السعودية والنفط .. تغيير قواعد اللعبة

السبت 2 يناير 2016 02:01 ص

ملخص

(1) تلعب المملكة العربية السعودية لعبتها الخاصة في الشرق الأوسط والعالم، ويمثل النفط أكبر أسلحة السعودية في هذه اللعبة.

(2) السؤال الرئيسي في هذا الصدد هو إلى متى سوف تستمر المملكة العربية السعودية في فتح خطوط الإنتاج للحفاظ على الأسعار منخفضة، والجواب أنه، وفقا لمؤشرات الموازنة الجديدة، فإن الأمر ربما يستمر لفترة طويلة.

(3) يجادل الكثيرون في الحكومة وقطاع الأعمال أن أسعار النفط سوف تعاود الارتفاع مرة أخرى خلال العام أو العامين المقبلين، وعلى هؤلاء أن يراجعوا توقعاتهم.

تحليل

من الوارد أن الأداء الاقتصادي العالمي في عام 2016 سوف يعتمد بشكل كبير على نتائج محاولات المملكة العربية السعودية لتحقيق السيطرة على النفط. وقد انخفض سعر النفط بنسبة 30% خلال العام 2015.

كتب «إميكو تيرازينو» و«نيل هيوم» في صحيفة «فاينانشيال تايمز» أن المملكة العربية السعودية تستعد لفترة طويلة من انخفاض العائدات، إثر توقعات بأن إيران سوف تزيد من إغراق سوق النفط عندما يتم رفع العقوبات، وهو ما سيتسبب في مواصلة الضغط على أسعار النفط العالمية.

يوم الاثنين، أعلن السعوديون خطة للحد من العجز في الميزانية إلى ما يقرب من 98 مليار دولار من خلال خفض الإنفاق وإصلاح دعم الطاقة والخصخصة. وقد ارتفع عجز الموازنة بسبب الانخفاض الملحوظ في العائدات والذي كان أمرا متوقعا مع انخفاض أسعار النفط. الخطط الجديدة هي دليل على أن المملكة العربية السعودية تنوي أن تبقي على تدفق إمدادات النفط. لهذا السبب، كانت التدابير الأخرى في الميزانية لا غنى عنها لأجل إبقاء الأمور تحت السيطرة.

وقال وزير النفط السعودي «علي النعيمي»، يوم الأربعاء، للمراسلين أنه لن يكون هناك أي تغيير في سياسة الإنتاج، وقال إن البلاد سوف تلبي الطلب من عملائها، مما يعني أنه إذا كان هناك طلب، فإن المملكة العربية السعودية سوف تواصل الاستجابة لهذا الطلب.

وقد ارتفع سعر الغاز الطبيعي عالي الجودة بنسبة تفوق 50%، وقفز سعر المنتج الأقل جودة بمقدار الثلثين، وقال مسؤولون حكوميون إن الخطة الخمسية لإصلاح دعم الطاقة هي جزء من برنامج أوسع لخلق اقتصاد إنتاجي أكثر كفاءة. وأضاف «عادل فقيه»، وزير الاقتصاد والتخطيط بالقول: «الأمر لا يتعلق فقط بدعم الطاقة ولكننا نغتنم الفرصة ونسعى لاتخاذ القرارات الصحيحة للتغيير من الاقتصاد».

وبعبارة أخرى، يبدو أن السعوديين يعتزمون الحفاظ على أسعار النفط العالمية عند مستوى منخفض في المستقبل. السعوديون يرون هذه المعركة بمثابة حرب عالمية على الحصة النفطية، وربما أكثر من ذلك. هذا بالتأكيد خلاف ما يتوقعه أو يأمله بعض القادة في جميع أنحاء العالم.

يتسبب انخفاض أسعار النفط في أضرار واسعة في أجزاء كبيرة من العالم. نحن بحاجة فقط إلى ذكر المشاكل التي تواجهها البرازيل والأرجنتين وفنزويلا. ثم هناك روسيا أيضا. عناوين النسخة الورقية من طبعة صحيفة «فاينانشيال تايمز»، إصدار الولايات المتحدة، جاءت تحمل هذه الرسالة: «الروبل يغرق مع بشائر سنة تالية من الركود في أسعار النفط». إلى أي مدى يمكن لـ«بوتين» أن يواجه ذلك. ربما تكون هذه أحد الأسباب لكونه متوجدا في سوريا في الوقت الراهن، من أجل إنشاء تواجد روسي في الشرق الأوسط ربما تحتاجه روسيا من أجل إجراء بعض التحركات الاستراتيجية في المستقبل.

وبطبيعة الحال، فقد انخفضت قيمة الروبل بنسبة 26% في مقابل الدولار الأمريكي خلال العام الماضي. وقد استخدم مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي هذه الزيادة في التضخم كجزء من مبرراته لقيامه برفع سعر الفائدة قصيرة الأجل مؤخرا. على الرغم من أن الاقتصاد الأمريكي لا ينمو بسرعة كبيرة هذه الأيام، فقد ادعت بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى أن سوق العمل قد تحسن بما يكفي للإشارة إلى أن الاقتصاد يزداد قوة وأن التضخم سوف يقفز مع ارتداد أسعار الطاقة إلى مستويات أعلى. وهناك بنوك مركزية أخرى في جميع أنحاء العالم تتوقع نفس الشيء.

