الغامض «جورج نادر» أخبر المحقق «مولر» بتفاصيل التأثير الإماراتي على «ترامب»

الأربعاء 7 مارس 2018 02:03 ص

يركز المحقق الخاص «روبرت مولر» في تحقيقاته الحالية بشأن التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية على شخصية اللبناني «جورج نادر» المعروف بصلاته مع مسؤولي الإمارات، حيث إن فريق التحقيق أجرى جلسات استجواب مع «نادر» منذ أسابيع.

وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية أن «مولر» تجاوز البحث في الدور الروسي بالانتخابات الأمريكية ليبدأ النظر في دور الإمارات المحتمل في شراء النفوذ السياسي بالولايات المتحدة.

ونقلت الصحيفة، عن شهود عيان مطلعين على سير التحقيقات، أن الأسئلة دارت حول دور محتمل لأبوظبي في شراء التأثير السياسي بالولايات المتحدة، وتوفير أموال لحملة الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب».

ولفتت الصحيفة إلى أن أحد الأمثلة على صلات «نادر» القوية أنه تلقى الخريف الماضي مذكرة مفصلة من «إليوت برويدي» -وهو من كبار المانحين لحملة ترامب- عن لقاء خاص مع الرئيس في البيت الأبيض، مشيرة إلى أن «برويدي» يملك شركة أمنية خاصة تعمل وفق عقود مع الإمارات بملايين الدولارات، وقد تحدث لـ«ترامب» عن قوة شبه عسكرية تطورها شركته من أجل البلاد، وفق تعبيره.

وبحسب الصحيفة، فإن «برويدي» مارس ضغوطا لإجراء لقاء في أجواء غير رسمية بين «ترامب» وولي عهد أبوظبي «محمد بن زايد» بهدف دعم سياسات الإمارات المتشددة بالمنطقة، ولطرد وزير الخارجية الأمريكي «ريكس تيلرسون» من منصبه.

وأشارت الصحيفة إلى أن الرئيس الأمريكي تحالف مع الإماراتيين، فتبنى دعمهم القوي لولي العهد السعودي «محمد بن سلمان» من أجل الوصول إلى العرش، واصطف كذلك معهم في نهج المواجهة مع إيران وقطر.

الإمارات تثير المزيد من المخاوف

ووفقا لشبكة «سي إن إن»، فإن مصادر قالت إن مكتب التحقيقات الفيدرالي أوقف «نادر» في مطار دالاس الدولي في يناير/كانون الثاني الماضي، لدى عودته من رحلة خارجية، وأخضعه للاستجواب، مشيرة إلى أن أسئلة «مولر» حول الإماراتيين تثير مخاوف أوسع نطاقا حول النفوذ الأجنبي خلال الحملة الرئاسية وبعد فترة طويلة من اختتامها.

وكانت صحيفة «واشنطن بوست» قد ذكرت، الأسبوع الماضي، أن أربع دول على الأقل، بما فيها الإمارات العربية المتحدة، ناقشت طرقا يمكن بها المساومة على «غاريد كوشنر»، صهر الرئيس الأمريكي.

وفي حين أنه لا يوجد ما يشير إلى شبهة ارتكاب «نادر» مخالفات، فإن معرفته بالاجتماعات الرئيسية التي يشارك فيها الإماراتيون وغيرهم، يمكن أن تساعد «مولر» في فهم الأعمال الداخلية لعملية الانتقال والجهود الممكنة للتأثير على الشخصيات الرئيسية في الإدارة الأمريكية.

ووفق الصحيفة، حدث اجتماع نيويورك في ديسمبر/كانون الأول 2016 دون علم مسبق من إدارة الرئيس الأمريكي السابق «باراك أوباما»، وقادها «بن زايد»، وحضر ما لا يقل عن 3 أعضاء من فريق «ترامب»، بما في ذلك صهره «كوشنر»؛ و«مايكل فلين»، الذي كان من المقرر أن يصبح مستشارا للأمن القومي؛ و«ستيف بانون» مستشار  «ترامب» الاستراتيجي، موضحة أن حضور الاجتماعات في نيويورك وسيشيل أصبح علنيا في أبريل/نيسان 2017، ولكن الكثير عنها لا يزال غامضا.

وأفادت الصحيفة بأن اللبناني الأمريكي «نادر» حضر اجتماع يناير/كانون الثاني في سيشل، الذي دقق فيه فريق التحقيق، وجمع اللقاء، الذي رتبه «بن زايد»، مستشارا مقربا من الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين»، ومدير شركة «بلاك ووتر» للتعهدات الأمنية (أكاديمي) «إريك برينس»، وأحد المستشارين غير الرسميين لفريق «ترامب» خلال عملية نقل السلطة، بحسب ثلاثة أشخاص مطلعين.

«نادر».. الرجل الغامض

من جانبها، قالت «نيويورك تايمز» إن «جورج نادر» (58 عاما) تردد على البيت الأبيض أكثر من مرة خلال الأشهر الأولى لإدارة «ترامب» والتقى مقربين منه، منهم «بانون» و«كوشنر» لمناقشة السياسة الأمريكية في منطقة الخليج قبيل زيارة «ترامب» إلى السعودية في مايو/أيار 2017، وفق مطلعين على اللقاءات.

ووصفه مدير مركز الشرق الاوسط في مجلس الأطلسي «فريدريك هوف» بأنه «رجل غامض»، مضيفا: «حتى هذه الموجة الأخيرة من الاهتمام به، لا أعتقد أنني سمعت اسمه المذكور منذ 12 عاما».

