إيران تسعى للتحكم بالاحتجاجات عبر «الإنترنت الحلال»

الاثنين 29 يناير 2018 01:01 ص

كانت المفارقة في الاحتجاجات الأخيرة التي شهدتها إيران هي أن الحكومة الدينية هي نفسها من وفرت حبل الأكسجين الذي غذى انتشارها السريع المذهل، من مدينة إلى أخرى.

وعلى مدى السنوات الأربع الماضية، شجعت السلطات على استخدام الإنترنت على نطاق أوسع، مما يسمح لمقدمي الخدمات لتقديم شبكات الجيل الثالث والرابع مما دفع بدوره إلى التوسع الهائل في استخدام الهواتف الذكية. في عام 2014، كان هناك حوالي 2 مليون إيراني يستخدمون الهواتف الذكية؛ واليوم، ارتفع العدد لما يقدر بـ 48 مليون مستخدم. وهذا يعني أن حوالي نصف السكان في جيوبهم جهاز يمكن أن يبث الصور والمعلومات ومقاطع الفيديو للعالم بأسره بعيدا عن سيطرة الدولة والرقابة.

أخمدت الحكومة الاحتجاجات في جزء منها عن طريق إغلاق حبل الأكسجين هذا حيث منعت تطبيق تليغرام للرسائل المشفرة الذي استخدمه المتظاهرون للتواصل. ولكن هذه العملية كانت مؤقتة فقط حيث اشتكى رجال الأعمال بسرعة لإغلاق قنوات تليغرام التي يستخدمونها لتسويق وبيع بضائعهم.

ومع اقتراب الجمهورية الإسلامية من الذكرى الأربعين للثورة التي جلبتها إلى السلطة، فإنها تحاول جني فوائد أداة لا غنى عنها للحياة العصرية، مع الحفاظ على رقابة مشددة على كيفية استخدام الإيرانيين لها وما هي طبيعة المعلومات التي يتلقونها. ويأتي حل طهران للسيطرة على الفضاء السيبراني من خلال خلق ما يسمى الإنترنت الحلال، وهو نسخة من الإنترنت محكومة محليا بشكل تام.

وقالت «سانام فاكيل»، زميل في تشاتام هاوس إن ذلك يظهر عددا لا يحصى من التناقضات في إيران، وأعتقد أن سياسة الإنترنت الخاصة بإيران واحدة من الأمثلة الكبرى على تلك التناقضات. وأضافت أن «الجمهورية الإسلامية ليست سوداء وبيضاء».

ومنذ الثورة الإسلامية عام 1979، تسيطر الحكومة بشكل صارم على المعلومات. ولكن انتشار الإنترنت هدد تلك السيطرة فخلال احتجاجات إيران عام 2009 حيث كانت واجهة المشهد حول إعادة انتخاب الرئيس المتشدد «محمود أحمدي نجاد كانت وسائل الإعلام الاجتماعية الوليدة تنتشر بين الإيرانيين وتم تداول مقاطع فيديو عن مقتل ندى آغا سلطان البالغة من العمر 26 عاما.

ومنذ ذلك الاضطراب، منعت إيران مواقع فيسبوك وتويتر وغيرها من المواقع جنبا إلى جنب مع موقع يوتيوب الذي كان قد تم منعه بالفعل. وأدى ذلك إلى استخدام العديد من الإيرانيين لشبكات افتراضية خاصة أو شبكات ظاهرية خاصة للتغلب على الحجب.

كانت سياسات الرئيس «حسن روحاني»، المعتدلة نسبيا قد سمحت بانتشار الهواتف الذكية منذ أن تولى منصبه في عام 2014. وكان هدف «روحاني» هو توفير أداة للتجارة أثناء محاولته إعادة بناء الاقتصاد المتضرر وحتى بعد انتهاء الاحتجاجات الأخيرة، قال إنه كان من المستحيل منع الناس من استخدام الإنترنت.

وقال «إذا أردت أن يكون الفضاء الإلكتروني مفيدا للمجتمع، فلابد أن نتقدم بحل لتعزيز الثقافة بدلا من حجبها».

