مظاهرات إيران بين البحث عن قائد ودعم.. وخطوات الإخماد

الثلاثاء 2 يناير 2018 08:01 ص

مع انتشار التظاهرات في مختلف أنحاء إيران منذ الخميس الفائت، وازديادها عنفا، يرجح المحللون أن تواجه صعوبات في الحفاظ على زخمها، بسبب افتفارها إلى القيادة والدعم السياسي.

مظاهرات وقمع

رأى محلل الشؤون الإيرانية ورئيس مجلس إدارة مركز «كاربو» للبحوث في ألمانيا «عدنان طبطبائي»، أن «الاحتجاجات ستقترب من نهايتها بسرعة أكبر كلما ازدادت عنفا».

وأشارت تقارير الثلاثاء، إلى مقتل عنصرين أمنيين بالرصاص وستة متظاهرين أثناء محاولة اقتحام مركز للشرطة، في محافظة اصفهان.

وأوضح «طبطبائي» أن «ذلك سيوفر مبررات إضافية للقمع، وسيحد من التضامن بين الإيرانيين».

واعتبرت «إلي غيرانمايه» من المجلس الاوروبي للعلاقات الخارجية، أن رسالة المرشد الأعلى «علي خامنئي»، الثلاثاء، التي حمل فيها أعداء إيران في الخارج، مسؤولية الاضطرابات أوحت بقرب اتخاذ إجراءات أكثر تشددا.

وقالت: «أشك في خروج هذه التظاهرات عن سيطرة النظام على ما يتوقع بعض المحللين في واشنطن».

وأضافت أن «المرشد الأعلى لا يفسح المجال لاحتجاجات إضافية. ومع ارتفاع حصيلة القتلى أتوقع بالأحرى تكثيف القمع في هذه البلدات الأصغر، ونشر وحدات من مناطق أكبر يسودها الهدوء».

لكن «طبطبائي»، أشار إلى أن أي حدث مفاجئ قد يغير منحى الأمور، على غرار وفاة متظاهر أو تصريح ناري لأحد المسؤولين.

الاختلاف عن 2009

في 2009، ملأت حشود عارمة الشوارع بعد معلومات عن تزوير في الاستحقاق الرئاسي الذي منح «محمود أحمدي نجاد» ولاية رئاسية ثانية.

وأصبح المسؤولون الإصلاحيون الخاسرون في الاستحقاق قادة لما عرف باسم «الحركة الخضراء»، التي سحقها تشدد أمني قاس.

وقالت «غيرانمايه»: «لم يصدر دعم كبير من المعسكر الإصلاحي هذه المرة».

وتابعت: «سبق أن عانوا من نتائج هذه الاجراءات المتشددة، ويريدون الآن العمل من ضمن العملية السياسية».

والثلاثاء، ندد الرئيس الإصلاحي السابق «محمد خاتمي» بالعنف، علما بأنه يحظر عليه المشاركة في مناسبات عامة منذ تظاهرات 2009.

واعتبر ناشر صفحة «نبض إيران» في موقع «المونيتور» الإخباري «محمد علي شعباني»، أن عدم وجود قيادة للاحتجاجات هذه المرة قد يكون مكسبا، ونفى أي استهداف واضح للسلطات.

لكن ذلك يحد في رأيه من فرص تطور الاحتجاجات إلى حركة منسقة تحمل مطالب واضحة.

وقال «شعباني» إن «غياب التنظيم السياسي الظاهر والابتعاد عن النخب، بما فيها الإصلاحيون، يعني فعليا أن المتظاهرين الأكثر تطرفا ليس لديهم حلفاء ضمن الطبقة السياسية».

وأضاف: «نظرا إلى تعذر حمل مطالب هذه الفئة، فقد يتضاعف تشدد وعنف أفرادها ويؤدي في النهاية إلى إبعاد المتظاهرين الآخرين من الشوارع، كما أنه قد يثير ردا أكثر قسوة من السلطات».

