«ستراتفور»: الخيارات المعقدة للمملكة العربية السعودية في اليمن

الأحد 29 مارس 2015 02:03 ص

يواجه التحالف المتعدد الجنسيات بقيادة المملكة العربية السعودية تحديا صعبا وحرجا في اليمن فضلا عن كونها مهمة بالغة الصعوبة.

وفي مدينة عدن الجنوبية، تم حصار القوات الموالية للرئيس «عبد ربه منصور» هناك. وقد كانت مليشيات الحوثي ناجحة بدرجة كبيرة في توسيع نفوذها بسرعة والاستيلاء على صنعاء وتعز، وهما أكبر المدن في اليمن. ونظرا لانزعاجهم من التقدم المستمر لحركة الحوثي، والذي عززته القوات العسكرية الموالية للرئيس السابق «علي عبد الله صالح»، فقد أطلقت المملكة العربية السعودية وحلفاؤها حملة جوية في 26 مارس/أذار. ولأجل استعادة ودعم ما تعتبره الحكومة الشرعية للرئيس اليمني حشدت المملكة أكثر من 100 طائرة مقاتلة وحوالي 150.000 من قوات الخدمات البرية. وتريد المملكة العربية السعودية، على أقل تقدير، منع الحوثيين من تعزيز السيطرة على جوهر اليمن.

وللرياض عدة مسارات قد تعمل من خلالها لتعظيم نفوذها في اليمن، وأكثر هذه المسارات تطرفا غزو اليمن بقوة برية كبيرة. ورغم ذلك، فإنه قبل اتخاذ أي قرارات، فإن السعوديين يتعين عليهم تقييم فوائد مثل هذه العملية مع مراعاة المخاطر الحتمية المحتملة.

تحليل

لا شك أن استمرار الهجمات الجوية السعودية يزيد من مخاطر التحريض على مزيد الاضطرابات في اليمن. الأضرار الجانبية والإصابات في صفوف المدنيين جراء تلك الضربات الجوية سوف تتسبب لا محالة في حشد رأي عام ضد الرياض. وانتقاما لذلك، يمكن للحوثيين أن يشنوا هجمات عبر الحدود أو حتى عن طريق استخدام صواريخ بعيدة المدى من طراز سكود البالستية، والتي استولوا عليها من القوات المسلحة اليمنية. 

ورغم ذلك، فإنه من غير المرجح أن يتوقف السعوديون بسهولة، كما أنهم ليسوا من دون خيارات في جعبتهم. وتمتلك الرياض احتياطيات مالية وافرة من شأنها أن تحافظ على الحملة ضد الحوثيين. ويمكن للسعوديين استخدام هذه الأموال لتحسين وضع «هادي» ومواقف أنصاره في اليمن، وفي شراء نفوذ الفصائل القبلية في جميع أنحاء البلاد، وهي أداة استخدمتها المملكة العربية السعودية في الماضي. وعلى وجه الخصوص، في تمويل العشائر السنية في المناطق الغنية بالطاقة الرئيسية في محافظة مأرب لمساعدتهم في صد الحوثيين. كما تعطي ثروة الرياض لها القدرة على التأثير على الجماعات المتشددة الحوثية، والتي لن تكون قادرة على إدارة شؤون البلاد بدون مساعدة كبيرة تأتي من المملكة العربية السعودية. ومع ذلك، يمكن للحوثيين تأمين راعي مالي آخر، وهو الأمر الذي يشغل السعوديين.

وبالإضافة إلى المال، فإن سلاح الجو السعودي، في حد ذاته، يتمتع بالقوة. منذ بدء حرب الخليج الأولى وبشكل متزايد منذ الانسحاب من الثانية، قد استثمرت الرياض مئات المليارات من الدولارات في تجهيز جيشها، ويحرص السعوديون على شراء أحدث المعدات باستمرار، بما في ذلك صواريخ متطورة وقنابل ذكية. وفي الوقت الذي لا يزال سلاح الجو السعودي يواجه قيودا كبيرة، مثل الاعتماد على المقاولين الأجانب للصيانة، ونوعية متنوعة ومتفاوتة القدرات من الطيارين، وقدراتها في الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع غير الكافية، إلا إنها لا تزال قادرة بدرجة كبيرة على تأمين سماء اليمن وإظهار قوتها في مواجهة أي خطر.  

