المنافسة بين شركات الطيران الخليجية والأمريكية والأوروبية

الخميس 25 يونيو 2015 05:06 ص

تدور حرب منافسة تجارية بين بعض شركات الطيران في دول الخليج (شركات طيران الإمارات والاتحاد والقطرية) من جهة وشركات طيران أمريكية (دلتا وأمريكان ويونايتد أير لاينز) ومعها بعض شركات الطيران الأوروبية من الجهة الأخرى. نشبت حرب المنافسة التجارية بين الشركات المذكورة أعلاه، وهي تمثل أكبر شركات الطيران في العالم، بعد انتهاج سياسة «الأجواء المفتوحة» وهي اتفاقيات تنظم طيران الرحلات التجارية بين أمريكا وهذه الدول وما تتضمنه من التحرير للطيران وتخفيف القيود على حقوق الهبوط.

وشركات الطيران الأمريكية ومن معها تطالب بإعادة النظر في سياسة الأجواء المفتوحة التي تستفيد منها، وفق مزاعمهم، شركات الطيران الخليجية لأنها استطاعت في الآونة الأخيرة أن تحول من عواصمها، دبي وأبوظبي والدوحة ومدن خليجية أخرى، إلى «نقطة وصل» أساسية لحركة الملاحة الجوية والطيران بين معظم الدول ومدنها الكبيرة التي تتقدم بطلبات خاصة لشركات الطيران الخليجية لإضافتها لجداولهم. وهنا مربط الفرس.

ذكرت شركات الطيران الأمريكية في مجمل قولها أن شركات الطيران الخليجية ذات النمو المتصاعد استطاعت الحصول، وظلت تحصل، على دعم مادي كبير من حكوماتها يتجاوز الأربعين مليار دولار خلال العقد الماضي. وبحديث آخر، أنه لو لم تحصل شركات الطيران الخليجية على هذا الدعم القوي لما تمكنت من الوصول إلى الوضع الذي تحتله الآن.

وأن الوصول لهذا الموضع لم يتم بطريقة تجارية طبيعية حتمية، وفي هذا مخالفة لقواعد وأصول المنافسة التجارية وفق الممارسات التجارية التقليدية إضافة للضوابط الصادرة من منظمة التجارة العالمية بمنع الدعم والإغراق وترك الحركة التجارية لتنمو على سجيتها الطبيعية. وكقاعدة، فإنه يترتب على الجميع الالتزام بأسس المنافسة السليمة الحرة وفق الممارسات التجارية السليمة والأعراف السائدة وما نصت عليه قوانين ومواثيق المنافسة.

وهذا الجدل مستمر منذ مدة من الزمن ولدرجة قد تؤثر في صناعة وحركة الطيران في العالم لأن الاصطدام بين هذه الشركات العملاقة سيكون له انعكاساته السلبية على مستقبل شركات الطيران، وهذا سيلقي بظلاله على حركة السفر والتنقل والترحيل وما شابهه. ولكن من الثابت حتى الآن، أن الحديث عن الدعم صدر فقط من شركات الطيران الأمريكية المنافسة ولم يصدر ما يؤيده بصورة قاطعة من الحكومة أو الجهات الرسمية في أمريكا والتي تتدخل في أغلب الأحوال في مثل هذه الادعاءات لحماية المنافسة التجارية الشريفة، على حد زعمهم.

في هذا الخصوص فإن شركات الطيران الأمريكية ليست مبرأة تماماً لأن تسريبات «ويكيليكس» أشارت إلى أن الحكومة الأمريكية قدمت مليارات الدولارات كدعم لشركات الطيران الأمريكية.

فكيف يؤثرون أنفسهم ويستكثرونه على غيرهم؟

وتقول شركات الطيران الأمريكية، وبدعم تام من نقابات العمال وبعض شركات الطيران الأوروبية، إن شركات الطيران الخليجية تستفيد وبشكل غير عادل بقروض ضخمة من دون فوائد، ومن دعم على خدمات المطارات، وأنها تجد الحماية الحكومية خاصة في مجال المحروقات، وإضافة لكل هذا تستفيد من الأيدي العاملة الرخيصة القادمة من الدول الآسيوية والإفريقية، ومن انخفاض معدلات الضرائب ورسوم الهبوط المنخفضة وغيره من الدعم غير المادي.

ومن دون شك، فإن معظم هذه النقاط لم تتسبب شركات الطيران في خلقها أو وجودها من أجل مصلحتها بل هي بعيدة تماماً عن يدها، وكذلك يد الدولة، مثل انخفاض العمالة في المنطقة والتنافس بين الممولين لتقديم التمويل والابتعاد عن أو تقليل الضرائب والرسوم مقارنة بما عليه الوضع في بقية الدول. فهل نلوم من وجد نفسه في هذا الوضع «الخاص»، أو من أتى إلى الحياة من ظهر أب صاحب ثروة أو علم أو أدب. 

إضافة لهذه الميزات المكتسبة من واقع الحال، فإن شركات الطيران الأمريكية ومن يقف معها لا تأخذ في الاعتبار أن مواطني دول الخليج بحكم وضعهم المالي ينفقون كثيراً في السفر مما يوفر سوقاً رائجاً وطلباً أعلى لشركات الطيران الخليجية.

كذلك لا يأخذون في الاعتبار المتغيرات العالمية الكبيرة في حرب الأجواء بين دول الخليج والغرب، حيث تغير العالم وتغيرت معه موازين القوى وسير الحركة بسبب صعود وظهور آسيا وإفريقيا والموقع الجغرافي المتميز للخليج في وسط هذا العالم الجديد ما جعل هذه الدول تستفيد من موقعها وتستثمر أموالها الفائضة لبناء شركات طيران وصناعة طيران قوية حديثة سقفها السماء.

