«و. س. جورنال»: مياه مضطربة.. مناوشات مصر وإثيوبيا حول النيل

الأربعاء 17 يناير 2018 04:01 ص

يتحول أطول نهر في العالم، وشريان الحياة لمئات الملايين من الناس، بسرعة إلى سبب للانقسام والأزمات.

ويثير مشروع إثيوبيا الطموح لسدود الطاقة الكهرومائية - بقيمة تبلغ 4.2 مليار دولار على المنبع الرئيسي لنهر النيل - توترات مع مصر حول كيفية تقاسم الموارد الأساسية، ويكشف التنافس بين القاهرة وأديس أبابا من أجل النفوذ الإقليمي.

وتعد النقطة الرئيسية المثيرة للجدل هي خطة إثيوبيا لملء خزان النهضة الإثيوبي الكبير الذي تبلغ مساحته 74 مليار متر مكعب في غضون 3 أعوام من الانتهاء من السد، والمخطط له في عام 2019، وهي وتيرة تجادل حولها مصر وتقول إنها ستترك مستويات المياه والفيضانات في اتجاه «المصب» منخفضة بشكل خطير.

وقال وزير الري والموارد المائية في مصر «محمد عبدالعاطي» الشهر الماضي، إن «مصر لا تستطيع العيش من دون النيل». وأضاف أن «مصر تدرك حق إثيوبيا في التنمية، لكن على إثيوبيا أن تثبت عمليا أن السد لن يضر بمصر».

مصب النهر

وتعتمد إثيوبيا على السد لتشغيل محطة كهرومائية تهدف إلى دعم اقتصادها سريع النمو، وتهدف إلى تعزيز مشروع السد في سبيل العودة إلى مجد حقبة الإمبراطورية، بعد عصر من الفقر المدقع. وقد نما اقتصاد إثيوبيا بنسبة 9% العام الماضي، وهو واحد من أسرع الاقتصادات نموا في العالم، وفقا لصندوق النقد الدولي.

وقال رئيس الوزراء الإثيوبي «هايلي ماريام ديسالين» العام الماضي إن «إثيوبيا لم تستخدم النهر من أجل تنمية نفسها بسبب افتقارنا إلى التمويل. والآن نحن قادرون على الاستثمار بأنفسنا».

وكان من المقرر أن يزور «ديسالين» القاهرة لإجراء محادثات الأربعاء، على الرغم من أن تفاصيل جدول أعماله لم تعرف على الفور. وقد تراجعت المفاوضات التي دارت على مدى أعوام حول السد في نوفمبر/تشرين الثاني. وطلبت مصر من البنك الدولي التوسط في النزاع. ووفقا لما ذكرته المتحدثة باسم البنك، فإن البنك يدرس هذه الدعوة.

وقال رئيس بحوث القرن الأفريقي في مجموعة الأزمات الدولية «راشد عبدي»، وهى مركز بحثى - إن الخلاف أكبر من قضية المياه. وقال: «إن ما نراه هو نزاع بالوكالة على من يجب أن تكون له الهيمنة الإقليمية، مصر أم إثيوبيا».

وعندما يكتمل السد، سيكون أكبر سد في أفريقيا، وقد أصبح مصدر فخر في إثيوبيا. وقال «إسكندر بايي» - البالغ 29 عاما - وهو محاسب فى بلدة أسوسا القريبة من السد: «سيغير ذلك مستقبلنا. لقد حان وقت إثيوبيا».

وساهم جميع الإثيوبيين تقريبا في تمويله، وغالبا ما تم اقتطاع التبرعات من الرواتب الضئيلة بالفعل، على الرغم من أن جماعات المعارضة تدعي أن جميع التبرعات لم تكن طوعية، غير أن الحكومة تنفي ذلك.

وتسبب النيل - منذ فترة طويلة - في انقسام أو وحدة الذين يتشاركونه. ويعد النهر المصدر الرئيسي للمياه في مصر، التي يزدحم سكانها - البالغ عددهم 96 مليون نسمة تقريبا - على ضفاف النهر.