خطوات «روحاني»

تولى الرئيس «حسن روحاني» السلطة مع وعود تحسين الاقتصاد والحريات المدنية، لكن العنف الأخير كشف الاستياء الشعبي العميق إزاء عدم إحراز تقدم على هذا المستوى.

غير أن الرئيس الإيراني قد يجد فائدة وسط الفوضى.

وقال «طبطبائي»: «إذا تمكن (روحاني) من إعادة الهدوء في غضون أسبوعين فسيخرج بصورة مدير كفؤ للأزمات».

«لكن عليه التعامل بجدية مع مطالب الأكثر ضعفا على المستوى الاجتماعي والاقتصادي»، بحسب المحلل، بدءا بإزالة عدد من إجراءات التقشف المدرجة في ميزانيته الأخيرة، والتي تشمل اقتطاعات للمساعدات الاجتماعية وزيادة أسعار الوقود.

كما ذكر «شعباني»، بالحاجة إلى عدد من الإصلاحات الرئيسية، على غرار إجازة التجمعات السلمية التي يضمنها الدستور مبدئيا.

وأضاف أنه «على روحاني كذلك التحاور مع المرشد الأعلى لإقناعه بالحاجة لمعالجة مراكز القوة غير الخاضعة للمحاسبة».

ويخوض الرئيس الإيراني في السنوات الأخيرة نوعا من المعركة المفتوحة مع جهاز الحرس الثوري، محاولا إضفاء شفافية على امبراطورية أعمال الجهاز وفرض الضرائب عليها.

وقال «شعباني» إن روحاني «أطلق الرصاصة الأولى في هذه المعركة عندما قرر أن يجعل قانون ميزانية هذا العام أكثر شفافية»، مضيفا: «الآن بات عليه أن ينتقل إلى الفعل».

وتشهد إيران، منذ الخميس الماضي، مظاهرات بدأت في مدينتي مشهد وكاشمر (شمال شرق)؛ احتجاجا على غلاء المعيشة، وامتدت لاحقًا لتشمل مناطق مختلفة، من بينها العاصمة طهران.

وبينما خرجت التظاهرات لأسباب داخلية أساسا، امتدت احتجاجات الإيرانيين إلى انتقاد السياسة الخارجية لبلادهم وخوضها معارك في المنطقة؛ ما أدى لتفاقم الأوضاع الاقتصادية؛ وانعكس ذلك في هتافات لهم من قبيل: «لا غزة، لا لبنان، حياتي في إيران».

والإثنين، قال الرئيس الإيراني «حسن روحاني» في خطاب ألقاه بشأن الاحتجاجات التي أسفرت عن مقتل 24 متظاهرا حتى اليوم، إن «العدو غاضب من عظمة الشعب الإيراني ونجاح وتطور إيران؛ الانتقاد والاحتجاج فرصة وليس تهديدا والشعب بنفسه سيرد على مخترقي القانون ومثيري أعمال الشغب».

وأكد أن بلاده تعاني من مشاكل لا علاقة لها بالحكومة كالجفاف والتصحر والزلازل والتلوث البيئي، مشددا في الوقت ذاته على أن الوضع الاقتصادي في إيران أفضل من متوسط الأوضاع الاقتصادية في العالم، وأن معدل النمو الاقتصادي في البلاد بلغ هذا العام 6%.

وجاءت الاحتجاجات بعد نحو 3 أسابيع على تقديم «روحاني» ميزانية العام المقبل بقيمة 104 مليارات دولار، لكن الحكومة أعلنت عزمها رفع أسعار الوقود والخدمات والضرائب.

ويعاني الاقتصاد الإيراني من نقص في الاستثمارات ونسبة بطالة تبلغ 12%، حسب الأرقام الرسمية، علما أن بعض المحللين يقدرون أن تكون أعلى من الواقع.

المصدر | فرانس برس

  كلمات مفتاحية

إيران روحاني مظاهرات احتجاجات مظاهرات إيران الانتفاضة الإيرانية