رغم لقاء أردوغان وبايدن.. تحديات تهدد المسار البراجماتي للعلاقات الثنائية

السبت 26 يونيو 2021 01:02 م

يشير الاجتماع الأول للرئيس الأمريكي "جو بايدن" مع نظيره التركي "رجب طيب أردوغان" إلى أن العلاقات الثنائية ستبقى متوترة، لكنها في الوقت ذاته ستبقى مستقرة بشكل براجماتي في المدى القريب.

وما يزال أمام واشنطن وأنقرة الكثير من النزاعات التي لم تحل مما يترك الباب مفتوحًا لإمكانية حدوث توترات مستقبلية.

واتفق "بايدن" و"أردوغان"، خلال اجتماع 14 يونيو/حزيران على هامش قمة الناتو في بروكسل، على تولي تركيا مسؤولية تأمين مطار كابل في أفغانستان بعد انسحاب الولايات المتحدة.

وبالرغم من ذلك، لم يتم حل أي من النقاط الرئيسية التي تسبب توترات في العلاقات بين البلدين. وفي حين يبدو المسار البراجماتي الآن أكثر ترجيحًا، إلا إن الوضع ما يزال ملغّمًا خاصة مع الإجراءات التي قد يتخذها حزب "العدالة والتنمية" الحاكم الذي يترأسه "أردوغان" قبل الانتخابات المقرر عقدها في يونيو/حزيران 2023.

يشار إلى أن هناك قيودا محلية واستراتيجية لدى تركيا تمنع حل الخلافات المستمرة مع الولايات المتحدة بالرغم من الطبيعة البراجماتية الحالية التي تتسم بها العلاقات الأمريكية التركية.

وتشمل المشكلات العالقة بين البدلين الآتي:

تسليم "فتح الله غولن"

تتهم تركيا "غولن" بالوقوف وراء محاولة الانقلاب في عام 2016 واعتقلت السلطات أعدادا كبيرة من الأشخاص على خلفية علاقتهم بتنظيم "غولن" الذي جرى تصنيفه إرهابيا.

لكن الولايات المتحدة (التي يعيش فيها غولن وسعى العديد من أتباعه إلى اللجوء إليها) تدعم مزاعم الداعية بأنه لم يشارك في الانقلاب وأن شبكة الجمعيات الخيرية والشركات التي يشرف عليها سلمية. لذلك من غير المرجح أن تسلم الولايات المتحدة "غولن".

ومن غير المرجح أن تتوقف تركيا أيضا عن استهداف أنصار "غولن" في الداخل والخارج في وقت يحاول فيه حزب "العدالة والتنمية" الحفاظ على ثقة الأتراك الذين ما زالوا غاضبين من محاولة الانقلاب.

شراء تركيا لمنظومة "S-400"

اشترت تركيا منظومة الصواريخ الروسية "S-400" في عام 2017، مما أقلق واشنطن بسبب مخاوفها من العلاقات الدفاعية الناشئة بين روسيا وتركيا وإمكانية استخدام المنظومة لتتجسس موسكو على مقاتلات الشبح الأمريكية.

وأزالت الولايات المتحدة تركيا من برنامج مقاتلات "F-35" وفرضت عقوبات "قانون مكافحة أعداء أمريكا من خلال العقوبات" (جاستا) عليها ردا على الصفقة.

وطرحت تركيا فكرة الرصد المشترك لمنظومة "S-400" أو حتى تأجيل تفعيلها في مقابل رفع العقوبات، لكن رفع عقوبات "جاستا" سيتطلب إشراف الكونجرس الذي يميل معظم مشرعيه إلى اتخاذ إجراءات متشددة ضد تركيا.

وهناك فرصة تسوية يمكن أن تجربها تركيا مثل الحد من استخدام "S-400"، لكن من غير المرجح لأنقرة أن تتخلى تماما عن المنظومة دون تنازلات أمريكية كبيرة، حيث يرى الأتراك شراء "S-400" باعتبارها مسألة استقلال وطني.

الدعم الأمريكي لأكراد سوريا

تعتمد الولايات المتحدة بشدة على التعاون مع "قوات سوريا الديموقراطية" من أجل عملياتها ضد "الدولة" في سوريا.

