تقييم قدرة «القاعدة» المركزية: هل انتهي التنظيم حقا؟

الأحد 13 سبتمبر 2015 07:09 ص

تنظيم «القاعدة» المركزي القابع في المنطقة الحدودية بين باكستان وأفغانستان لم يمت بعد. على الرغم من انطوائه في مواجهة الخسائر منذ نهاية عام 2014 ، الأمر الذي يعقد من عملية تقييم قوته المتبقية ومدى قدرته، ولاسيما فيما يتعلق بهيكله القيادي تحت إمرة «أيمن الظواهري». لا تزال الجماعة تستفيد من حماتها المحليين، ولكن قدراتها على التوظيف تبدو غير واضحة والأداء الإعلامي يبدو شاحبا بالمقارنة بتنظيم «الدولة الإسلامية». الفروع التابعة للقاعدة لا تزال تعترف بـ«الظواهري» أميرا لها ويمكن للتنظيم أن يستعيد بعض خسائره من خلال استغلال الثغرات الأمنية في أفغانستان، وتوسيع عمليات الأفرع التابعة له في شبه القارة الهندية والاعتماد على القدرات التشغيلية المتبقية للأفرع التابعة له في الشرق الأوسط وأفريقيا.

تحليل

نمت ادعاءات زوال تنظيم القاعدة المركزي وارتفع صوتها خلال العام الماضي. وذلك بسبب مقتل العديد من كبار القادة والمسؤولين في التنظيم مما يجعل الحفاظ على مساره أكثر صعوبة من أي وقت مضى. أمير التنظيم «أيمن الظواهري» لم يكن له ظهورا عاما حتى في التسجيلات الصوتية منذ انحدار التنظيم في عام 2014 حتى ظهوره في تسجيل صوتي يتعهد فيه بالولاء للملا «أختر منصور» القائد الجديد لحركة طالبان في أغسطس/آب. وكانت التسجيلات التي يتم بثها له بعيدة عن التواصل مع التطورات الآنية. وركزت مؤسسة السحاب، الذراع الإعلامي للقاعدة، على إعادة بث أبرز كلمات الحكمة لقادتها المقتولين. على الجبهة العالمية، لا يزال التنظيم يصدر الأوامر للأفرع التابعة له ولكن قادتهم أيضا عانوا من خسائر. وعلى أقل تقدير فإنهم عاجزون عن التنافس مع نظرائهم الذين يدعون انتماءهم إلى تنظيم «الدولة الإسلامية» والذي يسيطر بشكل أبرز على الأراضي ويحظى بتواجد إعلامي أكثر بروزا. في جنوب آسيا، فإن المجموعات القبلية والعسكرية التي ساعدت القاعدة واجهت أيضا بعض الانتكاسات التي تشكك في طول عمر ملاذها الآمن.

ومع ذلك، هناك خطر في شطب التنظيم من دائرة الاهتمام في وقت قريب جدا لمجرد أنهم يفتقرون إلى البصمة الكبيرة والزخم الحالي للدولة الإسلامية. اختار قادة القاعدة في جنوب آسيا الانعزال نظرا لعدد الخسائر البشرية بسبب هجمات الطائرات بدون طيار منذ عام 2009 ووفاة «أسامة بن لادن» في عام 2011 برغم التدابير الأمنية واسعة النطاق. وهذا يجعل تقييم القوة والقدرات الحالية للمنظمة صعبا للغاية.

التنظيم قبل 5 سنوات

قبل خمس سنوات فقط كان تقييم المؤلف لتنظيم «القاعدة» المركزي يبدو كالتالي:

القيادة والتنظيم: لا يزال «بن لادن» هو صانع القرار المعترف به في أعلى الهيكل، وإن كان بعيدا نوعا ما، فإن مرؤوسيه الأقوياء هم من يديرون العمليات اليومية. ليس فقط «الظواهري»، ولكن المدراء العامين مثل «مصطفى أبو اليزيد»، ولاحقا «عطية عبد الرحمن» كما أظهرت الوثائق التي عثر عليها في منزل بن لادن في وقت لاحق.

