كيف تغير وساطة روسيا قواعد اللعبة بين حماس وإسرائيل؟

الاثنين 9 مارس 2020 08:42 ص

بينما كانت (إسرائيل) مشغولة بحملتها الانتخابية المشؤومة والمشحونة، توجه قادة "حماس" إلى "الكرملين" في 2 مارس/آذار للقاء وزير الخارجية الروسي "سيرجي لافروف". لم تحصل هذه الزيارة على أي تغطية إعلامية تقريبًا في (إسرائيل).

ومع ذلك، فمن المرجح أنه حتى لو تمت الزيارة في ظل ظروف طبيعية غير انتخابية، فلن يقوم رئيس الوزراء "بنيامين نتنياهو" ولا منافسه "بيني جانتس" بالتحريض على الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" لاستضافته رؤساء منظمة تضنفها (إسرائيل) وكذلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ومنظمات إضافية ككيان إرهابي.

لا يمكننا إلا أن نخمن كيف سيكون رد فعل شخصيات إسرائيلية بارزة لو أن هذه الزيارة تمت في دولة أوروبية أو آسيوية أو أمريكا اللاتينية. ولكن عندما يفتح "بوتين" بوابات الكرملين لـ"حماس"، يختار "نتنياهو" الصمت.

ضم وفد "حماس" في موسكو رئيس المكتب السياسي للحركة "إسماعيل هنية"، ونائبه "صالح العاروري"؛ وعضو المكتب السياسي "موسى أبو مرزوق". في تغريدة له، تفاخر "أبو مرزوق" بالمحادثات الرسمية والمثمرة الجارية مرفقا صورة لـ"هنية" وهو يقدم هدية رمزية إلى "لافروف " عبارة عن لوحة للمسجد الأقصى وحمامة (حمامة السلام) تحوم فوق المكان.

لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يستقبل فيها رؤساء حماس بحرارة في موسكو. زار الرئيس السابق للمكتب السياسي لحركة حماس "خالد مشعل" موسكو في مارس 2006، على رأس وفد من قيادة حماس في غزة ودمشق. وتمت هذه الزيارة بعد أسابيع قليلة فقط من فوز "حماس" في الانتخابات البرلمانية الفلسطينية وتعيين "هنية" رئيساً للوزراء.

في البداية، كان من المفترض أن يلتقي "مشعل" مع "بوتين"، ولكن في اللحظة الأخيرة، تم تخفيض درجة الزيارة. كان على وفد "حماس" أن يجتمع مع وزير الخارجية في اجتماع في مكاتب وزارة الخارجية. في اليوم التالي فقط، أجرت قيادة "حماس" جولتها المعلنة للكرملين.

ربما كانت تلك الزيارة في عام 2006 قد غيرت الوضع المحزن لغزة و"حماس"؛ حيث بحثت عن اعتراف دولي من شأنه أن يخرجها من العزلة والإغلاق الجزئي الذي تفرضه (إسرائيل) على القطاع وكان ذلك قبل السيطرة التي قامت بها الحركة على غزة في يونيو/حزيران 2007.

ولكن بدلاً من التصرف بدبلوماسية محسوبة، أخبر "مشعل" وزير الخارجية الروسي بموقفه: "لن نعترف بإسرائيل". حتى صيغة التسوية التي عرضتها موسكو على "حماس" رفضها "مشعل". وهكذا، عاد الأخير إلى دمشق بأيد فارغة ودون حل لحصار غزة المستمر حتى يومنا هذا.

التقى "مشعل" مع "لافروف" مرة أخرى في أغسطس/آب 2015 في قطر، بعد عام تقريبًا من الحرب بين (إسرائيل) وغزة، وفي تلك المرحلة، طلب "مشعل" مساعدة القطاع في ضوء التدمير الرهيب للبنية التحتية ومقتل وجرح آلاف الأشخاص جراء قصف القوات الإسرائيلية. وبالرغم من وعود "لافروف" فيما يتعلق بالحالة الرهيبة للقطاع، فإن "حماس" لم تتلق شيئًا. تحاول قيادة الحركة الآن توفير دعم موسكو وهذه المرة لإكمال الترتيب مع (إسرائيل) أو على الأقل تلقي ضمانات بهذا المعنى.

لكن الأمور تغيرت منذ آخر لقاء "للافروف" مع "مشعل" منذ 14 عامًا في الكرملين فالتغييرات ليس فقط في "حماس" ولكن أيضًا في العلاقات بين موسكو و(اسرائيل). بعد سنوات من المقاومة، استوعبت "حماس" أن سياستها لم تتقدم بمقدار شبر واحد. صحيح أن الترتيب مع (إسرائيل) لا يمثل اعترافًا رسميًا بوجود دولة (إسرائيل)، لكنه بالتأكيد اعتراف ضمني.

