تداعيات خطيرة.. الأزمة الأوكرانية تهدد إمدادات القمح إلى مصر وتونس والجزائر

الثلاثاء 15 فبراير 2022 12:44 ص

تهدد الأزمة الأوكرانية العالم بأسره، حيث تحمل في طياتها خطر تعطيل ضخم لإمدادات السلع الأساسية، من الغاز إلى القمح. وتهدد الأزمة دول شمال أفريقيا التي تعتمد ابشكل كبير على واردات الحبوب من خارج حدودها.

ويضم شمال أفريقيا أكبر مستوردي القمح في العالم، حيث تنتج دول مثل مصر والجزائر وتونس وليبيا أقل من نصف احتياجاتها من الحبوب. وتأتي واردات الحبوب هذه من مجموعة واسعة من الموردين في مقدمتهم أوكرانيا وروسيا.

المصدرون الرئيسيون

يتطور الحشد العسكري حول أوكرانيا نحو مواجهة بين روسيا وحلف الناتو، حيث ترى الدول الأعضاء في شمال الأطلسي أن الغزو الروسي لجارتها هو غزو لها جميعًا. وبينما تدق طبول الحرب في أوروبا الشرقية، فإن الصوت يصل إلى شمال أفريقيا.

كانت أوكرانيا خامس أكبر منتج للقمح في العالم في عام 2019، وتصدّر معظم إنتاجها إلى دول شمال أفريقيا. وكانت دول مثل مصر وتونس من بين أكثر الأسواق الخارجية استيرادا للقمح الأوكراني في تلك السنة.

وتحتوي المناطق الشرقية لأوكرانيا (الأكثر عرضة لهجوم روسي محتمل) على أراضيها الأكثر إنتاجية. وبين يوليو/تموز من العام الماضي ونهاية يناير/كانون الثاني من هذا العام، قامت روسيا بتصدير ملايين الأطنان من القمح إلى دول شمال أفريقيا أيضا. وإذا اندلعت الحرب، فمن المؤكد أن صادرات القمح الروسي ستتأثر سلبًا، خاصة إذا استمر الصراع لفترة طويلة.

وتتزامن المخاوف المحتملة من آثار الأزمة على إمدادات الحبوب إلى شمال أفريقيا مع توقع أن ينخفض ​​إنتاج القمح الروسي في عام 2021-2022 بسبب الظروف الجوية السلبية.

وفي الوقت نفسه، من المتوقع أن تؤدي مستويات الجفاف الشديدة في معظم شمال أفريقيا، بما في ذلك تونس والجزائر والمغرب، إلى زيادة اعتمادها علي الواردات لتلبية احتياجاتها من الحبوب، ويأتي هذا في ظل الضغط الذي تتعرض له اقتصادات الدول الإقليمية بسبب آثار جائحة "كوفيد-19".

مصر مهددة

باعتبارها أكبر مستورد للقمح في العالم، من المتوقع أن تتأثر مصر بشدة بالاضطرابات المحتملة في إمدادات القمح من روسيا وأوكرانيا.

واستوردت مصر 12.5 مليون طن من القمح في 2020-2021، وقال متخصصون إن مصر تعمل بجد لزيادة إنتاج القمح الخاص بها، لكن اعتمادها الحالي على الواردات سيجعل أي صراع في أوكرانيا سيئًا للغاية.

وقال "هشام أبو الدهب" عضو شعبة الحبوب في غرفة تجارة القاهرة لموقع "ميدل ايست آي": "مصر ستتأثر بعمق في حالة اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا. معظم واردات القمح لدينا تأتي من هذين البلدين".

وبعد أن كانت مصر واحدة من سلال غذاء العالم، فقدت معظم أراضيها الزراعية على مدار عقود بسبب الاجتياح الحضري مع نمو سكانها.

وبلغ إنتاج القمح الوطني 9 ملايين طن في العام الماضي لكن هذا الناتج يغطي أقل من 50% من الاستهلاك المحلي. ويستخدم معظم القمح في إنتاج الخبز الذي يعد حيويا بالنسبة للمصريين خصوصا.

وقال "أبو الدهب": "يجب علي الحكومة أن تبدأ في البحث عن موردين آخرين لتفادي الكارثة".

أزمة تونس

من المرجح أن تتفاقم المشاكل الاقتصادية في تونس مع تزايد التوترات بين روسيا وخصومها، في وقت يغوص فيه البلد الذي يسكنه 11 مليونًا في المشكلات السياسية منذ يوليو/تموز من العام الماضي، عندما أقال الرئيس "قيس سعيد" مجلس الوزراء وحل البرلمان وعطل الدستور.

