كيف تستطيع أمريكا وإيران تجنب الحرب الشاملة؟

الاثنين 2 مارس 2020 06:09 م

منذ الثورة الإسلامية عام 1979، انتهج الرؤساء الأمريكيون -سواء كانوا ديمقراطيين أو جمهوريين- سياسة شبه مفضوحة لتغيير النظام في إيران، من خلال فرض عقوبات اقتصادية قاسية وضغوط سياسية.

ولكن ربما هناك استثناءان؛ حدث الأول خلال فترة الولاية الثانية للرئيس الأمريكي السابق "باراك أوباما"، عندما جرب سياسة المشاركة مع إيران، ونجح ذلك؛ حيث تم حل الأزمة النووية طويلة الأمد عبر الدبلوماسية، إلى جانب تطورات إيجابية أخرى، بما في ذلك الإفراج السريع عن البحارة الأمريكيين المحتجزين.

وعلى المستوى الإقليمي، وافقت إيران على حضور المفاوضات الدولية لحل الحرب السورية، وجلست مع خصومها (الولايات المتحدة والسعودية) وأحرزت إيران والقوى الأوروبية تقدماً في المحادثات لإنهاء حرب اليمن.

سياسة الضغط الأقصى

حذر الرئيس الأمريكي السابق "جورج دبليو بوش" أن إيران المسلحة نووياً يمكن أن تؤدي إلى اندلاع حرب عالمية ثالثة.

لكن "أوباما" وضع أساسًا جديدًا لنزع السلاح النووي من خلال الاتفاق النووي - بين القوى العالمية وإيران - مشيرًا إلى أن إيران قد وافقت على "أقوى نظام تفتيش ومراقبة تم التفاوض عليه لبرنامج نووي في التاريخ".

من خلال الانسحاب من الصفقة النووية واتباع سياسة "الضغط الأقصى"، أصبح "دونالد ترامب" أول رئيس أمريكي يشن حربًا سياسية وأمنية واقتصادية على إيران.

علاوة على ذلك، فقد أمر باغتيال الجنرال الإيراني الأكثر شهرة "قاسم سليماني"، بضربة طائرة بدون طيار في يناير/كانون الثاني.

وردًا على ذلك ، أطلقت إيران وابلًا من الصواريخ على قاعدة عسكرية أمريكية في العراق، ما أسفر عن إصابة 109 جنود، فيما يعد أول ضربة عسكرية تقوم بها دولة على قاعدة عسكرية أمريكية منذ الحرب العالمية الثانية.

ومع متابعة مثل هذه الإجراءات والسياسات الخطيرة، دفع "ترامب" الولايات المتحدة وإيران إلى حافة الحرب.

ومع ذلك، لا يرغب "ترامب" ولا القادة الإيرانيون في الحرب، والسؤال المطروح اليوم هو ما إذا كان إعادة التقارب بين البلدين لا يزال قابلًا للتحقق؟ وإذا لم يكن الأمر كذلك، فكيف يمكننا منع نشوب حرب شاملة؟

هناك سببان للاعتقاد أن حدوث إعادة تقارب فعال ليس أمرًا واقعيًا، على الأقل خلال فترة ولاية "ترامب" الأولى.

أولاً: تخطى "ترامب" العديد من الخطوط الحمراء الإيرانية، عبر تصنيف "الحرس الثوري" جماعة إرهابية، واغتيال "سليماني"، وفرض عقوبات على المرشد الإيراني الأعلى ووزير الخارجية، وكلاهما عامل رئيسي في عملية المفاوضات.

ثانياً: ستكون الانفراجة مستحيلة طالما استمر "ترامب" في متابعة قواعد اللعبة الإسرائيلية، فقد كشف رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" أنه طلب من "ترامب" فرض أقصى قدر من الضغط على إيران والانسحاب من الاتفاق النووي وتصنيف الحرس الثوري كجماعة إرهابية.

كيفية احتواء التوترات

علاوة على ذلك، كشف وزير الخارجية الأمريكي السابق "جون كيري" أن السعودية ومصر و(إسرائيل) حثوا الولايات المتحدة على قصف إيران.

