«مركز مكافحة الإرهاب»: هل يمكن للإمارات تجنب التحول الخاطئ في اليمن؟

الأحد 18 فبراير 2018 11:02 ص

مقدمة

وفرت الحرب المعقدة في اليمن -وما أعقبها من انهيار لحكومة يمنية موحدة- فرصة للقاعدة في شبه الجزيرة العربية لتطوير واختبار استراتيجيات وتكتيكات جديدة. وفي حين تعرضت القاعدة في شبه الجزيرة العربية للإضعاف بسبب الجهود التي يقودها المواطنون في جنوب اليمن والضربات الأمريكية الأخيرة، إلا أنها لا تزال عدوا هائلا، من شأنه أن يدفع نهجا أكثر دقة للحرب والتمرد، إذا كان هناك فشل في استعادة مستويات الأمن اللازمة والحكم السليم والمشروع في البلاد.

القاعدة في شبه الجزيرة العربية

وقد أرهقت 3 أعوام من الحرب في اليمن البنى التحتية للبلاد، وأدت إلى مقتل ما لا يقل عن 10 آلاف شخص، وإفقار الملايين، وتمكين الجماعات المتمردة -مثل القاعدة في شبه الجزيرة العربية- من التعامل مع الحرب -أو الحروب الأكثر دقة- في اليمن، بوجود عدد أكبر من الطبقات المعقدة وعدد متزايد من الفصائل. وقبل بدء «عاصفة الحزم» من قبل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وحلفائهما في مارس/آذار عام 2015 كانت اليمن بالفعل دولة مزدحمة بالانقسامات. ولم تمارس الحكومة المعترف بها دوليا في المنفى -في المملكة منذ مارس/آذار عام 2015- بقيادة الرئيس «عبدربه منصور هادي» سيطرة تذكر على اليمن. وقد اتضح ذلك عندما استولى المتمردون الحوثيون الزيديون الشيعة على العاصمة صنعاء -في سبتمبر/أيلول عام 2014- بمباركة أجزاء من الجيش اليمني. وفي الجنوب، اكتسبت الحركات الانفصالية -التي تنادي باستعادة استقلال جنوب اليمن- زخما. وقد أتاحت الزيادة في الفصائل، وفراغ الساحة من حكومة وطنية قوية، فرصا جديدة لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب لتطوير التنظيم وتأثيره. وقد استغلت الفرص التي حققتها -على مدى الأعوام الـ 3 الماضية- بنجاح ملحوظ.

وفي أبريل/نيسان عام 2016، استعادت القوات اليمنية -المتحالفة اسميا مع حكومة هادي والمدعومة من الوحدات الإماراتية- مدينة المكلا الساحلية، التي كان قد استولى عليها تنظيم القاعدة وحكمها في العام السابق. وعلى الرغم من الادعاءات الأولية التي قدمها الائتلاف السعودي الإماراتي، فإن إعادة الاستيلاء على المكلا كانت غير دموية إلى حد كبير. واختارت القاعدة انسحابا استراتيجيا، بدلا من محاربة قوة متفوقة. وكما فعلت في الماضي، سعت القاعدة إلى إيجاد ملاجئ في المناطق النائية الشاسعة في اليمن. ومنذ استعادة المكلا، استخدمت القوات المدعومة من الإمارات -مثل قوة النخبة الحضرمية وقوات الحزام الأمني- ​​المكلا كقاعدة مركزية للعمليات التي تهدف إلى استهداف القاعدة في شبه الجزيرة العربية. وفي هذه الحرب البرية، تم الحصول على المساعدة من قبل الولايات المتحدة، من خلال استخدام الطائرات بدون طيار، التي استهدفت بنجاح عدد من قادة القاعدة. وفي حين أن هناك بعض الأدلة على أن القاعدة قد ضعفت بسبب الحملة البرية واستهدافها من قبل الطائرات بدون طيار، فإنها -كما أثبتت في الماضي- مرنة ومتكيفة، وهي الأكثر خطورة وخبرة في استغلال المظالم المحلية، وحتى الوطنية.