واستغلال مثل هذا الوضع يحسب «شطارة» في ميزان التاجر، ليس إلا، وعبر هذه الشطارة التجارية المتوارثة تتوسع شركات الطيران الخليجية في طلباتها لضم المزيد من المدن والبلدان لقوائم رحلاتها وهذا ما يزعج ويضايق شركات الطيران العالمية الأخرى سواء الأمريكية أو الأوروبية التي تطالب بقفل الأجواء في وجه الشركات الخليجية القادمة بعزيمة قوية لا يستطيعون منافستها في السوق المفتوح أمام الجميع.

وكل هذه «الجعجعة»، في نظر العديد، تهدف لإرغام حكوماتهم للتدخل من أجل التدخل «الفوقي» ناسين أو متناسين أنهم من كان وراء سياسة فتح السموات بحثاً عن الوصول لكل الاتجاهات لكن غيرهم اغتنم الفرصة، وكذلك ناسين أن من هذه الشطارة التجارية للشركات الخليجية تستفيد شركات غربية كثيرة على رأسها البوينغ والإير باص والشركات المتعاقدة معها لسد طلبيات الطائرات التي تطلبها تباعاً شركات الطيران الخليجية بمليارات الدولارات مما يتيح فرصة استيعاب الآلاف من العمال ورفع سجل الوظائف والتوظيف الذي يهتمون بمراجعته يومياً ويثمنون نتائجه لمصلحة الاقتصاد.

وتحديداً، فيما يتعلق بالمنافسة غير السليمة بسبب الدعم، قال مصدر مطلع في الحكومة الأمريكية إنهم يجدون صعوبة جمة فيما يتعلق بمزاعم هذه المنافسة القائمة الآن بين الأطراف ومدى حدودها وكنه آثارها لأنه لا توجد قواعد للتجارة العالمية، أو سوابق أمريكية لمعالجة أمر مزاعم دعم شركات الطيران مما يفرض تحدياً كبيراً على الإدارة في مسعاها لتحديد كيفية المضي قدماً، خاصة أن قواعد منظمة التجارة الدولية لا تسري بصفة تفصيلية على حقوق النقل الجوي أو خدماته بالرغم من أنها وضعتها قيد المراجعة بوجه عام.

مثل هذا القول، قد يخدم شركات الطيران الخليجية أكثر مما يعمل ضدها وكل هذا يضع الموضوع في زاوية قاتمة عديمة الملامح وقد يتطلب حسم هذا الموضوع وقتاً طويلاً وجهداً كبيراً، لا ندري إلى أين سيصل.

لكن، في جميع الأحوال، من المحبذ ترك سياسة السماوات المفتوحة وفي هذا فليتنافس المتنافسون لمصلحة المستهلك والتجارة بصفة عامة تحت مظلة سياسة السوق الحر. وعلى شركات الطيران من جميع الجنسيات بذل المزيد في تقديم أفضل الخدمات بالأسعار التنافسية المقبولة وقطعاً سيكون السوق هو «الفيصل» وسيد الموقف.

لكن إذا تم التأثير في هذه السياسة عبر مداخل أخرى أو قوى خارجية فإن أمر الطيران ومستقبله سيتأثر ويتضعضع ومن هذا يتضرر الجميع وعلى رأسهم المستهلك ومقدمو الخدمات لهذا المستهلك.

إن هذه المعركة الدائرة الآن بين شركات الطيران المعنية قد تقود نتائجها إلى دعم مبادئ التجارة الحرة في كل اتجاهات ومرافئ العالم أو قد تقود إلى العكس تماماً، خاصة إذا لم يتم استيعاب أهداف ومبررات هذه المعركة ومن يقف خلفها ولماذا يقف خلفها. وأين نحن من هذا بعيداً عن الانتماءات والولاءات؟

* د. عبدالقادر ورسمه غالب المستشار القانوني ورئيس دائرة الشؤون القانونية لمجموعة بنك البحرين والكويت وأستاذ قوانين الأعمال والتجارة بالجامعة الأمريكية بالبحرين. 

  كلمات مفتاحية

طيران الإمارات طيران الاتحاد الخطوط الجوية القطرية الدعم الخليجي مزاعم أمريكية

الخطوط القطرية: لا حاجة لتقديم تنازلات لشركات طيران أمريكية

«طيران الإمارات» تعتزم تقديم رد على اتهامات أمريكية بتلقي دعم مشوه للمنافسة

خلاف شركات الطيران الأمريكية والخليجية يتصدر جدول اجتماع إياتا

الاتحاد للطيران ترفض مزاعم الحصول على دعم مشوه للسوق

«طيران الإمارات» تتعهد بـ«رد قوي» على اتهامات شركات طيران أمريكية بتلقي دعم غير عادل

مشرعون أمريكيون يطالبون إدارة أوباما ببحث مزاعم دعم شركات الطيران الخليجية

مزاعم الدعم الحكومي لشركات الطيران الخليجية تضعها تحت تهديد القيود الأمريكية

البرلمان الأوروبي يدعو دول الخليج «للمنافسة العادلة» في قطاع الطيران

«الاتحاد الأوروبي» يسعى لإبرام اتفاقية مع دول الخليج في مجال الطيران

«لوفتهانزا» الألمانية تطلب مساعدة حكومية ضد منافسة الطيران الخليجي

رئيس الخطوط القطرية يرفض عمليات الدمج بين شركات الخليج

أوروبا تسعى لاتفاقات شراكة مع تركيا وقطر والإمارات لإنقاذ طيرانها