مفاجأة «طباخ بوتين» التي تسببت في قصف الروس بسوريا

السبت 24 فبراير 2018 08:02 ص

«مفاجأة سارة ستحصل بين 6 و9 من فبراير/شباط الحالي».. جملة تحدث بها «طباخ بوتين»، كانت سببا في الغارة الأمريكية على موالين لدمشق قرب دير الزور (شرق سوريا) ليل 7 - 8 من الشهر الحالي، ما أدى إلى مقتل أكثر من 150 من المرتزقة الروس.

وحسب صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، فإن هذه الجملة، تحدث بها رجل الأعمال «يفغيني بريغوجين»، المقرب من الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين» والمعروف كونه «طباخ بوتين»، المقرب من رئيس النظام السوري «بشار الأسد».

وقالت تقارير استخباراتية، إن هذه المفاجأة كانت إشارة إلى هجوم كان يعد له «المرتزقة الروس» ضد حلفاء واشنطن شرق سوريا بين 6 و 9 الشهر الحالي.

يأتي ذلك، بعد حصول مجموعة «فاغنر» المرتبطة بـ«بريغوجين»، على ضوء أخضر من مقربين من الكرملين في 24 يناير/كانون الثاني الماضي، لاستعادة حقوق نفط وغاز تحت سيطرة حلفاء واشنطن، مقابل الحصول على ربع عائداتها.

مفاجأة مضادة

لكن المفاجأة الأخرى، كانت أن الجيش الأمريكي قصف ليل 7 - 8 فبراير/شباط الحالي، قافلة تضم ميليشيات موالية للنظام، ما أدى إلى مقتل أكثر من 150 من المرتزقة الروس يعملون ضمن مجموعة «فاغنر».

وبحسب مسؤولين في «قوات سوريا الديمقراطية» ودبلوماسيين غربيين، فإن قافلة ضمت عربات ونحو 300 عنصر بينهم عشرات المرتزقة الروس تقدمت في 6 فبراير/شباط نحو موقع قوات «سوريا الديمقراطية» في معمل غاز «كونوكو» الذي يبعد 8 كيلومترات فقط عن خط التماس - نهر الفرات بين الطرفين.

وقال مسؤول رفيع إن ضابط الارتباط في الجيش الأمريكي، أبلغ نظيره الروسي عبر الخط المفتوح بموجب اتفاق منع الصدام، ضرورة وقف تقدم الميلشيات، لكن الجانب الروسي أبلغه بأن لا معلومات لديه عنه.

واستهدفت قاذفة أمريكية القافلة آنذاك، ودمرت دبابة وعشرات العناصر، وعاد الضابط الروسي، وطلب من الجانب الأمريكي إجلاء الجرحى وجثث القتلى.

وأعلنت واشنطن عن الغارة وسقوط عشرات القتلى.

موسكو نفت حصول ذلك بداية، لكنها أكدت لاحقاً مقتل خمسة روس، مؤكدة أنهم لا ينتمون إلى الجيش الروسي.

وبحسب خبراء، فإن الغارة التي قتل فيه روس هي أول مواجهة مباشرة بين الطرفين منذ عقود.

واختلفت تقديرات القتلى الروس، ففي حين قال مصدر روسي إن القتلى بين 150 و160 شخصا، قال قيادي عسكري: «شاهدت الغارة على شاشة مباشرة من غرفة العمليات بين التحالف وقوات سوريا الديمقراطية، كان هناك أكثر من 260 قتيلاً يمكن القول إن 90% منهم كانوا من المرتزقة الروس».

حقول النفط والغاز

وكان لافتا أن «بريغوجين»، أبدى اهتماماً بحقول النفط والغاز شرق نهر الفرات قبل أشهر من سيطرة قوات «سوريا الديمقراطية» الكردية، المدعومة من «التحالف الدولي» بقيادة أمريكا، ذلك بموجب اتفاق وقعته إحدى شركات «بريغوجين» مع الحكومة السورية لاستعادة حقوق النفط والغاز مقابل الحصول على ربع عائداتها.

وبحسب مسودة الاتفاق وشهادات ووثائق حصلت عليها صحيفة «الشرق الأوسط»، فإن «بريغوجين» زار قاعدة «حميميم»، وفاوض مسؤولين في وزارة النفط في دمشق لتوقيع عقد تعاون، حيث أبدى اهتماماً بمصادر الطاقة وخصوصاً النفط والغاز والمصانع والأنابيب والمنشآت المخصصة لذلك.

وقال رجل أعمال سوري التقى «بريغوجين» في قاعدة حميميم مرتين على الأقل، إن رجل الأعمال الروسي جاء إلى القاعدة بطائرة خاصة، وكان يرتدي لباساً مدنياً، وسترة عسكرية وأنه بدا وكأنه «يعامل الضباط الروس بفوقية لافتة، فجميعهم كانوا يخافون منه وينفذون تعليماته بدقة عالية».

