لعنة الخسائر تلاحق تفريعة قناة السويس.. ووعود "السيسي" سراب

الثلاثاء 7 أغسطس 2018 08:08 ص

على الرغم من الضجة التي صاحبت افتتاح الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي» التفريعة الجديدة أو السابعة لقناة السويس، قبل 3 سنوات، فإن الذكرى الثالثة لافتتاح التفريعة مرت مصحوبة بالحسرة جراء تحول وعود المكاسب إلى سراب.

التفريعة الجديدة، كان المأمول أن ترفع إيرادات القناة إلى 13.2 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2023 بدلاً من 5 مليارات دولار التي تدور حولها إيرادات القناة منذ سنوات عدة.

ويشعر المصريون بأن مدخراتهم التي تم ضخها في سبتمبر/أيلول عام 2014، وجمعتها الحكومة عبر شهادات استثمار بنحو 64 مليار جنيه (9 مليارات دولار تقريبا بأسعار ذلك التاريخ)، وقد خصصت لأعمال تطوير القناة، لم تسفر عن تحقيق آمالهم في جني مكاسب كبيرة.

وعود "مميش"

وفق تصريحات رئيس هيئة قناة السويس، الفريق "إيهاب مميش"، فإن القناة حققت في عامها الثالث أعلى عائد لها في التاريخ، بنحو 5.6 مليارات دولار إيرادات مقابل 5 مليار دولار خلال العام المالي السابق 2016/ 2017، بزيادة قدرها 600 مليون دولار، مع توقعات بوصول إيرادات القناة لـ5 مليارات و700 مليون دولار بنهاية العام الميلادي الحالي، بزيادة 700 مليون دولار عن عام 2017.

وواصل "مميش" تقديم الوعود للمصريين، قائلا خلال مؤتمر صحفي الإثنين الماضي، إن "الأجيال القادمة سوف تجني حصاد القناة الجديدة"، دون التطرق إلى المتداول بشأن اعتزام القناة الحصول على قروض من بنوك دولية، وفق صحف مصرية.

وفي ضوء الإيرادات المتحققة خلال الأعوام الثلاثة الماضية وظروف التجارة العالمية المحيطة التي تتجه للانكماش، فإن التفريعة لم تحدث فارقاً كبيراً حتى الآن، ففي العام الذي سبق حفرها، حققت القناة إيرادات بلغت 5.37 مليار دولار في العام المالي 2014-2015.

وبعد افتتاح التفريعة في أغسطس/آب 2015 تراجعت الإيرادات إلى 5.13 مليار دولار في العام المالي (2015 /2016)، ثم تراجعت مرة أخرى إلى 5.01 مليار دولار في العام المالي (2016 /2017) قبل أن ترتفع إلى 5.585 مليار دولار للعام المالي (2017-2018).

وتغاير هذه الأرقام الرسمية، تصريحات "السيسي" و"مميش"، سواء قبل بدء تشغيل التفريعة رسمياً أو مع إطلاقها، بل حتى بعد إطلاقها.

ففي عام 2014 أكد "السيسي"، أن المشروع سيؤدي إلى ارتفاع إيرادات القناة سنوياً، وصولاً إلى تحقيق 13.2 مليار دولار كل عام ابتداءً من 2023، بل إن وسائل إعلام مصرية بالغت حين قدرت إيرادات القناة بنحو 100 مليار دولار سنوياً.

وفي 16 أغسطس/آب 2015، بعد أيام قليلة من افتتاح التفريعة، أكد "السيسي" أن القناة الجديدة "التفريعة" غطت تكاليف حفرها البالغة 20 مليار جنيه.

وقال "السيسي" في يناير/كانون الثاني الماضي، إن دخل قناة السويس زاد بنسبة 5%، في ظل ظروف التشغيل الحالية، بمعدل 250 مليون دولار.

وفي يوليو/تموز الماضي، قال "السيسي" إن "هناك زيادة تتراوح ما بين 2 و3% إلى 5% في الإيرادات السنوية للقناة، بما يصل إلى 600 مليون دولار سنوياً، ويعادل 14 مليار جنيه".

حقائق مؤلمة

كان من المستهدف، وفقاً لتصريحات رسمية، أن تصل الإيرادات إلى 6.018 مليار دولار في 2015 و6.787 مليار دولار في 2016 و7.462 في 2017، على أن تصل إلى 8.206 مليارات دولار في نهاية العام 2018، وهي الأرقام التي لم يتحقق أي منها.

وللتغطية على هذه التراجعات، بدأ مسؤولو القناة بالتوقف عن الإعلان عن إيرادات القناة ثم إعلانها بالجنيه وليس بالدولار، مستغلين في ذلك الزيادات التي طرأت على سعر صرف الدولار مقابل العملة المحلية المصرية بعد حفر القناة التي زادت من 7.18 جنيه للدولار الواحد في سبتمبر/أيلول 2014 إلى حوالي 8.8 جنيهات للدولار قبل قرار تعويم الجنيه مباشرة في نوفمبر/تشرين الثاني 2016.

