعيد التذكير هنا بالسؤال الذي طرحنا مراراً، وهو: لماذا لم تنتج هذه الكتب والأفكار التي كانت موجودة دائماً العنف إلا في هذه المرحلة؟! وهل ظهر ابن تيمية منذ سنوات مثلاً؟!

الجدل الجديد حول الإسلام ومفرداته وخطابه، وإن حفّزته موجة العنف المشار إليها، فإن حافزه الأكبر يتمثل في قناعة البعض بأن موجة التدين الراهنة هي التي تمثل الحاضنة لقوى «الإسلام السياسي» بكل أطيافها، ولن يتم حصار هذه القوى إلا بضرب حاضنتها.

أي أن عين البعض مصوّبة على ضرب ظاهرة التدين برمتها أكثر من ترشيدها بخطاب عقلاني، وكل ذلك في سياق يريد تكريس الأوضاع الراهنة بعيداً عن أي إصلاح سياسي.

لا حاجة إلى التفتيش عن النوايا؛ فهي ليست واحدة، وإن حاول البعض الحديث عن ترشيد الخطاب الديني، بعد مرحلة تفوق فيها الخطاب السلفي على ما عداه، خلافاً لحال أكثر القرون التي كان فيها الخطاب المذكور (يمثله المذهب الحنبلي) هو الأقل حضوراً قياساً بالمذاهب الثلاثة الأخرى في الحالة السُّنية، مع أن من الصعب حشر السلفية الجديدة في المذهب الحنبلي.

فقد تجاوزته نحو طرح ينبذ المذهبية برمتها، ويترك لكل أحد أن يتعامل مع الحديث النبوي بطريقته، وهو ما جعل المرجعية الفكرية ذاتها تنتج نقيضين:

- الأول يمثله تنظيم الدولة وقوى جهادية أخرى،

- الثاني هو نقيضه تماماً؛ أعني الذي يرفض العمل السياسي ويؤيد الأوضاع الراهنة بما هي عليه.

من هنا نشأت فكرة البعض «الجديدة» حول إعادة النظر في مسألة الحديث النبوي؛ لأنه هو ذاته مرجعية النقيضين (قبله القرآن بالطبع، مع تأثير للحديث على تفسيره).

إذا كنا أمام محاولة لترشيد الخطاب الديني، فإن السؤال الأهم الذي يطرح نفسه هو: من المؤهل للقيام بالمهمة؟ هل هي الأنظمة ومن يدورون في فلكها من العلماء؟ أم هناك جهات أخرى؟

لا شك أن للسياسة تأثيرها على الخطاب الديني، وحين تنحاز إلى لون معين فإنها توفر له فرص الانتشار أكثر من غيره عبر منحه منابر التأثير ومحاربة خصومه.

لكن الدين يبقى أكبر من هيمنة السياسة، ويملك القدرة على التمرد عليها بهذا القدر أو ذاك، وبالطبع بوجود قوى تتبناه، وعلماء ربانيون يرفعون رايته بتجرد واستقلالية، حتى لو كانوا قلة؛ لأنهم يظلون الأقرب إلى الضمير الجمعي للناس.

على أن أحداً في التاريخ لم يتمكن من حشر الإسلام في تفسير واحد، وبقيت التعددية هي السمة الدائمة، وهو ما سيحدث هذه الأيام، مع فارق بالغ الأهمية راهناً: الخطاب المقنع سينال حظاً أكبر بوجود الإنترنت ومواقع التواصل التي تمنح العلماء الصادقين فرصة التمرد على الجغرافيا والسياسة في آن.

أما استهداف التدين برمته، فيمثّل لعبة تحفّها المخاطر في ظل الصحوة الراهنة، وقد يؤدي إلى موجة عنف جديدة.

الخلاصة أن ترشيد الخطاب الديني أمر ملحّ، لكنه سيخضع بدوره للتدافع الفكري الطبيعي أكثر من خضوعه لسطوة السياسة، وفي النهاية سيذهب الزبد «جفاء»، ولن يمكث في الأرض إلا ما ينفع الناس.

* ياسر الزعاترة كاتب صحفي أردني/ فلسطيني

المصدر | العرب القطرية

  كلمات مفتاحية

تصنيفات الإسلام الإصلاح السياسي ترشيد الخطاب الديني الإسلام الوسطي الإسلام السياسي السلفية المذهب الحنبلي استهداف التدين حاضنة التطرف