أوراسيا ريفيو: السعودية لن تستبدل الدولار باليوان في تعاملاتها النفطية 

الأربعاء 30 مارس 2022 09:18 م

استبعد الاقتصادي الإسباني "دانيال لاكال" الأستاذ بكلية IE Business School في مدريد إمكانية أن تقوم السعودية باستبدال الدولار الأمريكي باليوان الصيني في تعاملاتها النفطية.

وعدد "لاكال" في مقال نشره بموقع "أوراسيا ريفيو" أسباب استبعاده تخلي السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم عن الدولار، وذلك على عكس العديد من المقالات التي رجحت احتمال اعتماد الرياض على اليوان.

وأوضح أن السعودية هي أكبر مصدر للنفط في العالم بقيمة 145 مليار دولار، والصين أكبر مشترٍ بمبلغ 204 مليارات دولار، بحسب بيانات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الصادرة في 2019.

وأضاف أن صادرات المملكة الرئيسية تذهب للصين (45.8 مليارات دولار) والهند (25.1 مليار دولار) واليابان (24.5 مليار دولار) وكوريا الجنوبية (19.5 مليار دولار) والولايات المتحدة (12.2 مليار دولار).

وذكر أن الحسابات العامة السعودية في وضع نموذجي، بعجز قدره 4.8%، وتوقعات بتحقيق فائض في عام 2022، ونسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي هي 30.8% ، وهي واحدة من أدنى المعدلات في العالم.

ولفت "لاكال" إلي أن السعودية ليست في حاجة لاستخدام اليوان الصيني، حيث تمتلك احتياطي من  العملات الأجنبية، بما في ذلك الذهب بلغ 472.8 مليارات دولار في عام 2020، على الرغم من تراجع الصادرات والطلب على النفط بسبب الوباء.

وإلى جانب ذلك بالعملة السعودية ليست واقعة تحت وطأة أية ضغوط للقيام باستبدال الدولار باليوان، فالاحتياطي السعودي من العملات الأجنبية يجعلها الدولة الخليجية قادرة على نحو مريح بتغطية ديونها الخارجية.

ونوه إلى أن بعض منتجي النفط في بلدان أخرى، لا سيما في أمريكا اللاتينية قبلوا بالتعامل باليوان في الماضي، وكان ذلك بسبب التزامات الديون الكبيرة التي حصلوا عليها مع العملاق الآسيوي، وليس لأسباب عملية تتعلق باستخدام العملة الاحتياطية.

كما أن السعودية لن تجني أية مكاسب تذكر من استخدام اليوان، فالصين، وفقا للكاتب، تحتاج إلي وارداتها النفطية على نحو أكثر إلحاحا من احتياج السعودية إلى اليوان. وإضافة إلي ذلك لا يوجد دليل حقيقي على أن الصادرات إلى الصين ستنخفض إذا استمرت السعودية في استخدام الدولار الأمريكي.

وأشار الكاتب إلى أن استخدام اليوان في المعاملات العالمية محدود للغاية، إذ سجل 2.7% في 2021 مقابل  41% الذي يحتل المرتبة الأولى منذ عقود.

ورأي الكاتب أنه الأهم من ذلك، أنه على الرغم من الزيادة الكبيرة في أهمية الاقتصاد الصيني على مستوى العالم، إلا أن أهمية اليوان كعملة لم تتحسن إلا قليلاً عن أعلى مستوياتها في عام 2015، عندما وصل آنذاك إلى المركز الرابع في التعاملات العالمية.

وأرجع الكاتب أسباب الاستخدام الضئيل لليوان في التعاملات العالمية إلي أنه العملة الوحيدة فى العالم التي تصدرها شركة اقتصادية عالمية لديها ضوابط على رأس المال وأسعار ثابتة. 

ووفقا لذلك، يواجه أي حامل للعملة الصينية تهديدًا مستمرًا بتخفيض مفاجئ لقيمة العملة وعدم القدرة على استخدام العملة بحرية في المدفوعات. وهذا بالضبط ما حدث في عام 2015. أعلن البنك المركزي الصيني عن تخفيض حاد لقيمة العملة.

وعقب الاقتصادي الإسباني قائلا إن اليوان ليس بديلاً عن الدولار الأمريكي بسبب ضوابط رأس المال، والتسعير الثابت، بل والأسوأ من ذلك، لأن السياسة النقدية للبنك الصيني أكثر عدوانية من سياسة الاحتياطي الفيدرالي.

وقال الكاتب إنه تجدر الإشارة أيضا إلى أنه حتى شركات النفط الصينية الكبيرة تفضل الدولار الأمريكي في المعاملات الدولية.

وذكر أن احتياطيات الصين الضخمة من الذهب تبلغ على ما يبدو أقل من 0.3% من المعروض النقدي واحتياطياتها الكبيرة من الدولار الأمريكي التي تصل إلي 3.35 تريليون دولار، وبالكاد تغطي التزاماتها بالعملات الأجنبية.

وذكر الكاتب أنه يجب على أي منتج للسلع الأساسية يقبل بالتعامل باليوان بدلاً من الدولار الأمريكي أن يعرف أن ضوابط رأس المال وتحديد الأسعار تشكل تهديدات مهمة للغاية، ولا يوجد مؤشر حقيقي على أن بنك الشعب الصيني سيغير أيًا من هذه التهديدات.

وقال إن الحقيقة هي أن اليوان يحتوي على جميع العناصر السلبية للعملات الورقية بما في ذلك الطباعة على نحو ضخم، والافتقار إلى الدعم الحقيقي، وحافز البنك المركزي لتقويض القوة الشرائية، بينما لا يمتلك أيا من مزايا الدولار واليورو والجنيه الإسترليني المتمثلة فى تعويم التسعير، والأمن القانوني، والنظام المالي المفتوح، وغيرها.

وخلص الكاتب إلي أن السعودية قد تستخدم اليوان بشكل جزئي في صادراتها النفطية، لكن الحقيقة هي أنه لا توجد عملة ورقية مع ضوابط رأس المال هي بديل حقيقي للعملات الورقية الأخرى، وإصدار البنوك للعملات الرقمية يجعل هذا الاختلاف أكثر أهمية.

وعقب أن العملات الرقمية التي يصدرها البنك المركزي هي عبارة عن رقابة مقنعة في صورة نقود، ومخاطر الطباعة الضخمة وتآكل القوة الشرائية والتحكم في المعاملات الرقمية أكبر بكثير من العملات التقليدية.

ويمكن للسعودية أن تهرب إلى الذهب أو العملات المشفرة لتفادي مخاطر الطباعة المكثفة، لكنها ستكون بذلك قامت بالكاد باستبدال عملة ورقية وإن كانت تطبع  بكثافة ولكن مفتوحة وآمنة، بعملة أخرى مغلقة وأقل أمنا.

المصدر | أوراسيا ريفيو - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

السعودية الدولار اليوان التعاملات النفطية

بلومبرج: إسرائيل تضيف اليوان الصيني لقائمة احتياطياتها النقدية

ليس الصينية فقط.. السعودية تعلن انفتاحها على عملات أخرى بالمعاملات التجارية

هل تلعب الصين لعبة طويلة الأمد ضد الدولار في الشرق الأوسط؟

باكستان نموذجا.. لماذا لن تتعزز مكانة اليوان بانضمام السعودية إلى البريكس؟

معهد إسباني: هيمنة الدولار مستمرة "مؤقتا".. واليوان الصيني بديل تنافسي بعد 10 سنوات