و.س.جورنال: خيارات أردوغان الصعبة في سوريا

السبت 29 فبراير 2020 09:32 م

مع تزايد الخسائر في سوريا، وعدم وجود إشارة إلى استعداد حلفاء تركيا الغربيين لتقديم دعم عسكري كبير، يختبر الرئيس "رجب طيب أردوغان" حدود استراتيجيته في التعاون مع روسيا، الداعم الرئيسي للنظام السوري.

وقالت تركيا، الجمعة، إنها ردت على قوات "بشار الأسد"، بعد يوم من مقتل 33 من جنودها على الأقل في غارات جوية في شمال غرب سوريا.

وألقت تركيا باللوم على نظام "الأسد" في وقوع الضحايا، الذين رفعوا خسائرها إلى أكثر من 50 هذا الشهر فقط. وقالت وزارة الدفاع الروسية إن مقاتلاتها النفاثة لم تشارك في الاشتباك الذي وقع يوم الخميس، رغم أنها تسيطر على معظم السماء السورية، وتقوم بمعظم الغارات الجوية ضد المعارضة المدعومة من تركيا في محافظة إدلب السورية.

وقال الكرملين إن الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" ونظيره التركي "أردوغان" تحدثا هاتفيا يوم الجمعة واتفقا على تنظيم اجتماع لمعالجة الوضع في إدلب.

وأظهر الوضع الدرامي في إدلب حدود استراتيجية "أردوغان" في مواجهة نظام "الأسد"، الذي عارضته أنقرة طوال الحرب السورية، في الوقت الذي تواصل فيه الشراكة مع "بوتين". وخلال أعوام الحرب، انسحب آلاف المقاتلين وأكثر من 2 مليون مدني إلى إدلب في الوقت الذي أعادت فيه قوات النظام السيطرة على معظم البلاد.

وبينما ينتقل "الأسد" للسيطرة على إدلب، آخر قطعة كبيرة من الأراضي السورية خارج سيطرته، يواجه "أردوغان" احتمال حدوث اشتباك كامل بين تركيا وروسيا.

وقال "دولت بهشلي" رئيس حزب الحركة القومية، والحليف السياسي لـ"أردوغان"، في خطاب له الثلاثاء: "من الجو، تقصف المقاتلات الروسية المدنيين"، مما يعكس معارضة متزايدة في الداخل لاحتضان "أردوغان" العلاقات الدافئة مع موسكو.

وفي وقت سابق وصف الرئيس التركي نظيره الروسي بأنه صديق موثوق به، حيث وقع سلسلة من العقود معه في الأعوام الأخيرة لشراء الغاز الطبيعي ومحطة للطاقة النووية ونظام دفاع جوي روسي متطور من طراز "إس-400".

وقال "بهشلي" إنه أصبح من الواضح أن روسيا لا يمكن اعتبارها شريكا استراتيجيا؛ لأنه بالرغم من احتضان "أردوغان" لها، اختار "بوتين" دمشق على أنقرة.

وتقول السلطات الروسية إن قوات "الأسد" لها الحق في قمع الجماعات المتطرفة في محافظة إدلب.

وكان الابتعاد شيئا فشيئا عن الولايات المتحدة باتجاه روسيا أحد الركائز الأساسية لسياسات "أردوغان" الداخلية والخارجية منذ نجا من انقلاب فاشل في يوليو/تموز 2016.

وبينما غضبت تركيا من قرارات الولايات المتحدة بتسليح المقاتلين الأكراد السوريين، الذين تعتبرهم تهديدا إرهابيا، ورفض طلبها للمساعدة في محاكمة المتآمرين المزعومين في محاولة الانقلاب، استضاف "بوتين"، "أردوغان" في سان بطرسبرج في وقت لاحق من ذلك الصيف، وعرض تعزيز التعاون الثنائي في كثير من الأمور، من التجارة إلى الدفاع.

وفي أواخر عام 2017، وقعت تركيا عقدا بقيمة 2.5 مليار دولار للحصول على نظام الدفاع الجوي الروسي "إس-400"، ما أثار اتهامات من شركائها الأعضاء في منظمة حلف شمال الأطلسي "الناتو" بأنها تدير ظهرها إلى التحالف العسكري.

وقال "أيدين سيزر" كاتب العمود التركي، الذي شغل منصب الملحق التجاري في موسكو: "أرسلت تركيا برسالة مفادها أنه يمكنها التحدث مع كل من الولايات المتحدة وروسيا على قدم المساواة. ورحب الرأي العام التركي بذلك".

