تعديل العطلة بالإمارات.. ضربة للسعودية واستمالة للأجانب

السبت 11 ديسمبر 2021 09:55 ص

"ألا يعلمون أنه يوم الجمعة؟"، يأخذ كتاب الدليل الثقافي عن الحياة بالخليج عنوانه من إحباط المغتربين (المسلمين بالدول الغربية) عندما يقطع مديروهم في العمل إجازاتهم في اليوم التقليدي المخصص للعبادة والتجمعات العائلية.

يعرض الكتاب، لمؤلفه البريطاني "جيرمي ويليامز"، رسما كاريكاتوريا لمدير تنفيذي بإحدى الضواحي البريطانية، وهو يتناول إفطاره في السرير يوم الأحد، قبل أن تقطع استجمامه مكالمة هاتفية من مغترب يسعى للانتقام، قائلا له: "لقد حصلت على إجابة عن هذا السؤال الذي طرحته علي في المنزل يوم الجمعة!".

لكن النكتة ربما تكون وصلت إلى مسارها الآن بعد أن قررت الإمارات تعديل العطلة الأسبوعية لتكون يومي السبت والأحد وفق النمط الغربي (عوضا عن الجمعة والسبت)؛ حتى يتماشى ذلك مع الأسواق العالمية ويعزز "التوازن بين العمل والحياة الشخصية".

ومعلقا على القرار، قال الرئيس التنفيذي لشركة "جرانت ثورنتون" في الإمارات "هشام فاروق": "من المنطقي أن تكون جزءا من العالم؛ فنحن مركز مالي عالمي، ونخسر الكثير حاليا بسبب اليوم (الجمعة) الذي ننفصل فيه عن العالم".

وأضاف: "كي نكون بوابة بين آسيا والغرب، لا يمكننا الإبقاء على هذا اليوم (الجمعة) كعطلة".

وتعد هذه الخطوة جزءا من جهود الإمارات لتحديث اقتصادها وجعله أكثر جاذبية للأجانب. 

فاعتبارًا من العام الجديد، سينتهي أسبوع عمل القطاع العام، الذي ستعتمده الجهات الحكومية وأسواق المال، اعتبارا من ظهر الجمعة.

ومع تطبيق القرار على المدارس، من المتوقع أن يتبناه القطاع الخاص. وذهبت الشارقة، أكثر الإمارات محافظة، إلى أبعد من ذلك؛ حيث حددت أسبوع عمل من 4 أيام، مع عطلة نهاية أسبوع لمدة 3 أيام تمتد من الجمعة إلى الأحد.

وقال "فاروق" إن شركات القطاع الخاص، مثل شركته، تبحث حاليا كيفية التكيف مع ترتيبات العمل الجديدة للقطاع العام.

لكن البعض الآخر، وخاصة المحافظين دينيا، أكثر مقاومة للتغيير. وقال أحد الإماراتيين: "في نهاية المطاف، اعتاد الناس أن يجتمعوا على الغداء يوم الجمعة، مع قضاء اليوم في العبادات ومع الأسرة".

بالنسبة لبعض المديرين التنفيذيين الأجانب، كانت أيام الأحد، بالنسبة لهم في الإمارات، أيام عمل مريحة؛ حيث يستطيعون فيها إجراء المزيد من الأعمال غير الرسمية، بينما يكون زملاؤهم بالخارج في عطلة.

وقال العضو المنتدب لشركة "كيستريل جلوبال" الاستشارية، التي تتخذ من دبي مقرا لها، "توم هدسون": "سمعت البعض يتذمر، ونقاشات حول كيفية توفير وقت آخر لاجتماعات الجولف الصباحية، التي كانت تتم الأحد، لكن بصرف النظر عن ذلك، أعتقد أن ذلك (القرار الإماراتي) لقي استحسانا كبيرا".