الملاذ الآمن: على الرغم من عمليات مكافحة الإرهاب، فقد وجد قادة القاعدة ملاذا آمنا في باكستان في المناطق الخاضعة للسيطرة الفيدرالية للقبائل. كما نجحوا في تطوير صلات بما في ذلك الروابط الأسرية مع الجماعات المسلحة المحلية وزعماء القبائل المتمركزة هناك وفي أجزاء أخرى من باكستان. وكذلك مع حركة طالبان وحلفائها في أفغانستان. كما احتفظ القاعدة أيضا بمقاتلين تابعين له في أفغانستان.

التوظيف والتدريب: على الأقل في أواخر العام 2009، كان القاعدة لا يزال قادرا على جذب المجندين الغربيين ومجندين آخرين وتدريبهم في المناطق الخاضعة للسيطرة القبلية حتى بدون وجود مرافق وإمكانات كبيرة. وعلى الرغم من ذلك، فإنه لا تتوفر إحصاءات دقيقة بشان الأعداد.

الحضور الإعلامي: أنتجت مؤسسة السحاب أكثر من منتجا إعلاميا خلال عامي 2008 و2009. بما في ذلك مقاطع فيديو للظواهري وتسجيلات صوتية لـ«بن لادن» وقامت بنشرها على نطاق واسع عبر المواقع الجهادية على شبكة الانترنت.

التركيز الاستراتيجي: عندما كان «بن لادن» على قيد الحياة، ظلت الولايات المتحدة هدفا استراتيجيا. يشمل ذلك الوجود الأمريكي في باكستان وأفغانستان. ولكن القضايا المحلية، مثل إحباط إجراءات الحكومة الباكستانية ضد المسلحين، كانت تشكل أولوية أيضا.

الوصول التشغيلي العالمي: نجحت القاعدة في تطوير وتقوية علاقاتها مع الجماعات التابعة لها مثل تنظيم القاعدة في جزيرة العرب وتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي ووضعت الأسس اللازمة لجذب حركة الشباب. بينما كانت علاقتها شائكة مع دولة العراق الإسلامية. تبنت القاعدة عمليات إرهابية تستهدف تفجير الأمريكيين في عقر دارهم كما في حالة قنبلة الملابس الداخلية وحالة «نجيب الله زازي» (قبض عليه في سبتمبر 2009 واعترف أنه كان يخطط لتفجير في نيويورك).

القيادة العليا

 اليوم يبدو تنظيم القاعدة المركزي أكثر ضعفا على مستوى معظم هذه النقاط. وتعد الخسائر القيادية هي الأكثر لفتا للأنظار. وقد نجا «الظواهري» حتى الآن، لكنه سريعا ما فقد مساعديه الرئيسيين. ولا يرجع ذلك فقط للضربات الحركية المبلغ عنها ولكن أيضا لاتخاذ إجراءات من جانب الجيش الباكستاني. من بين الضحايا الرئيسين في جنوب آسيا منذ أواخر عام 2014 كان المشغل صاحب الخبرة «عدنان شكري جمعة»، وهو باكستاني متخصص في شؤون الإعلام، إضافة زعيم القاعدة في شبه القارة الهندية «أحمد فاروق» وأخصائي الدعاية الأمريكي «آدم غدن». ومؤخرا في يوليو/تموز «خليل السوداني» الذي وصفه وزير الدفاع الأمريكي «آشتون كارتر» أنه المسؤول الأول عن وحدة التفجيرات الانتحارية والعمليات التفجيرية بالتنظيم

وفي ظل تراجع التنظيم المركزي خارج المنطقة، قام «الظواهري» بتعين نائب له هو «ناصر الوحيشي» زعيم تنظيم القاعدة في جزيرة العرب والذي قتل في يونيو/حزيران. من الصعب أن نحكم على قدرات وحجم دائرة القيادات التي تحافظ على بقائها بعيدا عن الأنظار. ومع ذلك فإن المستوى الأدنى من التشغيليين ذوي الخبرة قد تصاعد. أعرب «مايكل موللر» و«بيل هارلو» وهما من كبار المسؤولين السابقين في سي آي إيه عن قلقهما في كتابهما الأخير (الحرب الكبرى للزمان) بخوص «فاروق القحطاني» الملق بـ«القطري» وهو قائد عسكري للقاعدة في أفغانستان يقوم بدور البحث عن إيجاد ملاذات جديدة للتنظيم.

