استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

واشنطن واستراتيجية تعطيل استراتيجيات الآخرين

السبت 3 فبراير 2018 10:02 ص

ما أن وضعت الحرب على تنظيم «الدولة» أوزارها في سوريا، حتى خرجت الولايات المتحدة بمشروع تأسيس قوة «حرس حدود» من ثلاثين ألف مقاتل، أغلبهم (وزعامتهم) من أكراد البلاد؛ ما أثار حفيظة أنقرة، ودفعها لشن حملة «غصن الزيتون» في عفرين، والتهديد بالوصول إلى منبج حتى خط الحدود السورية مع العراق.

المشروع الذي أرادت به واشنطن إحكام سيطرتها على أكثر من ربع سوريا، توطئة لتعبيد طريق روسيا في سوريا بالعراقيل و«الأفخاخ»، ارتد على الولايات المتحدة واستراتيجيتها الجديدة في سوريا التي لم يكن مضى سوى بضعة أيام على الكشف عنها على لسان الوزير «ريكس تيلرسون».

واشنطن باتت اليوم في وضع أسوأ مما كانت عليه، فالفصل الجديد في حروب سوريا وحروب الآخرين عليها، يندلع هذه المرة، بين أهم وأقوى حليفين لها في الشمال والشمال الشرقي السوري؛ الأكراد، الابن المدلل والحليف الموثوق يستنجدون بدمشق لإنقاذهم من «براثن التركي» وتركيا، عضو الأطلسي، المستمسك بعضويته، رغم كل الخلافات، اقتربت أكثر فأكثر من معسكر خصوم واشنطن وأعدائها، موسكو وطهران.

لكن واشنطن لم تسلم بعد بهيمنة الكرملين على سوريا، هي تعرف أن «القيصر» نجح في بناء منازل كثيرة له هناك، لكنها لن تجعل طريقه إلى «عرش سوريا» مفروشاً بالنوايا الحسنة والتسهيلات المجانية.

وكذا الأمر بالنسبة لبقية الأطراف المنخرطة في هذا الصراع من الخندق الآخر: إيران في دائرة الاستهداف، وهي من ضمن دولتين «مارقتين» ذكرتهما الاستراتيجية الأمريكية الجديدة بوصفهما تهديداً جدياً للولايات المتحدة وأمنها واستقرارها، إلى جانب كوريا الشمالية.

وحزب الله، يخضع لأوسع وأشمل عملية «تجفيف موارد» منذ اندلاع الأزمة السورية، والأمر هنا لا يقتصر على الإجراءات المالية والمصرفية، ولا على تواتر قوائم المشمولين من الحزب، أفراداً ومؤسسات بقوائم الإرهاب، بل يشتمل كذلك على دعم استمرار (إسرائيل) في توجيه ضربات عسكرية للحزب في سوريا، بحجة منعه من الحصول على سلاح «كاسر للتوازن».

تدرك واشنطن، أن لدى موسكو وطهران القدرة على «الصمود» في مواجهة إجراءاتها وحملاتها، لسنوات عديدة مقبلة، وأن ثمار استراتيجيتها الجديدة، لن تنضج قبل عدة سنوات، هذا إن نضجت أصلاً.

كما تدرك أن حزب الله، ومنذ استهداف المارينز في لبنان عام 1983، وهو مدرج على قوائم الإرهاب، وأن الحزب «تكيف» مع عمليات الحصار وتجفيف الموارد التي تشنها عليه بلا هوادة، كل من (إسرائيل) والولايات المتحدة، وأن من غير المستبعد أن تحقق الإجراءات الأخيرة، نتائج جدية يذكر.

في ضوء هذا الإدراك، بدا أن واشنطن قررت السير في طريق متعدد المسارات، لمنع موسكو من تحقيق «نصر مبين» في سوريا، إن لم يكن لتحقيق الأهداف الخمسة للاستراتيجية الجديدة فبعضها على الأقل، وأهم هذه الأهداف كما بات معروفاً:

منع سوريا من أن تصبح «مجالاً حيوياً» لإيران وطرد حزب الله منها وإنجاز تسوية سياسية لا مكان فيها لـ«الأسد» في مستقبل سوريا، فضلاً عن مكافأة الأكراد بوصفهم حليفا موثوقا و«ورقة» يمكن توظيفها على نحو مزدوج لتهديد إيران وابتزاز تركيا، من دون إغفال الهدف الخاص بمنع تنظيم «الدولة» من العودة وإعادة بناء عناصر قوته واقتداره.

