الاتفاق النووي مع إيران يقترب.. والشيطان يكمن في التفاصيل

الأحد 21 أغسطس 2022 08:22 م

أرسل رئيس الوزراء الإسرائيلي "يائير لابيد" مؤخرا رسالة إلى البيت الأبيض تدعو لاتخاذ موقف حاسم في المفاوضات النووية مع إيران وتجنب التنازلات التي تتجاوز اتفاقية 2015.

وفي 8 أغسطس/آب الجاري، أوضح منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي "جوزيف بوريل"، أن مسودة نهائية للاتفاق مكونة من 25 صفحة تم تسليمها إلى العواصم المعنية لاتخاذ قرار نهائي بشأنها.

وأوضح "بيتر ستانو"، المتحدث باسم "بوريل"، أن هذه المسودة تتضمن النص النهائي، وأنه حان الوقت لاتخاذ قرار، مضيفا: "نتوقع من جميع المشاركين اتخاذ هذا القرار بسرعة؛ لم يعد هناك متسع للمفاوضات".

وفي 15 أغسطس/آب، أرسلت الحكومة الإيرانية إلى الاتحاد الأوروبي ردها على النص الذي وضعه كبير مفاوضي الاتحاد "إنريكي مورا"، في أعقاب جولة المحادثات التي استمرت 5 أيام بفيينا في وقت سابق من هذا الشهر.

وتضمن رد إيران على الاقتراح الأخير عدة ملاحظات إذا تمت إضافتها إلى وثيقة الاتحاد الأوروبي قد تكون هناك نسخة أخرى من الاتفاق؛ الأمر الذي يتطلب المزيد من المشاورات في واشنطن وطهران، وبعد ذلك المزيد من المداولات بين الأطراف المعنية.

ولإبرام اتفاق، يجب على الجانبين التوصل إلى صيغة متوازنة تضمن حفظ ماء الوجه للجميع في القضايا الحساسة. وهذه هي المعضلة الكبرى؛ لأن "الشيطان يكمن في التفاصيل"، وأي تغييرات في اللحظة الأخيرة قد تعقد التوصل لاتفاق.

وبحسب مصادر إيرانية تحدثت إلى "المونيتور"، سيتم تنفيذ الصفقة المقترحة على مدى 120 يومًا من لحظة الاتفاق على الشروط، وسيتعين على البرلمان الإيراني الموافقة على الصفقة في غضون 60 يومًا، ثم بعد 60 يومًا أخرى سيتم تنفيذ الصفقة.

ومع ذلك، فإن عملية التحقق ستبدأ في لحظة الموافقة، وسيتعين على الولايات المتحدة بعد ذلك إلغاء العقوبات، بما في ذلك بعض المفروضة على قطاع النفط، وستكون إيران بعد ذلك قادرة على بيع نفطها والتحقق من قدرتها على الحصول على أموالها.

ووفقًا للمصادر، سيلغي الرئيس الأمريكي "جو بايدن" 3 أوامر تنفيذية أصدرها الرئيس السابق "دونالد ترامب" بشأن العقوبات ضد طهران، وقبل 7 أيام من التنفيذ، سيتعين على كل من الولايات المتحدة وإيران إرسال خطاب رسمي إلى المنسق الأوروبي يؤكد عودتهم للاتفاق.

ماذا عن القضايا المتنازع عليها؟

تم تجاوز موضوع إزالة الحرس الثوري من القائمة الأمريكية للمنظمات الإرهابية الأجنبية، وستتم عملية رفع العقوبات عن الشركات الإيرانية على أساس كل حالة على حدة، حسب المصدر الايراني.

كشف مصدر إيراني مقرب من "المجلس الأعلى للأمن القومي'' لـ''المونيتور'' أنه تم التوصل إلى تفاهم لبحث قضية الحرس الثوري بعد التوصل إلى اتفاق.

وأضاف: "لن يتم رفع تصنيف الحرس الثوري. كان الأمريكيون مستعدين لإلغاء هذه العقوبات (وبالتالي إزالة الحرس الثوري الإيراني من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية) مقابل خطوات من إيران، مثل إعطاء ضمانات بأن إيران لن تتخذ إجراءات ضد الأشخاص الذين تتهمهم بالتورط في قتل قاسم سليماني (قائد فيلق القدس)".

لكن المصدر أشار إلى أن هذا كان سيتعارض مع "تعهد طهران بالانتقام لدماء سليماني"، وبالتالي عارضه الجانب الإيراني.

وزعمت تقارير إيرانية أن طهران حصلت على قائمة الامتيازات التي ستقدمها الولايات المتحدة - من بينها رفع العقوبات عن 17 مصرفاً، والإفراج عن 7 مليارات دولار من الأصول الإيرانية المجمدة في كوريا الجنوبية وإلغاء العديد من الأوامر التنفيذية الموقعة من قبل "ترامب"؛ لكن البيت الأبيض نفى هذه المزاعم، وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي "أدريان واتسون": "التقارير التي  تقول أننا ندرس تقديم تنازلات جديدة لإيران عارية عن الصحة بشكل كامل".

