«ناشيونال إنترست»: ما بعد الرمادي .. نموذج للحرب ضد «الدولة الإسلامية»

الخميس 31 ديسمبر 2015 09:12 ص

إذا كان للتاريخ أن يعملنا أي شيء، فإنه يخبرنا أن الاحتفاء بالأخبار الواعدة القادمة من العراق ينبغي أن يكون بحذر شديد. ولكن تحرير قلب مدينة الرمادي يمكن أن يقدم دروسا مفيدة للنجاحات الاستراتيجية طويلة الأمد في العراق والحملة الأوسع ضد تنظيم «الدولة الإسلامية».

في حين أن النتيجة التي تم تحقيقها في الرمادي تعد تطورا إيجابيا، فإنه لا يزال هناك الكثير الذي يتعين إنجازه. ضباب الحرب والتقارير الأولية بإمكانها أن تخلق صورة غير دقيقة. ونحن لا نمتلك تقارير موثوقة حول مدى القوة التي تتمتع بها «الدولة الإسلامية» في باقي أنحاء المدينة. ويبقى من غير الواضح متى سيتم تطهير جيوب «الدولة الإسلامية» الموجودة في الرمادي، والتي يمكن أن تعقد أي شكل من أشكال جهود إعادة الإعمار. أي فشل من قبل الحكومة العراقية في أعقاب حملة الرمادي قد يغذي بشكل جيد للغاية لعودة «الدولة الإسلامية» مرة أخرى.

بتنحية هذه المحاذير جانبا، فإن ما تحقق مؤخرا في الرمادي هو نجاح كبير، ويمكن أن يمثل نقطة تحول في الحرب ضد «الدولة الإسلامية». بعد انهيار الجيش العراقي في الموصل، فإنه يبدو أن قوات الأمن العراقية، والقوات الخاصة على وجه التحديد، قد تعافت من حيث التنظيم والمهنية والاستعداد للقتال. وعلى الرغم من أن العملية استغرقت وقتا طويلا، فإن القوات الخاصة العراقية المدعومة من قبل الجيش النظامي، والقوة الجوية الأمريكية وقوات القبائل السنية المدربة حديثا، قد قدمت أداء جيدا جدا ضد عدو متمرس في بيئة حضرية صعبة. وفي حين أن النجاحات السابقة ضد «الدولة الإسلامية»، وبالأخص في مدينة تكريت العربية السنية، قد قادتها الميليشيات المدعومة من إيران، فإن قوات الأمن العراقية هي التي أخذت زمام المبادرة في دفع «الدولة الإسلامية» من قلب مدينة الرمادي. في كل الأحوال، فقد لعبت الميليشيات الشيعية دورا محدودا للغاية.

ومما يبعث على التشجيع أيضا هو ذلك الدور الذي لعبه المقاتلون العرب السنة، الذين تم تدريبهم مؤخرا، في عملية تحرير الرمادي. دور العرب السنة في المعركة ضد «الدولة الإسلامية» هو أمر حيوي. سلف «الدولة الإسلامية»، تنظيم القاعدة في العراق، كان إلى حد كبير قد هزم تماما في عام 2006 وعام 2007، ولكن الطائفية المتزايدة التي مارسها رئيس الوزراء العراقي «نوري المالكي» ساهمت في جنوح الكثير من العرب السنة نحو التطرف. نشأت «الدولة الإسلامية» في ملاذات سوريا، وتوسعت في المناطق السنية من العراق، وأصبحت في نهاية المطاف صوتا لخيبة الأمل المتزايدة لدى العرب السنة. في الآونة الأخيرة في تكريت، حيث استولت الميليشيات الشيعية على المدن السنية، فإن النجاح قصير الأمد في مواجهة تنظيم «الدولة الإسلامية» قد أدى إلى موجة من الاعتداءات الطائفية ضد السكان المحليين. الاغتراب العربي السني الناجم عن ذلك قد ساهم في إعطاء «الدولة الإسلامية» نصرا استراتيجيا في مقابل هزائمها التكتيكية.

تحرير الرمادي يتيح للحكومة العراقية فرصة أخرى للانتصار على الإحباط السني وهزيمة «الدولة الإسلامية»، ولكن هناك 3 خطوات تعد ضرورية جدا الآن:

أولا: لا بد أن تتم هزيمة جيوب «الدولة الإسلامية» في الرمادي وأن يتم مسح المدينة ووضواحيها. ينبغي أن يقوم الجيش والقوى السنية المحلية بالاضطلاع بهذه المهمة مع دعم جوي واستخباراتي من قبل التحالف. تجنب الأضرار الجانبية والاعتداء على السكان المدنيين يمكن أن يساعد في ضمان حشد العرب السنة ضد «الدولة الإسلامية».

