نيويورك تايمز: دستور سعيد يفاقم معاناة تونس الغارقة في الأزمات

الثلاثاء 26 يوليو 2022 01:02 م

سلطت صحيفة "نيوروك تايمز" الضوء، الثلاثاء، على انعكاسات الاستفتاء على الدستور الجديد في تونس، مشيرة إلى أنه "سيوسع من سلطات الرئيس قيس سعيد، الذي قام خلال العام الماضي بتهميش فروع الحكم وكرس حكما منفردا".

وذكرت الصحيفة الأمريكية، في تقرير لها، أن الدستور الجديد، في حال تمريره، سيدعم الخطوات التي اتخذها "سعيد" في العام الماضي ويحولها إلى إطار قانوني يمثل "منبع السلطة" في البلاد، ما يعني "نهاية النظام الديمقراطي التونسي الذي أنشئ بعد الإطاحة بالديكتاتورية قبل عقد".

وأوضحت أن الدستور الجديد "سيعيد تونس إلى النظام الرئاسي، بنفس الطريقة التي حكم فيها الديكتاتور زين العابدين بن علي"، مشيرة إلى أن "سعيد برر التغيرات بأنها ضرورية لمكافحة الفساد وإنهاء الشلل في النظام السياسي".

وفي الوقت الذي أبقى فيه الدستور الجديد على معظم الدستور السابق وبنود الحريات والحقوق، لكنه منح البرلمان موقعا ثانويا، وأعطى الرئيس وحده حق تعيين رئيس الوزراء والحكومة والقضاة، ولم يعد للبرلمان قوة لسحب الثقة من الرئيس، الذي يحق له أن يُعلن حالة الطوارئ بدون تحديد المدة أو المراقبة، ولا يوجد بند ينص على إزاحته من السلطة.

ويرى عديد المراقبين أن انتصار "سعيد" في معركة استفتاء الدستور لن يكون مفاجئا؛ في ظل سيطرته على هيئة الانتخابات المستقلة سابقا، واللجنة التي صاغت الدستور، ولأن المشاركة في الاستفتاء ليست محددة بنسبة حد أدنى، ما يعني أن نسبة المقاطعة لن تكون معتبرة.

وقال كل من عارضوا الدستور الجديد، إن كل العملية مصممة لخدمة هدف "سعيد". ومنع المسؤولون المحليون عددا من التظاهرات المعارضة للاستفتاء بذرائع أمنية، وصادق الوزراء الذين عيّنهم "سعيد" على المسودة، وحث الرئيس الناس مرتين على المشاركة بنعم.

وفيما خصصت مؤسسة التلفزة والإذاعة التي تمول من المال العام، تغطيةً واسعة لمؤيدي الاستفتاء واستبعدت المعارضة، ردّت قوات الأمن التونسية على تظاهرات نهاية الأسبوع، برش غاز الفلفل على المتظاهرين واعتقال الكثير منهم.

ونوهت "نيويورك تايمز" إلى أن عديد التونسيين صفقوا قبل عام، فرحا، وتدفقت جموعهم على العاصمة مرحبة بـ"سعيد" كـ"منقذ"، ووصفوا سيطرته على السلطة بأنها "ضرورية لمعالجة البلاد من الفساد والنظام السياسي العاجز".

وأضافت: "بعد عام، يبدو سكان تونس في يوليو/تموز كمن في حالة نوم وغير مهتمين ولا يستمعون كثيرا لنداءات سعيد بالذهاب إلى صناديق الاقتراع (..) كان الحر الشديد مانعا لترك منازلهم، أو مغادرة شواطئ البحر التي يقضون عليها عطلاتهم، وشغلهم ارتفاع أسعار المواد الغذائية والأجور المتدنية، في وقت تنزلق البلاد نحو الدمار، عن الاهتمام بالتصويت".

وأشارت الصحيفة إلى أن الكثير من الناشطين السياسيين والنقابيين والحزبيين دعموا تحرك "سعيد"، العام الماضي، لكنه خسر دعمهم بعدما بدأ يحكم من خلال الأوامر الرئاسية واعتقل المعارضين، وعيّن شلّته في المؤسسات المستقلة سابقا، بما فيها هيئة الانتخابات.

ووجدت دراسة مسحية دولية أن الدعم لـ"سعيد" تراجع بنسبة 20 نقطة ما بين نوفمبر/تشرين الثاني ومايو/أيار الماضيين.

وظهرت الإشارة الأولى عن عدم اهتمام التونسيين بما يقوم به "سعيد"، في مارس/آذار، عندما لم تشارك سوى نسبة 5% من السكان في الاستبيان الوطني على الإنترنت بشأن الأولويات الوطنية.

لكنه ذلك لم يردع "سعيد"، الذي أعلن عن تشكيل لجنة لكتابة مسودة دستور جديد، يكرس كافة السلطات للرئيس.

وأعدت اللجنة مسودة الدستور في عدة أسابيع، خلافا لدستور 2014 الذي أُعدت مسودته الأولى بعد نقاشات استمرت عامين.

 وفي مايو/أيار، قالت لجنة البندقية، وهو مجلس استشاري أوروبي مكون من خبراء في القانون الدستوري، إن صياغة الدستور لم تكن شرعية ولا موثوقة، وردّ "سعيد" بالهجوم على المجموعة وطرد أفرادها من تونس.

وبعد مراجعة المسودة، خرج "سعيد"، في نهاية يونيو/حزيران الماضي، بنسخة منحته سلطات أوسع من النسخة التي قدمت إليه.

وحذّر الخبير الذي عينه "سعيد" لرئاسة العملية "صادق بلعيد" من أن النسخة المعدلة "تعبّد الطريق  إلى ديكتاتورية مشينة"، حسب تعبيره.

وإزاء ذلك، اعتبر "جوردون جري"، من مركز التقدم الأمريكي، والذي عمل سفيرا في تونس ما بين 2009- 2012، أن مشروع الدستور التونسي الجديد "يرضي غرور سعيد"، لكنه لا يقدم عقدا اجتماعيا يحقق الرضا العام للتونسيين، ما يعني مفاقمة معاناة البلد الغارق في الأزمات أصلا.

يشار إلى أن الأحزاب السياسية التونسية حثت أنصارها على مقاطعة الاستفتاء الذي ستُعلن نتائجه، الثلاثاء، وشهد مشاركة متدنية لم تتجاوز الـ27% حسب الأرقام الرسمية.

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

تونس قيس سعيد زين العابدين بن علي

تونس.. وقفة ضد استفتاء الدستور ونقابة الصحفيين تندد بالاعتداء على متظاهرين

سعيد مستبقا نتيجة استفتاء الدستور: تونس على أعتاب "مرحلة جديدة"

المشاركة "ضعيفة".. واشنطن متخوفة من أضرار استفتاء تونس

بعد الاستفتاء.. قيس سعيد يرسل برسالة للملك سلمان