ولم تعد القاعدة في شبه الجزيرة العربية نفس التنظيم الذي كان عليه قبل 3 أعوام أو حتى عامين. وقد تغير تماما -مثل معظم الجماعات السياسية والاجتماعية والمتمردة في اليمن- بسبب الصراع متعدد الأوجه في البلاد. وقد تحول تركيز القاعدة في شبه الجزيرة العربية عن «العدو البعيد» -على الرغم من أن هذا لا يعني أنها لم تعد تشكل تهديدا للغرب- إلى مجموعة من «الأعداء القريبين». وتعد المخاوف السياسية والعسكرية -على السواء- وطنية وليس دولية. ويعكس هذا التحول أولويات جديدة بالنسبة لتلك الأيديولوجية. وفي العديد من النواحي، اعتمدت القاعدة على استراتيجية أكثر دقة وذات طابع محلي، مع هدفين أساسيين هما: البقاء التنظيمي، والنمو على المدى الطويل. ولتحقيق هذه الأهداف، لا تزال المجموعة عازمة على بناء التحالفات؛ حيث يمكنها الاستفادة من قدراتها القتالية واستغلال المظالم المحلية والوطنية.

وقد تنجح الجهود التي يقودها الإماراتيون لمكافحة تنظيم القاعدة في جنوب اليمن -والتي تقتصر إلى حد كبير على محافظتي حضرموت وشبوة- فيما فشلت فيه بلدان أخرى، أو قد تؤدي إلى وفرة من الفرص الجديدة للقاعدة لاستغلالها. وتعد الجهود التي يبذلها الإماراتيون لمكافحة تنظيم القاعدة اختبارا آخر لحرب مكافحة الإرهاب. وبينما يحقق الإماراتيون وقوات الأمن التي يدعمونها مكاسب ضد القاعدة في بعض أجزاء جنوب اليمن، يمكن أن تتعرض هذه الانتصارات لخطأ يسمح للقاعدة بتطبيق الدروس التي تعلمتها على مدى الأعوام الـ 3 الماضية.

التغلب على تناحر الفصائل

هناك عدد قليل من ساحات الحرب التي هي قادرة على توليد احتكاكات وخلافات كثيرة مثل الحرب في اليمن. وكما يتضح من تاريخ اليمن، فإن البلد وشعبها وتضاريسها ليست ودودة مع القوى الخارجية.

وفي عام 25 قبل الميلاد، اضطرت قوة الحملة الرومانية بقيادة إيليوس جالوس للانسحاب من ما هو الآن محافظة مأرب. وحاول الأتراك العثمانيون إخضاع اليمن مرتين وفشلوا، على الرغم من إنفاق تكلفة كبيرة من الدم والمال على هذا الجهد. وفي الآونة الأخيرة، من عام 1962 إلى عام 1967، تدخلت مصر -تحت قيادة الرئيس جمال عبد الناصر- في ما كان آنذاك شمال اليمن، إلى جانب القوات الجمهورية التي كانت تقاتل المؤيدين الملكيين للإمام «محمد البدر». وعلى الرغم من نشر أكثر من 70 ألف جندي يتمتعون بدعم جوي مكثف، فقد فشلت الحملة المصرية في شمال اليمن. وفقد المصريون ما لا يقل عن 10 آلاف جندي. وكان منافسيهم، الملكيون، مسلحين بأسلحة خفيفة، ولم يحصلوا على أي دعم جوي. ومع ذلك، استفادوا من التضاريس الوعرة في اليمن، والذكاء البشري المتفوق، والأهم من ذلك، الفئوية التي سادت في معظم أنحاء اليمن. وكثيرا ما اشتكى الضباط المصريون من «حلفائهم» الذين قاتلوا معهم خلال النهار وضدهم في الليل. وكانت هذه التحالفات المتغيرة تعكس الطابع البراغماتي والديمقراطي في كثير من الأحيان لتعدد العلاقات والهياكل والولاءات القبلية التي تسود معظم أنحاء اليمن.

وكانت حرب التمرد في اليمن -وهو ما كان يقاتله المصريون من 1962 إلى 1967- مليئة بالتحديات. وكان هذا هو الحال قبل انهيار الدولة اليمنية الوسطى، وتفتت الجيش اليمني عام 2014. والآن بعد أن انقسمت البلاد إلى حد كبير إلى عدد من الإقطاعات التي تحكمها -بدرجات متفاوتة- العديد من الفصائل والميليشيات، فإن التحديات التي تواجهها في مواجهة الحرب المضادة للتمرد هي أكثر وضوحا.

ومن بين هذه التحديات الانفصالية التي تسود في جميع أنحاء اليمن تقريبا. وفي الجنوب، حيث تقوم القوات المدعومة من الإماراتيين بحملتها في المقام الأول، هناك العديد من عمليات التمرد الجارية. فالعديد من الجماعات الانفصالية الجنوبية تقاتل من أجل إعادة بناء جنوب يمن مستقل، وتقاتل الميليشيات السلفية من أجل دفع أجنداتها الدينية المحافظة، وتكافح النخبة النازحة من أجل الاحتفاظ و/أو استعادة قوتها ونفوذها، وينشط كل من تنظيم القاعدة في جزيرة العرب -وبدرجة أقل بكثير- تنظيم الدولة الإسلامية في جميع أنحاء جنوب اليمن. وتؤدي هذه الفصائل -وجداول أعمالها المتنافسة- إلى مستويات عالية من الاحتكاك مع الإماراتيين وقوات الأمن التي يدعمونها.