وأضاف: "القيادة (الإماراتية) تبحث باستمرار عن طرق لجذب الشركات الدولية والقضاء على الروتين والعراقيل أمام الأعمال".

وشملت الإصلاحات العلمانية الأخرى في الإمارات السماح للأجانب بامتلاك أعمالهم دون شريك محلي، ومنحهم تأشيرات إقامة طويلة الأجل، وحتى فتح الباب أمام تجنيس النخبة من المغتربين. وتشمل الإصلاحات المستقبلية المطروحة إنشاء محاكم باللغة الإنجليزية وإلغاء تجريم الشذوذ الجنسي.

فقد تسارعت وتيرة التغيير في الإمارات مدفوعة بحملة الإصلاح الأخيرة في  السعودية، التي تهدف إلى استعادة بعض النشاط التجاري الذي اجتذبته الإمارات لعقود من الزمن.

إذ فرضت السعودية رسوما جمركية جديدة على البضائع التي تدخل المملكة من جيرانها الخليجيين؛ ما يقوض نماذج الأعمال للعديد من الشركات الإماراتية التي تعمل في التصنيع الموجه للتصدير. كما حذرت الحكومة السعودية الشركات متعددة الجنسيات، التي تميل إلى جعل مقاراتها الإقليمية في دبي، من أنها قد تخسر العقود الحكومية المربحة إذا لم تنقل مقارها إلى الرياض.

وقال الأستاذ المشارك في السياسة المقارنة بكلية لندن للاقتصاد "ستيفن هيرتوج": "هذه (قرار تعديل العطلة الأسبوعية في الإمارات) محاولة للبقاء في الصدارة في المنافسة مع المملكة على مركز الأعمال بالمنطقة". واعتبر القرار ذكيا؛ لأنه "سيكون من الصعب على السعودية أن تتبعه بأن تجعل يوم الجمعة، اليوم المقدس لدى المسلمين، نصف يوم عمل".

لكن "هيرتوج" قال إن أسبوع العمل الأقصر بالنسبة للقطاع العام، الذي يتمتع بالفعل برواتب أعلى وامتيازات أفضل، قد يكون مثبطا آخر للمواطنين -الذين يفضلون الوظائف الحكومية- للانتقال إلى القطاع الخاص، وهو أمر تريد الإمارات تشجيعه في سعيها لتنويع اقتصادها بعيدا عن النفط. وأضاف: "لذلك يبدو أن أجندة المنافسة الاستثمارية تغلبت على أجندة التأميم" في الإمارات.

ومع تفوق أعداد الوافدين على المواطنين بنسبة تسعة إلى واحد، تسعى إصلاحات الإمارات إلى تسهيل الأمر على الأجانب، وتشجيعهم على نقل خبراتهم إليها، وتعميق ارتباطهم بها، بدلا من تحويل أموالهم إلى الوطن.

وهذا العناق الإماراتي الدافئ للأجانب وعاداتهم ليس على ما يرام بمناطق أخرى من الخليج، خاصة الكويت؛ حيث تتزايد الشوفينية المناهضة للمغتربين.

وفي هذا الصدد، قال أحد المسؤولين الإماراتيين: "اعتدنا التركيز على الحاجة إلى حماية ثقافتنا، لكن الآن هناك تقدير أكبر بكثير للوافدين". وأضاف: "نحن نؤسس لتغيير بالمنطقة؛ فالعالم لا يتراجع، ونحن نتقدم".

المصدر | فاينانشال تايمز - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الإمارات العطلة الإسبوعية السعودية

جيوبوليتكال: الإمارات ستغير لوائحها الاقتصادية لعرقلة خطط التنمية السعودية

شراكة السعودية والإمارات على المحك مع احتدام المنافسة على تنويع الاقتصاد

دوام الجمعة بالإمارات.. كيف قضى الموظفون أول أيام التعديل الجديد؟

انقسام وتذمر في الإمارات بعد تغيير العطلة الأسبوعية