حقيقة الخلاف بين إيران ووكلائها على رئيس الوزراء العراقي

الأحد 19 أبريل 2020 04:45 م

في حين رحبت إيران بترشيح الرئيس العراقي "برهم صالح" في 9 أبريل/نيسان لـ"مصطفى الكاظمي" رئيساً للوزراء، فإن "كتائب حزب الله"، أحد أبرز الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران في العراق، تعارضه علناً.

كيف يمكن للمرء أن يفسر الإشارات المتضاربة؟ هل يعتبر ذلك محاولة إيرانية للحفاظ على حالة الفوضى التي تستطيع طهران وحدها التحكم فيها، أم أنها تعكس تراجع التنسيق بين الجمهورية الإسلامية وأحد وكلائها الرئيسيين في العراق؟

وبمراجعة المواد الإعلامية الإيرانية يبدو أننا بصدد الخيار الأول.

منذ استقالة رئيس الوزراء "عادل عبدالمهدي" في ديسمبر/كانون الأول 2019، لم يكن للعراق حكومة تعمل بكامل طاقتها.

وقد سحب "محمد توفيق علاوي" ترشيحه لرئاسة الوزراء في 1 مارس/آذار بعد أن فشل البرلمان مرتين في تحقيق النصاب القانوني للموافقة على حكومته، وكذلك فعل "عدنان الزرفي"، الذي استقال لأنه لم يتمكن من حشد الدعم من الكتلة الشيعية في البرلمان، وبعض أعضائها المتحالفين بشكل وثيق مع الجمهورية الإسلامية.

في 9 أبريل/نيسان، رُشح "الكاظمي"، الذي لديه 30 يومًا لتشكيل مجلس الوزراء وعرضه على البرلمان للموافقة عليه.

هناك بعض الدلائل على دعم طهران لترشيح "الكاظمي"، في 7 مارس/آذار، زار "علي شمخاني"، سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، بغداد، حيث التقى بـ"الكاظمي".

يجب ألا يبالغ المرء بالطبع في أهمية هذا الاجتماع بالذات لأنه التقى أيضا مع كبار السياسيين الآخرين مثل "عبدالمهدي"، والمستشار السابق لمجلس الأمن القومي "فالح الفياض"، ووزير الصحة "جعفر علاوي"، ورئيس مجلس النواب "محمد الحلبوسي"، ورئيسي الوزراء السابقين "نوري المالكي" و"حيدر العبادي"، والرئيس السابق للمجلس الإسلامي العراقي، "عمار الحكيم"، وأخيرا مع "صالح".

وتلت زيارة "شمخاني" زيارة الجنرال "إسماعيل قآني"، قائد العمليات الإقليمية لقوات فيلق القدس التابعة للحرس الثوري الإسلامي، الذي وصل إلى العراق في 30 مارس/آذار، وقيل إنه عبر عن معارضة طهران لترشيح "الزرفي".

في الأيام التي أعقبت زيارة "قآني"، بدأت وسائل الإعلام الجمهورية الإسلامية والميليشيات المدعومة من إيران بالهجوم على "الزرفي"، الذي وصفوه بأنه خادم للولايات المتحدة.

وكان هذا تناقضًا صارخًا مع الوصف والتأييد المهذبين لـ"الزرفي" من قبل كبار المسؤولين في الجمهورية الإسلامية فور ترشيحه.

في 9 أبريل/نيسان، رحب السيد "عباس موسوي" المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، بترشيح "الكاظمي"، بعد ما وصفه بأنه "اتفاق بين الجماعات السياسية في العراق"، في اليوم التالي، قال "إيرج مسجدي"، القائد الكبير في قوة القدس، إن إيران "ستحترم وتدعم أي رئيس وزراء يحصل على تصويت برلماني بالثقة"، لكنها استمرت في الإشادة بالترشيح باعتباره "فعلا إيجابيا".

بعد ذلك بيومين، أجرى "حسن دانيفار"، السفير الإيراني السابق في بغداد، مقابلة أشار فيها إلى أهمية الوجود غير المسبوق لكبار قادة الشيعة والسنة والأكراد في حفل ترشيح "الكاظمي". وخلص "دانيفار" إلى أن "للكاظمي فرص أفضل بكثير لتشكيل حكومة مقارنة مع أسلافه الذين تم تعيينهم من قبل الجانب الآخر".

وفي مقابلة منفصلة في 13 أبريل/نيسان، شدد "دانيفار" على أن "جميع التشكيلات السياسية في العراق تدعم الكاظمي، ويبدو أنه سينجح في تشكيل الحكومة الجديدة في بغداد".

بالرغم من كل الثناء والرسائل الإيجابية من طهران، أصدرت ميليشيا "كتائب حزب الله" المدعومة من إيران في 11 أبريل/نيسان بيانا أدانت فيه الترشيح ووصفته بأنه "إهانة لتضحيات الشعب وخيانة لتاريخ العراق".

ليست هذه هي المرة الأولى التي تعبر فيها هذه الميليشيا عن معارضتها لـ"لكاظمي"، بعد استقالة "عبدالمهدي" في ديسمبر/كانون الأول 2019، كانت هناك تكهنات حول ترشيح "الكاظمي"، والذي ردت عليه "كتائب حزب الله" باتهامه بالتواطؤ في مقتل الولايات المتحدة اللواء "قاسم سليماني"، قائد قوة القدس، و"أبومهدي المهندس"، نائب رئيس قوات الحشد الشعبي.

من الصعب للغاية تفسير معارضة "كتائب حزب الله" على أنها محاولة متعمدة لتخريب جهود قوة القدس، في 20 فبراير/شباط، استخدمت قوة القدس نفوذها لانتخاب قائد "كتائب حزب الله" السابق، "أبوفدك المحمداوي"، كنائب الرئيس وزعيم بحكم الأمر الواقع لقوات الحشد الشعبي، فلماذا تتصرف "كتائب حزب الله" ضد مصالح طهران؟

يمكن للجمهورية الإسلامية أن تستفيد من مقاربة ذات شقين إزاء تشكيل حكومة "الكاظمي".

من ناحية، تُظهر الجمهورية الإسلامية أنها مهتمة بالاستقرار السياسي في العراق، حتى لو كان ذلك يشمل دعما سلبيا لمرشح مستقل لرئاسة الوزراء لا يخضع بالضرورة لطهران.

من ناحية أخرى، فإن معارضة "كتائب حزب الله" واتهامها بتواطؤه في قتل "سليماني" و"المهندس" هي بمثابة تذكير لـ"الكاظمي" بخطر العمل ضد الميليشيات الشيعية، أو الميل ببغداد تجاه واشنطن.

المصدر | علي الفونه/معهد دول الخليج - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصطفى الكاظمي المليشيات الإيرانية الحكومة العراقية

واشنطن بوست: لماذا وافقت إيران على الكاظمي لرئاسة الحكومة العراقية؟

انتصار محدود لإيران.. إقصاء الزرفي وتكليف الكاظمي بتشكيل حكومة العراق