السيسي يواصل الاستحواذ على الإعلام.. دياب يرضخ ويبيع المصري اليوم

السبت 13 مارس 2021 11:00 م

رضخ رجل الأعمال المصري "صلاح دياب" إلى الضغوط، وتنازل عن ملكيته بصحيفة "المصري اليوم" (إحدى أشهر الصحف الخاصة في مصر)، لإحدى "الجهات السيادية"، وهو تعبير يطلق في مصر على جهات مثل رئاسة الجمهورية والمخابرات والجيش.

ووفق مصادر داخل الصحيفة، فإن "دياب" رضخ أمام الضغوط الأمنية التي مورست عليه، وقرر بيعها؛ لتتعزز سيطرة الجهات الأمنية في مصر على وسائل الإعلام الخاصة.

وباتت عملية بيع الصحيفة، في مراحلها الأخيرة، حيث يضع الطرفان اللمسات النهائية قبل توقيع العقود.

ومن المنتظر الإعلان عن بيع الصحيفة خلال أيام قليلة، من دون الكشف عن الجهة التي ستشتري.

وسبق أن تعرض "دياب" لضغوط عديدة لبيع الصحيفة، كان من بينها حبسه في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، مع نجله و12 رجل أعمال آخرين، على خلفية عدة اتهامات بينها الفساد وحيازة أسلحة، ولاحقا قررت محكمة مصرية التحفظ على أموال "دياب".

وأحالت النيابة المصرية "دياب" إلى المحاكمة الجنائية بتهمة حيازة أسلحة وذخيرة، ثم أخلي سبيله بكفالة 50 ألف جنيه (3194 دولارا)، قبل أن يصدر حكم ببراءته في سبتمبر/أيلول 2017.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2019، أعلن القضاء رفع اسم "دياب" ومعه رجل الأعمال "محمود الجمال"، من قائمة الممنوعين من السفر، بعد سدادهما مبلغ 270 مليون جنيه (17.25 ألف دولار) مقابل التصالح في قضية اتهامهم بشراء أراضي الدولة بأسعار بخسة.

وعادت السلطات لاعتقال "دياب" في سبتمبر/أيلول الماضي، بدعوى تورطه في مخالفة بناء في مصنع مملوك له، فضلا عن حديث للإعلام التابع للسلطة عن مخالفات مالية لم يقدم تفصيلات عنها.

وجاءت الأخبار عن موافقة "دياب" على بيع "المصري اليوم" بعد أيام قليلة من استحواذ عضو مجلس الشيوخ عن حزب "مستقبل وطن" الموالي للنظام "محمد منظور"، على قناة "المحور" من مالكها رجل الأعمال "حسن راتب".

وقالت مصادر إن "منظور" حصل على نسبة 50% من ملكية القناة، في حين توزعت بقية النسب على إحدى الجهات الإعلامية الرسمية (مجهولة) وشركة "نايل سات" ومدينة الإنتاج الإعلامي.

ويقول خبراء في صناعة الإعلام، إن السلطات المصرية دأبت منذ سنوات على السيطرة على الإعلام من أجل هدف واحد، هو التحكم الكامل في الوسائل والرسائل الإعلامية، عبر شرائها من مصادرها وعدم الاكتفاء بتعاون ملاك وسائل الإعلام.

يشار إلى أن حكاية الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي"، مع وسائل الإعلم بدأت مع الأشهر الأولى من توليه الرئاسة، عقب قيادة الانقلاب في صيف 2013، على أول رئيس مدني منتخب.

ففي أغسطس/آب 2014، وأثناء كلمته في احتفالية إعلان تدشين محور تنمية قناة السويس، قال "السيسي"، إن "الزعيم الراحل جمال عبدالناصر كان محظوظا، لأنه كان يتكلم والإعلام كان معه".

وخلال السنوات اللاحقة، كرر "السيسي" حديثه عن أهمية الإعلام ودوره في الترويج لإنجازات النظام، وكثيرا ما تضمنت خطاباته انتقادات لوسائل الإعلام الموالية للنظام، رغم أن كثيرين يرون أنها بالغت في تأييده والتبرير له.

لكن اهتمام "السيسي" بالإعلام لم يقتصر على الأمنيات أو الانتقادات، حيث شهدت مصر منذ الانقلاب، خطوات متسارعة على طريق بسط السيطرة الحكومية على وسائل الإعلام، وفرض الصوت الواحد حتى على الإعلام الخاص الذي أصبح في بؤرة الاهتمام الحكومي.

ومنذ منتصف عام 2016، بدأ عقد القنوات الفضائية الخاصة المصرية في الانفراط، بعد استحواذ شركات تابعة للأجهزة السيادية عليها واحدة تلو الأخرى.

وكانت البداية ببيع رجل الأعمال المصري الشهير "نجيب ساويرس"، شبكة قنوات (ON TV) لشركة "إعلام المصريين" التي كان يملكها حينئذ رجل الأعمال "أحمد أبو هشيمة".

هذه الشركة انتقلت بدورها إلى الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية التابعة لأجهزة الدولة السيادية (المخابرات)، وهو لفظ يقصد به غالبا إما رئاسة الجمهورية أو المخابرات أو الجيش.

وفي العام التالي، باع رجل الأعمال "السيد البدوي"، شبكة قنوات "الحياة" الشهيرة إلى شركة "تواصل" التابعة لشركة "فالكون"، والتي باعتها بدورها لشركة "إعلام المصريين" في منتصف عام 2018، ومنذ ذلك الحين تراجعت أهمية القناة التي كانت يوما ما في مقدمة القنوات الخاصة بمصر.

وفي سبتمبر/أيلول 2018، استحوذت شركة "إعلام المصريين" ذاتها على شركة "المستقبل" المالكة لشبكة قنوات (CBC)، التابعة لرجل الأعمال "محمد الأمين"، الذي أسس شبكة من القنوات الناجحة، أتبعها بالاستحواذ على مجموعة قنوات "النهار" و"مودرن".

وفي العام ذاته، باع البرلماني الأسبق "سعيد حسانين"، قناة "العاصمة" المثيرة للجدل إلى شركة "فالكون"، والتي ترأسها المتحدث العسكري السابق العميد "محمد سمير"، بعد مغادرته منصبه مطلع عام 2017، قبل أن تغلق في وقت لاحق.

هذه السياسة التي انتهجتها السلطات المصرية مع القنوات الخاصة، أقلقت منظمة "مراسلون بلا حدود" من سيطرة المخابرات على المؤسسات الإعلامية، حيث قالت في تقرير صدر عام 2017 بعنوان "مصر: حينما تبسط المخابرات سيطرتها على الإعلام"، إن رجال المخابرات أقرب إلى وسائل الإعلام من أي وقت مضى.

وأشارت المنظمة، ومقرها باريس، إلى استحواذ عدد من رجال الأعمال المعروفين بصلاتهم بالأجهزة الأمنية، على عدد من الوسائل الإعلامية، بما فيها المقربة من النظام.

لكن ما بين عمليات الاستحواذ أو الاستيلاء على القنوات الفضائية، كانت الفوضى هي سيدة الموقف، حيث أغلقت قنوات واختفت أخرى مثل قناة "On tv live"، و"DMC News"، و"العاصمة"، و"الناس" (دينية)، و"مودرن"، إضافة إلى خفوت نجم العديد من القنوات مثل "ريم" و"الحياة" وغيرها.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

المصري اليوم صلاح دياب الإعلام المصري السيسي إعلام المصريين

مصادر تكشف دور «الأجهزة السيادية» في السيطرة على الإعلام المصري