أول فنجان قهوة كان في الشرق الأوسط قبل أكثر من 600 سنة وتنتجه حاليا 70 بلدا

الاثنين 26 يناير 2015 05:01 ص

تعتبر القهوة أهم مشروب يتناوله غالبية سكان العالم، وتحاك في أصولها القصص الأسطورية، وتتغلغل جذورها في نسيج الأنثروبولوجيا وعلم الآثار وحتى في علم اللاهوت، وتحاول كل هذه المضامين تتبع أصل نشأتها في منطقة القرن الإفريقي وإثيوبيا والسودان وكينيا، على الرغم من أن العديد من دول الشرق الأوسط تلعب دورا رئيسيا في انتشار هذا المشروب في جميع أنحاء العالم.

ويروي التاريخ أن تناول ثمرة النبات، المعروفة باسم كرزات البن أو توت البن، نشأ في السودان، قبل أن تنتقل هذه الممارسة إلى اليمن والجزيرة العربية، مع أدلة أثرية تؤكد أنه بحلول نهاية القرن الخامس عشر كانت طقوس شرب القهوة معروفة بين أتباع الصوفية في اليمن.

ومن هذا يمكن القول إن الشرق الأوسط هو المكان الذي بدأت فيه ممارسة شرب القهوة كما نعرفها اليوم، ومنذ أن تم تناول أول فنجان من القهوة قبل أكثر من 600 سنة، ظل استهلاك القهوة ماثلاً في قلب ثقافة الشرق الأوسط، وما زالت القهوة تستخدم في الترحيب بالضيوف في البيوت وفي الفنادق باعتبارها رمزاً عريقاً من رموز الضيافة.

ويعود انتشار القهوة على المستوى العالمي إلى حد كبير للهولنديين، الذين ظلوا يتاجرون بهذا المنتج على طول المراكز التجارية الممتدة على خليج عدن في أوائل القرن السابع عشر، وذهبوا أبعد من ذلك عندما أقاموا مزارع للبن في الهند وإندونيسيا، وبعد أن أصبحوا المورد الأساسي للقهوة إلى أوروبا، يعود الفضل إليهم أيضاً في انتشار حبوب القهوة في أمريكا الوسطى والجنوبية.

البن: السلعة الزراعية الأكثر تداولا على نطاق واسع في العالم

على مدى السنوات الخمسين الماضية، شهدت سوق البن العالمية تحولا كبيرا، ونما الاستهلاك بمعدل سنوي بلغ 1.9%، مرتفعا من 57.9 مليون كيس (الكيس = 60 كيلوغراما) في العام 1964 إلى 142 مليون كيس في العام 2011، وباعتبارها واحدة من السلع الأكثر تداولاً في العالم، تأتي القهوة في المرتبة الثانية بعد النفط في القيمة التجارية.

وقدرت القيمة الإجمالية لهذا القطاع في العام 2012 بنحو 173.4 مليار دولار، وفقا لمنظمة البن العالمية، إذ وصل الإنتاج العالمي في العامين 2012 و2013 إلى 145 و145.2 مليون كيس على التوالي، وفي العام 2014، قدّرت وزارة الزراعة في الولايات المتحدة الإنتاج العالمي بنحو 149.8 مليون كيس، وهناك ما يصل إلى 70 بلدا منتجا للبن في العالم، فيما تضم قائمة كبار المصدرين العالميين لهذه السلعة البرازيل وفيتنام وإندونيسيا وكولومبيا وإثيوبيا والهند والمكسيك، وجميعها دول أعضاء في منظمة البن العالمية، المسؤولة عن إنتاج 97% من الناتج العالمي.

وعلى الرغم من أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة واليابان كانت تقليديا أكبر مستوردي البن، إلا أن السنوات القليلة الماضية شهدت تحولاً في الطلب، إذ وصلت اقتصادات الدول المتقدمة إلى نقطة التشبع، وشهدت الدول المنتجة للبن والأسواق الناشئة زيادة في الطلب والاستهلاك.

وأدّى تحسن التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وارتفاع مستويات الدخل، وارتفاع مستويات المعيشة، وتزايد أعداد السكان، إلى ظهور مذاقات جديدة للقهوة، كما برزت توقعات بأن تسهم هذه الأسواق إسهاماً كبيراً في نمو الاستهلاك العالمي في السنوات المقبلة.

ازدهار صناعة البن في الشرق الأوسط

أصبحت دولة الإمارات في وضع يؤهلها لتكون مركزا رئيسيا لإعادة التصدير وتقديم خدمات التوريد للمناطق الأخرى، نظرا لموقعها الاستراتيجي، وتميزها ببنية تحتية لوجستية عالمية المستوى، فضلا عن ميزة الإعفاءات الضريبية، ما جعلها تكتسب شعبية واسعة في أوساط تجار البن الراغبين في إعادة تصدير منتجات القهوة إلى الأسواق الناشئة في منطقة الشرق الأوسط وجنوب آسيا وإفريقيا.

