ما هي توقعات بناء محور أمني يضم الرياض - القاهرة - أنقرة؟

الاثنين 9 مارس 2015 09:03 ص

يبدو أن زيارة الرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي» قد حققت ما أراده المصريون منها. تعتقد القاهرة أن دعوة الرئيس التركي «رجب طيب أردوغان» إلى الرياض قبل دعوة «السيسي» كانت سترسل رسالة خاطئة لكل الأطراف المعنية، وبالطبع الإخوان المسلمين. تفهم السعودية مخاوف القاهرة والتي نقلها لهم الملك «عبد الله الثاني» ملك الأردن. ولذلك فإن زيارة «السيسي» إلى السعودية كانت رمزية في طبيعتها.

ولكن هذا يترك حالة اللعب بين الأطراف كما كانت عليه قبل الزيارة.

في طريق عودته من السعودية، أوضح «أردوغان» في حديثه للصحفيين بأن مصر والسعودية وتركيا هم أهم الدول في المنطقة، وأنهم جميعا لديهم بعض المسؤوليات لتحقيق السلام ورفاهية المنطقة. لكنه أضاف بسرعة، «في مصر يقبع الرئيس المنتخب ديمقراطيا في السجن، بالإضافة إلى ما يقرب من 18 ألف سجين سياسي أخر. إذا لم يكن هناك تخفيف مدروس فإن هذا سيسبب غضبًا اجتماعيا كبيرا في مصر».

وقد أجاب الرئيس التركي سؤالا عن الموقف السعودي من هذا الأمر فقال باختصار، «السعودية بالطبع ترغب في أن ترى السلام بين مصر وتركيا ولكن لا يوجد إلحاح».

وبات واضحا أن اللعبة تقف حيث يمكننا أن نرى ثلاث خطوط سياسية - الرياض والقاهرة وأنقرة – متقاطعة في نقطة مهمة: موقف «السيسي» تجاه الإخوان المسلمين. ونقطة التقاطع تلك نجد فيها الرياض في الوسط بين القاهرة وأنقرة. يريد «أردوغان» تصحيح وضع الإخوان في مصر. أما «السيسي» ووفقا لتصريحاته العامة لا يعارض فكرة المصالحة مع الإخوان من حيث المبدأ ولكنه في البداية يريد أن يقلل من حجم الجماعة إلى الحد الذي لا يمكنها من أن يكون لها تمثيل سياسي حقيقي أو تمثل تهديد أمني للنظام. والرياض تتوسط بحرص بين القائدين.

قبل النظر إلى التوقعات بتغلب القوى الإقليمية الثلاثة على العقبة التي شرحها «أردوغان» في تصريحاته، علينا أن ننظر كيف يرى الإخوان أنفسهم هذه الديناميكية.

لقد ارتفعت الروح المعنوية للجماعة إلى مستويات غير واقعية من خلال تحركين. أولا، من خلال مقابلة واشنطن لبعض من أعضائها. والثاني من خلال تصريحات عامة لمسؤولين سعوديين تتعارض مع سياسات السعودية السابقة والتي تتعلق بجماعة الإخوان المسلمين.

إن الاستراتيجية العامة للإخوان المسلمين هي اللعب بكل الكروت الممكنة بينما تقوم بالسير في طريقين متوازيين داخل مصر: الأول هو حالة الاقتصاد المصري والذي يشهد أوقاتا صعبة للغاية. أما الثاني فهو تأثير العمليات الإرهابية البسيطة داخل مصر.

وفي الأسابيع القليلة الأخيرة، كثف التنظيم عمليات تفجير البنوك والشركات الأجنبية والمحلية وكذلك ضرب بعض الأهداف الحكومية. والهدف من ذلك هو عرقلة المؤتمر الاقتصادي المزمع عقده هذا الشهر في شرم الشيخ. كما أن التفجيرات تستهدف أيضا وجهات سياحية وذلك في سبيل مواصلة دعم انهيار السياحة التي تعد من أهم مصادر النقد الأجنبي.