لذلك يستلزم الحفاظ على السلام والأمن الدوليين، احتواء التوترات المتصاعدة بين واشنطن وطهران ومنع نشوب حرب محتملة، ويمكن لعدد من التدابير العملية أن تؤدي إلى هذه الغاية.

أولاً، ينبغي إنشاء قناة موثوقة وسرية للغاية للاتصالات غير الرسمية بين طهران وواشنطن بشأن القضايا الحساسة، ويجب أن تتاح الفرصة لكلا الجانبين لتوضيح نواياهما، والتواصل بخصوص الخطوط الحمراء وتصحيح التصورات الخاطئة المحتملة.

كما ينبغي استخدام قناة محدودة لنزع فتيل النزاع في المناطق المحددة التي تجري فيها العمليات ذات الاهتمام المشترك، مثل العراق وسوريا ومضيق هرمز.

ويجب التعامل أيضًا مع الأحداث المحلية أو التصرفات التي تقوم بها الجماعات المسلحة والتي قد تؤدي إلى نشوب صراع إقليمي أوسع.

بالإضافة إلى ذلك، ينبغي اختبار التدابير الممكنة لبناء الثقة للحفاظ على خفض التوتر التكتيكي الحالي، في حين يعمل كلا الجانبين على وقف التصعيد.

كما يجب أن يكون هناك تبادل لوجهات النظر لتحديد كيفية بدء حوار مباشر أو غير مباشر، ومعالجة المخاوف الأمنية الأوسع لكلا الجانبين.

أخيرًا، يتعين على الولايات المتحدة وإيران والعراق والسعودية إنشاء خطوط اتصال منتظمة لتجنب سوء التفاهم المحتمل، ولضمان أن يتمكنوا من تهدئة الأمور قبل خروج الموقف عن السيطرة.

الحفاظ على السلام

ولتحقيق النجاح؛ يجب على الجانبين اتخاذ خطوات صغيرة، ولكن ملموسة لبناء الثقة وترسيخ المصداقية، حيث لن تنجح الخطوات الأكبر في الوضع الحالي.

ولكن بعد خفض التصعيد، قد تكون هناك فرصة لإحراز تقدم في العلاقات، خاصة بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية والإيرانية المقبلة هذا العام والعام الذي يليه.

وستطلب أي صفقة مستقبلية محتملة التزامًا راسخًا بمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية وقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2231، الذي صدق على الاتفاقية النووية لعام 2015.

ومع سعي الولايات المتحدة للحصول على ضمانات بأن إيران لن تمتلك أبدًا قنبلة نووية، يمكن تحقيق ذلك من خلال تفعيل الفتوى النووية الصادرة عن المرشد الأعلى "علي خامنئي"، والتي تحظر إنتاج الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل الأخرى وحيازتها وتخزينها.

على المستوى الإقليمي، تحتاج دول المنطقة إلى إنشاء آلية جديدة للحفاظ على السلام والاستقرار والأمن من خلال التعاون.

وقال السيناتور الأمريكي "بيرني ساندرز"، الذي ينافس ليكون مرشح الديمقراطيين في الرئاسة: "يمكننا جمع السعوديين والإيرانيين معًا، أخبرهم أننا سئمنا وتعبنا كدولة من إنفاق تريليونات الدولارات على حروب لا تنتهي. سيتعين عليهم تنظيم أنفسهم، ولدينا الموارد اللازمة للمساعدة في تحقيق ذلك".

ينبغي أن تشمل هذه المبادرة السيطرة على الأسلحة على المستوى الإقليمي وبناء الأمن، وإنشاء آليات لمنع وحل النزاعات الإقليمية، والحفاظ على السلامة الإقليمية والسيادة لجميع بلدان المنطقة، والالتزام بعدم التدخل وعدم الاعتداء، مع تفعيل آليات جديدة للتعاون الإقليمي في القضايا الإنسانية، بما في ذلك طريقة معاملة المهاجرين واللاجئين والمشردين.

المصدر | سيد حسين موسويان | ميدل إيست آي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

اغتيال قاسم سليماني البرنامج النووي الإيراني العلاقات الإيرانية الأمريكية

إيران تتهم السعودية وأمريكا بتسليح متمردين جنوب شرقي إيران