جورج فريدمان: هكذا كان عام 1991 حاسما في تغيير مسار التاريخ

الثلاثاء 13 سبتمبر 2022 05:36 م

لا ينظر كثيرون إلى عام 1991 باعتباره عاما حاسما، ربما ندرك أحداثًا معينة قد تكون غيرت شيئًا، لكن نادراً ما نفكر في ذلك العام، لكن الحقيقة أنها كانت سنة تغيير عالمي، وصحيح أنها لم تغير حال البشر، إلا إنها غيّرت كثيرًا في حياتهم ورؤيتهم للعالم.

مجموعة من اللحظات المهمة

كان عام 1991 هو العام الذي انهار فيه الاتحاد السوفيتي وبالتالي انتهت الحرب الباردة، وتراجع الخوف من الحرب النووية، بعد أن كان يطارد العالم منذ الخمسينيات، وكذلك تراجع الخوف من الغزو السوفيتي لأوروبا الغربية.

كما كان 1991 هو العام الذي تم فيه توقيع معاهدة "ماستريخت" من قبل 12 رئيسًا أوروبيًا، وحاولوا بهذه الاتفاقية فعل ما لم تفعله أوروبا أبدًا من قبل: إنشاء هيكل واحد يغير تاريخ أوروبا.

أيضًا كان عام 1991 هو العام الذي نفذ فيه تحالف بقيادة أمريكا عملية "عاصفة الصحراء"، وأخرج العراق من الكويت، وأضعف العراق ومكّن إيران من استعادة توازنها بعد عقد من الحرب الشرسة معه. وكان الشيء الأكثر أهمية الذي نشأ من هذا التطور هو بروز المعارضة الإسلامية وتأسيس تنظيم "القاعدة"، حيث رأى الإسلاميون الوجود الأمريكي في المنطقة كتدنيس وتهديد للاستقلال الإقليمي

وانتهت في 1991 المعجزة الاقتصادية اليابانية إلى أزمة مالية ضخمة. وحتى ذلك الحين، كان يُنظر إلى اليابان على أنها منافسة اقتصادية للولايات المتحدة، واستغرق الأمر نحو عقد من الزمان حتى تتعافى طوكيو من أزمتها.

وسرعت الصين في 1991 نموها الاقتصادي، وبدأ الصعود الصيني لتحل محل اليابان كقوة آسيوية تنمو بشكل كبير وغير محدود.

إعلان النظام العالمي الجديد

كان عام 1991 هو العام الذي ألقى فيه "جورج بوش" الأب خطابًا يعلن فيه النظام العالمي الجديد. وقد ألقى الخطاب في أعقاب عملية "عاصفة الصحراء" باعتبارها نموذجا لطريق فرض النظام العالمي الجديد لقواعده وسحق مخالفيه. وكان في هذا الخطاب صدى للحلم الأوروبي بإنهاء الصراعات وامتلاك رؤية مشتركة للمستقبل.

كما كان في هذا الخطاب صدى لحلم روسي بإنهاء الحاجز بين روسيا والعالم والانضمام إلى عائلة الديمقراطية الليبرالية والأثرياء، كما اشتبك هذا الخطاب مع الغطرسة اليابانية ورهبة العالم من اليابان، لتذكيرهم بأنه لا يمكن لأحد أن يتجاوز الولايات المتحدة.

وكانت الرسالة الواضحة من هذا الخطاب هي التأكيد على الهيمنة الأمريكية وتقديم الولايات المتحدة باعتبارها الوحيدة القادرة على إدارة عالم موحد لتحقيق السلام والازدهار.

وانطلق خطاب "بوش" من اعتقاد أن الولايات المتحدة هي القوة العظمى الوحيدة القادرة على إدارة هذا النظام. وكانت هناك لحظات بدا فيها أن هذا التقدير صحيح، لكن العالم شاسع، وإذا كان من الممكن إدارته، فسيكون ذلك من خلال هيمنة مصنوعة من "العدالة اللاإنسانية" تقيس احتياجات دولة مقابل دولة أخرى لصنع قرار حكيم.

فجر كاذب

كانت عملية "عاصفة الصحراء" افتتاحًا ليس لنظام عالمي جديد ولكن لتهديد جديد للعالم: الإسلام الراديكالي، وهو تهديد يمتد من شينجيانغ إلى مانهاتن. ويدرك الروس والصينيون أنه إذا لم يهتم بمصالحهم فلا أحد آخر سيفعل ذلك. لقد اتضح أن النظام العالمي الجديد بائس مثل القديم.

لا يذكر الكثيرون عام 1991 باعتباره عاما حاسما، ربما لأنه لم يشهد حدثًا واحدًا مهمًا مثل عام 1945، لكن عام 1991 عبارة عن مجموعة من النقاط الأصغر التي تجمعت في لحظة بدت فيها كل الأحلام التي حلم بها التنويريون ممكنة، لكن هذه اللحظة أفلتت لأنها لم تكن موجود بالأساس.

لن يتغلب البشر على إنسانيتهم ويصبحوا ملائكة، لذلك يعود العالم دائما إلى ما كان عليه من قبل، ومن المفارقات أننا سنرى قريبا المسؤولين الأمريكيين والروس يجلسون معًا في جنيف لتقرير مصير الدول، ويبدو أن التاريخ لا يسمح لنا بالتفاؤل.

المصدر | جورج فريدمان/ جيوبوليتيكال فيوتشرز - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

عاصفة الصحراء الشرق الأوسط بوش الأب الاتحاد السوفيتي الاتحاد الأوروبي روسيا الولايات المتحدة

جورج فريدمان: روسيا قد تنتصر بمعارك أوكرانيا لكنها خسرت الحرب