زيارة بوتين للرياض تحدد مستقبل العلاقات السعودية الروسية

السبت 12 أكتوبر 2019 02:42 م

يتوجه الرئيس "فلاديمير بوتين" إلى الرياض في منتصف شهر أكتوبر/ تشرين الأول الجاري في محاولة لجذب استثمارات تبلغ قيمتها مليارات الدولارات تعهدت بها المملكة لروسيا لكنها فشلت في الوفاء بها. ويأمل "بوتين" أيضًا في إقناع المملكة بزيادة التجارة الثنائية بين البلدين.

وإذا فشلت الزيارة في تحقيق النتائج الملموسة التي يريدها "بوتين"، فقد تنسحب روسيا من اتفاق "أوبك بلس" الذي أبقى أسعار النفط العالمية مرتفعة على مدار العامين الماضيين. ويمكن لموسكو أن تقترب أكثر من إيران، عدو السعودية اللدود.

ولم ترد السعودية على أول رحلة قام بها "بوتين" للمملكة العربية السعودية في شهر فبراير/ شباط عام 2007 إلا في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2017، وكانت هذه هي المرة الأولى التي يقوم فيها العاهل السعودي بزيارة رسمية لروسيا.

استثمارات على الورق

بدأ دفء العلاقات بين البلدين قبل ثلاث سنوات عندما انضمت روسيا إلى المملكة العربية السعودية في قيادة ترتيب لخفض إنتاج النفط يعرف باسم "أوبك بلس". وحقق الاتفاق الذي شاركت فيه 14 دولة عضو في أوبك و 11 دولة من خارج أوبك، هدفه المتمثل في زيادة أسعار النفط.

وشملت زيارة الملك "سلمان" لروسيا قبل عامين تعهدات بمليارات الدولارات من الاستثمارات السعودية في صناعة النفط الروسية بما يشمل ضخ الأموال في مجمع الغاز الطبيعي المسال التابع لشركة "نوفاتيك أركتيك" ومنشأة "سيبور"، أكبر منشأة للبتروكيماويات في روسيا، كما وعد السعوديون أيضًا بالاستثمار في شركة "أوراسيا دريلنج"، أكبر مقاول للحفر في مجال النفط والغاز في روسيا.

ولم يتم الوفاء بأي من هذه الاستثمارات التي تقدر بمليارات الدولارات، على الرغم من أن السعوديين عملوا على الاستحواذ على 30% من شركة "نوفوميت" للنفط والغاز في روسيا. ولا يزال هذا هو الاستثمار الوحيد للسعودية في قطاع الطاقة الروسي.

وتعتمد قدرة الروس والسعوديين على الارتقاء بعلاقاتهم إلى المستوى التالي على ما إذا كان يمكنهم الاتفاق على طريقة لإدارة توقعاتهما المتباينة حول شكل العلاقة.

على سبيل المثال، تسعى الرياض إلى تمديد أمد اتفاقية "أوبك بلس" بنحو 20 عاما لتشمل خفضا تلقائيا ملزما للإنتاج عند الضرورة، لكن روسيا رفضت فكرة التخفيضات الإلزامية على المدى الطويل. وأدى هذا الإحجام إلى توقيع الموقعين على نسخة روسية من الاتفاق تفتقر للقدر الكافي من الإلزام.

واختلف الروس والسعوديون أيضًا حول صندوق تنمية مشترك بقيمة 6 مليارات دولار وأنواع المشاريع التي يتعين عليها تغطيته. وكان صندوقا الثروة السيادية في كلا البلدين - صندوق الاستثمار المباشر الروسي وصندوق الاستثمار العام في المملكة العربية السعودية – قد اتفقا على إنشاء أداة للتمويل المشترك في مايو/ أيار عام 2017. ويريد الروس استخدام الأداة المشتركة لتمويل مشروعات الطاقة، في حين يريد السعوديون استخدامها لتمويل البنية التحتية غير المرتبطة بالطاقة مثل كالمطارات.

لا يتطلب الأمر خبيرًا في الطاقة لفهم سبب عدم رغبة السعودية في مساعدة صناعة النفط والغاز الروسية حيث تحجم المملكة بشكل طبيعي عن الاستثمار في مشروعات يمكن أن تعزز موقف أبرز منافسيها العالميين في مجال الطاقة.

أوبك بلس في خطر

وكلفت صفقة "أوبك بلس" السعودية بالفعل موقعها كمورد رائد للصين، أكبر مستورد للنفط في العالم لأن السعودية كانت مضطرة لتحمل الجزء الأكبر من التخفيضات بين الموقعين على الاتفاقية.

وسارعت روسيا للاستيلاء على حصة السوق التي فقدها السعوديون في الصين. وكانت هذه التجربة سببا رئيسيا وراء تركيز المملكة لاستثماراتها في مجال الطاقة على البلدان المستوردة مثل الصين والهند وباكستان.

ولكن على الرغم من ترددها، إلا أن الرياض ستحتاج إلى متابعة بعض تعهداتها الاستثمارية في مجال الطاقة الروسية، أو المخاطرة ببرود في العلاقات قد يشمل تخلي الكريملين عن اتفاق "أوبك بلس".

ويعارض عدد من أصحاب شركات الطاقة الروسية"أوبك بلس" لأنه سيقلل إنتاج شركاتهم وبالتالي أرباحهم. لكنهم وافقوا عليه بسبب إصرار "بوتين".

إذا استمر السعوديون في التراجع عن وعودهم الاستثمارية، فيمكن أن يبدأ قادة صناعة الطاقة الروسية - وكلهم من أصدقاء "بوتين" - في مطالبة الكرملين بإلغاء الاتفاق.

وقد يتسبب انسحاب روسيا من الاتفاقية في عودة تقلبات الأسعار التي أزعجت أسواق النفط العالمية قبل التوصل إلى الصفقة وهي نتيجة من شأنها أن توتر السعودية.

وتعد مواقف البلدين تجاه القضايا المختلفة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أحد المحددات الرئيسية للعلاقات بينهما في المرحلة المقبلة. وإذا انتهى المطاف بالبلدين على طرفي نقيض في قضية أو أكثر من القضايا الإقليمية الشائكة، فإن التقارب بينهما قد يتلاشى بسرعة.

المصدر | رؤوف محمدوف - معهد الشرق الأوسط

  كلمات مفتاحية

صفقة أوبك بلس العلافات السعودية الروسية

بوتين يشيد بعلاقات بلاده مع السعودية والإمارات