ومن أجل مكافحة الفصائل، حاول الإماراتيون تشكيل 3 قوات أمنية، ألا وهي قوات الحرس الأمني ​​(التي يشار إليها أيضا باسم كتائب الحزام الأمني)، التي تم نشرها إلى حد كبير في جنوب غرب اليمن، وقوات النخبة الحضرمية، المنتشرة في محافظة حضرموت، وقوات النخبة الشبوانية، المنتشرة في جنوب شبوة. وتتألف القوات الـ3 أساسا من جنود يمنيين من المحافظات الجنوبية. وكثيرا ما يشرف على هؤلاء الجنود مستشارين إماراتيين وأجانب.

وتعد مهمة القوات المدعومة من الإمارات -على الأقل من الناحية النظرية- ذات شقين، أولا، استعادة قدر من الأمن في المدن الواقعة تحت سيطرتها، وهي عدن والمكلا والمناطق المحيطة بها. ثانيا، تخطيط وإطلاق عمليات حراسة أمنية وعمليات تطهير تهدف إلى مكافحة القاعدة وما تبقى من تنظيم الدولة الإسلامية. وباستخدام المكلا -على وجه الخصوص- كنقطة انطلاق رئيسية، تم تصميم عمليات المسح والتطهير لتوسيع المنطقة التي تسيطر عليها القوات المدعومة من الإمارات. ونظرا لطوبوغرافية شمال المکلا -التي تزدحم بالأودية العميقة، والکھوف، والجبال- تناضل قوات الأمن من أجل مسح وتعطيل التضاريس التي تعتبر مثالية للكمائن والغارات.

وقد تم استهداف قوات النخبة الحضرمية -مرارا وتكرارا- في الروافد الجنوبية لحضرموت. وشارك تنظيم القاعدة في العديد من الهجمات الضارية على قوات النخبة. وعلى الرغم من التضاريس الغادرة، حققت قوات النخبة الحضرمية بعض التقدم في تطهير النصف الجنوبي من القاعدة، من وادي حيرة ووادي حجر والمناطق المحيطة. ومع ذلك، فإن هذه المكاسب غالبا ما يتم عكسها بسبب ضعف التنسيق بين الوحدات الفردية داخل قوات الأمن، التي -كما هو الحال في كثير من الأحيان مع الجيش اليمني- لا تلتزم بسلاسل القيادة. ويظهر هذا الفقر في التنسيق بشكل خاص بين قوات الحرس الأمني المستقلة إلى حد كبير، وقوات النخبة الشبوانية، وقوات النخبة الحضرمية. فالقوات الـ3 ليس لديها سلسلة قيادة موحدة، وغالبا ما يكون لقادتها أهداف متقاطعة.

وفي حين أن الجهد الإماراتي في جنوب اليمن يستفيد حاليا من الزيادة في القومية الجنوبية، فإن هذه القومية هي نفسها التي تساعد الفصائل التي تخضع لقتال داخلي مكثف.

وهناك الكثير على المحك في جنوب اليمن. وهي موطن لمعظم الموارد الطبيعية في البلاد، وأهم مرافقها لمعالجة النفط موجودة هناك. ويعتبر إنشاء بلد جديد أو -كحد أدنى- مناطق مستقلة جديدة مثل حضرموت أمر ممكن. وتقف هذه المخاطر العالية ضد تشكيل قوات أمنية متماسكة قادرة على المشاركة في العمليات المستمرة التي تتطلبها مكافحة التمرد. إضافة إلى قائمة طويلة من الظروف التي من شأنها أن تنتج مستويات عالية من الاحتكاك والخلاف، وهو نهج يساعد القاعدة على تحقيق أهدافها.

عدو أكثر خفية

وتركز القاعدة في شبه الجزيرة العربية باهتمام على مكافحة ما تعتبره حربا طويلة لكسب قلوب وعقول الناس الذين يسعون إلى الحكم. وكما هو الحال مع أي تنظيم، هناك أولئك الذين يعتقدون في خطاب القيادة نقطة مرجعية مناسبة -وربما أداة سياسية قوية- بدلا من الأيديولوجية الملزمة. وفي حين تواصل قيادة تنظيم القاعدة في اليمن -وجناحها الإعلامي- الدعاية الإعلامية، فإنها لا تعكس بالضرورة الاستراتيجية والتكتيكات التي تستخدمها القاعدة على الأرض. وقد كان هذا هو الحال بالنسبة لجزء كبير من الأعوام الـ 3 الماضية.

