إعدامات السعودية ومصر.. القمع تحت ستار الحرب

الثلاثاء 15 مارس 2022 10:19 ص

علامات استفهام عدة، تثيرها حالة التزامن الذي بدا في إقدام كل من السعودية ومصر على تنفيذ حكمين بالإعدام بحق 88 شخصا، خلال الأيام الماضية، وسط تنديد حقوقي، وانشغال دولي بالأزمة الروسية الأوكرانية.

وعلى الرغم من ضخامة عدد المعدومين في بلديين عربيين، فإن تداعيات الحرب بين موسكو وكييف، على أسواق الطاقة والغذاء، بددت الآمال بموقف دولي حازم تجاه الرياض والقاهرة.

ووسط مخاوف من حدوث إعدامات أخرى، يبدو أن الغزو الروسي لأوكرانيا، وفر غطاء لأنظمة عربية لتنفيذ أحكام إعدام بالجملة بحق معارضين، في تهم ذات صبغة سياسية.

قتل جماعي

ووفق المنظمة العربية لحقوق الإنسان (مقرها لندن)، فإن قيام السلطات السعودية بتنفيذ حكم الإعدام بحق 81 من المعتقلين لديها، هي أكبر عملية قتل جماعي في تاريخ المملكة الحديث.

وترى المنظمة في بيان صادر عنها، أن الإعدامات التي طالت 81 معتقلا على خلفية قضايا مختلفة، بينهم 73 سعودياً و7 يمنيين وسوري، جاءت في ظل انشغال المجتمع الدولي والرأي العام العالمي بالحرب الروسية الأوكرانية.

وأضاف البيان، أن القضاء السعودي غير جدير بالثقة ولا يمكن الوثوق في نزاهة أحكامه وحيثياتها، مؤكدا أن "تلك الأحكام بنيت على أدلة غير موثوقة، وصدرت عن جهات قضائية لا تتسم بالحد الأدنى من النزاهة والاستقلال".

ويشوب المحكامات "انتهاكات للإجراءات القانونية الواجبة، شملت إفادة البعض عن تعرضهم للتعذيب وسوء المعاملة أثناء الاستجواب، وانتزاع اعترافات منهم بالقوة"، بحسب منظمة "هيومن رايتس ووتش"، الحقوقية الدولية.

ووفق المنظمة، فإنه "كاستراتيجية متعمدة لتشتيت الانتباه عن صورة البلاد السائدة كمنتهك كبير لحقوق الإنسان وللتعويض عن التدقيق والتقارير من قبل منظمات حقوق الإنسان والناشطين الحقوقيين المحليين، تنفق المملكة مليارات الدولارات على استضافة الأحداث الدولية الكبرى".

وينتمي 41 من المعدومين إلى الأقلية المسلمة الشيعية في البلاد، وقد وجهت لهم اتهامات بالانتماء لتنظيمات "الدولة" و"القاعدة" والحوثيين، وفق النيابة السعودية.

حكمان بالإعدام

وفي نفس السياق، نفذت السلطات المصرية، قبل أيام، حكما بإعدام 3 مواطنين بعد اتهامهم في القضية المعروفة إعلاميا بـ"تنظيم أجناد مصر".

ونسبت النيابة العامة للمتهمين "ارتكابهم جرائم إنشاء وإدارة جماعة أجناد مصر الإرهابية، وتأسيسها على أفكار متطرفة قوامها تكفير سلطات الدولة ومواجهتها، وتغيير نظام الحكم بالقوة، والاعتداء على أفراد، ومنشآت القوات المسلحة والشرطة، واستباحة دماء المسيحيين، ودور عباداتهم، واستحلال أموالهم وممتلكاتهم، واستهداف المنشآت العامة، وإحداث الفوضى في المجتمع".

والأسبوع الماضي، وثقت منظمة "نحن نسجل" الحقوقية، تنفيذ السلطات المصرية حكم الإعدام بحق 4 مواطنين في القضية المعروفة إعلاميا بـ"خلية ميكروباص حلوان"، ليصبح إجمالي المعارضين السياسيين الذين أعدمتهم السلطات 7 منذ مطلع 2022.

واعتبر بيان المنظمة الحقوقية (مقرها بلجيكا)، أن تنفيذ الإعدامات الأخيرة جاء متسقاً مع وقائع إعدام سابقة اتسمت جميعها بأنها "ذات طابع سياسي وتفتقر إلى معايير العدالة".

وإلى جانب السعودية ومصر، هناك إيران والعراق، والدول الأربع تتصدر قائمة أكبر 5 دول منفذة لأحكام لإعدام في العالم بنسبة 88% من بين 483 حالة إعدام في جميع أنحاء العالم في عام 2020.

وشهدت أحكام الإعدام زيادة بنسبة بلغت 300% في مصر، حيث أُعدم 107 أشخاص، لتصبح بذلك ثالث أكثر الدول التي تنفذ أحكام الإعدام في العالم.

وأدين من بين هؤلاء 23 شخصا في قضايا تتعلق بالعنف السياسي، بعد محاكمات وصفتها منظمة "العفو" الدولية بأنها "بالغة الظلم، وشابتها اعترافات قسرية وانتهاكات أخرى".

موقف خجول

يمكن القول، إن الموقف الدولي كان خجولا إزاء عملية الإعدام الجماعي في السعودية لـ81 شخصا، ولم يخرج عن حدود التعبير عن القلق، أو الشعور بالصدمة، دون ترجمته إلى خطوات عملية.

