نتنياهو وعباس يقدمان وعودا يأملان في التراجع عنها

الأحد 7 يونيو 2020 02:08 م

يتظاهر رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" ورئيس السلطة الفلسطينية "محمود عباس" بأنهما على خطين متوازيين لا يلتقيان أبداً. 

التقى الاثنان لبضع دقائق في 2016 عندما ذهب "عباس" إلى القدس لحضور جنازة الرئيس الإسرائيلي الراحل "شمعون بيريز". وكان آخر اجتماع جاد لهما في عام 2010، عندما كان "نتنياهو" لا يزال يتحدث عن حل الدولتين

ومع ذلك، يشترك الاثنان في نفس السمة، التي لن يعترفا بها أبدًا ولكنها تربطهما معًا. كلاهما يهدد باتخاذ خطوات لا يرغبان فيها بالفعل. إنهما يقدمان وعودًا يأملون ألا تتحقق.

أعلن "نتنياهو" في الأشهر الـ18 الماضية أنه سيضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة أو على حد قوله، "تطبيق القانون الإسرائيلي".

وتعهد "عباس" مرارا أنه إذا ضمت (إسرائيل) شبرا واحدا من الضفة الغربية -وهناك أجزاء كبيرة منها بالفعل تنتشر فيها المستوطنات اليهودية- فسوف ينهي اتفاقات أوسلو الموقعة مع (إسرائيل) في أوائل التسعينات.

وكخطوة أولى لدعم تهديداته، قال "عباس" هذا الأسبوع إنه أمر بإنهاء التنسيق الأمني ​​بين المخابرات وقوات الشرطة ونظرائهم الإسرائيليين، وكذلك جهاز الأمن الداخلي "الشاباك" والجيش الإسرائيلي.

ويوم الخميس، تداولت أنباء أن السلطة الفلسطينية قد أرسلت بالفعل نواياها لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA)، وهي الضامن غير الرسمي للتعاون الأمني.

لكن كلا الزعيمين، لا يعنون حقًا ما يقولانه.

لا يريد "نتنياهو"، الذي يعرف نتنياهو" ثمن الضم بالنسبة لـ(إسرائيل) والعالم العربي والمجتمع الدولي، لذلك فليس لديه رغبة ذاتية في اتخاذ هذه الخطوة في الواقع.

من ناحية أخرى يعرف "عباس" جيدًا أيضًا مخاطر فك الارتباط الأمني. إنه يدرك أن "حماس" ومنافسين آخرين سيستفيدون من مثل هذه الخطوة ويعمقون نفوذهم في الضفة الغربية على حساب السلطة الفلسطينية.

ومع ذلك، قد يجد "عباس" و"نتنياهو" أنفسهما في مسار تصادمي دون قصد، مما يهدد بحرب جديدة بين (إسرائيل) والفلسطينيين، واضطراب وعنف في العالم العربي، وهو الأمر الذي يفيد إيران في نهاية المطاف.

يعتبر "نتنياهو" أطول رئيس وزراء إسرائيلي في الخدمة، حيث تجاوز فترة "ديفيد بن جوريون"، مؤسس (إسرائيل) وأول زعيم لها. من الناحية الإيديولوجية، يؤمن "نتنياهو" بفكرة "إسرائيل الكبرى"، التي ترى أن (إسرائيل) هي الوطن الوحيد للشعب اليهودي الموجود على الحدود بين البحر الأبيض المتوسط ​​ونهر الأردن.

ولكن طوال معظم السنوات التي قضاها في منصبه، تجنب "نتنياهو" بإصرار استخدام سلطته للضغط من أجل مثل هذه الخطوة.

وحتى دخول "دونالد ترامب" البيت الأبيض في عام 2017، كان "نتنياهو" يلتزم علانية بدعمه لحل الدولتين. وحتى خلال العامين الأولين من إدارة "ترامب"، لم يُظهر رئيس الوزراء الإسرائيلي أي علامات على أي تغيير في تلك السياسة. فقط في الأشهر الـ18 الماضية بدأ في الدعوة علانية لفكرة الضم.