وقال «جمال حشمت»، أحد أبرز القادة في جماعة الإخوان المسلمين والذي يعيش حاليا في تركيا، على صفحته على الفيسبوك في 4 مارس/آذار أن مؤتمر شرم الشيخ سوف يكون وبالا على مصر وعلينا جميعا أن نقوم بتصعيد رفضنا له حيث ستشارك فيه العديد من الشركات اليهودية.

والحقيقة أن الإخوان يريدون الدفع بمصر إلى ثورة شعبية أخرى وهذه المرة ضد «السيسي» وذلك من خلال جعل أي تعاف اقتصادي أمرا غاية في الصعوبة. إن الوصول لهذه النقطة ليس بالأمر السهل. يبدو أن الشعب المصري مازال يرفض الجماعة وهو ما يضمن للسيسي وقتا إضافيا من أجل توحيد البلاد مرة أخرى. وقد قام «السيسي» باستبدال وزير داخليته وهو ما يبشر بسياسة أمنية أفضل وأكثر حساسية للرأي العام وحكم القانون.

لا تبدو القاهرة على استعداد لتقديم تنازلات ضرورية للإخوان المسلمين وكذلك لا يبدو الإخوان مستعدين للنزول من الشجرة العالية التي تسلقوا إليها خلال الشهور القليلة الماضية.

هذا المأزق بكل تأكيد سوف يؤخر من إمكانية التقدم إلى الأمام من أجل بناء محور الأمن الجديد الذي اقترحته كل من الرياض وواشنطن في الوقت الذي تحتاج فيه المنطقة إلى قوة جديدة إقليمية تكون قادرة على السيطرة على الفوضى.

ومن الواضح أيضا أن الموقف الداخلي في مصر هو واحد من أعند العقبات على الطريق لتنفيذ هذا المفهوم الأمني الإقليمي الجديد. وهذه الحقيقة، الواضحة من تصريحات «أردوغان» وتقارير أخرى لابد وأن تقرر دورًا مختلفا لإدارة «أوباما».

لا تزال الإدارة الأمريكية ملتزمة بسياستها السابقة للحوار والتواصل المدروس مع الإخوان المسلمين. وبينما لا يقترح أحد أن تقطع واشنطن علاقتها بالإخوان فإن المفهوم السياسي الأمريكي لابد وأن يخضع لإعادة النظر.

على سبيل المثال، لابد لواشنطن أن تدين عمليات الجماعة الإرهابية ولعبتهم الصفرية وإدراكهم لدورهم في السلطة السياسية. إن الهدف من أي مراجعة مؤقتة للسياسة الأمريكية نحو الإخوان ما هي إلى لمساعدة التنظيم في تقليل سقف توقعاته والتخلي عن طريقه الحالي والذي يدمره ويدمر مصر في هذه اللحظة الحساسة.

وعلى السعودية أيضا أن تضغط على الإخوان المسلمين لتطوير نموذج عملي من خطة المصالحة. وعلى القاهرة أن تعير مزيدا من الاهتمام للجزرة بدلا من العصا. على الحكومة المصرية أن تجعل من الواضح أن فوائد المصالحة مع الجماعة أمر ممكن، وعلى وزير الداخلية الجديد أن يتم إخباره بأن القانون لابد وأن يحترم.

تواصل الرياض دبلوماسيتها الهادئة من أجل تخطي العقبات على الطريق من أجل مفهوم أمني إقليمي تم التخطيط له بمشاركة أمريكا. نؤمن أن هناك فرصة للنجاح هناك فمن خلال حزم المساعدات للقاهرة وقليل من الضغط على الإخوان المسلمين يمكن أن يتحقق ما سبق. 

  كلمات مفتاحية

السعودية الملك سلمان تركيا أردوغان مصر السيسي الإخوان المسلمون

إعادة تشكيل تحالفات المنطقة