لوس أنجلوس تايمز: إيران انتقمت من أمريكا دون رصاصة واحدة

الثلاثاء 7 يناير 2020 05:29 م

دون إطلاق رصاصة واحدة، يبدو أن إيران نفذت هجوما انتقاميا مدمرا لمقتل الجنرال "قاسم سليماني" ضد الولايات المتحدة عبر العملية الديمقراطية في العراق؛ إذ صوت أعضاء برلمان الأخيرة، الأحد الماضي، لصالح طرد الجنود الأمريكيين؛ وبذلك ربما تكون طهران ربحت معركة النفوذ في هذا البلد العربي.

لم تُطلق رصاصة الرحمة الاستراتيجية هذه بالصواريخ أو السترات الانتحارية، وإنما بالأصوات المشروعة في ديمقراطية بنتها الولايات المتحدة.

  • ما معنى ذلك؟

إذا افترضنا أن رئيس الوزراء العراقي سيوقع على مشروع القانون غير الملزم هذا ليصبح قانونا (هناك فرصة بألا يقوم بذلك) فيجب سحب القوات الأمريكية. إن اتفاقية الإطار الاستراتيجي التي أرست أساس الوجود العسكري الأمريكي في العراق لا لبس فيها؛ حيث تقول إن "الوجود المؤقت للقوات الأمريكية في العراق هو بناء على طلب ودعوة كاملة من حكومة العراق ذات السيادة وباحترام كامل لسيادة العراق".

ومن المرجح أن يظن العراقيون أن الولايات المتحدة انتهكت السيادة العراقية في هجوم الطائرات المسيرة في بغداد التي قتل "سليماني" ومواطنين عراقيين.

وقد تكون التأثيرات بعيدة المدى مضرة بالمصالح الاستراتيجية الأمريكية. إن عدم وجود أي قوات على الأرض، ولا طائرات تحوم جوا، سيعني أن القوات الأمريكية ستفقد قدرتها على رؤية وضرب أهداف تنظيم "الدولة" في العراق. ومن الممكن نقل قيادة فرقة العمل المشتركة المدمجة بأكملها التي تقود حاليا الحرب ضد "الدولة" من بغداد. وستُصاب العمليات في سوريا، التي تعتمد اعتمادا كبيرا على الدعم من العراق، بضعف شديد. كما سيتوجب إغلاق قواعد التحالف الكبيرة؛ مما يُلزم الحلفاء الأوروبيين والمتعاقدين بخيار الانسحاب من العراق.

ما لم يرفض العراقيون تماما الوجود الإيراني (حدث غير مرجح)؛ فسيتعين على الولايات المتحدة اعتبار أنها خسرت العراق فعليا لصالح إيران. إن ما يسمى بالهلال الشيعي الذي يمتد من إيران عبر العراق إلى بلاد الشام أصبح أقرب إلى الواقع. إذا تمكنت إيران من الحفاظ على موطئ قدم لها في العراق، فقد فازت الآن بجسرها البري عبر الهلال.

وإذا طُرد الجنود الأمريكية؛ ستفقد قوات الأمن العراقية حليفها الأكثر قدرة وفائدة. سيكون العراقيون الذين يواصلون التمرد المستمر ضد تنظيم "الدولة" في ورطة خطيرة. سيختفي المستشارون الأمريكيون الذين قدموا الدعم اللوجستي والدعم الطبي. كما سيُقطع دعم عملية مكافحة الإرهاب العراقية، التي كانت تعتمد منذ فترة طويلة على الدعم الأمريكي.

وبعد إخراج الجنود الأمريكيين، سيتعطل على الأرجح "صندوق التدريب والتجهيز"، المكافح لتنظيم "الدولة"، والذي تبلغ قيمته مليارات الدولارات، وهو المصدر الرئيسي لتمويل قوات الأمن العراقية، وقد تنضب المساعدات الأمريكية للمدنيين العراقيين الذين عانوا من الحرب الأخيرة.

  • هل هو فخ إيراني؟

ربما، لكن إذا كان الأمر كذلك، فذلك يرجع جزئيًا إلى أن الولايات المتحدة كانت بدون استراتيجية مركزة طويلة الأجل في العراق منذ سنوات، كما كان اتفاق الإطار الاستراتيجي الذي تم تأسيسه في عام 2008 مهتزا منذ البداية.

هناك خياران عمليان متبقيان للولايات المتحدة في العراق. فيمكن للرئيس "ترامب" أن يأخذ هذا الحدث كفرصة للحد من تورط أمريكا في النزاعات الخارجية. ويمكن إلقاء العراق فعليا في أيدي الإيرانيين على أمل أن يشرعوا في إحداث الفوضى فيه، وبالتالي يُطردون من قبل العراقيين المحبطين بشكل متزايد. وقد تبدو هذه استراتيجية قائمة على الأمل، والأمل ليس استراتيجية.

الخيار الآخر هو إعادة التفاوض بسرعة على الوجود العسكري الأمريكي في العراق. إذا تمكنت الولايات المتحدة من الحفاظ على منصب استشاري، فقد تكون قادرة على الحفاظ على مقراتها المناهضة لتنظيم "الدولة" ومواصلة تمويل التدريب والمعدات. كل هذه الأمور في مصلحة العراق ويمكن إعادة التفاوض عليها إذا تم تمكين الدبلوماسيين الأمريكيين من القيام بذلك.

كانت هناك حاجة لإعادة ضبط العلاقات بين الولايات المتحدة والعراق وإعادة التفاوض حول اتفاقية الإطار الاستراتيجي قبل الأزمة الحالية. إذا تمكن صناع السياسة والدبلوماسيون الأمريكيون من التوصل إلى إستراتيجية طويلة الأجل للعراق، فقد تتحقق صفقة يمكن أن تعود بالنفع على كلا الجانبين. هذا من شأنه أن يساعد على تخفيف فوز إيران، وتعزيز السيادة العراقية وتطبيع العلاقات التي كانت طبيعية لفترة طويلة جدا.

المصدر | لوس أنجيلوس تايمز - ترجمة الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

قاسم سليماني مواجهة ايران الحكومة العراقية