وبالإضافة إلى الحملة الجوية، فقد بدأ التحالف الدولي بقيادة السعودية عملية بحرية تركز على محاصرة الموانئ اليمنية وتأمين مضيق باب المندب. وتزعم مصر وباكستان أنهما أرسلتا سفنا لمساعدة عناصر البحرية السعودية في المنطقة. يتم حصار اليمن من البحر بينما تفرض المملكة العربية السعودية سوف منطقة حظر جوي يسمح لشركاء التحالف بعزل صالح والحوثيين ومنع أي دعم مادي خارجي. ولا تزال المؤشرات تبين أن الحملة الجوية والحصار البحري لن يكون كافيا.

سوف تعمل العمليات العسكرية الحالية على تضييق الخناق بشدة على الحوثيين، ولكن إذا كانت السعودية تسعى لنصر حاسم، فإنها ستكون في حاجة لنشر قوات برية.

قتال بري

وفي الوقت الذي ألمح فيه مسؤولون بالتحالف، من السعودية ومصر وغيرهما، إلى تدخل بري محتمل، فمن المهم النظر في أشكال مختلفة قد يمكن لهذا التدخل البري أن يأخذها. ويمكن للتحالف نشر فرق صغيرة من قوات العمليات الخاصة للعمل جنبا إلى جنب مع الفصائل القبلية الأصلية أو قوات «هادي». كما يمكن أن يكون هناك عملية تقليدية شاملة باستخدام المدرعات الثقيلة، وتلك تحتاج إلى إمدادات لوجيستية كبيرة. وفي حين أن المملكة العربية السعودية ترغب في الحفاظ على أصغر بصمة محتملة في اليمن تمكنها من استمرار تحقيق أهدافها ضد الحوثيين، يبدو أن قوات هادي متعثرة بشدة، ويمكن للتوغل البري أن يكون ضروريا بشكل بالغ إذا تم استيفاء شروط معينة. 

مزايا الذهاب إلى اليمن بقوة برية كبيرة واضحة للغاية. فمن شأن ذلك أن ذلك تحقيق أقصى قدر من قوة النيران التي تمكن التحالف من الاستيلاء الفعلي والسيطرة ونقل الأرض المحتلة إلى وكلاء مفضلين. ورغم ذلك، فإنه في الوقت نفسه يبدو أن الإقدام على غزو بري كبير بمثابة عملية منطوية على مخاطر وتعقيدات بالغة الخطورة. باديء ذي بدء، فإن الإصابات مؤكدة تقريبا وبشكل كبير في تلك الحملة، بل ويحتمل أن تكون بأعداد كبيرة بين صفوف القوات التي تحركت بريا. ويمكن لأعضاء التحالف الذين انبروا لمهمة الغزو البري أن يكونوا كما كان المصريون خلال حقبة الستينيات من القرن الماضي، الذين وجدوا أنفسهم يقاتلون في جغرافيا قاسية ومتقلبة ضد عدو تحركه دوافع أيديولوجية يعرف طبيعة تلك التضاريس الوعرة ويدرك كيفية التعامل معها. وسيسعى الحوثيون لجعل أي غزو بري محتمل مؤلم ومكلف.

وعلاوة على ذلك، فإنه بمجرد عبور الحدود اليمنية، فإن التحالف الذي تقوده الرياض سيواجه المزيد من المشكلات. هذا الفريق البري ليس لديه الكثير من التدريب أو الخبرة بحروب مكافحة التمرد، كما أنه سيزيد من حنق السكان المحليين ضده ما يدفعهم لمواجهته. وعانى المصريون في مكافحة التمرد في شبه جزيرة سيناء، وليس هناك سبب يجعلهم يقدمون في اليمن أفضل مما قدموه في مصر. وعلاوة على ذلك، فإن مثل هذه العملية سيكون لها تكلفة مالية عالية وفادحة، ويمكن أن تطول لسنوات، خاصة إذا تخلى الحوثيون عن تكتيكاتهم القتالية التقليدية ولجأوا إلى حرب عصابات بحتة تعظم استفادتهم من خبرتهم بالتضاريس الصعبة.