وكانت عملية استيلاء القاعدة -في أبريل/نيسان عام 2015- على المكلا لحظة فاصلة بالنسبة للمجموعة. وقد سمح الاستيلاء -الذي كان غير دموي إلى حد كبير- لهم بالاستيلاء على كميات كبيرة من النقود والأسلحة والعتاد، ولكن الأهم من ذلك أنها وفرت للقيادة فرصة لتجربة استراتيجيات وتكتيكات جديدة. وكانت آخر مرة حصلت فيها القاعدة على نسبة كبيرة من الأراضي في الفترة 2011-2012، عندما استولت على جزء كبير من محافظة أبين، في أعقاب الانتفاضة ضد الرئيس اليمني «علي عبدالله صالح». وقد تعلمت القاعدة كثيرا من فشلها في الفترة 2011-2012. وعلمت -على وجه التحديد- أن تفسيرها الراديكالي للشريعة غير مقبول لدى غالبية اليمنيين. ولم يحدث ھذا الخطأ في المکلا عام 2015.

وبدلا من الاعتماد على استراتيجية «تطبيق الحدود»، عندما استولت على المكلا في أبريل/نيسان عام 2015، اعتمدت القاعدة استراتيجية أكثر دقة وأقل عمقا تجمع بين الحكم سرا وعمل الوكلاء، مع التركيز المستمر على حرب العصابات والعمليات الهجينة ضد منافسيها خارج المدينة. وخلال احتلالها للمكلا، امتنعت القاعدة -إلى حد كبير- عن فرض التفسير الراديكالي للشريعة. وبدلا من ذلك، تحالفت مع نخب محلية مختارة، وركزت الكثير من جهودها -مع بعض النجاح- على تحسين الظروف المعيشية في المدينة، وتوفير مستويات مقبولة من الأمن. وتتناقض جهود تنظيم القاعدة لتحسين الظروف المعيشية وتشغيل الجمعيات الخيرية وتوفير الأمن خلال فترة احتلالها للمكلا مع الجهود الحالية التي يقودها الإماراتيون لإدارة المدينة. والنتيجة هي أن القاعدة قامت بعمل أفضل. وفي حين أن هذا الأمر يتسم بدرجة كبيرة من الموضوعية، فإنه يعبر عن مشاعر واسعة النطاق لدى المواطنين. وهو ما يمكن لقيادة القاعدة استخدامه في خطابها في المكلا.

ويعكس انسحاب تنظيم القاعدة من المكلا -في أبريل/نيسان عام 2016- أيضا حقيقة أن القيادة تعلمت دروسا عديدة في الفترة 2011-2012. وقد خططت القيادة بشكل واضح وأعدت للانسحاب. ولم يكرروا الخطأ الذي ارتكبوه في محاولة الدفاع عن أجزاء من أبين عام 2012. واعترفت قيادة تنظيم القاعدة بأن الحفاظ على ما اعتبروه علاقات جيدة مع شعب المكلا، والتحالفات التي أجروها مع بعض أعضاء النخبة الحضرمية كانت حاسمة لقدرتها على مواصلة القتال.

ومنذ انسحابها الاستراتيجي من المكلا، واصلت القاعدة اتباع استراتيجيتها الأكثر خفية، وقد نجحت في تجنيد عناصرها -سواء سرا أو علنا​​- من العديد من الميليشيات، السلفية والقبلية، التي تقاتل الحوثيين وحلفائهم. ولا تزال القاعدة واحدة من أفضل قوات التمرد المنظمة والمتحرکة في الیمن، وھذا ما سمح لھا ببناء علاقات مع العديد من الملیشیات.

ومع تركيز القاعدة على الاندماج، والتخلي عن استراتيجية العقاب وتطبيق الحدود، فإن ذلك سيجعل من الصعب مكافحتها. هذا إلى جانب حقيقة أن اليمن غارقة في حروب متعددة، يقاتل فيها جماعات متمردين متعددة. ومع ذلك، فإن اعتماد القاعدة على استراتيجيتها الجديدة يجعل الأمن والحكم الرشيد أكثر أهمية.

