ما يجعلنا نصل إلى هذه النتيجة، حدوث تغييرات كبيرة على سلم جدول الأولويات بالنسبة إلى الدول الإقليمية والدولية الفاعلة في منطقة الشرق الأوسط، خاصة بعد توقيع الاتفاق الإيراني النووي، وكون دولة الإمارات أول المرحبين به، وتأكيد «فيليب هاموند» وزير الخارجية البريطاني بأن بلاده، والغرب عموما، لم يعد يضع مسألة اسقاط النظام السوري ومؤسساته على قمة أولوياته، بل يريد الحفاظ على هذا النظام ومؤسساته لتجنب تكرار الأخطاء التي حدثت في ليبيا والعراق.
دولة الامارات العربية المتحدة اندفعت في بداية الأزمة السورية في تأييدها للثورة السورية، ولكنها تراجعت عن موقفها هذا، ونأت بنفسها عن تقديم أي مساعدات مالية أو عسكرية للمعارضة السورية المسلحة، وإن كانت التزمت بالاستمرار في عضويتها في منظومة أصدقاء سورية.
السفارة السورية في أبو ظبي لم تغلق، واستمر القسم القنصلي فيها في تقديم خدمات للجالية السورية في الإمارات، بما في ذلك تجديد جوازات السفر، والتصديق على الوكالات التجارية والشخصية، وعلمت صحيفة «رأي اليوم» من مصادرها في دمشق أن زيارات المبعوثين الإماراتيين إلى دمشق، ذات الطابع السري، لم تتوقف طوال الأعوام الأربعة الماضية من عمر الأزمة، ولوحظ أن الإمارات لم تنضم إلى الحلف الثلاثي السعودي التركي القطري الذي كان يدعم المعارضة السورية والائتلاف الوطني السوري خاصة بقوة، وهذا يعني أن إعادة فتح سفارة الإمارات مجددا هو تحصيل حاصل.
السلطات التونسية التي استضافت أول اجتماع لمنظومة أصدقاء سورية عام 2012، وبادرت إلى قطع العلاقات الدبلوماسية مع دمشق في خطوة لافتة، قامت بإعادة فتح قنصليتها في العاصمة السورية، أو بالأحرى أضفت صفة دبلوماسية على مكتب رعاية مصالحها ورعاياها فيها، وأكدت للحكومة السورية أنها بصدد استئناف العلاقات الدبلوماسية وفتح السفارات في البلدين في أقرب وقت ممكن.
ولعل التصريحات التي أدلى بها الدكتور «نبيل العربي» أمين عام جامعة الدول العربية حول استعداده للقاء السيد «وليد المعلم» وزير الخارجية السوري في أي مكان يحدده الأخير في اسرع وقت ممكن تمهيدا لإلغاء تجميد عضوية سورية في الجامعة، هي أحد مظاهر عودة الحجيج العربي الدبلوماسي إلى دمشق، صحيح أن الدكتور «العربي» تراجع عن هذا ”الغزل“ لاحقا في تصريحات صحافية رضوخا لضغوط سعودية، ولكن هذا التراجع لا يغير من حقيقة الواقع شيئا، فالحجيج مستمر وربما يتصاعد في الأيام المقبلة.
وتوقعت «رأي اليوم» أن تكون الكويت هي أول من يلحق بالإمارات في هذا الصدد، خاصة وأنها أعادت فتح السفارة السورية في الكويت في خطوة أثارت جدلا كبيرا.