وتعتبر دولة الإمارات العربية المتحدة خلال الفترة بين 2005 و2008، واحدة من بين خمس دول رئيسية في إعادة تصدير البن ( بحسب وزارة التجارة الخارجية الإماراتية )، كما ازدادت صادرات البن في دبي بمعدل سنوي قدره 57%، من 5.9 إلى 22.4 مليون دولار بين العامين 2010 و2013، وفقا لأحدث الإحصاءات الصادرة عن جمارك دبي ومركز دبي للسلع المتعددة. كذلك ارتفعت في الفترة الزمنية نفسها واردات البن في دبي بمعدل سنوي قدره 72%، من 29.7 في 2010 إلى 131.1 مليون دولار في العام 2013.

وعلاوة على ذلك، وصف تقرير صادر عن «يورومونيتور العالمية» في 2013 دولة الإمارات بأنها «أسرع أسواق البن نموا في العالم»، إذ وصل النمو في إجمالي حجم مبيعات البن إلى 80% بين 2009 و2014، بمعدل نمو سنوي قدره 12%، ويأتي هذا النمو على الرغم من أن أكثر من 50% من سكان الإمارات ينتمون إلى شرق آسيا وشبه القارة الهندية، المنطقتين اللتين تشكلان قاعدة من المستهلكين الذين يفضلون تقليدياً تناول الشاي على القهوة.

وفي الواقع، فإن ارتفاع واردات البن تشير إلى أن السوق المحلية في دولة الإمارات تشهد أيضا طفرة في استهلاك القهوة، ولا سيما في السنوات القليلة الماضية، كما تجذب ثقافة تناول القهوة المزدهرة الأجيال الشابة، إذ ازداد التركيز على المقاهي المستقلة، والمكونات الواردة من مصادر مستدامة، وأنواع البن النادرة أو المتميزة بمذاق راقٍ أو الواردة من مصدر منفرد.

وبالإضافة إلى افتتاح مقاهٍ جديدة، ونمو حجم التداول في البن، وازدياد عدد شركات تحميص البن وتعبئته في المنطقة، فقد ظهرت بعض الفعاليات والمهرجانات والمسابقات الخاصة بالقهوة وإعدادها منها على سبيل المثال معرض «جلفود 2015»، الذي سيتم تنظيمه بين 8 و12 فبراير/شباط من العام الجاري في مركز دبي التجاري العالمي، إلى استقطاب تجار القهوة المحليين والإقليميين والدوليين لاستكشاف فرص تصدير البن واستيراده وإعادة تصديره في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وخارجها.

قطاع القهوة يواصل اتجاهه التصاعدي

من المتوقع، في ضوء تصاعد الاستهلاك العالمي للقهوة، يظل النمو في قطاع القهوة واعدا نظرا لثلاثة عوامل رئيسية هي زيادة الطلب في البلدان المصدرة مثل البرازيل وإندونيسيا وإثيوبيا والمكسيك والفلبين والهند وفنزويلا وفيتنام، وزيادة شعبيتها في الاقتصادات الناشئة، بما في ذلك منطقة الشرق الأوسط وجنوب آسيا وإفريقيا، والتوسع في الأسواق المتخصصة في البلدان المستهلكة التقليدية مثل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة واليابان.

 غرفة التجارة العربية البرازيلية كانت قد أشارت إلى توقعاتها بزيادة استهلاك القهوة إقليميا، لتصل إلى نسبة 75% في أكياس القهوة التي تم شحنها من البرازيل إلى الدول العربية في الفترة بين يناير ويونيو 2014، مقارنة مع الفترة نفسها من العام 2013.

ولما كان قطاع البن يوظف الملايين من البشر في جميع أنحاء العالم، تظل صناعة البن وتصديره من المحركات الرئيسية المساهمة في در عائدات النقد الأجنبي للدول، كما أنها تشكل نسبة كبيرة من ضريبة الدخل والناتج المحلي الإجمالي.

يُذكر أن «جلفود» حدث تجاري مخصص للزوار من التجار ورجال الأعمال والمهنيين، يستقطب في دورته الكبرى هذا العام، أكثر من 80.000 زائر من 170 دولة، وما يزيد على 4,800 شركة عارضة عالمية من 120 دولة. وهو يقام في إطار الدورة الثانية من «مهرجان دبي للمأكولات»، الحدث الاحتفالي الذي تنطلق فعالياته وتتواصل في فبراير/شباط في أرجاء مدينة دبي.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الإمارات الشرق الأوسط

«نزاهة» تدفع 20 ألف ريال ثمن القهوة والشاي للحاضرين في ندوتها عن ”مكافحة الفساد“

دراسة: فنجانان من القهوة يوميا يوقفان تليف الكبد بنسبة 44%

فنجانان من القهوة يوميا يقللان خطر الإصابة بسرطان «القولون» و«المستقيم»

دراسة: القهوة قد تقي من أضرار النوبة القلبية

«الصحة» السعودية: تناول القهوة بجرعات كبيرة يسبب «الهلوسة»