ويمكن للقوات البرية المنتشرة في اليمن أن تكون أيضا عرضة لهجمات المليشيات القبلية التي يزعجها وجود قوة أجنبية، فضلا عن الهجمات التي يشنها تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية والدولة الإسلامية هناك. وفي النهاية، سوف تصدر المملكة العربية السعودية قرارها على أساس حسابات تلك القيود وجدوى تحقيق أهدافها في الواقع.

وفرض السعوديون وحلفاؤهم سياجا من السرية على خطوتهم شن حملة جوية ضد الحوثيين وأهدافهم في اليمن، وقد أخذوا العالم على حين غرة. ولن يكون نشر قوات برية بالأمر السهل إخفاؤه. وعلى سبيل المثال، فإن إخفاء مجموعة كبيرة من الجنود المصريين أو الباكستانيين يتحركون إلى مسرح القتال سيكون صعبا، وحتى في حالة استخدام وسائل نقل بحرية. وبإمكان التحالف أيضا قصف القوات البرية للعدو قبل بدء الغزو، ما يعطي دلالة أخرى واضحة على هجوم وشيك. ويمكن للسعوديين أن يختاروا الخيار الأقل وضوحا من خلال إطلاق حملة برية مستقلة من الشمال، ولكن لأنه هو الطريق الأكثر وضوحا عبر التضاريس الجبلية الوعرة ويتحكم فيه الحوثيون، فإن مثل هذا المسار يكون أكثر صعوبة، ومن السهل رد أي قوات برية بل وهزيمتها.

لكن السعوديين ربما يكونوا قادرين على تشتيت شمل أعدائهم دون شن هجوم بري فعلي. مجرد التهديد بشن هذا الهجوم يمكن أن يفرق شمل  قوات الحوثي التي تحاول دفع الجنوب لمحاربة القوات الحكومية. وفي الواقع، فإنه منذ بدء الغارات الجوية السعودية، شهدنا تحرك قوات موالية لصالح شمالا نحو الحدود السعودية ردا على مخاوف وقوع توغل بري.

من ناحية، فإن محاولة شن هجوم بري كبير بعد نشر وحدات صغيرة من المراقبين الجويين بطريقة تكتيكية أو قوات العمليات الخاصة لتعزيز القوة العسكرية للقوات الموالية لهادي تجعل المهمة محفوفة بالمخاطر. وبغض النظر عن المكان الذي ستدخل إليه القوة الغازية لليمن، فإن أي معركة طويلة الأمد ضد الحوثيين سوف تجذبهم في نهاية المطاف إلى الجزء الجنوبي من جبال السروات، والذي يربط الشمال بالجنوب عبر غرب البلاد. ويعرف الحوثيون جيدا طبيعة أماكنهم وآلية التعاون مع التضاريس المعقدة، ما يجعل أي هجوم عسكري هناك صعب للغاية ومكلف. وسوف تحاول المملكة وحلفاؤها تجنب القتال هناك. الخيار الأفضل للرياض هو محاولة استخدام القوة لإعادة الحوثيين وحلفائهم إلى طاولة المفاوضات، أو على الأقل دفعهم مرة أخرى إلى الأراضي التقليدية في شمال البلاد.

  كلمات مفتاحية

اليمن عاصفة الحزم السعودية الحوثيين

خاص لـ«الخليج الجديد»: مصر لم تشارك في التجهيز لـ«عاصفة الحزم» و«السيسي» أُبلغ بعد بدء العملية

«الخليج الجديد» يرصد التداعيات الاقتصادية المحتملة لـ«عاصفة الحزم» على دول التحالف

«رويترز»: مكانة السعودية على المحك .. وأكاديمي إماراتي يعتبر «عاصفة الحزم» ”مخاطرة“

«فورين بوليسي»: «عاصفة الحزم» .. المقامرة السعودية الكبرى

«أردوغان» يوسع المواجهة: قد ندعم «عاصفة الحزم» لوجيستيا .. وعلى إيران الانسحاب من المنطقة

الطريق الضيق للخروج من الحرب الأهلية أو الإقليمية في اليمن

وزير الخارجية السعودي: إذا قرعت الحرب طبولها فنحن جاهزون لها

«ستراتفور»: منافسة تركية سعودية على الزعامة السنية .. وقناة خلفية للتفاوض مع إيران عبر مسقط

