هل يكره رئيس أمريكا الإسلام؟

الأحد 7 يناير 2018 06:01 ص

باستثناء ما تم تداوله حول «العلاقات المميزة» لصهر الرئيس الأمريكي، «جاريد كوشنر»، مع ولي العهد السعودي «محمد بن سلمان» (وهي علاقات لم تمنع انتقادات وزارة الخارجية الأمريكية لمواقف الرياض من حصار قطر والحرب في اليمن)، فإن مسحاً سريعاً للسياسة الخارجية لـ«دونالد ترامب» تجاه الدول الإسلامية يظهر منحى متصاعداً لانتقادات واتهامات وأزمات عنيفة مع تلك الدول، فهل يتعلق الأمر بضرورات السياسة الخارجية أم بكره ضمنيّ للإسلام نفسه؟

إذا كانت مواقف «ترامب» السياسية المضادة للجمهورية الإسلامية الإيرانية مفهومة ومعروفة، بدءاً من انتقاداته العنيفة للاتفاق النووي معها منذ كان مرشحا للرئاسة، ثم تجميد العمل به بعد تسلمه المنصب، وصولاً إلى تعليقاته الأخيرة على المظاهرات الشعبية المناهضة للنظام هناك بأن «زمن التغيير» قد حان، وإعلانه رغبته في استنفار المجتمع الدولي ضدها، فكيف نفسّر قراراته المتحدّية للمنظومة الإسلامية كلّها بإعلانه القدس عاصمة لـ(إسرائيل) وقراره نقل سفارة بلاده إليها؟

وكيف نفسّر تصريحات الرئيس الأمريكي في العام الجديد التي استهدفت باكستان، الحليف القديم للولايات المتحدة الأمريكية، التي قال فيها إن بلاده دفعت لها أكثر من 33 مليار دولار كمساعدات خلال الـ15 عاماً الأخيرة، وأن الأخيرة «لم تعطنا أي شيء سوى الأكاذيب والخداع، متصورة أن قادتنا حمقى»، وبأنها «توفر ملاذا آمنا لإرهابيين».

كيف نفسّر أيضاً مسار الأزمة الطويل مع تركيّا، وهي العضو في حلف الأطلسي، وأحد أركان السياسة الأمريكية في الدفاع عن أوروبا خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفييتي، والذي أوصل العلاقات بين البلدين إلى ذروة غير مسبوقة من التوتر، تدخل في تفاصيله العقوبات التي تبودلت بعد اعتقال أحد موظفي القنصلية الأمريكية في إسطنبول بوقف التأشيرات للمواطنين الأتراك، وقلق أنقرة المتصاعد من محاكمة رجال أعمال وسياسيين أتراك وترتيب ملف يتهم تركيا بالالتفاف على العقوبات الأمريكية على إيران، إضافة إلى دعم واشنطن لحزب العمال الكردستاني في سوريا، وهي مواقف ساهمت في ابتعاد وطيد لأنقرة عن أمريكا وأوروبا واقتراب شديد من محور روسيا وإيران.

ضمن هذا الإطار لا يمكن أن ننسى طبعاً القرار «العتيد» للرئيس الأمريكي بمنع مواطني 7 دول إسلامية (تحوّلت إلى 6 بعد حذف العراق) من دخول الولايات المتحدة الذي أدّى إلى صراعات قضائية كثيرة باعتبار القرار يتناقض مع دستور الولايات المتحدة الأمريكية.

كما تدخل فيه تصريحات «ترامب» حول «الإرهاب الإسلامي»، وهو تعبير رفض الرئيس الأمريكي السابق «باراك أوباما»، ومرشحة الرئاسة الأمريكية «هيلاري كلينتون» استخدامه (اللذان اعتبرهما «ترامب» مؤسسي تنظيم «الدولة الإسلامية»)، وشجاره العلني مع والدي عسكري أمريكي مسلم قتل في العراق، ودعوته لتأسيس قاعدة بيانات للمسلمين المقيمين في أمريكا، واختياراته لأعضاء إدارته المعروفين بعدائهم للإسلام كمستشاريه السابقين «مايكل فلين» (الذي شبه الإسلام «بالسرطان الخبيث») و«ستيف بانون» (الذي وصف المسلمين في أمريكا بأنهم «طابور خامس»).

تشير هذه المعطيات كلّها إلى أن معاداة الإسلام هي في صلب اعتقادات «ترامب» السياسية، وهو لم يكن شعارا انتخابيا شعبويا لجذب الحاضنة الاجتماعية لتيارات اليمين العنصري والمسيحية ـ الصهيونية في أمريكا، ولعل أفضل تعبير عن هذه «الفلسفة» هي مقولته في إحدى مقابلاته «أظن أن الإسلام يكرهنا»!

رغم الأضرار الكبيرة التي مثلتها قرارات وتصريحات «ترامب» على المسلمين في الولايات المتحدة وخارجها، فإن الكثير من الحكومات العربية آثرت الصمت، وبعضها شارك في التواطؤ (كما هو جهات سياسية في البحرين والإمارات)، ولعلّ قراره الأخير حول القدس أوصل سكين الكره للإسلام للحلقوم واضطر الحياديين والرماديين للتعبير.

يجب القول إن السياسة الخارجية الأمريكية تعرضت لعطب كبير بسبب اتجاه «ترامب»، وإن سمعتها في العالم الإسلامي تضررت بشكل غير مسبوق.

  كلمات مفتاحية

كراهية الإسلام دونالد ترامب جاريد كوشنر محمد بن سلمان السعودية حصار قطر حرب اليمن الدول الإسلامية سياسة ترامب الخارجية إيران باكستان المظاهرات الإيرانية إعلان ترامب حول القدس إسرائيل تركيا