قال المحلل السياسي العراقي وعضو مركز بغداد للدراسات الاستراتيجية «خليل العبيدي» إن رئيس الوزراء العراقي «حيدر العبادي» يقود محاولات حثيثة لتنسيق الجهود بين الخصمين الأمريكي والإيراني في ما يتعلق بالعراق والحرب على تنظيم «الدولة الإسلامية»، مضيفا أن «العبادي» حقق نجاحا جيدا من خلال فصله الموضوع السوري عن العراق رغم تداخل الملفين بشكل كبير.
وأوضح «العبيدي» أنّ التسريبات التي ترد بهذا الإطار تؤكّد أنّ «العبادي» توسّل بالطرفين لترك الخلاف، وخاصة بما يتعلق بالملف النووي الإيراني، وضرورة إزاحته من الشأن العراقي والمساومة عليه ومحاولة التركيز على تنظيم «الدولة» الذي توغل بشكل لا يمكن إنكاره أو التعامل معه باستخفاف، مشيرا إلى أنّ الأميركيين لديهم تحفظ على مشاركة المليشيات والجرائم التي تنفّذها بدوافع طائفية، لافتا أن الإيرانيين حذرين جدا من الأميركيين ومعارضين لخطوات واشنطن تسليح العشائر السنية غرب وشمال العراق.
وبحسب مسؤول عراقي رفيع، فضل عدم الكشف عن اسمه فإنّ «العبادي» يسعى لعقد اجتماع مشترك بين العسكريين الأميركيين المتواجدين في بغداد، ومسؤولين إيرانيين بهدف تنسيق الجهود في الحرب على «الدولة الإسلامية».
وأوضح المسؤول الذي يشغل منصبا وزاريا في حكومة «العبادي»، أن ذلك جاء لتجنب الاحتكاك المحتمل بين الجانبين، إذ أدى قصف بالخطأ في منتصف الشهر الماضي شنّته غارات أميركية إلى مقتل 44 عنصرا من ميليشيا عراقية ممولة ومدعومة من إيران، من بينهم ثلاث قيادات بارزة.
وأضاف المصدر نفسه أنّ التقارب سيكون على الشأن العراقي فقط، كما أنه قد يتطور ليشمل الشأن السوري باعتبار الجبهة واحدة في الحرب على «الدولة الإسلامية».
ويحرص رئيس الوزراء العراقي على تضخيم الدور الإيراني في العراق على نحو إيجابي والتغاضي عن الجوانب السلبية له، وإن كانت أكثر بكثير مما يمكن أن تنفع به إيران العراق.
وفي المقابل، يعارض التوجه الإيراني في تخلي بغداد عن التحالف الدولي وعقد شراكة مغلقة مع طهران في الحرب على الإرهاب.
ويرى مراقبون أن مهمة «العبادي» قد تلاقي النجاح، ولن تشهد الساحة العراقية أي توترات بين الخصمين قد تمنح «الدولة الإسلامية» فرصة التقاط أنفاسه مرة أخرى على حساب هذا الخلاف، الذي قد يؤدي إن وقع، إلى انسحاب المليشيات الشيعية الممولة إيرانيا من مناطق تسيطر عليها، وهو ما لا تريده الولايات المتحدة أو الغرب عموما.
جاء ذلك بعد كلمة «العبادي» الأخيرة في «منتدى دافوس»، التي أثنى فيها على الدور الإيراني في ما وصفه بـ«محاربة الإرهاب» ومساعدة العراق في التصدي لتنظيم «الدولة الإسلامية»، وتسليم طهران ذخائر وأسلحة لحكومته بعضها بشكل مجاني، في إشارة واضحة إلى تقبل العراق أي دور دولي من أي طرف كان في تلك الحرب، التي وجد نفسه فيها على أعتاب حرب طائفية طاحنة ستكون أي تضحيات أخرى هينة أو سهلة منها التدخل البرّي، لأي دولة تتطوع لتخليص العراق من حربه الحالية.
ويخوض رئيس الوزراء العراقي «حيدر العبادي» مهمة جديدة، يصفها بالمحورية، في الحرب الدائرة على تنظيم «الدولة الإسلامية»، وتتمثل في تقريب وجهات النظر الإيرانية الغربية، في ما يتعلق بالملف العراقي، وعدم جعله ساحة صراع جديدة، سياسية أو أمنية، تؤثر سلبا على خطط استعادة السيطرة على نحو 40% من مناطق البلاد الخارجة عن السيادة العراقية.