ثانيا: يجب على حكومة بغداد والقوى السنية المناوئة للدولة الإسلامية التحرك بسرعة من أجل تلبية احتياجات السكان المحليين من حيث الأمن والحكم الرشيد والخدمات. هناك حاجة إلى بذل جهود لا بأس بها في الإعمار من أجل اكتساب ثقة السكان المحليين. وتشير الدراسات الحالية إلى أن عدم الرضا الشديد عن الحكومة العراقية والسياسيين المحليين بين صوف السنة كانت هي أهم العوامل التي لعبت دورا محوريا في صعود «الدولة الإسلامية».

ثالثا: يجب على القادة العراقيين الإسراع في المفاوضات حول مسألة الحكم الذاتي السني في الأنبار والمناطق السنية الأخرى. كثير من السنة الذين عارضوا الفيدرالية في العراق عندما تم التصديق على الدستور الوطني في عام 2005 يفضلون الآن نوعا من الحكم الذاتي الذي يتمتع به الأكراد. يضمن الدستور العراقي للمحافظات الحق في ممارسة الحكم الذاتي على القضايا المحلية. وقد كان قرار «المالكي» بانتهاك الدستور والتحرك ضد المحافظات السنية التي أرادت اتباع الخيار الفدرالي موضع شكوى كبيرة في المجتمع العربي السني.

بنفس القدر من الأهمية، فإن الحكومة العراقية بحاجة إلى التوصل إلى اتفاق بشأن خطة من أجل تقاسم السلطة والموارد بين الحكومة المركزية والحكومات المحلية. وينبغي إيلاء قوات حرس مجالس المحافظات مسؤولية الحفاظ على الأمن المحلي إلى أقصى حد ممكن.

إن تحقيق هذه الأهداف لن يكون سهلا خصوصا في ظل الظروف الحالية، حيث تنخفض أسعار النفط بينما تواجه الحكومة مشاكل مالية خطيرة. على الجانب الإيجابي، على الرغم من ذلك، فإن رئيس الوزراء «العبادي» يبدو أكثر استعدادا من سلفه لمعالجة المظالم المشروعة للسنة، ولكن معارضة المتشددين الشيعة لا تزال تمثل عائقا. قرار «العبادي» مؤخرا برفض عرض أمريكي لنشر طائرات هليكوبتر هجومية أمريكية، على سبيل المثال، كان مدفوعا إلى حد كبير من قبل المقاومة من الميليشيات المدعومة من إيران. تزايد الثقة بين الطوائف داخل الحكومة العراقية سوف تعطي «العبادي» رأس المال السياسي اللازم لمواجهة ضغوط المتشددين الشيعة.

الرمادي هي حالة اختبار مهمة، لاسيما بسبب المعارك المقبلة في الفلوجة والموصل، ثاني أكبر المدن العراقية. إذا كان التحالف والحكومة العراقية قادرين على وضع استراتيجية منسقة لتعزيز النصر وإحراز تقدم واضح على صعيد إعادة البناء السياسي والاقتصادي، فإن ما حدث في الرمادي يمكن أن يمثل نموذجا لكيفية التحرك ضد «الدولة الإسلامية» في الموصل وسوريا. في الواقع، يمكن أن تصبح الرمادي نقطة تحول واضحة إذا كان التقدم المحرز في المدينة محفزا لتحول المجتمع العربي السني بعيدا عن «الدولة الإسلامية» وتجاه الحكومة العراقية.

الولايات المتحدة لها تأثير محدود، ولكن المشاركة النشطة من جانب واشنطن يمكن أن تقلب الموازين، وتحول التقدم التكتيكي في الرمادي إلى انتصار استراتيجي دائم ضد قوى عدم الاستقرار والإرهاب في العراق.


 

  كلمات مفتاحية

الدولة الإسلامية الرمادي العراق الجيش العراقي الموصل

«الاندبندنت»: «الدولة الإسلامية» خسر الرمادي لكنه لم يخسر الحرب

محافظ الأنبار: مقتل أكثر من 1000 مسلح من «الدولة الإسلامية» في الرمادي

العراق يعلن طرد «الدولة الإسلامية» من الرمادي.. ومسؤول أمريكي يرفض التأكيد

الجيش العراقي يحاصر آخر معاقل «الدولة الإسلامية» في الرمادي

الجيش العراقي يوسع سيطرته في الرمادي ويتكبد عشرات القتلى

«التحالف الدولي»: الأراضي الخاضعة لسيطرة «الدولة الإسلامية» تقلصت في 2015

قائد عسكري أمريكي: الجيش العراقي يصد هجوما لـ«الدولة الإسلامية» على حديثة

إجلاء مئات المدنيين من الرمادي العراقية

مقتل 45 على الأقل في تفجيرات بالعراق و«الدولة الإسلامية» يتبنى

الجيش العراقي يتقدم شرق الرمادي دون مقاومة من «الدولة الإسلامية»

تقدم للقوات العراقية يعيد فتح طرق تربط الرمادي بقاعدة رئيسة للجيش

«التحالف الدولي» يشن 26 غارة على «الدولة الإسلامية» في سوريا والعراق