رويترز: هكذا استغلت الإمارات ثغرة آبل لاختراق هاتف أمير قطر

الأربعاء 30 يناير 2019 09:01 ص

كشفت وكالة رويترز، الأربعاء، في تقرير مطول، أن مساهمة عملاء سابقين بوكالة الأمن القومي الأمريكي ساعدت دولة الإمارات على تنفيذ مشروع للتجسس على خصومها من المعارضين والصحفيين والحقوقيين، إضافة إلى قادة حكومات الدول التي تصنفها كعدو، وعلى رأسهم أمير قطر "تميم بن حمد آل ثاني".

وأكد عملاء سابقون في المشروع الإماراتي السري للتجسس، والذي أطلق عليه (رافين)، أو الغراب الأسود، أن المشروع ساعد الهيئة الوطنية للأمن الإلكتروني في الإمارات (NESA) على تفكيك شبكة لتنظيم "الدولة الإسلامية" بعدما قام أحد أفراد التنظيم بطعن أحد المعلمين بأبو ظبي عام 2014، إذ قادوا جهود الإمارات لتقييم ما إذا كانت هجمات أخرى وشيكة.

وتكون الفريق من أكثر من 12 عميلا بالاستخبارات الأمريكية.

وبعدما تكشفت تفاصيل المشروع، قررت إحدى عميلات الاستخبارات السابقة الاستقالة من (رافين) فورا، بحسب "رويترز".

كما يحقق مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) حاليا في ما إذا كان موظفو (رافين) الأمريكيون قد سربوا تقنيات مراقبة سرية، أو استهدفوا شبكات كمبيوتر أمريكية بشكل غير قانوني.

 

أعداء الإمارات

 

ومن بين 9 عملاء استخبارات سابقين، أجرت "رويترز" مقابلات معهم، وافقت المحللة السابقة بوكالة الأمن القومي الأمريكي "لوري سترود" وحدها على ذكر اسمها بالتقرير، مشيرة إلى أن التعاقد معها – وزملاءها – تم في البداية لتولي مهام دفاعية بحتة، لحماية دولة الإمارات من المتسللين وغيرها من التهديدات الإرهابية الأخرى، لكن هذه المهام ما لبثت أن توسعت حتى شملت تعريف أعداء حكومة أبوظبي عبر الإنترنت واختراق هواتفهم وجمع بياناتهم.

وشمل تعريف أبوظبي لهؤلاء (الأعداء) معارضين وصحفيين وناشطين حقوقيين صنفهم الإماراتيون كأهداف أمنية.

وتضمنت قائمة المستهدفين عام 2012 الصحفي البريطاني "روري دوناهي"، الذي كتب مقالات تنتقد سجل الإمارات في مجال حقوق الإنسان، حيث قام أحد عملاء (رافين) بأداء دور المتبني لذات المعتقدات التي يكتب عنها "دوناهي" عبر الإنترنت، ثم أرسل له، عبر البريد الإلكتروني، رسالة طلب فيها من الصحفي البريطاني مساعدته لـ "بعث الأمل من أجل أولئك الذين يعانون منذ زمن طويل".

ويبدو أن "دوناهي" وثق في من نصب له الفخ، إذ تلقى رسالة تالية من عميل (رافين) تتضمن برنامجا قال إنه يساعد الصحفي البريطاني على "حمايته من تتبع رسائله"، ولم يكن – في الواقع – سوى برمجيات خبيثة ساعدت الإماراتيين على مراقبته، بحسب "رويترز".

وظل "دوناهي" ضحية لهذا الفخ لنحو 3 سنوات، إذ اكتشف اختراق بريده الإلكتروني عام 2015 بعدما تلقى بريدا إلكترونيا "مريبا"، ليتصل بباحث أمني في Citizen Lab (مختبر كندي متخصص في الخصوصية الرقمية) أكد له أن الحاسوب الخاص به مخترق منذ سنوات.

الناشط الحقوقي الإماراتي "أحمد منصور" كان أحد المستهدفين أيضا بعمليات (رافين) أيضا، بعد أن انتقد حرب بلاده في اليمن، والمعاملة التي يلقاها العمال المهاجرين بها، إضافة إلى اعتقال المعارضين السياسيين بها.

وفي سبتمبر/أيلول 2013، جمع (رافين) معلومات من حاسوب "منصور" تضمنت لقطات من رسائل بريده الإلكتروني، ناقش فيها تنظيم مظاهرة أمام المحكمة الاتحادية العليا بالإمارات مع أفراد من عائلات المعارضين السجناء.

وأدين "منصور" في محاكمة سرية عام 2017 بتهمة الإضرار بوحدة الإمارات وحكم عليه بالسجن لمدة 10 سنوات، وهو الآن محتجز في الحبس الانفرادي بحالة صحية سيئة.

وفي العام ذاته، استخدم عملاء المشروع الإماراتي أداة تجسسية متطورة، تسمى Karma، في اختراق جهاز الآيفون الخاص بزوجة منصور، (نادية).

