تعزيز العلاقات الثقافية القطرية الأندونيسية يأتي في إطار تنامي المصالح الجيوسياسية المشتركة

الاثنين 18 أبريل 2022 07:59 ص

سيشهد عام 2023 فصلا جديدا في العلاقات الثنائية بين قطر وإندونيسيا مع تعيين إندونيسيا كدولة شريكة في حدث سنوي رئيسي تنظمه قطر، وهو عام قطر الثقافي. وتم توقيع هذه الاتفاقية في اجتماع عقده السفير الإندونيسي مع المدير العام لمؤسسة "قرية كتارا الثقافية" في عام 2021.

لا يمكن أن تشارك في هذا الحدث المرموق إلا الدول التي لديها سمعة ثقافية فريدة وبارزة، وستكون إندونيسيا أول دولة جنوب شرق آسيوية تشارك كشريك. وعُقِد حدث عام قطر الثقافي سنويًا منذ عام 2012، وكانت البلدان التي ساهمت كشركاء تشمل فرنسا والهند واليابان وتركيا. واجتذب البرنامج الكثير من الاهتمام لأنه عادة ما يُعقد طوال العام.

إن اختيار إندونيسيا كشريك ليس مفاجئا، بالنظر إلى أن البلدين قد عززا تعاونهما الثقافي في السنوات الأخيرة، ولديهما مصالح جيوسياسية مشتركة.

علاقات ثقافية متنامية

وفي الواقع، قامت جاكرتا والدوحة بتنمية علاقات ثقافية قوية في السنوات الأخيرة، خاصة مع تزايد علاقاتهما السياسية والاقتصادية. وقد تم ذلك من خلال مذكرات تفاهم مختلفة.

وعلى سبيل المثال، ففي عام 2018، وقعت هيئة الاستثمار القطرية والحكومة الإندونيسية اتفاقية تعاون لتطوير إمكانات السياحة في جزيرة لومبوك، وخاصة في منطقة مانداليكا، مع استثمار قطر بـ500 مليون دولار أمريكي.

وفي عام 2017 وقع البلدان أيضا مذكرة تفاهم في مجال التعليم والثقافة خلال زيارة أمير قطر إلى إندونيسيا. وكانت هناك خطة لبناء جامعات توأم بين حكومتي قطر وإندونيسيا. وعلاوة على ذلك، ذكرت تقارير أن العديد من المانحين القطريين يشاركون أيضا في بناء مرافق تعليمية أخرى مثل المدارس ودور الأيتام.

في العام الماضي، التقى السفير الإندونيسي في قطر "رضوان حسن"، مع "محمد عبدالواحد الحمادي" وزير التعليم والتعليم العالي القطري لمناقشة سبل تعزيز العلاقات الثقافية بين قطر وإندونيسيا. في هذا الاجتماع، روج السفير الإندونيسي للجامعة الإسلامية الإندونيسية الدولية كجامعة مفتوحة للتعاون مع نظرائهم القطريين.

ومن ناحية أخرى، أفادت التقارير أن جامعة قطر تخطط لفتح فرع في إندونيسيا. وكانت الحكومة القطرية أيضا قد عرضت على مدار السنوات السابقة منحًا دراسية كاملة للطلاب الإندونيسيين، سواء على مستويات الجامعات أو المدارس الثانوية.

كما تم إجراء مناقشات حول التعاون التربوي هذا العام من خلال زيارة خاصة قام بها السفير القطري للمجلس التنفيذي لنهضة العلماء في أندونيسيا هذا الشهر، حيث ناقشوا إمكانية تعزيز العلاقات الثقافية والدينية.

دوافع سياسية واقتصادية

لكن تعزيز التعاون الثقافي بين جاكرتا والدوحة له دوافع كامنة. ففي إطار السياسة القطرية بـ"التطلع للشرق"، تطلعت قطر نحو أكبر دولة في رابطة دول جنوب شرق آسيا.

ونمت التجارة بين البلدين مع وصول صادرات إندونيسيا إلى الدوحة إلى 168.3 ملايين دولار أمريكي في عام 2019. وبالإضافة إلى ذلك، فإن قطر من أكبر مورّدي الغاز الطبيعي والألمنيوم لأندونيسيا. وإندونيسيا هي أيضا واحدة من البلدان التي تساهم في العمالة المهاجرة في قطر.

وقامت الحكومة الإندونيسية بسلسلة من الجهود لزيادة التعاون الاستثماري من خلال اجتماع عقد مع نائب رئيس غرفة التجارة القطرية والرئيس التنفيذي للبنك التجاري القطري لتسريع الانتعاش الاقتصادي في عصر ما بعد "كوفيد-19".

لا يقتصر التعاون على المجال الاقتصادي فحسب، فقد تعاونت جاكرتا والدوحة أيضا في مجال الدفاع والأمن. وتجلى هذا في عام 2016 عندما عُقد معرض ومنتدى الإندو الدفاعي في جاكرتا حيث دعا وزير الدفاع الإندونيسي في ذلك الوقت "رياميزارد رياكودو"، وزير الدفاع القطري "خالد بن محمد العطية" لحضور الحدث.

وعلاوة على ذلك، تمت مناقشة التعاون الدفاعي والأمني مرة أخرى في اجتماع بين وزير الدفاع "برابو سوبيانتو" والسفيرة القطرية في إندونيسيا سعادة السيدة "فوزية إدريس سلمان السليطي" عام 2020.

كما شهد المجال السياسي تطورات مماثلة، ففي الآونة الأخيرة استمرت العلاقات بين قطر وإندونيسيا في التحسن بشكل إيجابي. وينشط البلدان للغاية في الدفاع عن السلام في الشرق الأوسط، وخاصة في أفغانستان وفلسطين. وحتى عندما قوطعت قطر من قبل عدد من دول الخليج في عام 2017، واصلت إندونيسيا إظهار دعمها واستعدادها للعمل كوسيط في التوترات.

بالنسبة لقطر، تعد إندونيسيا فرصة جذابة لتوسعها الاقتصادي، في ظل كونها أكبر اقتصاد جنوب شرق آسيوي، كما أنها تمثل بوابة الدوحة للتوسع في المنطقة الجنوب شرق آسيوية الأوسع.

وفي ظل احتياج إندونيسيا لجذب مليارات الدولارات للاستثمار في تعزيز اقتصادها الناشئ ومساعدتها على النمو وتقليل البطالة، فإنها لا ترحب فقط بموطئ القدم الاقتصادي القطري المتزايد، وإنما تشجعه أيضًا.

ويمكن استخدام حدث عام قطر الثقافي، والعلاقات الثقافية الأوسع نطاقا، كأدوات دبلوماسية عامة للبلدين لتعزيز العلاقات الاقتصادية والسياسية التي حافظتا عليها.

المصدر | محمد ذو الفقار رخمت - جيوبوليتيكال مونيتور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

قطر أندونيسيا العلاقات القطرية الأندونيسية أسيان جنوب شرق آسيا عام قطر الثقافي

شركة قطرية تستثمر مليار دولار في مشروع إندونيسي للطاقة