ففي الولايات المتحدة، عبر المتحدث باسم الخارجية الأمريكية "نيد برايس" عن مخاوف بشأن حقوق الإنسان في المملكة، مطالبا بضمان محاكمات عادلة.

بينما عبرت وزيرة شؤون آسيا والشرق الأوسط بوزارة الخارجية البريطانية "أماندا ميلينج"، عن شعورها بالصدمة إزاء إعدام 81 رجلا في السعودية، مؤكدة أنها تعارض عقوبة الإعدام بشدة في جميع الظروف.

وأضافت:"سنواصل التعبير عن مخاوف بريطانيا لنظرائنا السعوديين من خلال قنواتنا الوزارية والدبلوماسية، ونسعى لمزيد من التوضيح بشأن تفاصيل هذه الحالات".

واعتبرت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان "ميشيل باشليه"، في بيان،  أن "عمليات الإعدام الجماعية" في السعودية، جاءت بعد محاكمات لا تفي بالمعايير الدولية.

وعلى الرغم من ضخامة عدد المعدومين في المملكة، فإن ترقب القوى الغربية لضخ المزيد من النفط السعودي، ولجم أسعار النفط، ربما يبرر قصور الموقف الدولي تجاه تلك الإعدامات.

وتتلقى الرياض خلال الأسابيع الأخيرة، اتصالات مكثفة، وسط ترقب لزيارات من قبل مسؤولين بريطانيين وأمريكيين، لدفع المملكة إلى تهدئة أسواق الطاقة، وتعويض الإمدادات الروسية، على خلفية العقوبات المفروضة على موسكو.

بينما يبدو أن النظام المصري، نجا ولو مؤقتا من المساءلة عن تلك الإعدامات التي جرت سرا، مستغلا الانشغال الدولي بالأزمة في أوكرانيا من جانب، وكذلك محاولة الرئيس الحالي "عبدالفتاح السيسي" لعب دور من خلال عرض الوساطة بين موسكو وكييف، من جانب آخر.

مخاوف جدية

وتعد إعدامات السبت الماضي، أكبر رقم معروف لإعدامات نُفذت في يوم واحد في السعودية ويتجاوز إجمالي حالات الإعدام في العام السابق التي شملت 69 شخصا سواء في جرائم مرتبطة بالإرهاب أو جرائم قتل عادية.

وتبدي منظمة "ريبريف" المناهضة لأحكام الإعدام، مخاوف جدية من تنفيذ عمليات إعدام جديدة، قائلة عبر "تويتر": "هناك سجناء رأي سعوديون ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام فيهم وآخرون اعتقلوا وهم أطفال أو اتهموا بارتكاب جرائم غير عنيفة. نخشى على كل واحد منهم بعد هذا العرض الوحشي للإفلات من العقاب".

وعلق الرئيس التونسي الأسبق "المنصف المرزوقي" بشكل ساخر، قائلا عبر "تويتر": إن "السيسي ظهر إنسانا معتدلا فهو اكتفى بسبع اعدامات والناس مشغولون بحرب أوكرانيا، لكن بن سلمان يعمل بالجملة لا بالتقسيط ومن ثمة أمره بقطع رأس واحد وثمانين إنسانا دفعة واحدة".

بينما تساءل الحقوقي المصري المقيم في الخارج، "هيثم أبوخليل"، قائلا عبر "تويتر": "تم إعدام 7 أبرياء في قضيتي ميكروباص حلوان وأجناد مصر، وسط تعتيم من النظام ، وبالتزامن مع زيارة نائبة وزير الخارجية الأمريكية ماذا يحدث؟ لماذا العودة لتنفيذ الإعدامات؟".

وأضاف: "هل لانشغال العالم بالغزو الروسي لأوكرانيا؟ هل توصيل رسائل بأن السيسي ماض في قتل وقمع المصريين؟".

ربما كان توقيت تنفيذ عمليات الإعدام بحق معارضين في السعودية ومصر، محل صدفة لا أكثر، لكن التزامن في حد ذاته، حمل رسالة تفيد بتوظيف واستغلال انشغال الرأي العام العالمي بالحرب الروسية الأوكرانية، والاطمئنان لتراخي ردة  فعل المجتمع الدولي تجاه الدماء المهدرة.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر السعودية إعدامات جماعية بن سلمان السيسي العفو الخارجية الأمريكية الأزمة الروسية الأوكرانية

استغاثة عاجلة للسلطات المصرية لوقف عقوبة الإعدام بقضية تعود لـ2015

"تصعيد مريع".. إدانات دولية وحقوقية مستمرة لإعدامات السعودية

السعودية.. 100 عملية إعدام منذ مطلع 2022 وتنديد دولي

مبررا الإعدام الجماعي.. خطيب الحرم المكي: السعودية حازمة ضد الإرهاب

العفو الدولية: استمرار قمع المعارضين والحقوقيين في مصر خلال 2021

وصفتها بالانتقام السياسي.. حملة حقوقية تطالب بوقف أحكام الإعدام في مصر

مصر.. 538 حكما بالإعدام في 2022 مقابل 295 في 2020

العفو الدولية: السعودية تصعد القمع ضد مستخدمي الإنترنت للتعبير عن آرائهم