وبدأ بناء السد في أبريل/نيسان من عام 2011، عندما كانت مصر في خضم «الربيع العربي»، وبعد حوالي 6 قرون من تهديد الإمبراطور الإثيوبي بعرقلة وصول المياه إلى مصر. ويعمل نحو 8500 عامل في بناء السد في ثلاث نوبات، 24 ساعة في اليوم، 7 أيام في الأسبوع.

ويجري بناء السد على بعد 8 أميال من الحدود مع السودان - التي تقع بين مصر وإثيوبيا - وتحتاج إلى النيل من أجل الري. وبذلت السودان جهودا للتوسط بين مصر وإثيوبيا، وتقول إنها محايدة في تلك المواجهة.

إلا أن النزاع أثار أزمة بين الخرطوم والقاهرة، حيث توترت بينهما العلاقات - منذ فترة طويلة - حول مجموعة من القضايا. وفي وقت سابق من هذا الشهر، استدعت السودان سفيرها لدى مصر إلى أجل غير مسمى، وقدمت شكوى لدى الأمم المتحدة حول قضية حدودية غير ذات صلة.

وقال وزير الخارجية السوداني «إبراهيم غندور» إن «إثيوبيا لديها الحق في استخدام مواردها المتاحة لصالح شعبها، دون تعريض الأمن المائي للسودان ومصر للخطر». وأضاف: «لا نعرف لم هذه الضجة».

وتمتلك مصر حقوقا في أغلبية مياه النيل بموجب اتفاق عهد استعماري. واحتجت إثيوبيا - التي قاطعت تلك الاتفاقية - بأن 86% من رافد النيل الرئيسي - النيل الأزرق - يتدفق عبر أراضيها.

وتقول إثيوبيا إن السرعة التي يتم بها ملء الخزان يمكن تعديلها، بحيث تأخذ في الاعتبار تأثيرها المحتمل، ولكنها لم تقدم تفاصيل. وتقول إنها تتشاور مع مصر والسودان.

مخاوف نقص المياه في دلتا النيل

ويوم الإثنين، قال الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي» - في إشارة إلى إثيوبيا والسودان: «مصر لن تحارب أشقاءها». وأضاف أن مصر تستثمر في جيشها. وتحدث عن رسالة سلام يوجهها لكل من المصريين و«إخواننا في السودان وإثيوبيا، بحيث تصبح القضية واضحة بالنسبة لهم».

ويذكر المزارعون في قرية عرب الرمل المصرية، وهي قرية في دلتا النيل على بعد 30 ميلا إلى الشمال من القاهرة، الوقت الذي غمرت مياه النيل أراضيهم الزراعية المروية ومحاصيلهم. وأجبر سد بني في الستينات سكان القرية على حفر آبار لا تعد ولا تحصى من أجل الحفاظ على أراضيهم الزراعية.

ويقول «صلاح أبو زيد»، وهو مزارع برسيم يبلغ من العمر 51 عاما، ويتشارك بئرين مع مزارعين آخرين، إنه إن شعر بالخوف فإنه سيضطر إلى حفر أكثر من ذلك. وتعد الآبار مكلفة، ويجب حفرها أعمق وأعمق مع انخفاض منسوب المياه الجوفية.

وأضاف أن «الآبار هي الخيار الوحيد لتجنب ذلك»، مشيرا إلى قطع الأرض المتصدعة، التي تركها أصحابها الذين لم يتمكنوا من حفر الآبار.

ويخشى المزارعون في القرية من المستقبل إذا تسبب السد الإثيوبي في تقليل المياه المتاحة لهم بشكل أكبر.

وقال «أبو زيد»: «النيل مسألة حياة وموت بالنسبة لنا، ومن ثم فإن أولئك الذين يستهدفون النهر يستهدفون زوال مصر».

المصدر | وول ستريت

  كلمات مفتاحية

النيل مضر إثيوبيا سد النهضة