التحديات والفرص

وفي حين تعتمد الجهود التي تقودها الإمارات لمكافحة تنظيم القاعدة -بشكل كبير- على المقاتلين من السكان الأصليين، إلا أن تلك الجهود أدت إلى النظر إلى الإمارات كقوة استعمارية. ويظهر الحديث ضد النفوذ المتزايد لدولة الإمارات والنخب التي اختارتها للتمكين في النقاشات والخطابة لدى جميع أطراف النزاع. وبينما حرصت الإمارات على التقليل إلى أدنى حد من العلامات الخارجية لوجود قواتها ومستشاريها في جنوب اليمن، فهناك شعور متزايد لدى العديد من اليمنيين الإماراتيين سيبقون في جنوب اليمن. وقد أثارت القصص حول احتلال الإمارات لجزيرة سقطرى اليمنية، وخططها لبناء قاعدة عسكرية هناك، ردود فعل غاضبة من العديد من قطاعات المجتمع اليمني. وسوف يسارع تنظيم القاعدة للاستفادة من التصور بأن الإمارات عازمة على احتلال اليمن لأغراضها الخاصة.

وبالتزامن مع التصور المتزايد من قبل العديد لدولة الإمارات كقوة احتلال في اليمن، تستخدم بعض قوات الأمن المدعومة من الإمارات تكتيكات وإجراءات سيئة السمعة. وتجري قوات الأمن هذه عمليات احتجاز غالبا ما تستهدف أعدادا كبيرة من الرجال الذين ليس لهم أي علاقة مع القاعدة. وقد تم إجبار العديد من السكان في هذه المناطق على التفاعل مع القاعدة على مستوى ما. وفي الوقت نفسه، قامت القاعدة بتجنيد العديد من الرجال كجنود لتنظيم الأمن في المدينة. وفي معظم الأحيان، لم يشارك هؤلاء المجندين في أيديولوجية الجماعة أو أهدافها. وقد انضم معظمهم للحصول على الرواتب وتلقي المعونة الغذائية، وفي بعض الحالات، حماية أسرهم من الانتقام من القاعدة. ومع ذلك، فإن أقلية منهم قد انضموا إلى تنظيم القاعدة لمساعدته في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية، الذي كان ينظر إليه أكثر فتكا وغريبا عن اليمن.

وهناك ادعاءات موثوقة بأن قوات الأمن تسيء معاملة المحتجزين. وفي یونیو/حزیران عام 2017، أصدرت «ھیومن رایتس ووتش» تقريرا أشارت فيه إلی العدید من حالات التعذيب والإساءة والاعتقال غير القانوني وحالات الاختفاء القسري، التي یزعم أنها قد قامت بھا قوات الحزام الأمني ​​والنخبة الحضرمية. وقد وردت تقاریر إضافیة في وسائل الإعلام الدولیة حول مراکز الاحتجاز التي تدیرھا الإمارات، حيث تعرض اليمنيون للتعذيب لصلتهم المزعومة بتنظيم القاعدة. وسوف تستغل القاعدة هذه التقارير عن هذا النوع من الأعمال، بغض النظر عما إذا كانت صحيحة أم لا. وتغذي الانتهاكات المزعومة التي ترتكب في مرافق الاحتجاز -التي تديرها الإمارات- الاستياء الذي ستستغله القاعدة.

وبعد أن تخلت قيادة تنظيم القاعدة عن استراتيجيتها القديمة -إلى حد كبير- لصالح استراتيجية تتكيف بشكل أفضل مع التضاريس الاجتماعية والثقافية التي تعمل فيها، فمن المحتمل أن تؤدي الاستراتيجية العقابية التي تستخدمها قوة أجنبية إلى إبعاد السكان وتحولهم إلى الانضمام إلى القاعدة ومجموعات أخرى.

خاتمة

يعتمد نجاح الجهود التي يقودها الإماراتيون في اليمن -على المدى القصير- على قدرتها على التنافس مع القاعدة في شبه الجزيرة العربية، فيما يتعلق بمستويات الأمن وفعالية الحوكمة التي يمكن أن تقدمها. ويعتمد هذا النجاح أيضا على قدرة الإماراتيين على تجنب اعتبارهم محتلين يعملون من خلال الميليشيات بدافع مصالحهم الفئوية. لكن إذا كان مصيرها الفشل في استعادة الحكم، ومستويات الأمن المقبولة، والشرطة «النظيفة»، فسوف يستغل ذلك العدو الذي سوف يظل ضعيفا، لكنه سوف يبقى قادرا على الصمود كذلك.

  كلمات مفتاحية

الحرب الأهلية اليمنية التحالف الخليجي القاعدة في شبه الجزيرة العربية الإمارات