وتفاجأ أحد خبراء الشرق الأوسط لسماع أن «نادر»، الذي يسافر كثيرا، حافظ على عنوانه في واشنطن. وأعرب آخر عن دهشته لمعرفة أنه كان لا يزال على قيد الحياة لأنه اختفى من الرأي العام.

وخلال الثمانينيات والتسعينيات، كان «نادر» رئيسا ومحررا لمجلة «ميدل إيست إنسيت»، ودوره كمحرر مجلة ساعده على خلق طرق مع قادة بارزين في الخارج.

وقال الخبير في شؤون الشرق الأوسط «هارون ديفيد ميلر»: «لقد كان لنادر اتصالات حقيقية وعلاقات بارزة في لبنان وسوريا وإسرائيل وإيران، وكان قادرا على التحرك بحرية داخل تلك البلدان، وفقا لمن عملوا معه».

وأضاف: «كان له اتصالات هائلة في الشرق الأوسط في أماكن لا يعيش فيها الناس العاديون».

وقد واجه «دنيس روس»، وهو زميل في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأوسط، «نادر» عندما كان يعمل على قضايا الشرق الأوسط في الأيام المتتالية من إدارة الرئيس الأمريكي الراحل «رونالد ريغان»، لكنه جاء للعمل معه بشكل أوثق تحت الرئيس «جورج بوش».

وقال «روس» إن «بوش» في محاولة لتحرير الأمريكيين الذين ما زالوا محتجزين كرهائن في لبنان بعد قضية «إيران كونترا» التي عقدت بموجبها إدارة الرئيس الأمريكي «ريغان» اتفاقا مع إيران لتزويدها بالأسلحة؛ عمل «نادر» كوسيط بين الولايات المتحدة ورجل الدين الشيعي في لبنان «محمد حسين فضل الله»، الذي ألهم أعماله مؤسسي «حزب الله» وقد نقل «نادر» مطالب «فضل الله» إلى «روس»، الذي أصر على أن الولايات المتحدة لن تتفاوض.

وتابع «روس»: «لقد شارك في مناقشات أدت في النهاية إلى الافراج عن المحتجزين في لبنان»، لكن لم تسفر كل جهوده بالنجاح، مشيرا إلى إلى أنه خلال إدارة «كلينتون»، شارك «نادر» في «محاولة دبلوماسية»، للتوصل الى اتفاق سلام إسرائيلي - سوري.

وأوضح «روس» أن «نادر» كان يقدم نفسه إلى جميع الأطراف كشخص يمكن أن يكون وسيطا، مضيفا: «لا أعرف ما إذا كان يعني أنه حصل على رواتب الآخرين، لكنه بالتأكيد لم يدفع له أحد منا».

ومن غير الواضح كيف وصل «نادر» أولا إلى اتصال مع أعضاء الدائرة الداخلية لـ«ترامب».

وكان اجتماع «نيويورك» غير عادي؛ لأنه أدى إلى التدافع داخل البيت الأبيض، حيث رأى مسؤولو إدارة «أوباما» تقارير استخباراتية عن الاجتماع وسعى إلى معرفة من الذي سيجتمع فيه.

علاقات قديمة متجذرة

وأدلت مستشارة الأمن القومي «سوزان رايس» بشهاداتها أمام الكونغرس الأمريكي في سبتمبر/أيلول، قائلة إن «مسؤولي إدارة أوباما يشعرون بالتضليل من جانب المسؤولين الإماراتيين الذين لم يبلغوا الحكومة الأمريكية بأن ولي العهد سيأتي إلى الولايات المتحدة على الرغم من أنه من المعتاد على كبار الشخصيات الحكومية الأجنبية تقديم إشعار مسبق عن سفرهم هنا».

وساعد المسؤولون الإماراتيون في إقامة اجتماع سيشيل بين «ديمترييف»، رئيس صندوق الاستثمار الروسي، وإيرك «برنس» وهو مؤسس شركة «بلاك ووتر» الأمنية وداعم بارز لـ«ترامب».

وفى الشهادة الخاصة أمام لجنة المخابرات بمجلس النواب العام الماضي، نفى «برنس» بشده طلب أي شخص من فريق «ترامب» منه حضور الاجتماع، قائلا إنه تمت دعوته إلى «سيشيل».

وقالت «نيويورك تايمز» إن شخصية «نادر» بدأت تظهر للعلن في تسعينيات القرن الماضي بعد ترؤسه مجلة «واشنطن» التي تحولت إلى منصة يعبر فيها العرب والإسرائيليون والإيرانيون عن وجهات نظرهم أمام الجمهوري الأمريكي.

وفي نفس الفترة أقنع إدارة «بيل كلينتون» بأن لديه اتصالات قيمة مع الحكومة السورية فقام بدور سري في محاولة التوسط بعملية سلام بين (إسرائيل) وسوريا.

وفي منتصف العقد الماضي قضى معظم وقته في الشرق الأوسط، خاصة في العراق بعد غزو 2003، وطور علاقاته مع مسؤولين أمنيين في البيت الأبيض إبان عهد إدارة «جورج بوش».

وبحلول عام 2016، أصبح «نادر» مستشارا لولي عهد أبوظبي، وبعد تنصيب «ترامب» اقترب من شخصيات البيت الأبيض مثل «برويدي» الذي أقام علاقات مع «محمد بن زايد» بوساطة «نادر».

 

المصدر | الخليج الجديد + سي إن إن

  كلمات مفتاحية

الإمارات الولايات المتحدة جورج نادر التلاعب بالانتخابات الأمريكية