"الغارديان" : تحديث السعودية ينعكس في صفقة "أرامكو" المتعثرة

الجمعة 24 أغسطس 2018 03:08 ص

قالت صحيفة "الغارديان" البريطانية، إن الحملة التي يقودها ولي العهد السعودي الأمير "محمد بن سلمان" لتحديث المملكة، تنعكس في الصفقة "المتعثرة" لعملية الطرح المحلي والعالمي لشركة النفط الوطنية العملاقة "أرامكو" الذي كان سيعد الأضخم من نوعه في التاريخ.
وأشارت الصحيفة إلى أنه على الرغم من أن السعودية الدولة الغنية بالنفط، تدرك جيدا حاجتها الملحة لتنويع اقتصادها بعيدا عن الاعتماد على النفط، لكن لا يزال أمامها وقت طويل للمضي قدما في هذا الطريق.
وقالت الصحيفة إن السعودية كانت في 2 مارس/آذار 1938، مجتمعا من البدو الرحل ، يعتمد هامش السياحة الدينية القادمة من الحج، لكن بعد اكتشاف النفط في الظهران تحولت آفاق البلاد للأبد.

ولفتت الصحيفة إلى أنه بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، كان من الواضح أنه يتواجد تحت رمال الصحراء السعودية وفرة كبيرة من النفط الخام يمكن جلبها بسهولة.

وذكرت أن النفط السعودي الرخيص كان عنصرا حيويا في ازدهار الاقتصاد العالمي في فترة ما بعد الحرب فيما ساعدت عائدات صادرات النفط على بناء الطرق والجسور والمباني السكنية وتمتع السعوديين بمستويات على النمط الغربي.

وأوضحت الصحيفة أنه على الرغم من تلك المكاسب كان للنفط جانب سلبي، وهو أن اقتصاد المملكة أصبح يعتمد بشكل خطير على النفط، الذي يمثل 87% من إيرادات الميزانية، وأكثر من 40% من الناتج المحلي، و90 من عائدات التصدير، ولكي يعمل الاقتصاد السعودي بشكل جيد كان على حقول البترول الاستمرار في الضخ وأن يبقي السعر العالمي للنفط مرتفعا.

وقالت الصحيفة إنه عندما كانت تكلفة النفط الخام تفوق 100 دولار للبرميل كان بوسع الحكام السعوديين، إبقاء الضراء منخفضة، ورفع الإنفاق على الرعاية الاجتماعية، بينما يستثمرون بشكل أكبر في الإنفاق على البنية التحتية، والصرف على ميزانية الدفاع والتسليح، والمنافسة مع إيران لكي تكون قوة إقليمية عظمى، وقد تم إزاحة الستار عن انشاء برج جدة -الذي كان من المخطط أن يكون أطول برج في العالم وسيتم الانتهاء منه في 2020- عندما كان سعر النفط 120 دولارا للبرميل.

وأوضحت الصحيفة أنه بعد ذلك حدث أمران، الأول أن سعر النفط انخفض إلى أقل من 100 دولار للبرميل في عام 2014 ولم يتعاف منذ ذلك الحين، وبحلول عام 2016، وصل سعر برميل النفط الخام لأقل من 30 دولارا وهو انهيار في الأسعار أدي لحدوث ركود وعجز في الميزانية.

الأمر الثاني وفقا للصحيفة، وهو أن العالم بدأ يأخذ منحى أكثر جدية بشأن خفض انبعاثات الغازات، وفى مؤتمر باريس لتغيرات المناخ في عام 2015، تم توقيع اتفاقية تلزم المجتمع الدولي بالخطوات، بما يكفل الإبقاء على ارتفاع متوسط درجة الحرارة العالمية دون درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل العصر الصناعي.  

وأشارت الصحيفة إلى أن الآثار المترتبة على اتفاقية باريس 2015، بالنسبة للسعودية كانت واضحة، فهي تهدف إلى السعي إلى نزع الكربون من الاقتصاد العالمي ما يعني أن جزءا كبيرا من احتياطياتها النفطية يجب أن تبقى تحت الأرض، وقد جعل هذا وزير البترول والثروة المعدنية السعودي من عام 1962، إلى 1986 (أحمد زكي يماني) إلى إطلاق تحذير بدا مفاجئا، حيث قال: "بعد ثلاثين عاما من الآن، سيكون هناك كمية ضخمة من النفط، وليس هناك مشترون".

ولم يمض وقت طويل على ذلك، قبل أن يستجيب حكام السعودي لهذا التحدي المزدوج -بانخفاض سعر النفط واتفاقية باريس- على المدي القصير، عن طريق السعي لإقناع الدول المنتجة للنفط بالموافقة على الحد من الإنتاج وتقليل المعروض، ونتيجة لذلك ارتفع سعر النفط الحالي إلى حوالي 70 دولارا.

وعلى المدي الأطول، وفقا للصحيفة، كانت هناك خطة لتنويع الاقتصاد بعيدا عن النفط، حيث أعلن ولي ولي العهد الأمير "محمد بن سلمان" عن رؤية 2030 في أبريل/نيسان 2016 (أصبح وليا للعهد)، بعد فترة قصيرة من وصول سعر النفط إلى أدني مستوى له.

وكانت الفكرة هي جعل السعودية عملاقا استثماريا عالميا، وتحويل البلاد إلى مركز يربط بين 3 قارات أوروبا وأسيا وأفريقيا، وتصبح قلب العالم العربي والإسلامي.

وكان البيع المقترح لجزء من شركة "أرامكو"، جزءا أساسيا من هذه المحاولة لتحويل وتحديث الاقتصاد بعيدا عن النفط، وتم تخصص مبالغ لصندوق الثروة السعودية لكي يقوم باستثمارها في شركات مثل السيارات الكهربائية "تسلا"، وتطبيق "أوبر".

وذكرت الصحيفة أن "صندوق النقد الدولي" دعم بقوة رؤية 2030، وأثني على إجراءاتها، ومع ذلك، هناك الكثير الأمور يجب التوقف عندها، حيث يعتمد الاقتصاد السعودي على 6 ملايين عامل أجنبي، ومشاركة المرأة في سوق العمل ضعيفة، على الرغم من رفع حظر قيادة النساء للسيارة مؤخرا.

وأضافت الصحيفة أن الرياض تتعرض لضغوط بسبب قمعها للمعارضة والانتهاكات التي ترتكبها في حق المدنيين في اليمن، حيث تخوض حربا بالوكالة مع إيران في اليمن، ضد "الحوثيين".

واعتبرت الصحيفة أن السعودية بتأجيلها خطط طرح اكتتاب "أرامكو" -على الرغم من أن الحكومة قالت إنها قائمة- قد يكون لديها القليل لتفعله فيما يتعلق بالأمور المتعلقة بالأسواق المالية، بالنظر إلى عدم رغبة السعوديين في كشف الفساد والنزاهة في الشركة التابعة للدولة وحقيقة احتياطات النفط للشركة؛ فالسعودية لا تزال بلدا محافظا جدا، تماما كما هو الحال مع مثل ناقلة نفط عملاقة عندما تغير مسارها فإن ذلك سيستغرق وقتا.

المصدر | الغارديان

  كلمات مفتاحية

السعوية أرامكو تحديث نفط محمد بن سلمان