ومع ذلك، فإن العنصر الرئيسي في "قوات سوريا الديموقراطية" هو "وحدات حماية الشعب" التي ترتبط بحزب العمال الكردستاني المتهم بتنفيذ هجمات داخل تركيا. ولهذا السبب، تريد تركيا من الولايات المتحدة قطع جميع العلاقات مع "وحدات حماية الشعب".

ولكن، من غير المرجح أن تقطع إدارة "بايدن" العلاقات مع "قوات سوريا الديموقراطية" وسط مخاوف متزايدة من عودة ظهور تنظيم الدولة" في شمال شرق سوريا. كما أن التخلي عن "قوات سوريا الديموقراطية" سيخاطر بتكرار محاولات "ترامب" للانسحاب بسرعة من سوريا.

حقوق الإنسان

في ظل إعلان إدارة "بايدن" التزامها الدبلوماسي تجاه حقوق الإنسان، فإن مزيدًا من التدقيق سيسلط على حزب "العدالة والتنمية" الذي ينظر إلى معظم القضايا الاجتماعية بشكل مختلف عن الولايات المتحدة ويتخذ موقفًا عدائيًا إزاء انتقادات القوى الغربية.

وعلى سبيل المثال، أصبح "بايدن" أول رئيس أمريكي يعترف رسميا، في أبريل/نيسان، بما يسمى "مذبحة الأرمن" (1915-1916) باعتبارها "إبادة جماعية".

ومن غير المحتمل أن تُحل الفوارق الثقافية والسياسية بشأن حقوق الإنسان في الوقت الذي يحاول فيه حزب "العدالة والتنمية" أن يحقق أهدافه الإيديولوجية في الداخل وتحاول إدارة "بايدن" التأكيد على اهتمام الولايات المتحدة بـ"حقوق الإنسان" في الخارج من المنظور الغربي.

وقبل الانتخابات المقرر عقدها في يونيو/حزيران 2023، سيعطي حزب "العدالة والتنمية" الأولوية بشكل متزايد للسياسات المصممة لتعزيز الحزب. وتناقش الأحزاب السياسية التركية حاليا إمكانية طرح دستور جديد للبلاد. ويخشى البعض أن يكون الدستور الجديد مصمما لتأمين احتفاظ "العدالة والتنمية" بالسلطة لأطول فترة ممكنة.

يشار إلى أن آخر تعديل على الدستور التركي والذي أصبح ساريًا في عام 2018 تضمن تحويل النظام البرلماني إلى نظام رئاسي مما عزز من نفوذ وصلاحيات "أردوغان".

وينخرط حزب "العدالة والتنمية" في تحالف مع "حزب الحركة القومية" الذي يعارض في كثير من الأحيان التنازلات للولايات المتحدة وأوروبا. وبدون دعمه، لن يكون لدى حزب "العدالة والتنمية" أغلبية برلمانية ولن يتمكن من تمرير التشريعات اللازمة.

وفضلا عن ذلك، من المحتمل أن يستمر حزب "العدالة والتنمية" في حملته ضد "حزب الشعوب الديمقراطي" الذي يهيمن عليه الأكراد. وبالفعل، قدم "العدالة والتنمية" عريضة للمحكمة الدستورية في تركيا لحظر "حزب الشعوب الديموقراطي". ومن شأن حظر هذا الحزب أن يعزز حصة حزب "العدالة والتنمية" في الانتخابات القادمة

وردا على ذلك، من المحتمل أن تنتقد الولايات المتحدة مثل هذه السياسات وقد تحاول الضغط على تركيا لوقفها، إما عبر فرض عقوبات أو التهديد بذلك، مما سيقوض ثقة أنقرة في واشنطن وبالتالي يبدد أي آمال في حل النزاعات المختلفة التي تلقي بظلالها على العلاقات الثنائية الأوسع للبلدين.

المصدر | ستراتفور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

تركيا أردوغان الولايات المتحدة بايدن العلاقات التركية الأمريكية

البنتاجون: إعلان بايدن عن مجازر الأرمن لن يؤثر على علاقتنا بتركيا

أردوغان: بايدن ينقل أسلحة للإرهابيين في سوريا.. ولن نقف مكتوفي الأيدي

على هامش قمة العشرين في روما.. أردوغان يلتقي بايدن

صفقة "إف-16".. أردوغان يقدم الاختبار الأخير لبايدن قبل الافتراق النهائي