وبلغة المكسب والخسارة، فإن التفريعة الجديدة أدت إلى خسائر تتعلق بالاقتصاد المصري الكلي، فضلاً عن خسائر تتعلق بالأفراد الذي هرولوا نحو شراء شهادات الاستثمار الخاصة بالقناة للاستفادة من معدل الفائدة المرتفع حينها عليه، بحسب "العربي الحديد".

بالنسبة للاقتصاد المصري، فإن جمع الدولة لـ64 مليار جنيه من المواطنين خلال 8 أيام تقريبا في سبتمبر/أيلول 2014 أدى إلى عمليات سحب كبيرة للودائع من البنوك، ما أثر على السيولة وعلى حجم الودائع بالبنوك التي لم يشملها قرار إصدار الشهادات التي بلغت فقط 4 بنوك مسموح لها.

كما أن ميزانية الدولة لم تستفد فعليا من التفريعة الجديدة التي لم تحقق زيادة كبيرة في الإيرادات تعادل ما دفعته الدولة وما ستدفعه لأصحاب الشهادات التي بلغت حصيلتها 64 مليار جنيه بفائدة 12%، ولمدة 5 سنوات قام مالكو ما يعادل 4 مليارات جنيه من الشهادات باسترداد أموالهم بعد عام من شرائها (مضافا إليها 480 مليون جنيه فوائد عن عام واحد)، فتبقى 60 مليار جنيه مطلوب من الخزانة العامة للدولة سدادها العام المقبل، وهو موعد استحقاقها في نهاية أغسطس/آب 2019.

كما أن الدولة قررت بعد ارتفاع الفائدة في البنوك في مارس/آذار 2017 رفع معدل الفائدة على شهادات الاستثمار إلى 15.5% للعامين الباقيين من الشهادات. 

وتعني الأرقام أن الحكومة المصرية سددت 36% فوائد على الشهادات خلال 3 سنوات ثم 31% خلال عامين بمجموعة 67% فوائد، إضافة إلى أصل المبلغ وهو 60 مليار جنيه، أي أن الخزانة المصرية تكلفت خلال خمس سنوات ما يزيد على 100 مليار جنيه في الوقت الذي لم تحقق فيه التفريعة الجديدة زيادات كبيرة تذكر.

ويشير الخبير الاقتصادي "فكري عبدالعزيز" إلى أن بيانات البنك المركزي المصري كشفت تراجعا في إيرادات القناة بنحو 19.6 ملايين دولار في يناير/كانون الثاني الماضي، بانخفاض قدره 4% عن الشهر الذي سبقه.

وحذر "عبدالعزيز" في تصريحات نقلها موقع "عربي 21" من خطورة الأوضاع التي تشهدها منطقة الخليج العربي، والتهديد المستمر بغلق باب المندب، بالإضافة لحرب التجارة العالمية بين الولايات المتحدة والصين، وهو ما سيكون له تأثير سلبي على القناة، بعد أن بدأت الصين في تفعيل طريق الحرير، وإنشاء قطارات سريعة لنقل البضائع مع أوروبا، وهو ما لم يهتم رئيس هيئة القناة بتوضيح طرق مواجهته.

وما يجب الالتفات إليه، تجاوز مديونيات الهيئة للبنوك 1.5 مليار دولار تمويلات مباشرة، بخلاف تسهيلات أخرى غير مباشرة.

وفي مايو/أيار الماضي، طلبت الهيئة العامة لقناة السويس، قرضا من بنوك تابعة للحكومة المصرية بلغت قيمته 400 مليون دولار، ما يشكك بقوة في الأرقام المعلنة عن مكاسب القناة.

وحصلت الهيئة في عام 2015 على قروض مباشرة من البنوك بقيمة 1.4 مليار دولار؛ للمساهمة في المكوّن الأجنبي لمشروع حفر التفريعة، وسداد التزاماتها تجاه الشركات الأجنبية العاملة فيه، وقرض آخر بقيمة 400 مليون دولار (صُرفت نهاية العام الماضي) لتمويل مستحقات شركات المقاولات المشاركة في حفر التفريعة، وكذلك المساهمة في تمويل مشروع قناة شرق تفريعة بورسعيد الجديدة بطول 9.5 كيلومتر.

ويبدو أن المشروع برمته بعد حصاد 3 سنوات، وبفاتورة إنفاق باهظة، أقل من طموحات الشعب المصري، الذي مرت عليه الذكرى الثالثة لافتتاح التفريعة الجديدة، دون تهليل يذكر، إلا في وسائل إعلام موالية للنظام الحاكم.

المصدر | الخليج الجديد + صحف

  كلمات مفتاحية

قناة السويس التفريعة الجديدة عبدالفتاح السيسي مهاب مميش التجارة العالمية

8 سنوات على تفريعة قناة السويس.. ماذا حققت؟ وكيف علق الناشطون؟