كان الاتفاق بين (إسرائيل) و"حماس" في العام الماضي تحت مسمى "ترتيب" يتطلب وقف العمليات المسلحة من قبل "حماس" في مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية. بمعنى آخر: اعتراف فعلي بـ(إسرائيل) دون إعلان رسمي. 

يدرك "هنية" أن كلمة واحدة من "بوتين" إلى "نتنياهو" لها وزن أكبر بكثير من كل المحادثات التي أجراها رؤساء المخابرات المصرية مع كبار وزارة الدفاع الإسرائيلية، ورئيس الشاباك "نداف أرغامان" ومدير مجلس الأمن القومي "مئير بن شبات". ومن وجهة نظر "حماس"، يمكن لرعاية "بوتين" لترتيب ما أن يجري تنفيذه فعليا على افتراض أن يتولى الروس دور الوسيط المشترك.

بشكل عام، كلا الجانبين (إسرائيل) و"حماس" مهتمان بالترتيب ومستعدان لدفع الثمن. بالنسبة لحماس، هذا يعني قبولها الصامت بوجود دولة (إسرائيل). هناك تنازلات إضافية أخرى متضمنة: اتفاق غير معلن على أن حدود فك الارتباط مع غزة التي بدأتها (إسرائيل) في عام 2005 هي الحدود بين غزة و(إسرائيل). بالنسبة لـ"نتنياهو"، أي ترتيب مع "حماس" هو "ترتيب مع منظمة إرهابية نجحت في فرض الإرهاب على إسرائيل وهو ترتيب مع كيان إرهابي قال عنه بنفسه أنه يجب إنهاؤه". الآن يجب على "نتنياهو" التراجع عن كل هذه الأوصاف والتوصل إلى اتفاق معهم.

في الأشهر الأخيرة، سمح "نتنياهو" بتدفق الأموال القطرية إلى القطاع. هذا ما يبقي "حماس" على قيد الحياة. كما أن رئيس الوزراء على استعداد للنظر في حلول خاصة، بما في ذلك طباعة الآلاف من تصاريح العمل للعمال من غزة والموافقة على المشاريع الاقتصادية، التي من شأنها، في الواقع، إدامة نظام "حماس" في القطاع. كل هذا بالرغم من نقطة مهمة وهي أن "حماس" لم تمنع "الجهاد الإسلامي" من إطلاق الصواريخ على (إسرائيل) في جولات لا تعد ولا تحصى خلال الأشهر الأخيرة.

لم تكن العلاقات التي تريدها "حماس" مع موسكو تهدف إلى استبدال الوساطة المصرية. لم ينخدع أي من قادة الحركة بالاعتقاد بأن مصر مستعدة للتخلي عن دورها كوسيط. تدرك "حماس" أيضًا أن مصر تسيطر على "أنبوب الأكسجين" في غزة، وهو معبر رفح الحدودي. لكن "هنية" وقادة الحركة الآخرين يعتقدون أن موسكو يجب أن تنضم أيضًا إلى طاقم التمثيل وأن تلعب دورًا بسيطًا وراء الكواليس. سيكون هذا الدور هو مواصلة الضغط على "نتنياهو". في الواقع، سوف يفكر "نتنياهو" مرتين قبل أن يقول "لا" لـ"بوتين".

حتى الآن يتعاون "نتنياهو" وقادة الجيش الإسرائيلي مع المصريين بتفهم كامل. تنظر كل من (إسرائيل) ومصر إلى "حماس" على أنها منظمة إشكالية يجب أن تكون موضع شك في جميع الأوقات. ومن الأمثلة على ذلك القيود التي فرضها المصريون على "هنية "في أعقاب زيارته الأخيرة إلى إيران.

سوف ترحب (إسرائيل) بإضافة لاعب ثقيل الوزن مثل موسكو إلى اتفاق الترتيب، حتى لو كان ذلك بـ"دوام جزئي". قد يغير وجود موسكو القواعد الواضحة لللعبة التي تم إنشاؤها بعد الإطاحة بجماعة "الإخوان المسلمين" في مصر في عام 2013.

على أي حال، فإن وجود موسكو له ميزة لا يمكن لأحد أن ينكرها: تدرك كل من (إسرائيل) و"حماس" أنه إذا تدخلت موسكو ودعمت اتفاق ترتيب، فلن يجرؤ أحد على اللعب معها.

المصدر | شلومي إلدار - المونيتور- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

حركة حماس وساطة روسية قطاع غزة

هنية يرأس وفدا لحماس في زيارة إلى روسيا

المونيتور: مصر تعتبر غزة أكثر جاذبية دون هنية

كيف تنظر حماس وروسيا إلى بعضهما البعض؟

إسرائيل تستدعي السفير الروسي بعد تصريحات انتقد فيها تل أبيب

حماس والجهاد تجريان مباحثات مع سفير إيران في روسيا