بلومبرغ: كلفة النفط قد تمحو إنجاز الاكتفاء من الغاز بمصر

الخميس 4 أكتوبر 2018 08:10 ص

"ما إن حققت مصر إنجازها المهم باستعادة الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي حتى فرض عليها سوق الطاقة مأزقا جديدا، يهدد بتوجيه ضربة جديدة إلى التمويل الحكومي الهش"..

هكذا صدرت وكالة "بلومبرغ" تقريرها حول إعلان الحكومة المصرية استيرادها لآخر شحنة من الغاز المسال، الأسبوع الماضي، مشيرة إلى أن "الإغاثة" التي وفرها ذلك لاقتصاد أكبر الدول العربية من حيث عدد السكان "قد لا تدوم طويلا".

فرغم أن زيادة الإنتاج بمقدار ستة أضعاف في حقل (ظهر) العملاق يعني أن مصر قادرة حاليا على تلبية احتياجاتها المحلية من استهلاك الغاز، وأن الحكومة يمكنها توفير نحو ملياري دولار سنويا، إلا أن تقديرات الموازنة العامة لأسعار النفط هي ذلك المأزق الذي تحذر منه الوكالة الأمريكية.

وتفترض موازنة العام المالي (2018-2019) أن أسعار النفط ستكون عند مستوى 67 دولارا للبرميل، لكن الخام تجاوز 80 دولارا بالفعل، ما يهدد خطط خفض العجز في إطار برنامج إصلاح اقتصادي مدعوم بقرض من صندوق النقد الدولي بقيمة 12 مليار دولار.

ويوازي كل دولار زائد عن سعر النفط المتوقع زيادة بنفقات الموازنة قيمتها 4 مليارات جنيه (222 مليون دولار) في النفقات الإضافية سنوياً، ولما كانت الحكومة المصرية تعتزم إنفاق 89 مليار جنيه (5 مليار دولار تقريبا) على دعم الوقود في العام الحالي، وهو رقم قد يتضاعف إذا استمر سعر النفط في الارتفاع، فإن العجز المالي بالموازنة العامة سيصل إلى 439 مليار جنيه (24.5 مليار دولار تقريبا) هذا العام، وفقا للتقديرات الرسمية.

معضلة العجز

هذا يعني أن الميزان التجاري لمصر سيعاني من احتمال محو المكاسب الناتجة عن إنهاء واردات الغاز الطبيعي المسال، فكل عشرة دولارات إضافية في أسعار النفط تضيف مليارا إلى 1.2 مليار دولار إليه، وفقاً لتقديرات رئيس قسم التحليل الكلي في بنك ( EFG-Hermes إي إف جي هيرمس) الاستثماري.

ويشكل ذلك معضلة للحكومة، التي سعت إلى التخلص التدريجي من دعم الوقود بحلول منتصف عام 2019؛ فإما أن تزيد العبء على المواطنين عبر رفع الأسعار بوتيرة أعلى وأسرع مما كان متوقعا، أو أن تتخلى عن هدفها بشأن سد العجز تماما.

وفي هذا الإطار، تنقل "بلومبرغ" عن الباحثة في (المبادرة المصرية للحقوق الشخصية) "سلمى حسين" قولها إن الاختيار السياسي أمام مصر هو إما أن ترفع الأسعار بحدة وتواجه استياءً اجتماعيا، أو أن تجد مصادر تمويل أخرى (لسد عجز الموازنة) مثل زيادة الضرائب على الأغنياء.

ورجحت "سلمى" أن تنحاز الحكومة المصرية إلى ما فعلته في العامين الماضيين، وهو زيادة الاقتراض، وخفض الدعم والأجور.

معاناة اجتماعية

 

ويعاني عدد سكان مصر، البالغ قرابة 100 مليون نسمة، من تدني قيمة دخولهم الحقيقية منذ السماح بتعويم العملة المحلية (الجنيه) في عام 2016، ما دفع بنسبة التضخم للارتفاع 30% مقارنة بالعام الماضي (2017).

ومنذ ذلك الحين، شهدت مصر 3 جولات من التخفيض في دعم الوقود، ومن المؤكد أن إزالته بالكامل سيؤدي إلى المزيد من معاناة عوائل الأسر.

وإزاء ذلك، تبدو الدولة المصرية أمام صراع صعب للتوصل إلى هدفها المتمثل في تقليص عجز الميزانية إلى 8.4% من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية الحالية، التي تنتهي في منتصف عام 2019، خاصة في ظل تجنب المستثمرين الأجانب لشراء سندات الخزانة المحلية، ورفع الحكومة لتكلفة الاقتراض منذ بداية السنة المالية في يوليو/حزيران الماضي.

وبوصول سعر خام برنت إلى أعلى مستوى له منذ أربع سنوات (عند 84.9 دولار للبرميل الأربعاء)، مع تشديد الأسواق قبل العقوبات الأمريكية على إيران وتراجع الإنتاج الفنزويلي، ومع توقعات "هيرمس" باستقرار أسعار النفط فوق 80 دولاراً للبرميل، فإن أسعار الفائدة - التي كان من المقرر أن تنخفض في السنة المالية الحالية - من المرجح أن تظل مرتفعة لفترة أطول من الزمن.

  كلمات مفتاحية

مصر الغاز النفط هيرمس حقل ظهر صندوق النقد الدولي