وقال "فلاديمير فرولوف"، محلل السياسة الخارجية في موسكو، إن سعي "بوتين" لإقامة علاقة أوثق مع الرئيس التركي سمح له بدق إسفين بين تركيا وأعضاء "الناتو" الآخرين، لكن أولويته هي انتصار "الأسد" في سوريا.

وأضاف "فرولوف": "توجد أهداف مشتركة بين بوتين والأسد لإعادة فرض السيطرة الكاملة على الحدود، وهزيمة المتمردين، وطرد السكان السنة من سوريا إلى تركيا".

وأصبح تحقيق التوازن بين روسيا والولايات المتحدة أكثر صعوبة بالنسبة لـ"أردوغان" عندما بدأت موسكو في لعب دور أكبر في سوريا وفي كل مكان آخر في الشرق الأوسط، بينما بدأت إدارة "ترامب" في إعادة تقييم مدى تورطها في النزاعات الخارجية.

وتحدث الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" الجمعة مع "أردوغان"، وفقا للبيت الأبيض، معربا عن تعازيه وإدانة الهجوم الذي وقع الخميس وراح ضحيته أفراد أتراك في سوريا. وبعد المكالمة، لم يعلن البيت الأبيض عن أي تدابير دعم محددة جديدة لتركيا.

وفي محاولة واضحة لتلقي المزيد من الدعم من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، سواء للتعامل مع أعداد اللاجئين المتضخمة ومواجهة نظام "الأسد"، فتحت تركيا حدودها البرية والبحرية مع الاتحاد الأوروبي يوم الجمعة، ما سمح للاجئين بالتوجه نحو اليونان وبلغاريا. وردت دول الاتحاد الأوروبي بزيادة الدوريات على طول الحدود مع الدولتين.

ومع اشتداد القتال في إدلب، كافح "أردوغان" و"بوتين" لمعالجة التوتر المتزايد بينهما.

ونشر "أردوغان" ما يقدر بنحو 10 آلاف جندي شمال غرب سوريا في وقت سابق من هذا الشهر لمساعدة المعارضة على مقاومة تقدم قوات النظام السوري، وكذلك لمنع مئات الآلاف من المدنيين الفارين من القتال من التدفق إلى تركيا. لكن روسيا رفضت السماح للطائرات التركية بتقديم الدعم الجوي في إدلب، كما فعلت في أجزاء أخرى من سوريا في الماضي، تاركة القوات التركية عرضة للهجوم.

وقال "أردوغان" الأربعاء إن "إغلاق المجال الجوي السوري هو أكبر مشكلة لنا". ولا يمكن استخدام نظام "إس-400" لأنه لم يبدأ العمل بعد.

وقال "أردوغان" أيضا إن الولايات المتحدة رفضت طلبا لنشر نظام الدفاع الصاروخي الأمريكي "باتريوت"، في حين جمد البنتاجون تسليم تركيا مقاتلات نفاثة من طراز "إف-35".

وحث الرئيس التركي السابق "عبدالله جول"، الذي شارك في تأسيس حزب العدالة والتنمية الحاكم، "أردوغان" على التراجع عن صفقة شراء نظام "إس-400" وإعادة تركيز تركيا على "الناتو".

وقال في مقابلة حديثة مع صحيفة "قرار" التركية اليومية: "كان ينبغي على الخبراء والدبلوماسيين العسكريين أن يروا أنه لا يمكن لبلد ما امتلاك نظام إس-400 والطائرة المصممة لتفاديه. ربما لا يزال هناك وقت (لإصلاح الأمر)".

ويقول المسؤولون الأتراك إنهم ما زالوا يأملون في أن تتمكن أنقرة من التوصل إلى اتفاق مع روسيا لوقف إطلاق النار في سوريا وتجنب المواجهة العسكرية الشاملة. ولتحقيق هذه الغاية، لا يزال "أردوغان" بحاجة إلى موسكو في صفه.

وقال "يسار ياكيس" الدبلوماسي التركي المتقاعد، الذي شغل عدة مناصب في الشرق الأوسط، بما في ذلك في دمشق: "لا يزال اتفاق وقف إطلاق النار ممكنا. لكن أي اتفاق سيترك طعما مرا في الحلق. لقد تم فقد أي ثقة".

المصدر | وول ستريت جورنال - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الأزمة بين تركيا وروسيا معركة إدلب العلاقات التركية الروسية

5 دول بمجلس الأمن تعلن تضامنها مع تركيا بعد تطورات إدلب

أردوغان: نكافح لنصر سيتمخض عنه نتائج كتلك التي وقعت قبل 100 عام

مقتل 26 من قوات الأسد بغارات تركية شمالي سوريا

صحيفة: تركيا تشن حربا شاملة ضد نظام الأسد