 

ثغرة كارما

 

ولا تعتمد Karma على إيقاع ضحيتها بالنقر على رابط لتنزيل البرامج الضارة، بل لها من المستوى المتطور ما يمكنها من قرصنة أجهزة المستهدفين عبر الاعتماد على "ثغرة غير معروفة في برنامج الرسائل النصية iMessage الخاص بشركة آبل العالمية" حسبما أكدت "رويترز"، مشيرة إلى أن مسؤولي الشركة رفضوا التعليق على ما وردها من إفادات.

ولما أثبتت الأداة التجسسية المتطورة فعالية كبيرة، استخدمتها الإمارات، عامي 2016 و 2017، في استهداف هواتف المئات بالشرق الأوسط وأوروبا، بمن فيهم أمير قطر "تميم بن حمد آل ثاني" شخصيا.

وعن مثل هذه المهام قالت "سترود": "كان من الصعب تسويغ استهداف طفل يبلغ من العمر 16 عامًا على تويتر، لكنها مهمة استخباراتية، وأنت أحد عملاء المخابرات"، لافتة إلى أنها لم تمارس ذلك بشكل شخصيا.

وحول أسلوب تنفيذ هكذا هجمات إلكترونية، أشارت إلى أن الخبراء الأمريكيين هم من يحددون نقاط الضعف في الأهداف المختارة ويشترون برمجيات لتنفيذ مراقبتها أو اختراقها، على أن يقوم أحد الإماراتيين بضغط زر الإطلاق في أي هجوم.

وعن سبب هذا الأسلوب في تنفيذ الهجمات، نقلت "رويترز" عن عملاء سابقين بـ (رافين) أن هكذا ترتيب يهدف إلى إعطاء الأمريكيين - المشاركين في المشروع - "إنكارا معقولا" لطبيعة عملهم إذا ما تعرضوا للمساءلة.

 

انتقال المشروع

 

كانت أبو ظبي تتمتع بخبرة قليلة في مجال الإنترنت عندما تم إطلاق (رافين) عام 2009، وكانت الفكرة الأصلية بالنسبة للأمريكيين العاملين به هو تطوير المشروع وتشغيله لمدة تتراوح بين 5 و 10 سنوات حتى يتقن ضباط المخابرات الإماراتية ما يكفي لتولي مسؤوليته.

وبحلول عام 2013، كانت الوحدة الأمريكية في (رافين) تتكون من 12 إلى 20 عضوًا، مثلت غالبية الموظفين بالمشروع، لكن الإماراتيين لم يكونوا مرتاحين لبرنامج أمن قومي يسيطر عليه الأجانب، حسبما نقلت "رويترز" عن عملاء سابقين بالمشروع.

وفي عام 2015، أخبر مسؤولو الدفاع الإماراتيون أفراد الفريق الأمريكي بأن عليهم تشغيل مشروع (رافين) عبر شركة محلية تسمى (DarkMatter).

 وأسس "فيصل البناي" الشركة الإماراتية الجديدة عام 2014، وهو من أنشأ شركة أكسيوم Axiom أيضا كواحدة من أكبر باعة أجهزة الهواتف النقالة بالمنطقة.

سوقت DarkMatter نفسها كمطور مبتكر لتكنولوجيا الإنترنت الدفاعية، وساعدت قوات الأمن الإماراتية في جهود المراقبة، وكانت تحاول تجنيد خبراء أجانب، وظل غرض مشروع (رافين) سرا مخفيا حتى عن أغلب مدرائها التنفيذيين.

وتعترف الشركة الإماراتية، التي تضم أكثر من 650 موظفا، علنا، بعلاقة عمل وثيقة مع حكومة أبوظبي، لكنها تنفي المشاركة في جهود القرصنة المدعومة من دولة الإمارات.

وأثارت مشاركة أمريكيين في فريق (رافين) الجدل حول أخلاقية عملهم لدى الدوائر الأمريكية، إذ يرى البعض أن العمل الاستخباري لبلد آخر هو محض "خيانة"، فيما يرى آخرون أن القوانين التي تحدد ما يجوز لوكلاء الاستخبارات الأمريكية السابقين فعله في الخارج يشوبها الغموض.

ورغم أن القوانين تحظر على المتعاقدين (من وكلاء الاستخبارات السابقين) مشاركة المعلومات السرية، لكنها لا تنص على حظر مشاركة معلومات أكثر عمومية، مثل كيفية استهداف بريد إلكتروني محمّل بفيروس مثلا.

وفي هذا الإطار، قال مساعد المدير التنفيذي السابق لمكتب التحقيقات الفيدرالي  "بو أندرسون": "هناك التزام أخلاقي يمنعك - إذا كنت ضابط استخبارات سابق - من أن تصبح مرتزقًا لحكومة أجنبية".

أما اختراق شبكات الاتصالات الخاصة بالولايات المتحدة أو التجسس على اتصالات الأمريكيين، فينص القانون على حظره بشكل قاطع، ولذا ظلت عملياته سرية حتى داخل فيلا المشروع الإماراتي.

المصدر | رويترز

  كلمات مفتاحية

الإمارات كارما قطر تميم بن حمد آل ثاني أحمد منصور أبوظبي رافين تجسس وكالة الأمن القومي الأمريكي روري دوناهي اليمن آبل

جوجل تحذر من مواقع قد تكون الإمارات اخترقتها

بعد بيزوس.. ملياردير أمريكي يتهم هيئة إماراتية باختراق هاتفه