من المستحيل رسم المخطط التنظيمي لتنظيم القاعدة المركزي كاملا نظرا للتغييرات المفاجئة التي تحدث في الأدوار. لا تزال الأفرع التابعة للقاعدة تعترف بـ«الظواهري» كقائد عام رافضة محاولات الاستمالة من قبل «الدولة الإسلامية». في مايو/أيار قال زعيم جبهة النصرة «أبو محمد الجولاني» في مقابلة له مع قناة الجزيرة أن مجموعته لا تزال تتلقى الأوامر من «الظواهري»، بما في ذلك أوامر التركيز على العمليات المناهضة للنظام وعدم استخدام سوريا «كنقطة انطلاق» لمهاجمة الغرب. «قاسم الريمي»، القائد الجديد لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب، أعلن في أوائل شهر يوليو/تموز الولاء للقاعدة نيابة عن نفسه وعن مجموعته. وقد كان «ناصر الوحيشي» نائبا لأمير تنظيم القاعدة وخليفة «الظواهري» المنتظر بعد وفاته.

لا نعرف بالضبط إذا ما كانت وظيفة النائب لها نفس مهام القائد العام الذي يقود عمليات التشغيل أو إذا ما كان «الريمي» هو من يشغل هذا الموقع الآن أو أي أحد آخر، ربما يشغل المنصب أحد الذين لا يزالون متواجدين في جنوب آسيا. ولا يزال «الظواهري» يلتزم الصمت بشأن هذه المسألة. أشارت تقارير صحفية في العامين الماضيين إلى عودة محتملة إلى باكستان لبعض القادة الذين احتجزوا في السجون الإيرانية وأبرزهم «سيف العدل» الذي كان يرأس وحدة الأمن في التنظيم ولكن يبدو الأمر غير مؤكد وغير محتمل استنادا إلى بيان شريكه «سليمان أبو غيث» (صهر أسامة بن لادن). وعلى كل حال فقد خرج هؤلاء من الخط التنظيمي منذ أكثر من عقد من الزمان.

في أغسطس/آب بثت مؤسسة السحاب بيانا صوتيا لـ«حمزة بن لادن» نجل زعيم تنظيم القاعدة الراجل «أسامة بن لادن»، وهو شاب يافع يبلغ من العمر 26 عاما، وصف «الظواهري» بكونه يسير على خطى والده ما يشير ربما إلى كون «الظواهري» يستميل «حمزة» لمكانة بارزة. «حمزة»، في المقابل، يعترف بـ«الظواهري» كأمير للقاعدة كما جدد ولاءه للملا عمر. النقطة الجديرة بالنظر، أنه وبإشارة التسجيل إلى «الوحيشي» كأمير للقاعدة في جزيرة العرب، فإنه يرجح أن التسجيل قد تم قبل منتصف يونيو/حزيران 2015. لا يشير التسجيل إلى مكان إقامة «حمزة» إلا أن الوثائق التي أخذت من منزل «بن لادن» في أبوت أباد تشير أنه من المتوقع أن يأتي إلى باكستان في أواخر عام 2010. واتساقا مع مواقف والده، يشدد «حمزة» على ضرورة مهاجمة واستهداف الولايات المتحدة في حين يشيد بالمقاتلين المجاهدين عموما ولاسيما في الشرق الأوسط ويحث المسلمين لانتهاز أي فرصة لنقل المعركة إلى أمريكا والغرب، ولكنه لم يشر إلى ما إذا كانت القاعدة نفسها تخطط لهجمات من هذا القبيل.

الملاذ الآمن

وبعيدا عن المرشحين المحتملين للخلافة القيادية في القاعدة، فإن الملاذات الآمنة القياسية للتنظيم تبدو أكثر خطورة الآن بالنظر لعمليات الاستنزاف الأخيرة. ومع ذلك، تشير تقارير وسائل الإعلام بشأن مواقع ضربات الطائرات بدون طيار وعمليات مكافحة الإرهاب في منطقة أفغانستان وباكستان أن قادة القاعدة يعتقدون أنهم يستطيعون الاعتماد على حماتهم المحليين والارتكان إلى التضاريس الوعرة بالنظر إلى نقص البدائل. هم دائما على استعداد للانتقال من موقع إلى آخر رغم أنهم قد أقاموا في نفس المنطقة لمدة تزيد على عقد من الزمان وذلك في شمال وجنوب وزيرستان وأجزاء من شرق أفغانستان على الرغم من عمليات مكافحة الإرهاب التي تزداد وتيرتها في هذه المنطقة.

