احتضنت مدرسة راهبات القلبين الأقدسين في العاصمة اللبنانية بيروت، ندوة ثقافية موسيقية تمحوّرت حول العلاقات الموسيقية التركية العربية في القرن العشرين، وتأثير المطربة اللبنانية العالمية «فيروز» على الفن التركي.
وتعتبر «فيروز» من أبرز عمالقة الأغنية العربية في العصر الحديث، وسماها البعض «قيثارة السماء»، ومُنحت لقب «سفيرة الفنانين العرب»، ووصفت أعمالها الفنية بأنها ذات «طابع إنساني».
ولدت «فيروز» أو «نهاد رزق وديع حداد»، يوم 21 من نوفمبر/تشرين الثاني 1935 في قرية «الدبيّة»، وترعرعت في حارة زقاق البلاط في بيروت وسط أُسرة سريانية بسيطة الحال هي أكبر عيالها.
وذكرت وكالة «الأناضول» التركية أن الندوة الثقافية نظّمها مركز «يونس إمره» الثقافي التركي، بحضور الكاتب التركي «مراد أوزيلدرم»، أستاذ الآثار في جامعة «مرسين» التركية الحكومية.
وقال «أوزيلدرم» إن العلاقة الموسيقية بين تركيا والعرب ضاربة الجذور، مضيفا أن «المقامات التركية والعربية وعاداتهم الموسيقية تدُلّ على مدى تشابه الذوق الموسيقي منذ القدم حتى يومنا هذا».
وأرجع الفضل في هذه العلاقة الموسيقية إلى الملحن اللبناني «ميخائيل مِشاقة» (1800- 1889) الذي وضع القواعد العامة للنظام الموسيقى التركي الحالي، لكن مع بعض التغييرات.
وتطرق «أوزيلدرم» إلى دور الموسيقى العربية في تركيا، بدءا من الموسيقار المصري الراحل «محمد عبدالوهاب» (1902- 1991)، إلى الموسيقار «فريد الأطرش» (1917- 1974)، وشقيقته المغنية «أسمهان» ( مواليد 1912 ولقيت مصرعها عام 1944 بحادث غرق)، وكيف كانت أعمالهم تترجم إلى التركية نظراً لإعجاب الجمهور التركي بصوتهم وألحان أغنياتهم.
ولفت إلى التبادل الفني بين مصر ولبنان من جهة وتركيا من جهة أخرى حيث قدم إلى لبنان عدد من المخرجين والممثلين الأتراك لتصوير أعمالهم في حقبة الستينيات من القرن الماضي، كذلك ذهب نجوم مصريون ولبنانيون وسوريون لتصوير أعمالهم في تركيا.
وبالنسبة لـ«صوت الجبل» «فيروز»، التي هي محور الندوة، عرض «أوزيلدرم» أشهر المناطق التركية التي اشتهرت فيها المطربة اللبنانية منذ سنوات وهي مرسين وهطاي وأضنة (جنوب)، وإسطنبول (شمال غرب)، وماردين (جنوب شرق).
وأضاف «أوزيلدرم»: «في الراديو التركي كانت تُسمع أغانيها ولديها 25 أغنية مترجمة إلى التركية»، ولفت إلى أن مغنية البوب التركية المعروفة «أجدا بيكان» ( 71 سنة) غنت في العام 1970 بعضا من أغاني فيروز باللغة التركية.
وأشار إلى أن من ضمن الألحان التي غنتها «فيروز» من أعمال الأخوين «الرحباني» (الموسيقيان والشاعران، عاصي رحباني 1923 – 1986، ومنصور رحباني 1925 – 2009)، غنّاها أيضاً مطربون أتراك مثل «فردي أوزبيان» الذي حوّل 6 أغنيات لـ«فيروز» إلى اللغة التركية، و«أركين كوراي» (من مواليد 1941).
كما غنّى الفنان «أوموت أكيورك» أغنية فيروز الشهيرة «حبيتك بالصيف» باللغة العربية على الإذاعة الدُولية التركية.
وفي نهاية الندوة قدمت فرقة «rast ensemble» التركية (جاءت خصيصا من تركيا) مجموعة من أغنيات «فيروز» باللهجة اللبنانية وباللغة التركية، بحضور عدد من المهتمين بالفنّ والتراث الموسيقي العربي والتركي.