المسار الأول، سياسي، ويتعلق بتهميش مسار أستانة وتهشيم مؤتمر سوتشي، بعدم المشاركة فيه، أو المشاركة على مستوى خفيض وبصفة مراقب، أو من خلال منع أصدقاء واشنطن وحلفائها من سوريين وعرب من الانخراط في هذا المسار، والتركيز دوماً على مسار جنيف، وحده دون سواه.

هنا ليس من الصدفة أن يقفز «مؤتمر فيينا» الأخير برعاية «دي ميستورا» من خارج الأجندة، وقبل أيام قلائل فقط، من مؤتمر سوتشي.. هنا، وفي هذا السياق فقط، يمكن فهم «الورقة غير الرسمية» التي تقدمت بها الدول الخمس (الولايات المتحدة، فرنسا، بريطانيا، السعودية والأردن) للحل في سوريا، وتسريبها المتعمد للصحافة ووسائل الإعلام، وفيها بنود كفيلة بإثارة حنق موسكو وقلق دمشق وتحسب طهران.

المسار الثاني، عسكري بامتياز، وهنا يمكن الوقوف أمام جملة من المعطيات، أولها التقارير الموثوقة التي تتحدث عن قيام واشنطن بتدريب مئات العناصر المسلحة في قواعدها السورية، بحجة ملء فراغ تنظيم «الدولة»، لكن بهدف قتال النظام و«القوات الرديفة«» له، وقبلها الكشف عن قوة «حرس الحدود» التي بات خروجها إلى دائرة الضوء أمراً مشكوكاً فيه، بعد عملية «غصن الزيتون».

على أن أهم التطورات على هذا المسار، وآخرها، إنما يتمثل في الحملة الكثيفة ضد «الكيماوي السوري»، وخروج عدد وافر من كبار المسؤولين الأمريكيين والغربيين، دفعة واحدة، ومن دون سابق إنذار، بالتهديد والوعيد، بعد نشر معلومات عن ثلاث ضربات كيماوية في الغوطة الشرقية، نفتها موسكو واستهجنتها دمشق وحذرت طهران من مخاطرها.

ثمة ما يشي بأن الولايات المتحدة، التي تعاني شحاً في أوراقها وخياراتها السورية، قررت الدخول مباشرة، وللمرة الثانية، في القتال ضد الجيش السوري، الأولى في قاعدة الشعيرات العام الفائت، والثانية لا أحد يعرف أين أو متى، لكن يبدو أنها مسألة وقت ليس إلا.

لدى واشنطن مواقف وسياسات في سوريا، ولكن ليس لديها استراتيجية وخطة تنفيذية، رغم كل الضجيج الذي صاحب كشف «تيلرسو«» عن خطة استراتيجية جديدة، بل ليس لديها أدوات تعتمد عليها.

المهم من وجهة نظر واشنطن عدم تمكين «بوتين» و«خامنئي» و«الأسد»، من تحقيق نصر مريح في سوريا، وتفويت الفرصة عليهم، لفرض تصورهم الخاص للحل النهائي للأزمة، حتى إن اقتضى ذلك، إطالة أمد الحرب، وتعطيل مسار التسوية، وإبقاء الجرح السوري مفتوحاً لاستنزاف هذه الأطراف وتهشيم صورة «النصر» وتهميشها.

الأيام والأشهر القليلة المقبلة، تبدو محمّلة بنذر التصعيد، وربما على شتى جبهات الحرب وخطوط تماسها المتعددة بتعدد أطرافها وصراع أهدافهم وأجنداتهم، بما في ذلك جبهة الجنوب السوري، التي وإن بدت الأكثر استقراراً من بين جميع خفض التصعيد، لكن التقارير تتحدث عن رياح تسخين تهب على هذه المنطقة، وقد تقلب استقرارها وهدوءها رأساً على عقب.

* عريب الرنتاوي كاتب صحفي أردني

  كلمات مفتاحية

سوريا أميركا روسيا تعطيل الاستراتيجيات نظام الأسد عملية تركيا أكراد سوريا