جدل مساواة الميراث يصل لمصر.. هل يتكرر سيناريو تونس؟

الخميس 16 أغسطس 2018 06:08 ص

تصاعدت حدة الجدل في مصر بشأن المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة في ظل خروج دعوات من برلمانيين تطالب البرلمان المصري بسن تشريع يسير على خطى تونس، بينما رفضت شخصيات ومؤسسات دينية مصرية تلك المطالب باعتبارها "تصطدم بالنصوص الدينية" الصريحة.

وفجر الرئيس التونسي "الباجى قائد السبسي"، جدلا واسعا بإعلانه العزم على طرح مقترح يقضي بالمساواة بين الرجل والمرأة في الميراث، أمام البرلمان، وانتشر ذلك الجدل على المستوى الداخل فى تونس بشكل خاص، وعلى مستوى العالم الإسلامي بشكل عام، لما يمثله هذا الأمر من تعارض مع  النص القرآني الذى يقول "فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ"، وذلك بعض مواضع الميراث.

وعلى خطى تلك الدعوات، طالب الإعلامي المصري، "محمد الباز"، بتقديم مشروع قانون للمساواة في الميراث بين الرجل والمرأة، وقال إنه "لا يبتغي منه سوى وجه الله والوطن ومصلحة الناس"، معتبرا أن هدف هذه الأفكار الوصول لمنظومة قيم تقوم على العدل والمساواة والإنصاف.

كما زعم أنه "لا معنى لأن يخلق الله البشر متساوين، ويتدخل البشر لإحداث نوع من التمييز، دون أن يكون ذلك متفقا مع ناموس الله في الأرض وهو العدل"، مناديا بـ"تقديم مشروع قانون للمساواة في الميراث على أن يكون ذلك خاضعًا للنقاش بين أعضاء البرلمان والعلماء والمتخصصين، وبعدها يقبل القانون أو لا يُقبل".

الأزهر حجر عثرة

بدوره، أشار عضو لجنة التضامن الاجتماعي في البرلمان، النائب "محمد أبو حامد"، الذي سبق وأثار جدلا يتعلق بجمعه تواقيع نواب على مشروع قانون يتيح عزل شيخ الأزهر، إلى تأييده هو الآخر لسن تشريع للمساواة بين الرجل والمرأة في الميراث، لكنه اعتبر أن الأزهر حجر عثرة في ذلك الطريق.

ولفت "أبو حامد" إلى أن "قضية مساواة الرجل بالمرأة في الميراث معقدة للغاية، ومرتبطة ارتباطا وثيقا بتطوير الخطاب الديني"، مشيراً إلى أن “المادة الثانية من الدستور ستكون مؤثرة في وجهة النظر الدينية في هذا الأمر، حيث تنص على أن مبادئ الشريعية الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع"، بحسب "القدس العربي".

واعتبر أنه "مادامت المادة الثانية من الدستور موجودة في الدستور فسيظل أي اجتهاد في شأن من هذا النوع مرهونا برأي المؤسسة الدينية"، مضيفاً: "عندما قررت تونس المساواة بين الرجل والمرأة في الميراث، أصدر الأزهر الشريف بياناً ينتقد فيه هذا القرار وتعرض الأزهر نفسه للانتقاد من الشعب التونسي".

وتابع : "معروف موقف الأزهر من تلك القضية، ومناقشة هذا الأمر يتطلب جهودا كبيرة تبذل في سبيل تطوير الخطاب الديني حتى يكون هناك المزيد من الاجتهادات، وبالتأكيد وضع المرأة مختلف تماما عن وضعها أيام الرسول".

واستدرك بأنه "لم أعترض على آية الميراث أو حكمها، ولم أطالب بتحريفها، ولا يوجد عاقل يستطيع أن يقترب من نص ديني، ولكن طالبت بتعطيل حكمها، مثلما فعل الفاروق عمر بن الخطاب في تعطيل حكم السرقة".

أكثر من تفسير

تأييد آخر جاء من جانب الناشطة المصرية في مجال حقوق المرأة، "عزة كامل"، التي أعلنت موافقتها لما جاء في تقرير اللجنة الرئاسية التونسية حول المساواة بين الرجل والمرأة فى الميراث.

ونادت "عزة" بضرورة تطبيق هذا الأمر في مصر، معتبرة أنه "لا يحمل ما يُخالف الشريعة الإسلامية كما يعتقد البعض”، قائلة "تونس لم تفعل شيئا يخالف الشرع، وهناك تأويل للشرع وأكثر من تفسير لهذا النص، العصر تطور والمرأة تعمل، وهناك 37% من الأسر المصرية تُعيلها المرأة".

ورأت أن هناك أكثر من تفسير للنص القرآني، وأن عدم الاطلاع على التفسيرات الفقهية هو السبب في اعتقاد البعض بأن ما فعلته تونس يُخالف الشريعة الإسلامية، وأن ما حدث في تونس من مساواة بين الرجل والمرأة في الميراث، إنما يأتي فى إطار تجديد الخطاب الديني.

"مخالفة لنص القرآن"

لكن "الأزهر" (المؤسسة الدينية الرسمية في مصر) كان لها رأي آخر، فقد وصف عضو مجمع البحوث الإسلامية، "محمد الشحات الجندي"، مشروع تونس لمساواة المرأة والرجل في الميراث بأنه "مصادم للنص القرآني".

وقال في تصريحات متلفزة إن "القرآن الكريم وضح طريقة المواريث بشكل دقيق، ولا تحتمل التأويل".

وأشار إلى أن "المساواة لا تكون إلا بين اثنين متساويين في الأعباء المالية، فالأعباء المالية ليست متساوية بين الرجل والمرأة بشكل عام".

بدوره قال عضو هيئة كبار العلماء،  "محمود مهنا" إن "الذي شرع الميراث هو ملك الملوك وهو الله، وبلغنا هذا التشريع الرسول، ولا يجوز لتونس ولا لرئيسها ولا للعالم كله أن يشرع أو يبتدع في دين الله".

وذكر بأن "هناك 33 حالة ترث فيها المرأة أكثر من الرجل أو تتساوى معه أو ترث ولا يرث، والرابح في النهاية هي المرأة لأن الرجل هو المكلف بتأسيس البيت وتكاليف الزواج، لكن هي لها ذمتها المالية الخاصة بها".

وأوضح: "أقول لرئيس تونس اقرأ كلام الله وكلام الرسول، وتذكر يوم لا تنفعك رئاسة ولا مال ولا بنون".

وكان شيخ الأزهر "أحمد الطيب" استنكر بعض الفتاوى والآراء التي تبيح ما حرمه القرآن والشريعة الإسلامية، وذلك في شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

وقال "الطيب" حينها إن "كل ذلك تزامن مع فتاوى ودعوات غريبة تبيح المساواة بين الرجل والمرأة في الميراث، وزواج المسلمة من غير المسلم"، متابعاً: "كنت أتمنى أن نسمع صوت أمانتنا العامة لدور هيئات الإفتاء في العالم في إدارة هذا العدوان الصريح على القرآن وشريعته، أو مؤازرتها للأزهر الذي وقف يدافع عن كتاب الله".

المصدر | القدس العربي + الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الأزهر الشريف الشريعة الإسلامية المؤسسة الدينية مجمع البحوث الإسلامية البرلمان الميراث المساواة تونس

غضب بين أقباط مصر لتطبيق الشريعة الإسلامية على ميراثهم