استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

المسؤولية الشخصية في قرارات الدول

الجمعة 22 ديسمبر 2017 05:12 ص

الالتحام التام بين الاقتناع الرسمي الأمريكي بشأن مستقبل مدينة القدس السياسي والديني والجغرافي، والاقتناع الشخصي الأيديولوجي بالأساطير اليهودية والفكر الصهيوني الاستعماري من قبل الرئيس دونالد ترامب كان واضحا في كلمات الخطاب وفي تعابير الجسد.

لم يكن دونالد ترامب يقوم بتنفيذ قرار رسمي اتخذته جهات أمريكية رسمية فقط، فلقد كان أيضا يقوم بمهمة شخصية مقدسة لديه.

من هنا كانت كلمات الإعلان عن قرار الاعتراف بالقدس كعاصمة أبدية للكيان الصهيوني الغاصب قوية النبرات ومليئة بالحماس والتصميم.. كانت الابتسامة الشيطانية العريضة وارتفاع الرأس المنتشي المتفاخر المتحدي بعد الانتهاء من توقيع مرسوم الاعتراف الرسمي الأحمق.

ذلك يجعل موضوع القدس لا معركة بين العرب من جهة والنظام الرسمي الأمريكي من جهة ثانية، وإنما أيضا بين العرب ودونالد ترامب، كعدو شخصي متآمر ضد العرب، من جهة ثالثة.

هل يجب أن تكون لتلك الملاحظات نتائج في الواقع؟ الجواب هو نعم.

هذه المرة، وباسم الرد على من يستهتر بكرامتنا ويهزأ بحقوقنا وتاريخنا وحقائق دين الإسلام ودين المسيحية، يجب قلب تلك الابتسامة العريضة المنتشية إلى حسرة وندم شخصي، لشخص بلا ضمير ولا مبادئ أخلاقية.

فهذا الرجل لن يرسم الحسرة والندم والخوف على وجهه إلا تأثر مصالحه الشخصية المالية والتجارية والعقارية والخدمية في كل بلاد العرب. فمن المعروف أن لشركاته العقارية فروعا وامتدادات في العديد من البلاد العربية، وأن له شركات تنتج الأزياء الرجالية والإكسسوارات والساعات والمياه المعبأة والعطور والمجلات والكحول، وله مؤسسات تدير ملاعب غولف، أو تقوم بتعليم الإدارة أو تأجير السكن.

ومن المؤكد أن جميع تلك النشاطات تتواجد بصورة أو بأخرى في هذا القطر العربي أو ذاك. فهل ننتظر من الجهات الحكومية والجهات المجتمعية المعنية مقاطعة حقيقية لتلك المصالح وإنهاء كل علاقة تعاقدية مع تلك الشركات، وسحبا لكل ترخيص أو تسهيل قد أعطي في الماضي؟

إذا كان الرجل قد مارس عداوة معنوية وسياسية صريحة تجاه العرب والمسلمين، ألا تقتضي المروءة واحترام الذات أن تعامل مصالح الرجل بأن لا يكون لها مكان أو وجود في أرض العرب؟

وجعل دونالد ترامب أمثولة وعبرة لمن يفكرون أو سيفكرون في احتقار مشاعر هذه الأمة ومصالحها. إنها مناسبة يجب أن لا تمر بطأطأة الرأس والاكتفاء بتركيز الضوء على الإجرام الصهيوني والأمريكي الرسمي، وتناسي الدور الشخصي الذي لعبه الرئيس دونالد ترامب وصهره الصهيوني حتى النخاع.

سيقول لنا المتحذلقون، كالعادة، بأن الموضوع أكبر من ذلك بكثير. هذا صحيح، ولكن إذا كان العجز العربي الحالي غير قادر على أن يقارع دولة عظمى كأمريكا وكيانا صهيونيا مدعوما إلى حدود الاندماج من قبل تلك الدولة، فهلا يثبت العرب أنهم، حيث يستطيعون، لن يعجزوا عن المواجهة وعقاب الذي جند نفسه شخصيا لطعنهم؟

لنذكر بأن هذا الرجل قد اتخذ قرارات منحازة وعنصرية ضد مواطني سبع دول عربية وإسلامية عندما وضع تلك الدول في قائمة غير المرحب بمواطنيها للمجيء إلى أمريكا. هذا الرجل صرّح مرارا بكلمات جارحة أو مستهزئة أو مبتزَة بالنسبة للعديد من قضايا هذه الأمة، على الرغم من كل التكريم الشخصي الذي أظهره البعض من مسؤولي العرب تجاهه وتجاه أسرته.

وما فعله مؤخرا لم يكن إلا تكملة لما سبق ولما سيأتي. فهلا أشعرناه شخصيا بأن اندماجه الشخصي الكلي في معاداة قضايانا سيكلفه شخصيا ثمنا باهظا؟

التاريخ يعلمنا دوما بأن الدور الشخصي الذاتي في تشكل الأحداث التاريخية الكبرى يجب عدم الاستهانة به. فالتاريخ حرك وجهاته وغير مساراته أشخاص أفراد من العظام وأصحاب الرسالات وحاملو الأهداف الكبرى، كما فعل الأمر نفسه أشخاص أفراد من المجانين والمجرمين وذوي الانحطاط الأخلاقي.

منذ حملاته الانتخابية الغوغائية الصاخبة ودونالد ترامب يهدد العرب بابتزازهم المالي، ويشير إلى المسلمين كمصدر للإرهاب الدولي، ويهدد بمحاكمة بعض دول العرب في المحاكم الأمريكية لأدوارهم المزعومة في أحداث سبتمبر الإرهابية الشهيرة على الأرض الأمريكية، وبالتالي استنزاف ثرواتهم وابتزازهم السياسي.

التقليل من كل ذلك هو خطأ سياسي بحق أنفسنا نحن العرب والمسلمون. وعدم النظر في الدور الذي لعبه الجانب الشخصي في تجييش القدرات الأمريكية ضدنا هو جهل بحقائق التاريخ.

اليوم أمامنا شخص منكشف الخاصرة، لم يمنعه ضمير ولم توقفه مبادئ أخلاقية من أن ينحاز كليا إلى عدو غاصب قاتل في فلسطين المحتلة.

فهل سنتصرف هذه المرة برجولة وشهامة واحترام للذات وللتاريخ وللهوية ولأحلامنا القومية ولدماء الشهداء الذين ضحوا وماتوا من أجل حاضرنا ومن أجل حماية مستقبلنا؟

لنكن مخلصين مع أنفسنا ونجيب عن هذا السؤال بلا غمغمة.

* د. علي محمد فخرو كاتب بحريني

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

ترامب القدس مصالح ترامب العرب المسلمون (إسرائيل) نقل السفارة فلسطين