وتحدث المصدر الإيراني نفسه إلى "المونيتور" عن المبادرة التي اتخذها رئيس الوزراء العراقي "مصطفى الكاظمي"، في مارس/آذار، للتوسط بين إيران والولايات المتحدة بشأن قضية الحرس الثوري. وقال المصدر: "كانت الولايات المتحدة تسعى في تلك المرحلة إلى ربط قضية شطب الحرس الثوري من قائمة المنظمات الإرهابية باتفاق أوسع مع إيران للحد من نشاطها الإقليمي".

وبالنسبة لطهران، لم يكن العرض يستحق العناء. وبالنسبة لواشنطن، فإن فكرة إزالة الحرس الثوري من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية كان سيتطلب ثمنًا سياسيا باهظًا. وهكذا كانت صفقة خسائرها أكبر بكثير من أرباحها لكلا الطرفين، لذلك تم الاتفاق على إزالتها من المناقشات، بالرغم من بقائها على الطاولة.

وبالنسبة لأولئك الذين تابعوا المفاوضات عن كثب على مدى السنوات العديدة الماضية، وكانوا على اتصال مباشر مع الجهات الفاعلة المشاركة فيها، من الواضح أن الاتفاق النووي ليست صفقة واحدة بل مجموعة من الصفقات تحت مظلة صفقة واحدة، ويتم التفاوض على كل عنصر كما لو كان العنصر الوحيد، ثم يتم تجميع العناصر المتعددة معًا وتنسيقها مع بعضها البعض كما لو كانت جزءًا من مسبحة متعددة الألوان.

ويبذل المفاوضون بعد ذلك جهدًا إضافيًا على النص الكامل لمحاولة تنسيقه، على أمل ألا يضيع ما تم إنجازه، ومن بين ما تم انجازه تسوية تغطي فجوة الضمانات التي بقيت بلا حل.

وللتغلب على مخاوف إيران بشأن احتمالية انسحاب واشنطن من الصفقة مستقبلا، قال أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني "علي شمخاني"، إن احتفاظ إيران بأجهزة الطرد المركزي في مستودع تشرف عليه الوكالة الدولية للطاقة الذرية يعد ضمانا "أكثر فعالية" من أي ضمانات سياسية.

وقال "مارك فيتزباتريك" من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية: "إن فكرة الاحتفاظ بأجهزة الطرد المركزي المتقدمة في مستودع، وبالتالي إعطاء إيران القدرة على التكثيف السريع إذا كانت الولايات المتحدة ستنسحب مرة أخرى، ينسف إمكانية إعادة وقت الاختراق إلى مستوى 12 شهرًا. وهناك عامل آخر يجعل هذا الحاجز مستحيلًا وهو المعرفة التي اكتسبتها إيران خلال السنوات الثلاث الماضية".

مقترحات جادة

ومن بين المقترحات الجادة المتداولة حاليًا فكرة منح مهلة تتراوح بين سنتين ونصف وثلاث سنوات للشركات التي تتعامل مع إيران في حال انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقية في المستقبل، وهذا البند موجود في إحدى الأوراق المتداولة بين المفاوضين، لكن لم يتأكد بعد ما إذا كانت واشنطن ستقبله.

وهناك أيضا موضوع تحقيق الوكالة الدولية للطاقة الذرية في أبحاث الأسلحة النووية السابقة، وهو أحد أكثر النقاط صعوبة في المفاوضات .

وقال "فيتزباتريك": "ما أفهمه هو أنه إذا قدمت إيران إجابات موثوقة بشأن مكان وجود اليورانيوم والمعدات المرتبطة به (التي لم يتم الإبلاغ عنها سابقًا) وتم التخلص منها، فسيكون ذلك كافيًا للوكالة الدولية للطاقة الذرية لإغلاق ملف الضمانات، حتى لو لم تكن هناك إجابات كافية على جميع الأسئلة المتعلقة بأعمال التطوير السابقة".

ووفقًا لمصادر متعددة في طهران وواشنطن وبروكسل، فإن إحياء الاتفاق النووي سيفتح الباب أمام المفاوضات بشأن القضايا العالقة الأخرى إلى جانب قضية الحرس الثوري، مثل عملية تبادل الأسرى المحتملة.

المصدر | علي هاشم - المونيتور / ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الاتفاق النووي إيران أجهزة الطرد اليورانيوم أجهزة الطرد المركزي المفاوضات النووية

إيران.. كشف تفاصيل اجتماع برلماني مغلق بحث تطورات المفاوضات النووية

بايدن يبحث مع القادة الأوروبيين تهديد "زابوريجيا" ونووي إيران

إيران: أمريكا "تماطل" في المحادثات النووية.. وتبادل السجناء معها مسار منفصل

خلال أيام.. ترجيحات بعقد اجتماع لإحياء الاتفاق النووي الايراني

مسؤول أمريكي: الفجوة بين أمريكا وإيران بشأن الاتفاق النووي مستمرة

طهران: ملتزمون بمراقبة أنشطتنا النووية في حال إحياء الاتفاق

مستجدات الاتفاق النووي.. حملة إسرائيلية للعرقلة وإيران تتسلم الرد الأمريكي