ولكن كيف سيكون الوضع إذا لم تنتعش أسعار الطاقة؟ في وقت سابق، قمنا برصد تقلص أرباح الشركات ويتوقع أن تتراجع إلى أبعد من ذلك في العام القادم أو نحو ذلك. تحتاج أرباح الشركات إلى النمو الاقتصادي القوي أو ارتفاع الأسعار كي يتم تعزيزها.

آفاق النمو الاقتصادي ليست كبيرة، وإذا لم تعاود الأسعار الارتفاع، فإن أرباح الشركات سوف تعاني بشدة هذا العام. دون ارتفاع الأرباح الاقتصادية، فإن النفقات الاقتصادية سوف تبقى منخفضة، وهذا المعدل المنخفض من النفقات الرأسمالية لن يؤدي إلى دفع النمو الاقتصادي البطيء. لن تكون هذه هي البيئة التي توقعها مسؤولو مجلس الاحتياطي الفيدرالي، وسوف تثبط أي خطط لرفع أسعار الفائدة قصيرة الأجل في المستقبل القريب.

بعض المتفائلين الذين يبحثون دائما عن «البراعم الخضراء» يشيرون إلى أن وفرة النفط الحالية سوف تؤدي إلى نقص المعروض في المستقبل ما سيدفع الأسعار نحو الانتعاش. نقل «جورج كانتشيف» و«بيل سبيندل» في صحيفة وول ستريت جورنال عن محللين إشارتهم إلى تباطؤ كبير في الإنفاق الرأسمالي على التنقيب عن النفط والغاز. والحجة هنا هي أن هذا التباطؤ سوف يؤدي إلى نقص في الإنتاج في المستقبل من شأنه أن تؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط. ومع ذلك، فإن هذه التوقعات المتفائلة تشير إلى أن بانتظارنا عدة سنوات حتى نشهد حدوث ذلك.

على المستوى المنظور، فإن السعوديين يبدون عازمين على الحفاظ على خطوط الإمداد مفتوحة. هذا يعني أنه، وفي المستقبل المنظور، سوف تبقى أسعار النفط أقل من مستوياتها السابقة إلى حد كبير.

ماذا يعني ذلك؟ بالنسبة للأسواق الناشئة فإن هذا الأمر يعني الكثير. مع كون اقتصاديات العديد من هذه البلدان معلقة على الحافة، فإن إطالة الوقت قبل أن تبدأ أسعار النفط في الارتفاع بشكل جدي مرة أخرى يمكن أن يكون مشكلة كبيرة. ثم هناك روسيا أيضا، والتي تتفاقم أزمتها الاقتصادية يوما بعد يوم في ظل هذه الأوضاع.

ولكن لا يمكننا أن ننسى ما الذي يمكن أن تعنيه أسعار النفط المنخفضة بالنسبة إلى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. إذا نجحت السعودية في الحفاظ على أسعار النفط العالمية عند مستويات منخفضة للغاية، فإن ذلك يمكن أن يغير قواعد اللعبة، ليس فقط بالنسبة للسعوديين ولكن لسائر العالم أيضا.

هذا هو ما نحتاج إلى مراقبته عن كثب. نحن بحاجة للحصول على فهم أفضل لما يأمل السعوديون تحقيقه من هذه السياسة. ونحن في حاجة أيضا لتحديد ردود أفعال الآخرين في هذه الحالة. هناك الكثير من الاحتمالات التي بالتأكيد سوف تضيف إلى حالة عدم اليقين الموجودة في عالمنا اليوم.

  كلمات مفتاحية

السعودية الموازنة السعودية 2016 انخفاض أسعار النفط النفط الملك سلمان عجز الموازنة

«فاينانشيال تايمز»: التناقض في سياسة التقشف السعودية

«هافينغتون بوست»: الاقتصاد السعودي .. قنبلة موقوتة

«مجتهد» يشكك في أرقام الميزانية السعودية ويؤكد: الإيرادات الحقيقية ضعف المعلنة

98 مليار دولار عجز ميزانية السعودية في 2015 وتوقعات بعجز 87 مليار في 2016

ما الذي تحتاج إليه السعودية من أجل تجاوز اعتمادها على النفط؟

«بيزنس إنسايدر»: السعودية تدمر اقتصاد روسيا في حربها للتحكم بأسعار النفط

«رويترز»: تخمة المعروض ستكبح تعافي أسعار النفط في 2016

السعودية هي الأجدر بالقيادة

السعودية ترفع سعر بيع النفط الخام لآسيا في فبراير المقبل

النفط يتخلى عن مكاسبه المبكرة متراجعا صوب أقل مستوى في 11 عاما

أسعار النفط تهبط إلى أقل من 35 دولارا للبرميل للمرة الأولى منذ 2004

«التايمز»: الملك «سلمان» يستخدم النفط لتدمير اقتصاد إيران وروسيا