الهجمات الأخيرة ضد قواعد أمريكية في سوريا تثير تساؤلات حول الحدود مع العراق

الأحد 28 أغسطس 2022 04:31 م

تصاعدت مستويات التوتر الإقليمي مع الهجمات المتبادلة بين القوات الأمريكية والقوات المرتبطة بإيران في شرق سوريا. وأثارت هذه الهجمات تساؤلات حول سيطرة العراق على حدوده الغربية. ولطالما كان استمرار حركة الرجال والأسلحة عبر الحدود من قبل الجماعات المسلحة العراقية المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني مصدر قلق للأمريكان، لكن لم يتم فعل الكثير لإيقاف ذلك لأسباب سياسية مختلفة.

وقالت القيادة المركزية الأمريكية، في بيان صحفي في 24 أغسطس/آب الجاري، إن "القوات الأمريكية ردت اليوم على هجمات صاروخية على موقعين في سوريا، فدمرت 3 مركبات ومعدات استخدمت لإطلاق بعض الصواريخ". وأشارت إلى أن "الهجمات بدأت في حوالي الساعة 7:20 مساءً بالتوقيت المحلي في سوريا عندما سقطت عدة صواريخ داخل محيط موقع دعم البعثة (كونوكو) في شمال شرق سوريا، وبعد فترة وجيزة سقطت صواريخ أخرى بالقرب من موقع دعم البعثة (القرية الخضراء)".

وأضافت أن التقييمات الأولية تشير إلى مقتل اثنين أو ثلاثة من المسلحين المشتبه بهم المدعومين من إيران، في حين أصيب 3 جنود أمريكيين بجروح طفيفة خلال الهجمات.

و"القرية الخضراء" هي قاعدة عسكرية أُنشئت لحماية حقل "العمر" النفطي الخاضع لسيطرة "قوات سوريا الديمقراطية" التي يقودها الأكراد، أما القاعدة العسكرية الأخرى فهي تحمي حقول الغاز الطبيعي "كونوكو" في محافظة دير الزور.

وتستضيف كلا القاعدتين قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة وقد تعرضتا لهجمات متكررة في السنوات الأخيرة من الجانب الغربي لنهر الفرات من قبل قوات النظام السوري وحلفائه لا سيما القوات التي يقودها الحرس الثوري الإيراني.

ويشكل المقاتلون العراقيون المرتبطون بالحرس الثوري الإيراني الجزء الأكبر من هذه الفصائل الشيعية المتحالفة مع نظام "بشار الأسد"، بالرغم من وجود أفغان وغيرهم. وتقع القاعدتان على الجانب الشرقي من نهر الفرات في محافظة دير الزور التي سيطرت عليها "قوات سوريا الديمقراطية" أواخر عام 2017 بدعم جوي من التحالف.

وقد شارك العديد من العرب المحليين في القتال، بمن فيهم ضباط سابقون من المنطقة انشقوا في البداية إلى المعارضة لكنهم عادوا إلى منطقتهم الأصلية لمحاربة تنظيم "الدولة الإسلامية".

وقال مصدر محلي من محافظة دير الزور، إن الهجمات ضد القاعدتين انطلقت من مناطق "القورية وعين علي وقلعة الرحبة" قرب مدينة الميادين على الجانب الغربي من نهر الفرات. كما زعم المصدر أن السكان المحليين العرب أبلغوا مسؤولي "قوات سوريا الديمقراطية" بالهجوم الوشيك قبل يومين من وقوعه. يشار إلى أن كثيرا من الناس في هذه المنطقة لديهم أقارب وأفراد مقربون من نفس القبيلة على جانبي نهر الفرات.

وأوضح مصدر آخر في دير الزور أن منشآت عسكرية في هجين جنوبًا استُهدفت في وقت مبكر من يوم 26 أغسطس/آب بأربعة صواريخ لكن لم يصب أحد. وقال إن هذا الهجوم جاء من الضفة الغربية لنهر الفرات. وسلطت الهجمات الأخيرة الضوء على استخدام المليشيات المرتبطة بإيران الأراضي العراقية لإنتاج وتهريب الأسلحة وكنقطة انطلاق لمهاجمة مواقع داخل سوريا.

وذكرت تغريدة للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة حول هجوم في 15 أغسطس/آب على قاعدة تستضيف قوات التحالف، إن "الميليشيات الموالية لإيران أطلقت طائرتان بدون طيار من محافظة بابل العراقية وأصابت محيط  قاعدة التنف في سوريا"، لكن تم حذف هذه التغريدة لاحقا دون تفسير.