وجاءت فكرة قيام إيران بإنشاء شبكة حلال أو مسموح بها للإنترنت لأول مرة في عام 2011 في أعقاب احتجاجات عام 2009. وتطورت إلى ما يعرف باسم شبكة المعلومات الوطنية.

وذلك في الأساس يعد كابوسا: فالشبكة لديها نحو 500 موقع وطني وافقت عليها الحكومة وتبث محتوى أسرع بكثير من المواقع الموجودة في الخارج، والتي تم إبطاؤها عن عمد، وذلك وفقا لتقرير صدر مؤخرا عن حملة حقوق الإنسان في إيران.

ويقدم مزودو الخدمة حزم أرخص للعملاء الوصول إلى مواقع شبكة المعلومات الوطنية فقط. كما يتم تمييز نتائج البحث داخل الشبكة، مما يسمح للحكومة بفرض رقابة على ما يبحث عنه المستخدمون.

كما أن أحد المصممين الرئيسيين للشبكة هو شركة الاتصالات الإيرانية، التي يملكها وكلاء الحرس الثوري القوي.

وهو يشبه في الطريقة جدار الحماية العظيم في الصين، والذي يمنع الوصول إلى الآلاف من المواقع. كما يجد مستخدمو الإنترنت الصينيون أن إمكانية الوصول إلى مواقع الويب خارج البلاد أبطأ.

ونقل مركز ستراتفور فى تحليل له يوم 17 يناير/كانون الثاني أن أداء إيران خلال الاحتجاجات الأخيرة أثبت أن إيران تسير بصعوبة على خطى الصين فى خنق الوصول إلى محتوى المعارضة من حيث السيطرة على تدفق المعلومات.

واقترح المتشددون منع إيران تماما من الوصول إلى الإنترنت والعمل على إنشاء الشبكة الخاصة بها في الداخل.

وفي الوقت نفسه، تحاول إدارة الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب إيجاد سبل لزيادة وصول الإيرانيين إلى الإنترنت. واجتمع المسؤولون مع جوجل، فيسبوك، تويتر وغيرها من شركات التكنولوجيا لطرح ما يمكن القيام به أكثر لمساعدة الناس في إيران وغيرها من الدول التي تديرها السلطات الاستبدادية للتواصل بحرية، وذلك وفقا لمسؤولين أمريكيين لديهم معلومات حول هذه الاجتماعات.

ولكن الخوف من تجاوز العقوبات الأمريكية جعل الشركات فزعة من هذا الأمر وجعل شركات أبل وجوجل تقوم بإغلاق مخازنها على الانترنت أمام المستخدمين الإيرانيين، ولا تسمح شركات أخرى باستخدام خدماتها في إيران. وهذا يمنع الايرانيين من الوصول إلى العديد من تطبيقات الاتصالات المشفرة أو الشبكات الافتراضية الخاصة، وقال المسؤولون الذين لم يكونوا مخولين لمناقشة المحادثات وطالبوا بعدم ذكر اسمائهم، أنهم ظلوا مترددين حتى عندما كان هناط توجه من إدارة «ترامب ربما لتخفيف بعض العقوبات.

لذلك يبقى السؤال عما إذا كان الإيرانيون سيحصلون على شبكة الإنترنت المفتوحة إذا تكرر الغضب على الوضع الاقتصادي مرة أخرى في صورة احتجاجات، كما يتوقع الكثيرون.

ودعت منظمات مثل تحالف الشؤون العامة في الولايات المتحدة ومقره واشنطن الولايات المتحدة والأمريكيين إلى تقديم إرشادات محددة للشركات عبر الإنترنت تسمح للإيرانيين بالوصول إلى التطبيقات والخدمات.

وقال «مراد غوربان» من وكالة المخابرات المركزية إن هذه الحركة استمرت على الرغم من الاضطهاد من قبل عناصر متشددة.

  كلمات مفتاحية

إيران احتجاجات إيران الإنترنت الحلال

«روحاني» يعترف: احتجاجات إيران ليست لأسباب اقتصادية فحسب