استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

فلسطينيو لبنان: «التهجير» بعد تعذر «العودة» ورفض «التوطين»

الأحد 24 ديسمبر 2017 03:12 ص

بين تعذر ممارسة "حق العودة" و"رفض التوطين"، لم يبق أمام الفلسطينيين في لبنان سوى سلوك طريق "الهجرة" أو بالأحرى، "التهجير".. هذا ما تشف عنه نتائج تعداد نادر للمقيمين الفلسطينيين في لبنان الذي أجرته الحكومة اللبنانية مؤخراً، وأظهر أن عدد هؤلاء لا يزيد عن 174 ألفاً، بعد أن ظل الرقم المتداول في الأروقة اللبنانية يراوح حول النصف مليون، وغالباً وفقاً لقيود وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا"، وأحياناً لاعتبارات سياسية معروفة.

والحقيقة أن أغلب التقديرات السكانية، تشير إلى أن تعداد الفلسطينيين في لبنان، كان يمكن أن يتجاوز المليون لاجئ، تأسيساً على معدلات النمو السكاني للفلسطينيين في الداخل والشتات، لكن موجات متعاقبة من الهجرة، هبطت بهذا العدد إلى أقل من 20 بالمائة، سيما مع تزايد وتائر الهجرة والتهجير التي أعقبت خروج منظمة التحرير من لبنان (1982) ومجزرة صبرا وشاتيلا في السنة ذاتها، وحروب المخيمات التي أعقبتها (1985–1988)، ولاحقاً ما جرى ويجري في مخيمات الشمال وبيروت وصيدا من محاولات لتحويل المخيمات إلى "معازل" أمنية بائسة، تضيق بسكانها، وتغلق في وجوه أجيالها الشابة، فرص العيش الكريم واللائق.

هاجس "التوطين" ظل يطارد النخب السياسية اللبنانية، وإن بأقدار متفاوتة، بالنظر للحساسية المعروفة للتركيبة السكانية اللبنانية، ولم تنفع تأكيدات الفلسطينيين، نخباً ورأياً عاماً، المتكررة على مدار السنين، حول رفضهم "التوطين" في خلق مناخات من الطمأنينة لدى القطاع العريض من الطبقة السياسية اللبنانية، إذ حتى بالنسبة لأكثر شرائح هذه الطبقة، تأييداً وحماسةً للقضية الفلسطينية، إلى أن اللبنانيين، كثيرا منهم على الأقل، شأنهم في ذلك شأن كثيرٍ من العرب، لم يجدوا تناقضاً بين "حب القضية" و"كره شعبها المقيم بين ظهراني هذه الشعوب"، وفي أحسن التقديرات، كان لسان حال الفئات الأكثر وفاءً للقضية الفلسطينية يقول: "الله يسعدهم ويبعدهم"، وهذا ما حصل في واقع الحال.

وليس ثمة ما يشير إلى أن تضاؤل أعداد الفلسطينيين في لبنان، سوف يغير في مضمون ولهجة الخطاب اللبناني حيال من تبقى منهم على الأرض اللبنانية، بل العكس من ذلك تماماً، فقد أثبتت سياسات "التهجير" المتأسسة على فرض ظروف لا إنسانية على هذه المجموعة السكانية، إنها "ذات جدوى"، وأنه بنتيجتها قد تم الخلاص من مئات الألوف منهم، فلماذا لا تستمر حتى لا تجد المخيمات الفلسطينية الاثنتا عشرة، من يَعمرها من سكانه الأصليين.

والراهن أننا نكاد نصل إلى وضع كهذا، بعد أن تحولت المخيمات، خصوصاً في العاصمة بيروت، إلى مناطق جذب للاجئين جدد من جنسيات مختلفة، ولفقراء ومعدمين، يجدون فيها "ملاذاً" رخيصاً للعيش، فثمة أرقام تتحدث عن "ثلاثة أرباع" سكان صبرا وشاتيلا من غير الفلسطينيين، ونسب لا تقل كثيراً عن هذه النسبة في برج البراجنة، فيما قصة المخيمات التي "تنزاح" عن الوجود، فهي قديمة ومعروفة.

ولقد كان لافتاً في سياق ندوة فلسطينية التأمت مؤخراً في بيروت، حديث البعض عن "حركة شبابية" فلسطينية نشطة، وضعت لنفسها هدفاً وحيداً، هو فتح الباب أمام هجرة من تبقى من شبان المخيمات وشاباته، إلى دول المنافي واللجوء الجديدة، بعد أن قُطّعت سبل المستقبل والحياة الكريمة وتلاشت فرص التعليم والعمل وباتت "الاعتمادية" شبه تامة، على ما تقدمه الفصائل والجماعات الفاعلة في المخيمات، من رواتب "مخصصات" تقدم لهؤلاء الشبان، نظير انخراطهم في أنشطتها وفعالياتها.

وإذا كان مخيم عين الحلوة، عاصمة الشتات الفلسطيني، في لبنان، وأكبر المخيمات، يعاني ما يعاني من سطوة جماعات سلفية جهادية وإرهابية، فإن بقية المخيمات لا تعيش وضعاً أفضل بكثير.. حيث تتوزع عدة قوى النفوذ والسيطرة على سكانها ... من الجماعات الأصولية المتطرفة، إلى فصائل منظمة التحرير، وحركتي حماس والجهاد، فضلاً عن الامتدادات اللبنانية داخل "المخيم" من قبل القوى اللبنانية المتنافسة وأجهزتها الأمنية والعسكرية والمليشياوية وغيرها...

الأمر الذي أسهم في تحويل "المخيم" إلى "بؤرة عدم استقرار"، وربما من ضمن سياسة تسعى في استكمال "التهجير"، عن قصد أو من دونه، طالما أن "الجميع" يريد أن تكون له "حصة" أو "عين" على المخيم.

ولا يبدو أن مقترحات وتوصيات لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني التي أنشأتها الحكومة اللبنانية لتقديم تصورات جديدة للتعامل مع هذا الملف، لا يبدو أنها تجد طريقها للترجمة والتنفيذ، فتعقيدات المشهد اللبناني وحساسياتها الداخلية، فضلاً عن تآكل كفاءة الإدارة العامة والجهاز الحكومي وانشغال لبنان واللبنانيين بقضاياً سياسية وأمنية ومعيشية ضاغطة، يحول دون بناء كثير من الرهانات على تحسن منتظر لأوضاع من تبقى من فلسطينيي هذا البلد الشقيق.

كما أن منظمة التحرير الفلسطينية لا تبدي بدورها أية جدية، في معالجة ما يواجه هذا التجمع الفلسطيني من مشكلات، فحالة الانقسام الفلسطيني الداخلي، تلقي بظلالها عليه، وطرائق عمل المنظمة وأجهزتها المختصة لم تعد صالحة للتعامل مع التحديات الجديدة لهذا الجزء من الشعب الفلسطيني الذي حمل على اكتافه عبء الكفاح الفلسطيني المسلح من العام 1970 وحتى العام 1982، وقدم في سبيل ذلك القسط الأوفر من التضحيات.

* عريب الرنتاوي كاتب صحفي أردني

المصدر | الدستور الأردنية

  كلمات مفتاحية

فلسطينيو لبنان التهجير حق العودة التوطين الفلسطينيين لبنان الحكومة اللبنانية مخيمات