في يونيو/حزيران من العام 2014، أطلق الجيش الباكستاني عملية «ضرب عضب» العسكرية بهدف القضاء على المتشددين في وزيرستان الشمالية عبر العمليات الجوية والبرية والتي اجتاحت المدن مثل «مير علي» والتي طالما كانت مأوي لأعضاء تنظيم القاعدة والمتعاطفين معهم. في «مير علي» وحدها، استهدف الجيش شبكة طالبان باكستان وشبكة حقاني وقال لوسائل الإعلام أنه نجح في قتل 1200 شخص من المسلحين والإمساك بـ200 طن من العبوات الناسفة والذخائر، حيث قتل «شكري جمعة» في أحد غارات الجيش.

وفي حين أن عمليات الجيش الباكستاني قد تقلصت مؤخرا إثر مفاوضات السلام فقد حفز الهجوم الإرهابي على مدرسة عامة تابعة للجيش في بيشاور في ديسمبر/كانون الأول 2014 استئناف العمليات العسكرية مع مطلع عام 2015. وتزامنت هذه العمليات مع عمليات أخرى لمكافحة الإرهاب في وادي الشوال الذي يربط بين شمال وجنوب وزيرستان. وزعم متحدث باسم القاعدة أن عمليات مكافحة الإرهاب في منتصف عام 2015 قتلت بحد أقصى 50 عضوا من أعضاء المنظمة وعدد مماثل من مناصريهم المحليين بما في ذلك حركة طالبان باكستان، رغم أنه لم يتسن التأكد من صحة هذا الادعاء من مصدر مستقل.

إذا أصبحت باكستان منطقة عصية على الدفاع عنها كملاذ آمن لتنظيم القاعدة وإذا صح أن «فاروق القحطاني» وحلفاءه الأفغان يمهدون الطريق في أفغانستان، فليس هناك شك أن القاعدة يمكن أن تجد ملاذا آمنا في المنطقة الشرقية من البلاد على الرغم من أنها لن تكون بمأمن من الضربات الجوية ما يجعل تحركاتها محفوفة بالمخاطر. كما أنها ستجد منافسة من قبل ولاية خراسان الإسلامية (الفرع التابع لتنظيم القاعدة). وقد أدى انسحاب القوات الأمريكية إلى ترك ثغرات رئيسية لم تتمكن القوات الأفغانية من ملأها ومن غير المرجح أن تنجح في تغطيتها بشكل كاف في المستقبل بالنظر إلى أعداد هذه القوات ووعورة التضاريس وانتشار حركة طالبان والمرتبطين بها.

قام «فابريزيو فوسكيني» مؤخرا بتقييم المنطقة لصالح شبكة المحللين الأفغان، حيث وجد أن الميليشيات الموالية لحكومة وقوات الشرطة المحلية الأفغانية في نورستان، على سبيل المثال، تقوم بتبديل ولائها خاصة قوات الشرطة المحلية نظرا لوجود عدد كبير من السلفيين. منطقة وايجال في وادي بيتش لا تزال تستضيف المقاتلين الأجانب المرتبطين بالقاعدة ويرجح أن «القحطاني» كان يقيم هناك حتى وقت سابق من هذا العام. في مقاطعة باكتيا، وتحديدا في منطقة زورمات، التي مثلت الموقع الاحتياطي للقاعدة بعد هجمات 2001، لا يزال هناك وجود قوي لطالبان. وتستضيف قرية على طريق باكتيكا المقاتلين الأجانب غير المصنفين وأسرهم بعد نزوحهم من وزيرستان الشمالية. يقال إن «خليل السوداني» قد قتل في باكتيا بالقرب من برمال، نقطة العبور التقليدية إلى باكستان بالنسبة للقاعدة. نانغارهار، موقع مجمع تورا بورا الخاص بـ«بن لادن» قد يكون أقل استقبالا للقاعدة الآن نظرا لزيادة الدعم للدولة الإسلامية في المنطقة خلال الأشهر الأخيرة.

