تطبيع المغرب.. حينما تتحول الحقوق إلى سلعة للمقايضة

السبت 12 ديسمبر 2020 04:53 ص

أعلن الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، الخميس، أن اتفاقا تم التوصل إليه بين المغرب وإسرائيل لتطبيع العلاقات رسميا، وأن الولايات المتحدة ستعترف بأن الصحراء الغربية جزء من المملكة الواقعة شمال أفريقيا.

وأصبح المغرب رابع دولة عربية تقيم علاقات دبلوماسية كاملة مع إسرائيل خلال 4 أشهر، بعد الإمارات والبحرين والسودان.

وكتب "ترامب" في تغريدة على "تويتر": "لقد وقعت اليوم إعلانا يعترف بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية.

ويعد اقتراح المغرب الجاد والموثوق والواقعي بالحكم الذاتي هو الأساس الوحيد لحل عادل ودائم لتحقيق السلام والازدهار الدائمين".

وفي تغريدة منفصلة، أضاف الرئيس الأمريكي بعد ذلك: "صديقتانا الكبيرتان، إسرائيل والمملكة المغربية، اتفقتا على علاقات دبلوماسية كاملة. إنه تقدم هائل للسلام في الشرق الأوسط".

ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" الاتفاق بأنه "شعاع نور عظيم آخر نحو السلام".

وقال الديوان الملكي المغربي إن الملك "محمد السادس" أجرى اتصالا هاتفيا بالرئيس الفلسطيني "محمود عباس" وكرر التزامه بحل الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

وقالت "جبهة البوليساريو"، وهي حركة استقلال في الصحراء الغربية المتنازع عليها، إنها "تأسف بشدة" لقرار "ترامب"، لكنها ستواصل كفاحها.

  • علاقات قائمة

وبالرغم من عدم وجود علاقات دبلوماسية كاملة بين إسرائيل والمغرب منذ تأسيس الأولى عام 1948، إلا أنهما مع ذلك يتبادلان العلاقات (خاصة الاستخباراتية) منذ وقت طويل.

وبدأ المغرب وإسرائيل علاقات منخفضة المستوى عام 1993، بعد أن توصلت الأخيرة إلى اتفاق سلام مع منظمة التحرير الفلسطينية كجزء من اتفاقيات أوسلو. لكن الرباط علقت علاقاتها مع (إسرائيل) بعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000.

ووصف المغرب إعلان الخميس بأنه "استئناف" للعلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل.

ويعيش نحو نصف مليون يهودي مغربي في إسرائيل، ومن المعروف أن الإسرائيليين يزورون المملكة الأفريقية من حين لآخر. وقال "نتنياهو" إنه يتوقع بدء رحلات جوية مباشرة بين البلدين قريبا.

وفي الأعوام الأخيرة، شجع الملك "محمد السادس" ترميم التراث اليهودي في بلاده، وهو ما شارك فيه اليهود المغاربة الإسرائيليون. وسلط الناشطون المغاربة الضوء على مؤشرات نحو تطبيع العلاقات مع إسرائيل، الأمر الذي نفته الحكومة أو التزمت الصمت تجاهه.

وفي فبراير/شباط، ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن "نتنياهو" ضغط على الولايات المتحدة للاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية في مقابل اتخاذ الرباط خطوات لتطبيع العلاقات مع إسرائيل. وبعد بضعة أشهر، كشفت منظمة العفو الدولية عن استخدام برامج تجسس إسرائيلية لاستهداف ناشطين مغاربة.

  • مطالبات إقليمية

وأكد "جاريد كوشنر"، صهر "ترامب" وكبير مستشاريه، أن الاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية مرتبط بتطبيع المغرب مع إسرائيل.

وقال "كوشنر" للصحفيين، الخميس: "من المحتمل أيضا كسر الجمود للمساعدة في خدمة القضايا في الصحراء الغربية على نحو أفضل؛ حيث نريد لشعب البوليساريو فرصة أفضل لعيش حياة أفضل".

وأضاف: "شعر الرئيس أن هذا الصراع يعيق قضيتهم بدلا من دفعها إلى الأمام. وسوف يعزز هذا الاعتراف علاقة أمريكا بالمغرب".

وكانت الصحراء الغربية مستعمرة أسبانية سابقة، وطالب بها المغرب منذ عام 1957، ويُعتقد أن بها احتياطيات نفطية كبيرة وموارد معدنية.