سياسة «سلمان» تطبق في اليمن

«ميدل إيست آي»: الصراعات الطائفية تلهب تجارة السلاح في الشرق الأوسط

عاصفة الفوضى السياسيّة في اليمن

القدس العربي: «عاصفة الحزم» تعيد التوازن لمكانة السعودية التي أضرتها «عاصفة الصحراء»

تقرير: الاتحاد الأوروبي تفاجأ بـ«عاصفة الحزم» وينقسم بين مؤيد ومعارض

إيران إسلامية ... لكنها عدو

«ذي إيكونوميست»: اليمن أول اختبار حقيقي للعاهل السعودي الجديد

«واشنطن بوست»: الجذور العميقة لصراع السعودية في اليمن

السياسة السعودية في اليمن بين رسائل التصعيد والتهدئة

«يوشكا فيشر» يكتب: السعودية وإيران تتنافسان لسد الفراغ الإقليمي

«عاصفة الحزم» في السياق الأميركي

«القدس العربي»: الأردن حذر «السيسي» من التدخل البري ... والإمارات غير متحمسة

الإيرانيون يخشون على السعودية من التقسيم لكن النيران نفسها قد تصلهم أيضا

«ستراتفور»: «القاعدة» يزدهر على أنقاض اليمن و«صالح» يواصل الرقص على رؤوس الأفاعي

لأول مرة منذ بدء «عاصفة الحزم»: السعودية تسمح للإعلام بالوصول إلى مواقعها العسكرية

«عاصفة الحزم» بين الحسم العسكري والحل الدبلوماسي

اليمن .. هذه البئر المخيفة

ماذا يعني أن تتفق الرياض وواشنطن عـلـى «حـل سياسـي» للأزمـة اليمنيـة؟

معركة مصير سعودية في اليمن

«معهد الأمن القومي الصهيوني»: حرب اليمن اختبار قاس للسعودية والإجماع العربي

«ستراتفور»: ماذا يعني الانتقال من «عاصفة الحزم» إلى «إعادة الأمل»؟

«عاصفة الحزم» رفض سعودي لرسْم مستقبل النظام الإقليمي بمعزل عنها

«ميدل إيست آي»: هل بدأ تغلغل الحوثيين في الأراضي السعودية؟!

«ميدل إيست آي»: المملكة العربية السعودية تعود إلى سياستها التقليدية في اليمن

منشقون عن حزب «صالح» يجتمعون في القاهرة بتنسيق مع أبوظبي

«معهد كارنيجي»: الفشل الخليجي في اليمن

دراسة إسرائيلية: إذا فعّلت السعودية وزنها فباستطاعتها تعزيز اتفاق سلام مستقبلي

«الجارديان»: لماذا تبدو طهران حذرة في تعاملها مع ما يحدث في اليمن؟

«أسوشيتد برس»: سكان المملكة الهادئة لا يشعرون بلهيب الحرب في اليمن

«فورين بوليسي»: في الرياض .. الجميع ملتفون حول العلم

لا تراجع للسعودية في اليمن

«رويترز»: خيارات السعودية تتضاءل في اليمن

التفاوض بشأن السلام اليمني: انقسامات عميقة وحقائق صعبة

«ستراتفور».. تنبؤات صادقة أم نبوءات ذاتية التحقيق؟

«ناشيونال إنترست»: هل فشل السعودية في اليمن نتيجة حتمية؟

دقت أجراس الخطر في الخليج العربي

مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي: قلق السعودية من إيران سيدفعها لمواجهتها عسكريا

«ناشيونال إنترست»: ما الذي يجري على الحدود السعودية اليمنية؟

اليـمن ما بعد معــركة عــدن

خيارات صعبة: هل يمكن للولايات المتحدة إيقاف الحرب في اليمن؟

«جيزان» مقابل «عدن» !

الأزمة اليمنية .. خيارات الأطراف في ظل التحولات العسكرية

«فورين أفيرز»: الحملة السعودية في اليمن تعمق الانقسامات داخل حركة الحوثي

البحث عن حلول حقيقية: كيف يمكن للتحالف السعودي تجنب الانفصال في اليمن؟

«رويترز»: النصر يراوغ السعودية في حرب اليمن