التوظيف والتدريب

المعلومات عن عمليات الاستقدام والتدريب الخاصة بتنظيم القاعدة في جنوب آسيا حاليا تبدو متناثرة. ومن المرجح أن عمليات مكافحة الإرهاب قد ثبطت من قدرة المنظمة على تجنيد مقاتلين جدد. في العقد الماضي، كان التنظيم قادرا على توفير جميع أنواع التسهيلات المطلوبة للتدريب مقارنة مع الفترة قبل عام 2001. في الوقت الحالي، فإن مجندي القاعدة ربما يكونوا قادرين على الاستفادة من التدريب في المناطق القبلية مع طالبان باكستان أو مع الجماعات الأفغانية مثل شبكة حقاني، على الرغم من أن العلاقات مع طالبان الباكستانية قد توترت بسبب معارضة القاعدة للهجمات التي تشنها طالبان باكستان ضد المدنيين في سنوات «بن لادن» الأخيرة. ووفقا لمسؤول في الشرطة الباكستانية فإن ناشطا في تنظيم القاعدة في آسيا قد أصيب بجروح في غارة في ولاية البنجاب في يونيو/حزيران 2015 قد تدرب في معسكر للقاعدة في أفغانستان لمدة 5 أشهر «مرجحا أن التدريب تم في وقت أقرب بكثير من عام 2001».

الإعلام

لا تزال مؤسسة السحاب، الشبكة الإعلامية التابعة للقاعدة تعمل بشكل فاعل أو على الأقل تبدو كذلك في عام 2015، على الرغم من أنها تفتقر الكثافة والبريق مقارنة بالجهاز المناظر للدولة الإسلامية. وربما تكون المؤسسة قد عانت من فقدان «آدم غدن». «النهضة»، مجلة تنظيم القاعدة الناطقة باللغة الإنجليزية والتي تركز على نشاط تنظيم القاعدة في آسيا، والتي ظهرت لأول مرة في أكتوبر/ تشرين الأول لعام 2014 وتحوي مقالات تهم الآسيويين الجنوبيين إضافة إلى المقالات التقليدية المتعلقة بالأيدولوجية الجهادية. وتماثل المجلة في قيم إنتاجها نظيرتها التي ينتجها «الدولة الإسلامية» والمعروفة باسم مجلة دابق. عدد يونيو/ حزيران 2015 تم تخصيصه بأكمله تقريبا لأكثر من مقابلة مع «آدم غدن» الذي كان قد تم إعلان وفاته مؤخرا. النشرات الأخرى لمؤسسة السحاب كانت تضم أيضا لتعليقات لقادة أموات مثل «أبو يحي الليبي» و«بن لادن». الأفكار الجديدة للظواهري كانت مفتقدة. وقد حاولت بعض الأفرع الخروج من حالة الركود فأصدرت جبهة النصرة في يوليو/ تموز منشورا تحت اسم الرسالة (وصفتها بأنها مجلة مجاهدي الشام)، وركزت خلاله على عدم شرعية «الدولة الإسلامية».

التركيز الاستراتيجي

ثمة مشكلة في الرسالة الصادرة عن تنظيم القاعدة ومدى قدرتها على التنافس على المجندين مع «الدولة الإسلامية» نتجت عن كونها تأخرت كثيرا في تطوير استراتيجية جديدة تستجيب للتغيرات في الشرق الأوسط، ويبدو أنها تفتقر إلى التركيز بشكل عام. وقد أثر هذا التشويش على خططها لاستهداف المصالح الأمريكية. بدأت مواقف ورؤى «بن لادن» في التغير تجاه بعض الأمور قبل عام تقريبا من وفاته في 2011، ربما يكون بعضها تأثرا بالموجة التي فجرها الربيع العربي. ولكن جماعته، ربما بسبب موته، فشلت في وضع الخطط التشغيلية اللازمة للمنطقة. وبدا «الظواهري» مصدوما من استقلال تنظيم الدولة الناشيء في العراق.

وقد كان كل من «بن لادن» و«الظواهري» متحمسان إزاء التطورات في الشرق الأوسط كما كانا حريصين على لعب دور رئيسي حيالها. ولكن النجاح جاء بشكل أساسي من قبل «الدولة الإسلامية» في العراق لأول مرة. تركيز «بن لادن» على ضرب الولايات المتحدة، رغم بقائه هدفا، فقد أصبح مشوشا. أثار ذلك التساؤلات حول أولويات تنظيم القاعدة في كل من الولايات المتحدة والشرق الأوسط وحقيقة الدور الذي يفترض أن تلعبه الأفرع التابعة للتنظيم في الشرق الأوسط على صعيد العمليات المضادة للولايات المتحدة. هل تم إرسال مجموعة خراسان إلى سوريا من أجل العمل بحرية أكبر في التخطيط لهجمات ضد الولايات المتحدة أم أنها تعمل كجزء من «جبهة النصرة» التي يقول قادتها إنهم تلقوا أوامر بعدم شن هجمات مضادة للولايات المتحدة في سوريا؟ إلى أي مدى فقد القاعدة في باكستان من جنوده في القتال الدائر في الشرق الأوسط بما قد يضعف من قدراته التهديدية في المستقبل؟