وقد رفض سكانها الأصليون بشدة السيطرة المغربية.

وبين عامي 1975 و1991، خاضت جبهة البوليساريو تمردا ضد الوجود المغربي.

وتقدر البوليساريو أن عدد السكان الأصليين للصحراء الغربية يتراوح بين 350 ألفا و500 ألف وطالبت منذ فترة طويلة بحقهم في إجراء استفتاء على الاستقلال، وهو الأمر الذي وعدت به قرارات الأمم المتحدة.

واتهمت البوليساريو المغرب مرارا باستغلال الثروات الطبيعية للمنطقة بينما ينتظر نصف سكانها الاستفتاء في المخيمات وفي المنفى.

وفي الشهر الماضي، اشتبكت القوات المغربية ومقاتلو البوليساريو على طريق سريع مؤدي إلى موريتانيا، وذلك للمرة الأولى منذ إعلان الحركة الصحراوية وقف إطلاق النار عام 1991.

وقال الديوان الملكي المغربي إن الولايات المتحدة ستفتح قنصلية لها في الصحراء الغربية.

وفي الشهر الماضي، قالت البحرين، التي قامت بتطبيع العلاقات مع إسرائيل في سبتمبر/أيلول، إنها ستفتح قنصلية في المنطقة.

وقال "أحمد الطنجي"، الصحفي والناشط في مدينة العيون بالصحراء الغربية، إن إعلان "ترامب" كان استراتيجية تبادل بشكل صارخ.

وأضاف: "التبادل يشمل دعم ما يسمى بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية مقابل اعتراف مغربي بإسرائيل".

وأضاف: "لقد تعرضنا للصدمة عندما رأينا تغريدة ترامب. في الوقت نفسه، هذا ليس شيئا جديدا. وبصفتي صحراويا، رأيت الولايات المتحدة تدعم المغرب لعقود عديدة. لكن هناك بعض الأمل في أن الإدارة المقبلة ستكون مختلفة".

وقال الناشط الصحراوي "محمد البيكام" إن الإعلان كان متوقعا.

وأضاف: "نعتقد أن هذا الموقف محاولة لتجاوز القانون الدولي وجميع مبادئه.. لكن إدارة بايدن قد تصحح الموقف الأمريكي"

وقال "محمود لمعادل"، وهو صحفي ومواطن صحراوي، إن إعلان "ترامب" كان مثل "أعمى يقود خطى ضرير".

وكذلك نددت عضوة الكونجرس الأمريكية "بيتي ماكولوم"، وهي مدافعة عن حقوق الفلسطينيين، بخطوة "ترامب" للاعتراف بمطالب المغرب في الصحراء الغربية.

وكتبت "ماكولوم" على "تويتر"، الخميس: "أدين اعتراف ترامب أحادي الجانب بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية مقابل اعتراف المغرب الدبلوماسي بإسرائيل.. للشعب الصحراوي حق معترف به دوليا في تقرير المصير ويجب احترامه".

واتهم "جيم إينهوفي"، عضو مجلس الشيوخ الجمهوري البارز الذي يدعم مساعي شعب الصحراء الغربية لتقرير المصير، "ترامب" بـ "مقايضة حقوق شعب لا صوت له" لتأمين الصفقة المغربية الإسرائيلية.

وقال "إينهوفي" في بيان: "إن إعلان البيت الأبيض اليوم عن إقرار مزاعم سيادة المغرب على الصحراء الغربية صادم ومحبط للغاية. إنني أشعر بالحزن لأن حقوق شعب الصحراء الغربية قد تم التنازل عنها".

وحظى إعلان "ترامب" بتنديد منظمات حقوقية التي أشارت إلى أنه جاء بالتزامن مع الخرق المغربي الأخير لوقف إطلاق النار المستمر منذ عقود في الصحراء الغربية، وكذلك التوسيع الإسرائيلي المستمر للمستوطنات غير القانونية، وتدمير المنازل والمباني الفلسطينية، والعنف المتواصل ضد الفلسطينيين.

المصدر | أوسكار ريكيت ودانيال هيلتون/ميدل إيست آي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

التطبيع المغربي الإسرائيلي جبهة البوليساريو الصحراء الغربية دونالد ترامب

حماس والجهاد الإسلامي تصفان تطبيع المغرب بالخيانة والخطيئة السياسية