ويأتي ذلك نتيجة العديد من التطورات المحلية التي حدثت خلال نفس الإطار الزمني.

بادئ ذي بدء، وُجهت إلى "نتنياهو" اتهامات بالفساد ودعوة للمثول أمام المحكمة مع بدء محاكمته مؤخرا.

ثانياً، خاض "نتنياهو" 3 انتخابات دون نتائج حاسمة، مما منعه من تشكيل حكومة مستقرة.

ثالثًا، استغل اليمينيون المتشددون، وخاصة المستوطنون اليهود من الضفة الغربية المحتلة، عدم الاستقرار السياسي وضغطوا على "نتنياهو" لدعم الضم.

ولتبديد الضغط وتحويل الانتباه عن محاكمته، أعلن "نتنياهو" أنه سيضم على الأقل منطقة وادي الأردن.

ولكن حتى الآن، يتردد "نتنياهو" -الذي تمكن قبل أسابيع من تشكيل حكومة وحدة وطنية- وهو مضغوط بين عدة أمور متناقضة.

من ناحية، يريد "نتنياهو" أن يكتب في كتب التاريخ كقائد حقق وعده وخدم أيديولوجيته. ولكن من ناحية أخرى، يعرف أن نتائج تحركه ستكون كارثية.

من خلال توجيه الضربة النهائية إلى "حل الدولتين"، ستفقد (إسرائيل) في غضون عقد من الزمان طبيعتها اليهودية والديمقراطية. سيؤدي هذا إما إلى دولة واحدة يصبح الفلسطينيون فيها الأغلبية، أو إلى الفصل العنصري الإسرائيلي.

وقد أعربت العديد من الحكومات العربية، بما في ذلك السعودية ومصر، عن قلقها ومعارضتها للضم. إذا مضى "نتنياهو" قدما، فإن الأردن، الشريك الاستراتيجي لـ(إسرائيل)، سيقطع على الأرجح العلاقات الدبلوماسية مع (إسرائيل).

حتى داخل (إسرائيل) توجد أصوات قوية معارضة، ليس فقط من داخل الائتلاف -مثل وزيري الدفاع والخارجية الجدد "بيني جانتس" و"جابي أشكنازي"- ولكن معظم رؤساء الأجهزة الأمنية والاستخبارية يحذرون أيضًا من التداعيات بشكل خاص بشأن العلاقات المستقبلية ومعاهدات السلام مع الأردن و مصر.

أمام "نتنياهو" نافذة صغيرة من شهرين إلى 3 أشهر للإعلان عن الضم. يجب أن يكون ذلك قبل الانتخابات الأمريكية، بينما يكون "ترامب" في السلطة. حيث أوضح مرشح الحزب الديمقراطي "جو بايدن" أنه ضد خطة "نتنياهو".

لكن حتى إدارة "ترامب" تتحدث بصوتين. قال وزير الخارجية "مايك بومبيو" إن لـ(إسرائيل) الحق في اتخاذ قرارها بنفسها، ولكن في نفس الوقت حث المسؤولون الأمريكيون "نتنياهو" على عدم اتخاذ قرارات من جانب واحد وتنسيق تحركاتها مع القادة في المنطقة. 

كما هو الحال في معظم الحالات والتطورات في الماضي، فإن هذا القرار التاريخي بضم الضفة الغربية وجعلها جزءًا من (إسرائيل) ليس في يد الزعيم الإسرائيلي بل في واشنطن. إذا طلب الرئيس الأمريكي من "نتنياهو" التوقف فلن يكون هناك ضم في الوقت الحالي.

وإذا لم يفعل "ترامب" ذلك، فقد يتخذ "نتنياهو" الخطوة القاتلة بكل ما لها من آثار تاريخية على (إسرائيل) والفلسطينيين والعالم العربي والمجتمع الدولي بلا رجعة.

((5))

المصدر | يوسي ميلمان - ميدل ايست آي- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

ضم الضفة الغربية وقف التنسيق الأمني فساد نتنياهو بنيامين نتنياهو محمود عباس