وتعتمد تونس بشدة على واردات الحبوب من البلدان الأخرى، ويتوقع أن تبلغ واردات الحبوب في البلاد في عام 2021-2022 حوالي ​​3.7 ملايين طن. ويشكل القمح ما يقرب من نصف واردات الحبوب الإجمالية في تونس، والتي تأتي من مجموعة واسعة من الموردين، على رأسهم أوكرانيا وروسيا. وهذا هو السبب في أن هناك قلقًا في تونس بسبب تصاعد الأزمة بين الدولتين.

ويرى الخبراء التونسيون أن الأزمة ستؤثر سلبًا على إمدادات الحبوب في بلدهم، وقال المحلل السياسي التونسي "ناجح الميساوي": "روسيا حليف تقليدي لتونس عندما يتعلق الأمر بواردات القمح، وقد بدأت الحكومة التونسية بالفعل في البحث عن بدائل".

وفي عام 2021، زرعت تونس الحبوب على 810 هكتارات من أراضيها، وقد أنتج ذلك 1.6 ملايين طن من الحبوب في هذا العام، أي أقل من نصف احتياجاتها الوطنية.

ويأتي هذا مع ابتعاد مزارعي تونس عن زراعة القمح على أرضهم الزراعية بسبب مجموعة من العوامل، بما في ذلك الأسعار المنخفضة التي حددتها الحكومة لشراء الحبوب. كما أن تغير المناخ له تأثير سلبي على قدرة تونس على إنتاج ما يكفي من الغذاء.

توقيت سيء في الجزائر

تأتي أزمة الإمدادات المحتملة أيضًا في وقت سيء بالنسبة للجزائر التي تعتمد بشدة على واردات الحبوب من بلدان أخرى.

وقد تسببت الأمطار غير الكافية في العام الماضي في انخفاض مذهل بنسبة 40% في إنتاج الحبوب، بما في ذلك القمح، مما دفع السلطات الجزائرية إلى تعويض النقص عن طريق زيادة الواردات. وفي نفس العام، أنتجت الجزائر 3.9 ملايين طن من الحبوب، في حين استوردت 7 مليون طن.

من المتوقع أن ترتفع واردات القمح في الجزائر إلى 8 ملايين طن هذا العام، رغم أن الدولة تكافح للحد من الاعتماد على الواردات.

وفي أواخر يناير/كانون الثاني، دعا الرئيس الجزائري "عبدالمجيد تبون" إلى زيادة الإنتاج الزراعي، وخاصة إنتاج الحبوب، معتبرًا هذه القضية مسألة "كرامة وطنية".

وقال المتخصصون الجزائريون إن ذلك كان يجب أن يحدث منذ وقت طويل، معتبرين أن تدابير زيادة الاعتماد على الإنتاج المحلي والحد من الاعتماد على الواردات ضرورية بشدة.

وقال "رضوان أبو هيدل" أستاذ العلوم السياسية في جامعة الجزائر: "القمح سلعة استراتيجية وهذا هو السبب في أن الحكومة تحدد ملايين الدولارات للاستيراد. يجب أن تعد الحكومة سيناريوهات للتعامل مع تعطل الإمدادات".

((5))

المصدر | عمرو إمام - ميدل ايست آي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

القمح الخبز الأزمة الأوكرانية تهديد القمح التوترات الروسية الأوكرانية الناتو استيراد القمح الأمن الغذائي تونس الجزائر

الأسواق المالية العالمية تتهاوى على وقع الأزمة الأوكرانية

بايدن وجونسون يعتقدان بوجود فرصة لتراجع روسيا عن غزو أوكرانيا

مسؤول مصري: مستعدون لأن نكون بديلا للغاز الروسي لأوروبا

أزمة أوكرانيا وروسيا.. كيف ستتأثر الدول العربية؟

بعد مصر وتونس والجزائر.. الكويت تتحسب لأزمة قمح بسبب أزمة روسيا وأوكرانيا

تداعيات الحرب الأوكرانية.. تعطل شحن 3 سفن قمح إلى مصر والأردن

الغزو الروسي لأوكرانيا يرفع سعر القمح إلى مستوى قياسي 

آثار الحرب الروسية على مصر.. مخزون القمح لـ4 أشهر وتوقعات بارتفاع الأسعار

مصر تبحث عن بدائل لاستيراد القمح بعيدا عن روسيا وأوكرانيا

قرارات رسمية بالعراق وتونس لتأمين القمح والمواد الغذائية

اليمن يبحث عن موردي قمح جدد لتخفيف صدمة الإمدادات