مصر: السيسي يلغي السياسة!

السبت 17 فبراير 2018 12:02 م

قامت سلطات الأمن المصرية بحبس المرشح الرئاسي السابق عبد المنعم أبو الفتوح، رئيس حزب «مصر القوية»، على ذمة تحقيق نيابة أمن الدولة العليا معه، وذلك بعد يومين من اعتقال الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات هشام جنينة، وتحقيق النيابة العسكرية معه.

الاتهامات الموجهة لأبو الفتوح وجنينة متشابهة، وتتعلق بـ«إذاعة ونشر أخبار تثير البلبلة والفتن»، لكنّ أبو الفتوح حظي أيضاً باتهام إضافي وهو «تولي قيادة مجموعة إرهابية»، وقد تم عطف الاتهامات، في حالة جنينة (كونه يحاكم عسكرياً) على واقعة العملية العسكرية التي يشنها الجيش المصري في سيناء، بحيث تصبح إذاعة «أخبار الفتنة» مشاركة أيضاً في الإرهاب، رافعة العقوبة المتوقعة على جنينة من 3 سنوات إلى ما يقارب 7 سنوات.

اعتقال أبو الفتوح وجنينة بعد المرشح الرئاسي ورئيس أركان القوات المسلحة المصرية السابق سامي عنان، وقبل ذلك تسفير الإمارات للمرشح الرئاسي أحمد شفيق إلى مصر واختفاؤه المؤقت حتى إعلان استنكافه عن الترشح، وقائع يجمع بينها قواسم مشتركة كثيرة أهمّها بالطبع أن لكل هؤلاء الأشخاص علاقة بقضية الترشح ضد الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي.

يتهيب النظام العسكري ـ الأمني في مصر إذن الوقوف أمام مرشحين رئاسيين حقيقيين، ويعتبر وقوف أي شخص مؤهل فعلاً لمواجهة السيسي تحدّياً حقيقياً يفترض التعامل معه بالشطب والإلغاء بغض النظر عما يترتب على ذلك من تهافت للمصداقية السياسية لهذا النظام وللانتخابات المفترضة وللرئيس نفسه.

يخاف هذا الأخير من أي مواجهة حقيقية رغم إدراكه أن أجهزة السلطة وأذرعها العسكرية والأمنية والبرلمانية والقضائية والإعلامية (وحتى أطراف من «المعارضة» نفسها) تقف معه وهي جاهزة لتدمير منافسيه وتشويه سمعتهم وانتهاك مصداقيتهم وكراماتهم وحرياتهم (وصولاً إلى استهداف عائلاتهم ومناصريهم).

يتناسب هذا المشهد المصريّ الكئيب مع تصريح للسيسي تحدّى فيه من اعتبرهم يشكلون خطرا على «أمن واستقرار البلاد» بقوله «أنا مش سياسي»، ولعل هذا التصريح يريد أن يقول إن السيسي قرّر إلغاء السياسة ومجالها العامّ وتحويلها إلى هذا المهرجان الكاريكاتوري الذي ستؤول إليه قضية الانتخابات الرئاسية، وهو نهج سيتم اتباعه أيضاً فيما يلحق ذلك من انتخابات تشريعية وبلدية بحيث يتقزّم المجال السياسي لمصر ويتحوّل إلى سيرك كبير للاحتفال بالسيسي.

يدخل في باب إلغاء السياسة أيضاً تحويل الجيش المصريّ إلى بقرة مقدّسة مما يجعل أي عمل أو تصريح سياسي خارج سياق «المجابهة الشاملة» المزعومة ضد الإرهاب مساهمة أوتوماتيكية في هذا الإرهاب تقتضي العقوبة والتجريم.

 

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

مصر السيسي إلغاء السياسة تقديس الجيش النظام العسكري الأمني مرشحون رئاسيون الشطب والإلغاء