الوصول التشغيلي والعملياتي

لدي القاعدة، على الأقل اسميا، وصول واسع وبعض القدرات التشغيلية من خلال الأفرع التابعة له، ولا تزال القاعدة مستمرة رغم أن تهديدها قد تقلص في الوقت الراهن. وعلى الرغم من أن التنظيم قد خسر في العراق فقد كسب فرعا في سوريا كما احتفظ بتواجده في اليمن وشمال وشرق إفريقيا. أعلنت القاعدة في جزيرة العرب مسؤوليتها عن هجمات في وقت سابق من هذا العام في فرنسا، ولكنها تتعرض لمناوشات من قبل «الدولة الإسلامية» (التي تزعم الآن وجودها في اليمن) كما تشارك في القتال المحلي ضد الحوثيين. تأسيس تنظيم القاعدة في آسيا، الذي أجرى محاولة غير ناجحة للاستيلاء على سفينة تابعة للبحرية الباكستانية في سبتمبر/أيلول 2014، قد يكون محاولة لمراكمة القوى التي يحتفظ بها تنظيم القاعدة كمنظمة تتمركز في جنوب آسيا وتزيد ارتباطها بالمنطقة من خلال الروابط العائلية والتشغيلية. أثبتت المجموعة أنها شوكة في خاصرة قوات الأمن في عدة مواقع في أفغانستان، كما يمكنها التوسع إلى عدة أماكن. اعتقلت قوات الأمن في بنجلاديش عملاء للمنظمة في يوليو/ تموز كانوا يخططون لشن هجمات في عيد الفطر وهو عطلة إسلامية هامة. وفي شرق إفريقيا، أعلنت مجموعة جديدة تسمى نفسها «جماعة المهاجرين» يرجح أن تكون أحد أذرع البروباجندا لحركة الشباب. تبدو مخرجات الجماعة الجديدة الإعلامية متعاطفة مع القاعدة وتركز على التجنيد في أوغندا وتنزانيا.

خلاصة

بعد 14 عاما من الهجمات الأمريكية، ربما يكون تنظيم القاعدة المركزي قد أصابه الضعف بشكل خطير ولكنه لم يمت بعد. فقد صار التنظيم جزءا من نسيج المنطقة الحدودية بين باكستان وأفغانستان التي تبدو قادرة على الحفاظ على المقاتلين الذي ولدوا في النهاية فرع تنظيم القاعدة في آسيا. الأهم من ذلك، لا يزال «الظواهري» معترفا به كرئيس للمنظمة الأم التي لا تزال تشارك في معارك في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا. قد لا يكون ذلك كافيا لجذب تدفقات المقاتلين الأجانب كما تفعل «الدولة الإسلامية» ولكنه يكفي للقيام بعمليات إرهابية قاتلة ضد الغرب.

  كلمات مفتاحية

تنظيم القاعدة الدولة الإسلامية بن لادن الظواهري جبهة النصرة القاعدة في جزيرة العرب

«الظواهري» يدعو في تسجيل صوتي إلى شن هجمات فردية على أمريكا والغرب

تجديد النسخة الجهادية: «القاعدة» يعيد طرح نفسه بهوية جديدة

«الجولاني»: «الدولة الإسلامية» خوارج وخلافتهم «غير شرعية»

«المونيتور»: تنظيم «القاعدة» يستفيد من الصراع اليمني

«ستراتفور»: التيارات الجهادية تتمزق بين تنظيم «القاعدة» و«الدولة الإسلامية»

القاعدة في اليمن: استراتيجيات جديدة وقدرات متزايدة

عملية تبادل أسرى «مثيرة للجدل» بين إيران و«القاعدة»

مسؤول بالخارجية الإيرانية ينفي إجراء صفقة تبادل معتقلين مع القاعدة

«نيويورك تايمز» تؤكد: إيران تفرج عن 5 قيادات بـ«القاعدة» مقابل دبلوماسي