وأشار إلى أن اللقاءين اللذين حصلا قبل أشهر، أظهرا «عزمه ونيته السيطرة على حقول النفط والغاز في سوريا، وأنه مستعدة للتعاقد لتشغيل حقول النفط والغاز».

وقال آخر إن «بريغوجين عرض توقيع اتفاقات تعاون مع فصائل وميلشيات للعمل سويا بغية السيطرة على حقول نفط وغاز وطرد المعارضة أو (الدولة الإسلامية) منها».

مجموعة «فاغنر»

وباعتبار أن الجانب الروسي كان حذرا من تكرار تجربة أفغانستان، قررت موسكو عدم إرسال قوات برية إلى سوريا، واعتمدت على ميليشيات تابعة لإيران وقوات الحكومة السورية وشرطة عسكرية من الشيشان، إضافة إلى شركات خاصة من المرترقة.

وهنا برز دور شركة أمنية خاصة تعمل في سوريا بموجب عقد مع وزارة الدفاع الروسية تحمل اسم «فاغنر» شبيهة بشركة «بلاك ووتر» الأمريكية التي ذاع صيتها بعد حرب العراق عام 2003.

و«فاغنر» تأسست على يد العميد السابق في الجيش الروسي «ديمتري أوتكين» الذي يخضع لعقوبات أمريكية لدور الشركة في تجنيد الجنود الروس السابقين للقتال في شرق أوكرانيا.

وقائد مجموعة «فاغنر» من المقاتلين السابقين في الدونباس شرق أوكرانيا، كان يعرف باسم «فاغنر» وكانت أولى مشاركاته في المعارك السورية في 2013، بحسب «رويترز».

وتوسعت «فاغنر» ليصل عدد عناصرها إلى 1500 عنصر، وسط تقديرات أن عدد المقاتلين فيها بين 2500 و3000 عنصر.

وليس للمجموعة أي وجود قانوني، خصوصا أن الشركات الأمنية الخاصة محظورة في روسيا، لكن موقع «فونتانكا» أفاد بأنه حتى صيف 2016، كان معسكر تدريب «فاغنر» يقع في مولكينو قرب كرازنودار جنوب روسيا، في الموقع ذاته حيث تتمركز كتيبة للقوات الخاصة والاستخبارات العسكرية الروسية.

وبحسب وسائل إعلام روسية، فإن مجموعة «فاغنر» ممولة من «بريغوجين».

وبرز دور «فاغنر» في معركة تدمر في مارس/آذار 2016، كما كلفت المجموعة بإسناد القوات النظامية السورية ميدانيا.

غير أن أسبوعية «سوفيرشينكو سيكريتنو» (سري جدا)، قالت إن مهمة «المرتزقة» تغيرت، وباتت مهمتهم تتمثل في «حراسة المنشآت النفطية».

وأسس «بريغوجين»، عام 2016، منظمة أخرى أطلق عليها «يورو بوليس»، تتمثل مهمتها في استعادة ومراقبة المنشآت النفطية لحساب السلطات السورية.

25% للروس

ومطلع العام الماضي، جرت مفاوضات بين وزارة النفط السورية، وشركة «يوروبوليس» الروسية، انتهت إلى توقيع اتفاق ضم التعاون لـ«تحرير مناطق تضم آبار نفط ومنشآت وحمايتها» مقابل الحصول على حصة من الإنتاج خلال فترة خمس سنوات.

وذكرت مسودة الاتفاق أن «إنتاج النفط والغاز يذهب بنسبة 25% إلى يوروبوليس و75% للحكومة ممثلة بوزارة النفط»،.

كما نصت المسودة، على إعفاء «يوروبوليس» من جميع الضرائب بما فيها المتعلقة بالإنتاج والأرباح والضريبة على الدخل.

وكانت سوريا تنتج 360 ألف برميل يومياً وانخفض الإنتاج إلى 50 ألف برميل كانت خاضعة لسيطرة «الدولة الإسلامية» مع تعاون أمر واقع مع دمشق وأطراف أخرى.

لكن صراعاً ظهر مع بعض القوى الخارجية والمحلية للسيطرة على مصادر الثروة بعد طرد «الدولة الإسلامية» منها.

وبموجب تفاهم بين واشنطن وموسكو في مايو/أيار الماضي، ذهبت مناطق شرق نهر الفرات إلى أمريكا وحلفائها، وغرب النهر إلى روسيا وحلفائها.

  كلمات مفتاحية

روسيا سوريا قصف أمريكي النفط الغاز طباخ بوتين فاجنر التحالف الدولي

وثائق تكشف العلاقة بين مسؤول أممي وفاجنر الروسية

منذ 2014.. طباخ بوتين يقر بتأسيس فاجنر للقتال في أوكرانيا