وفيما يتعلق بمحافظة بابل العراقية باعتبارها مصدر هذا الهجوم السابق، أشار "مايكل نايتس" من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى في 25 أغسطس/آب إلى أن لهذه المحافظة أهمية في الدوائر الأمريكية لأنها اختصارٌ لمجمع "جرف الصخر" الذي تديره "كتائب حزب الله" المصنفة من قبل الولايات المتحدة جماعة إرهابية.

وتُعتبر "جرف الصخر" منطقة عسكرية مغلقة، حيث تمنع "كتائب حزب الله" أي قوة كانت، حتى الحكومة العراقية الاتحادية، من النفاذ الكامل إليها، بحسب "نايتس".

وفي 13 مارس/ آذار 2020، أمطرت الولايات المتحدة المنطقة بغارات جوية، وألحقت أضراراً بمجموعة من منشآت تصنيع وتخزين واختبار الذخائر التابعة لـ"كتائب حزب الله" رداً على قيام هذه الجماعة بقتل أمريكي وبريطاني في قاعدة "التاجي" في 11 آذار/ مارس.

لم يُسمح للسكان الأصليين في منطقة "جرف الصقر" (ذات الأغلبية السنية) والمنطقة المحيطة بالعودة بالرغم من تطهيرها من تنظيم "الدولة الإسلامية" في أواخر عام 2014. وتم تغيير اسم المدينة رسميًا إلى "جرف النصر" بعد أن استولت عليها إيران من تنظيم "الدولة الإسلامية".

وتم دمج 3 ألوية من مقاتلي "كتائب حزب الله" في وحدات "الحشد الشعبي" التي تتقاضى رواتب حكومية. والجدير بالذكر أن هذه الألوية منتشرة في جرف الصقر وعلى طول الحدود العراقية مع سوريا بالقرب من مدينة القائم. وسبق أن أخبر سكان القائم "المونيتور" أن رئيس الحشد في هذا الجزء من الأنبار، "قاسم مصلح"، يتعاون مع "كتائب حزب الله" من أجل تسهيل التحركات غير الشرعية للمسلحين.

ومن اللافت أن الهجمات الأخيرة استهدفت قواعد في دير الزور التي تسيطر عليها "قوات سوريا الديمقراطية" وكذلك التنف التي تسيطر عليها قوات المعارضة السورية المدعومة من الولايات المتحدة، وتعد المنطقتان غير متصلتين ولا يوجد تعاون بين القوات المدعومة من التحالف في المنطقتين، وتفصل بينهما منطقة حدودية يعتقد على نطاق واسع أنها تخضع لسيطرة الجماعات المسلحة العراقية المرتبطة بإيران، بالرغم أنها تخضع رسميًا لسيطرة القوات الحكومية العراقية.

في غضون ذلك، تستمر الاضطرابات في العاصمة العراقية مع عدم تشكيل حكومة جديدة رغم مرور أكثر من 10 أشهر منذ الانتخابات الأخيرة، ويتصاعد الخلاف بين الفصائل الشيعية المتنافسة؛ ما يهدد بحرب أهلية بين المكونات الشيعية في العراق.

ويضم التحالف السياسي المعروف باسم "الإطار التنسيقي'' فصائل مسلحة قريبة من إيران قاتلت في سوريا إلى جانب القوات الحكومية السورية، فيما تحدث زعيم التيار الصدري "مقتدى الصدر" علنًا ضد العراقيين الذين يقاتلون في حروب خارج حدود البلاد.

ويحظى "الصدر" بمزيد من الدعم خاصة بين الشرائح السكانية الفقيرة، وأظهر أنه يستطيع استدعاء مئات الآلاف في وقت قصير للاحتجاج. ومع ذلك، عززت الفصائل المرتبطة بإيران سيطرتها على بعض مناطق البلاد ويبدو من غير المرجح أن تتخلى عنها دون قتال.

وبالرغم أن الحكومة العراقية بقيادة "مصطفى الكاظمي" (الذي تولى السلطة في مايو/أيار 2020 بعد احتجاجات حاشدة أسقطت الحكومة السابقة في أواخر عام 2019) بذلت جهودا كبيرة لكبح القوات المسلحة غير الحكومية في البلاد، إلا أن مخاطر عدم الاستقرار تبدو بارزة في الوقت الحالي، ومن المرجح أن يعرقل ذلك جهود تقويض هذه الجماعات التي تواصل عبور الحدود إلى شرق سوريا.

المصدر | شيلي كتيلسون/ المونيتور – ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

كتائب حزب الله حدود العراق قسد شمال سوريا قوات سوريا الديمقراطية نهر الفرات

العراق يعتزم إنشاء جدار إسمنتي على امتداد الحدود مع سوريا

ماذا وراء تصاعد هجمات وكلاء إيران في العراق وسوريا؟

اجتماع أمني عراقي سوري لتأمين الحدود المشتركة