هكذا أصبح مستقبل لبنان مرتبطا بمصير سوريا

الجمعة 24 يوليو 2020 05:33 م

ساهم  "حزب الله" اللبناني وحلفاؤه في دعم رئيس النظام السوري "بشار الأسد" بشكل مباشر، ولكن الأمر أصبح أكثر صعوبة مع الانهيار الاقتصادي غير المسبوق الذي يشهده لبنان.

ومع اتساع العزلة التي يعاني منها لبنان بسبب نفوذ "حزب الله" داخل الحكومة، يبدو أن مصير لبنان أصبح مرتبطا بشكل لا رجعة فيه بمصير سوريا.

منذ 2011، انخرط لبنان في المواجهة الإقليمية بين إيران من جهة، ودول الخليج والولايات المتحدة من جهة أخرى. وخلال هذه الفترة، حافظت إيران على تقديم إمدادات ثابتة لـ"الأسد" عبر وكيلها "حزب الله"، بغض النظر عن سياسة الحكومة اللبنانية.

وأدى دعم "حزب الله" لنظام "الأسد"، بالرغم من اعتراضات السكان السنة في لبنان، إلى تدهور العلاقات مع الدول العربية، التي كانت متوترة بالفعل منذ اغتيال رئيس الوزراء اللبناني "رفيق الحريري" عام 2005.

في عام 2016، تسبب الأمين العام لحزب الله "حسن نصر الله" بتفاقم علاقات لبنان مع دول الخليج، وذلك عندما هاجم السعودية في بيان عام، قائلاً: "ستهزم عائلة سعود في اليمن"، في إشارة إلى التدخل العسكري الذي تقوده المملكة في اليمن. والعام الماضي، هدد "نصر الله" الرياض بالتدمير في حال اندلاع حرب مع إيران.

مع اقتراب انتهاء الحرب في سوريا، حرص "حزب الله" وحلفاؤه المؤيدون للنظام السوري، بما في ذلك حركة "أمل"، على جعل لبنان بمثابة شريان الحياة الاقتصادية لسوريا. وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، قدم لبنان النفط والدقيق المدعوم إلى دمشق، الأمر الذي زاد من تراجع احتياطيات لبنان من العملات الأجنبية المتناقصة بالفعل.

حتى مايو/أيار، كانت الشركات السورية تستخدم لبنان كمركز عبور قبل إعادة تصدير بضائعه إلى دمشق. ويعتقد الاقتصاديون الذين تحدثوا بشرط عدم الكشف عن اسمائهم، أنه في عام 2019، تم تهريب ما يزيد عن 2 إلى 3 مليارات دولار من النفط المدعوم المستورد إلى لبنان ومنه إلى سوريا.

وبالرغم من الانهيار الاقتصادي ونقص الدولار في لبنان منذ أكتوبر/تشرين الثاني 2019، وامتثال الحكومة لقرار دعم السلع الأساسية، لا يزال تهريب الديزل والطحين إلى سوريا مستمرا.

كما أكد صرافون أنهم كانوا يوفرون احتياجات العملة ليس فقط للبنان ولكن لسوريا كذلك، واعتبروا أن الانخفاض الكبير في قيمة الليرة اللبنانية في مارس/آذار كان بسبب التحويلات إلى سوريا.

وقال "محمد"، وهو صراف عملات: "نحن لا نتحدث عن بضع مئات من الدولارات يرسلها عمال سوريون؛ بل ملايين الدولارات. مثل هذه العمليات لا تتم في لبنان دون دعم سياسي كبير".

لم تؤد التجارة غير القانونية مع دمشق إلى تقليص احتياطيات لبنان من العملات فحسب، بل أدت إلى تدهور العلاقات المتوترة بالفعل مع واشنطن، التي تعمل على توسيع تطبيق "قانون قيصر" ليشمل الشركات اللبنانية العاملة في سوريا.

يهدف "قانون قيصر" - الذي سمي على اسم مصور عسكري سوري قام بتسريب حوالي 55 ألف صورة لأشخاص قتلوا وتم تعذيبهم على يد نظام "الأسد" - إلى معاقبة أولئك الذين يدعمون "الأسد" والذين يعملون في قطاعات سورية محددة مثل البناء والطاقة والجيش. وقد أكد مصدر مقرب من إدارة "دونالد ترامب"، أن الإجراءات الجديدة ستطبق بشدة على لبنان إذا لم تحترم المبادئ التوجيهية.

في هذه المرحلة الحساسة، يواجه "حزب الله" ما يعتبره مؤامرة غربية وعربية ضده وضد محوره، وهو ليس على استعداد لتعديل حكومة رئيس الوزراء "حسن دياب"، بالرغم من سجلها المؤسف.

علاوة على ذلك، فشلت الحكومة في تمرير قانون رأس المال الذي تشتد الحاجة إليه لوضع حد للسيطرة التعسفية على التدفقات الخارجية التي تفرضها البنوك.

كما تعثرت المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، بينما يعيش أكثر من نصف السكان الآن تحت خط الفقر.

تم تعيين حكومة "دياب" في يناير/كانون الثاني من قبل ائتلاف يسيطر عليه "حزب الله" وحركتي "أمل" والرئيس "ميشال عون" - وهما حليفان لا يستطيع الحزب الاستغناء عنهما حتى في ضوء مزاعم الفساد التي تحيط بهما - وبالرغم من أن الحكومة تضم تكنوقراطيين، مثل وزير المالية "غازي وزني" ووزير الخارجية "ديميانوس قطار"، إلا أن مشاركتهم أظهرت أن لديهم حرية قليلة للعمل في وجود الداعمين السياسيين الأساسيين لحكومة "دياب".

تبقى أولوية "حزب الله" موجهة للخارج فيما سيستمر في تبني مواقف أكثر جذرية لحماية أجندته الإقليمية. ومع تزايد تشابك مصير لبنان وسوريا، سيزداد الوضع كارثية وستتلاشى أي فرص لإجراء إصلاح حقيقي. 

المصدر | منى العلمي/ أتلانتك كاونسل – ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

حزب الله اللبناني العلاقات السورية اللبنانية حسان دياب

هل ينتظر العراق ولبنان نفس مصير سوريا؟

الاتجار بالبشر في لبنان.. عصابات فوق القانون